استشارة احببت وضعها هنا لكثرة الشكايات واتمنى ان اكون قد افدت
وبانتظار المزيد من الافادة
غازات البطن.. شكوى شائعة حلولها متوفرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أرسل لكم مشكلتي متمنية أن أجد الحل عندكم إن شاء لله. أعاني من هذه الحالة منذ مدة طويلة ربما خمس أو ست سنوات. مشكلتي تتلخص في أنني أعاني من انتفاخ دائم في المعدة لا أعرف سببه. أحس بزيادة هذا الانتفاخ عند تناولي بعض الأطعمة مثل الحليب والجبن وبعض الأطعمة الأخرى. بالإضافة إلى ذلك أعاني من الإمساك والإسهال. لكن في معظم الأحيان أعاني من الإمساك. قبل أربع سنوات قمت بتحاليل عديدة، منها: تحاليل دم وبراز، بالإضافة إلى أشعة للصدر ومنظار للمعدة. ظهرت عندي جرثومة في المعدة وأعطوني مضادات حيوية بالإضافة إلى دواء “Takepron” وبعد انتهاء مدة العلاج أجريت فحوص أخرى التي بينت زوال الجرثومة، ولكني لا أزال أعاني من نفس الحالة؛ لذا توقفت عن الذهاب إلى المستشفيات. هذه الحالة أثرت في نفسيتي كثيرًا؛ لأنها تسبب لي الإحراج، فأرجو أن أجد الحل عندكم. أشك بالقولون العصبي، ولكني لا أشعر بالآلام التي يعاني منها مرضى القولون، في بعض الأحيان أشعر ببعض النغزات؛ وذلك للانتفاخ الشديد وعدم القدرة على التخلص من الغازات. حاولت تناول حبوب الكربون التي قرأت أنها تمتص الغازات، ولكنها تسبب لي الإسهال.
للعلم: أجريت قبل ثماني سنوات عملية جراحية لاستئصال كيس دهني أو غدة من عنقي، قبل سنتين عاودت هذه الغدد الظهور في نفس المكان.
الاستشارة
د. طارق رشدي المستشار
الحل
أختي الكريمة؛ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
حالتك عزيزتي هي حالة معروفة وواضحة من خلال وصفك فتزامن الإسهال مع الإمساك والانتفاخ المستمر والآلام التي ذكرتها تشير إلى حالة قولون عصبي.
والقولون العصبي يتميز بعدم وجود أي خلل عضوي أو تغيير تشريحي، وإنما هو خلل في وظيفة المعدة، أو الأمعاء الدقيقة أو القولون.. بمعنى آخر إن تقلصات الأمعاء وحركاتها الطبيعية قد أصبحت مختلة لأسباب عديدة، وينتج عن ذلك الخلل الوظيفي أعراض، منها: آلام في المنطقة السفلية من البطن، وانتفاخ، إمساك متكرر أو إسهال متكرر.
أما عن العلاج فيمكنك مطالعته في استشاراتنا السابقة حول القولون العصبي وهي التالية:
القولون العصبي.. خلل وظيفي لا عضوي
القولون العصبي .. وعلاجه بالأعشاب
قولون عصبي .. ابتعد عن التوتر
أما عن الغازات فكلنا نعاني من بعضها بين الحين والآخر، ونتخلص منها إما عن طريق التجشؤ أو إخراج ريح. ويعتقد البعض أن لديهم الكثير من الغازات في حين أن كميات الغاز لديهم لا تتعدى معدلاتها الطبيعية، حيث ينتج الإنسان ما يقارب من (0.568 إلى 1.704 سنتيمتر مكعب) يوميًّا من الغاز. ويخرج ريحًا حوالي 14 مرة في اليوم.
وأشهر أعراض الإصابة بالغازات هي التجشؤ والانتفاخات المعوية والمغص. ولكن قد لا يشعر كل الأشخاص بنفس الأعراض، فالأمر يعتمد على كمية الغاز المنتجة ومدى تحمل الشخص لوجود غازات في أمعائه. ولا تُعَدّ الإصابة بالغازات وأعراضها مرضًا مزمنًا إلا في حالات نادرة. أو عند إنتاج الغاز بكميات كبيرة أو كمضاعفات في بعض الأمراض.
وتتكون الغازات المعوية من ثاني أكسيد الكربون والأكسجين والنيتروجين والهيدروجين، وفي بعض الأحيان الميثان. وفي الأساس يكون هذا الخليط الغازي عديم الرائحة، ولكن تأتي رائحته غير المستحبة بسبب بكتيريا الأمعاء الغليظة التي تنتج كميات صغيرة من غاز الكبريت الذي يتحد مع الهيدروجين مكونًا غاز كبريتيد الهيدروجين ذا الرائحة الكريهة.
وعلى الرغم من أن وجود الغازات في أمعائنا أمر طبيعي وشائع للغاية ونصاب به جميعًا فإنه قد يكون غير مريح ومحرج أيضًا في بعض الأحيان. وفهم الأسباب وطرق تخفيف الأعراض والعلاج سيساعد معظم الناس ويخفف عنهم.
ومن أكثر الأسباب شيوعًا لغازات المعدة "بلع الهواء". ويفعل الجميع ذلك دون أن ينتبهوا لذلك وهم يتناولون الطعام والشراب. ويُعَدّ الأكل بسرعة، ومضغ العلكة (اللبان)، والتدخين من العوامل التي تزيد من عملية بلع الهواء هذه.
وتحاول المعدة جاهدة أن تساهم في تقليل الغازات بأن تقوم بطرد معظم الهواء الذي تم بلعه عن طريق التجشؤ. أما ما يتبقى، فيعبر المعدة إلى الأمعاء الصغيرة، حيث يمتص جزئيًّا هناك. وتبقى بعد ذلك كميات صغيرة يتم إخراجها من الأمعاء الغليظة.
قد لا يستطيع الجسم هضم وامتصاص بعض الكربوهيدرات مثل السكريات والنشويات والألياف الموجودة في الكثير من الأطعمة؛ بسبب نقص أو غياب إنزيمات معينة. هذا الطعام الذي لم يهضم يكسر في الأمعاء الغليظة بواسطة بعض البكتيريا المسالمة. مما ينتج عنه غاز الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون، وعند ثلث الناس تقريبًا الميثان. وفي النهاية تخرج كل هذه الغازات من القولون.
والأشخاص الذين ينتجون غاز الميثان في أمعائهم لا يخرجون ريحًا بالضرورة ولا يظهر عليهم أعراض معينة. ولكنهم يخرجون برازًا يطفو على سطح الماء باستمرار. ولم تتوصل الأبحاث إلى السبب الذي يجعل بعض الأشخاص ينتجون الميثان دون البعض الآخر.
أما الأطعمة التي تؤدي إلى تكون غازات عند شخص ما، لا تكون بالضرورة غازات عند آخر. هذا لأن بعض البكتيريا في الأمعاء الغليظة يمكنها تكسير غاز الهيدروجين المنتج من البكتيريا الأخرى. ومدى التوازن بين هذين النوعين من البكتيريا هو الذي يفسر لماذا يعاني بعض الناس من الغازات أكثر من البعض الآخر.
هذا بالإضافة إلى أن العادات الغذائية تؤثر أيضًا بشكل مباشر على كمية الغازات الناتجة. فالكربوهيدرات تنتج غازات أكثر عند هضمها مما تنتجها البروتينات والدهون مثلاً.
وفيما يلي سنتناول بعض الأطعمة المسببة للغازات:
أ - السكريات:
تشير الأبحاث بأصابع الاتهام إلى سكر الرافينوز واللاكتوز والفراكتوز والسوربيتول وتعتبرها سببًا رئيسيًّا وراء تكون الغازات.
الرافينوز "Raffinose"
يحتوي الفول والفاصوليا واللوبيا والبقوليات عمومًا على كميات كبيرة من هذا السكر المركب. كما أنه يوجد أيضًا -ولكن بكميات أقل- في الكرنب والبروكلي والهليون والقمح والحبوب الكاملة غير المقشرة.
اللاكتوز "Lactose"
اسم هذا السكر مشتق من الحليب. واللاكتوز أو سكر الحليب -كما يدل اسمه- يوجد بوفرة في الحليب ومشتقاته ومنتجات الألبان كالزبادي والجبن والآيس كريم وخلافه. كما أن بعض الأغذية المصنوعة كالخبز ورقائق الذرة مثلاً تعتبر غنية باللاكتوز.
والعديد من الناس، خاصة من ينحدرون من أصول آسيوية أو إفريقية أو أمريكية أصيلة يعانون بطبيعتهم من انخفاض مستويات إنزيم اللاكتيز المسئول عن تكسير سكر اللاكتوز، ومن ثَم هضمه. كما أن هذا الإنزيم يقل تدريجيًّا مع التقدم في العمر.
وكنتيجة لكل ما سبق، فإن العديد من الناس يشعرون بتزايد في الغازات بعد تناول أطعمة محتوية على سكر اللاكتوز.
الفراكتوز "Fructose"
ويوجد في الخرشوف والبصل والكمثرى والقمح. ويستعمل الفراكتوز كمادة للتحلية في بعض المشروبات والعصائر.
السوربيتول "Sorbitol"
سكر السوربيتول موجود في الطبيعة في الفواكه، بما في ذلك التفاح والكمثرى والخوخ والبرقوق. يستعمل مرضى السكري هذا السوربيتول للتحلية بدلاً من الجلوكوز، والعديد من الأطعمة المخصصة لمرضى السكري تكون محضرة باستخدام السوربيتول. كذلك الحلوى والعلكة الخالية من السكر.
ب - النشويات:
إذا أردنا أن نضع قاعدة، فستقرر أن النشويات تسبب الغازات. فأغلب النشويات كالبطاطس والذرة والمكرونة والقمح تنتج الغازات المعوية عندما يتم تكسيرها وهضمها في الأمعاء الغليظة.
ويستثنى الأرز من القاعدة على اعتبار أنه الوحيد من بين النشويات الذي لا يسبب الغازات.
ج - الألياف:
العديد من الأغذية تحتوي على ألياف، سواء أكانت قابلة للذوبان أم لا.
أما الألياف القابلة للذوبان، فهي تذوب بسهولة في الماء وتأخذ شكلاً لينًا مشابهًا للجيلي. ويوجد هذا النوع من الألياف في نخالة الشوفان والفول والبازلاء ومعظم الفواكه. ولا تكسر الألياف السائلة إلا عندما تصل إلى الأمعاء الغليظة، حيث يسبب هضمها الغازات.
وعلى الجانب الآخر، تمر الألياف غير القابلة للذوبان عبر الجهاز الهضمي بدون تغير يُذكر. ولذلك فهي تنتج القليل من الغازات. وتوجد هذه الأنواع من الألياف نخالة القمح وبعض الخضراوات.
وبعد أن استعرضنا المسببات، فلنستعرض سويًّا العلاجات.
أكثر الطرق شيوعًا لتقليل الإزعاج الناتج عن كثرة الغازات والانتفاخ هي تغيير العادات الغذائية وتناول الأدوية وبعض الأعشاب وتقليل كمية الهواء المبلوع قدر الإمكان.
والعديد من الأدوية التي لا تستلزم وصفات طبية لصرفها متوفرة لعلاج الأعراض الناشئة عن زيادة الغازات. بما في ذلك مضادات الحموضة المحتوية على مستحضر السايميثاكون، والفحم المنشط الذي يعمل على تقليل الغازات فيزيائيًّا من خلال عملية الامتصاص.
بالإضافة إلى مركبات الإنزيمات الهاضمة التي تساعد بصورة كبيرة على هضم النشويات والكربوهيدرات وتسمح للناس بتناول الأطعمة التي تسبب لهم غازات عادة.
وإنزيم اللاكتيز الذي ذكرناه من قبل متوفر على صورة أقراص وشراب. وبإضافة بعض قطرات من اللاكتيز السائل على كوب الحليب قبل شربه، أو مضغ قرص من الإنزيم قبل الطعام يساعد كثيرًا على هضم اللاكتوز وعدم تكون غازات.
كما أن الأدوية التي تحتوي على محلول "ألفا جالاكتوسيداز"، وهو إنزيم ينقص الجسم لهضم السكريات الموجودة في الفول والبقول التي كانت لا تُهضم أصلاً وتسبب الغازات.
وفي النهاية.. أود أن أضيف أن الطهي الجيد للطعام، خاصة البقول كالفول والبازلاء، يقلّل الغازات المعوية والانتفاخات بشكل ملحوظ. وإضافة إلى ما سبق من النصائح فإننا نحب أن نتوجه إليك عزيزي بالإرشادات الآتية:
- الإكثار من تناول الخضراوات الطازجة خاصة الورقية منها، مثل: ورق الخس، والبقدونس، والكرفس، وغيره.
- الإكثار من شرب الماء بحيث لا تقل الكمية المتناولة عن لتر يوميًّا، فذلك يساعد على ذهاب الانتفاخ ويقلل من حدة الإمساك.
- تناول الأعشاب والزيوت التي تساعد على تقليل الإمساك، مثل زيت الخروع، والشعير، والعرق سوس.
- استخدام حبوب الكربون التي تعمل على امتصاص الغازات بشكل كبير.
- تناول الأعشاب التي تساعد على انتظام الهضم، مثل: الزنجبيل، وجوزة الطيب، وبالتالي تقلل من حدة الانتفاخ.
- الإكثار من المشي، والحركة، والنشاط فهي من العوامل المساعدة على تجنب الإمساك.
ولا ننسى أن نذكرك أختي الفاضلة بالأهمية القصوى للمتابعة مع الطبيب المختص لحسم الموقف، والتأكد التام من أن الآلام التي تعانين منها هي قولون عصبي بالفعل.
مع أطيب الأمنيات بدوام الصحة والسعادة.