طابور الخبز
كان جدي يمتلك مخبزاً رائعاً في وسط البلدة ، زبائنه كل سكانالمدينة ، يتجمعون منذ الصباح ، يقف كلٌ منهم فى الطابور ينتظر دوره ليحصل علىمايكفيه من أجود أنواع الخبز ، كان يقف في نهاية الطابور شاب يقطن الصحراء المجاورةيرعى بعض الإبل ، أعرابي اسمه جاسر بن الفقير ، رث الثياب ، كالح الوجه من أثر شمسالصحراء، ينتظر في نهاية الطابور ليحصل على بعض الخبز بلا مقابل ، كان جدي يتعاطفمعه ولا يأخذ منه ثمن الخبز، كنا أخوة خمس نعيش حياة مرفهة بفضل ما يجود به المخبزعلينا من رزق وفير .
توفي جدي وترك لنا المخبز في أفضل حال ، وأوصاني خيراً قبلأن يتوفى بالأعرابي .
دارت بنا الحياة وتزوجت وأخوتي وأنجب كلٌ منا خمسة أطفالمن البنين والبنات ، كنا نأكل جميعاً من رزق المخبز ، تزوج الأولاد وأنجبوا وزادعدد افراد العائلة والمخبز كما هو ، ورزق المخبز كما هو .
لم يعد رزق المخبزيكفينا ، ضاعت حياة الرفاهية وضاع في الزحام الأعرابي فلم يعد يأتي إلى طابور الخبز، تدهورت أحوالنا ، بارت صناعتنا ، ومما زاد الوضع سوءاً أن استولى الفاسدون علىالمدينة استولوا على كل شىء ، أفسدوا كل شىء ، أشاعوا الهمجية ، أصدروا قراراتعنترية ، ممنوع الخبيز قبل الساعة السابعة،.وممنوع أيضا بعد السابعة، وما بين ممنوعومسموح وجباية ومخالفات وغرامات ، أفلس المخبز ، لم تشفع لي الإستدانة ورهان المخبز، باعوا المخبز في المزاد ، اشتراه الأعرابي ،فقد أخرجت الصحراء كنوزها ، وأصبحتأقف في طابور الخبز أنتظر ما يجود به جاسر بن الفقير .