بَينَ جُدْرَانِ الصَّمتِ
....
شمْسُ المَغِيبْ
تَصْحُو شمْسُ الْمَغيِبِ لِتَنْحَنِيَ بَيْنَ أَكُفِّ الْأَصِيلِ ، تُلَمْلِمُ الْإِشْرَاقَ إِلَىَ صَدرِهَا
، تحَْملُ أَشْلاءَ النََّهَارِ، وَأَكْدَارَ القُلُوبِ ، وَدَمْعَةَََ الْحَبِيبِ ، عَلَى وَجْنَتَيْهَا ،
خَجَلُ الْأَزْهَارِ ، تَلْثُمُ الْفَضَاءَ ، بِصَمْتٍ مَهِيبٍ ، تُوَدِّعُ مَوَاكِبَ الْأَطْيَارِ، وَتَوَاسِي
خُطَا الْغَرِيبِ ، تَسبحُ فِي أَعْمَاقِ الْبِحَارِ ، تُطْفِئ النََّارَ وَاللََّهِيبَ .
صَرِيْخُ الْخَوْفِ
رُوْحٌ تئِّنُ هَائِمةً ، سَجِينَةً بَاكِيةً ، بَينَ قُضْبَانِ الذََّاتِ وَمَظنَّاتِ الْفِكْرِ الشََّارِدةِ ،
بَيْنَ جُدْرَانِ الصََّمْتِ تَبْحَثُ عَنْ مَلاذٍ ، مِنْ سُلطَانِ الْقَهرِ وَحُرَّيَةِ النَّزَوَاتِ
تَمْتَطِي الْيأَسَ ، كَطِفْلٍ يلتحفُ الْعَرَاءَ ، يَنْزِفُ الْوَجَعَ والرَّجواتَ
، يُكَفْكِفُ الدََّمْعَ بِصَرِيخِ الِْخَوفِ ، يُصَارِعُ الرَِّيحَ ، وَيُلوِّحُ بِِأَوْرَاقِ
الْخَرِيفِ وَ يَسْتَمرُ النََّزِيفْ
الْعَار
نَقْطِفُ الْأَزْهَارَ ونَسْتَهِيمُ بِعَبَقِهَا ، نَلعَنُ الْأَشْوَاكَ التِي دُوْنَها ، مَا كانتْ الزُّهُورُ
، نَقْتلُ الْحُبَّ بِأَيدِينَا ثُمَّ َنَبكِي ، نَنْقِشُ ذِكْرَاهُ عَلَََى الْجِدَارِ ، ثُمَّ نَهْدمُ الدََّارَ ونَدَّعِي الْأَحْزَانَ
وَا حَسْرَتَاه ، هَذَا هُو الْعَارْ .
لَيْلٌ
لَيلٌ يَتَهَادَىْ ، يَتَرنَّحُ ، تَصْحُو بَسْمَةٌ ، تَسقطُ أَلْفُ دَمْعةٍ دَاخِل أَسْوَارِ السِّكُونِ والخوفِ ، َتَبْكِي الشُّمُوعُ بَيْنَ جلالِيبِ الدُّجَى ، وَكُوؤُوسِ الْمجُونِ ، وَالدََّمِ الْمَسْفُوحِ عَلَى بِسَاطِ الكَوْنِ.
غَرِيقٌ
ذِكْرَيَاتُ الْأَمْسِ تَتَأرْجحُ ، عَلَى أَمْواجِ الِْيَأسِ وَدَوَّامَاتِ الْغدرِ بِيمٍّ بِِلا شُطآنٍ ، وَسَفِينَةٍ
بِلا قُبطَانٍ ، تَنْكَسِرُ الْمَجَادِيِفُ والْخَوفُ يَسْتَغِيثُ ، يَسْتَنْقذُ الرُّوحَ مِنَ الْأَعْمَاقِ
تَصِيحُ الْحَنَاجرُ، تشرئبُّ الأعناقُ ، تَسْتَصْْْرِخُ الْيَمَّ أَنْ يَجفََّ ، ينْضبَ ، كَيْ تَعُودَ الرُّوحُ .
تَوَابِيتُ الْقَهْرِ
وَيفزعُ النََّهَارُ صوبَ الْمَغِيبِ ، طَالَتْ سَاعَاتُ الانْتِِظَارِ ، يُريدُ أَنْ يَغفُوَ ، أَنْ يَسْتَرِيحَ ، وَالطُرُقَاتُ تَعُجُّ بالمقهورين كبَّلُوهُمْ عَلَى أَرْصِفةِ الظَّلام ، أَحْرَقُوا عُيٌونَ الْفَجْرِ وَأَضْحَىْ الْخَيَارُإِمَّا الْفِرَارَ ، أَو تَوُابِيتَ الْقهْرِ بِدُمُوعِ النَّهارِ ، وَالْقُلُوبُ عَطْشَى لِانْكِسَارِ الْبَطْشِ عَلَى مِرآةِ الْخَلاصِ ، لِطُيُورِ النَوْرَسِ بِأَحْضَانِ الْبَحْرِ ، لدُرُوبِ الْحُبِّ الْمَفْقُودِ ، وَصَرِيخِ الْحَقِّ الْمَغْبُونِ ، بِأَسنَّةِ الْغَدرِ حَتَّىِ قَارَبَ الْقَارِبُ عَلَى الانكِسَارِ ، وَبَيْنَ الْمَدِّ وَالْانحِسَارِ ، يَسْتَحِمُ الطِّينُ فِي الْمَاءِ.
الْفِرَارْ
أيُّهَا الْكَوْنُ الغافي بَيْنَ أَكُفِِّ الْأَقْدَارِ، أيُّهَا الْقَمَرُ الْقَابِعُ خَلْفَ حُجُبِ الْأَسْرَارِ ، وَالشََّمْسُ الْحَائِرةُ بينَ غُرُوبٍ وَإِشْرَاقٍ ، الرُّوْحُ سَجِينَةٌ بَيْنَ قُضْبَانِ الذَّاتِ ، بَيْنَ جُدْرَانِ الصَّمْتِ ، تَبْحَثُ عَنْ فِرَارٍ ، والضَّمِيرُ مُلْقَى بَينِ الثَّلجِ وَالنََّارِ، وَالْأَمَلُ مُسَجَّى
بَيْنَ الْهَاوِيَةِ وَالْاحْتِضَارِ ، والْعَدْلُ قَتِيلٌ فِي عُيُِونِ النَّهَارِ، وَالدَّمُ يَسِيلُ مِنْ شِفَاهِ الْأَزْهَارِ، وَيَسْأَلُونَ الْغُفْرَانَ مِنْ سَحَائِبَ الْغَضَبِ
مِنْ دوَّامَاتِ الْقَهْرِ والْغَدْرِ والإثمِ الْمُبَاحِ ، حتَّى صَارَتْ الشَّمْسُ
تستحي منَ النَّهَارِ .
مراد الساعي