, أقدم لكم ملخصاً لكتابي (( المعلم التكنولوجي والإدارة التربوية الحديثة ))
لعل فيه ما ينفعكم في تربية أجيالكم ضمن منهاج تربوي متكامل ,
@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@
الكتاب: المعلم التكنولوجي والإدارة التربوية الحديثة.
المؤلف: غالب الغول.
الناشر: دار الخليج، عمّان «الأردن» - 2005م.
عرض: هيا صالح – الأردن
http://edutrapedia.illaf.net/arabic/...e.thtml?id=495
http://www.edueast.gov.sa/ip/index.php?showtopic=2815
يسلّط كتاب «المعلم التكنولوجي والإدارة التربوية»، الضوء على شخصية المعلم العصري، وطرق تدريسه وأساليبه واهتماماته بالمتعلمين، لإيضاح مفهوم التربية التي اتسعت لتشمل وسائل الاتصال الفردية والجماعية، وأصبحت جزءًا لا غنى عنه في العملية التعليمية الشاملة التي تتميز بسرعة الأداء، وتفصيل الأجزاء.
ويشتمل الكتاب الذي جاء في 248 صفحة من القطع الكبير، على عشرة أبواب، هي على التوالي: التعليم، التكنولوجيا التعليمية، أنواع التعليم، تصنيف الوسائل، الوسائل التعليمية الهادفة، المعلم التكنولوجي، مشكلات وطرق التدريس، الوسائل التعليمية، المعلم أمة في واحد، الأهداف المدرسية والأهداف التربوية.
يعرّف الغولُ في بداية الكتاب «المعلم التكنولوجي» على أنه المعلم العصري المؤهل تربويًا، ولديه معرفة بميول وغرائز الطفل، والمؤهل بكل ما يفعله وما يشعر به وما يفكر به، فيكتسب بذلك الخبرة، ويصل إلى أهدافه ويضبط سلوكه، وينمّي شخصيته ومهاراته، أو يشخص مصادر مشكلاته من خلال تطبيق ما يُعرَف بـ«علم النفس التربوي»، وما يكتسبه من خبرات أخرى.
ويورد الباحث مجموعة من الصفات التي يرى أنها نموذجية وضرورية لتمييز شخصية «المعلم التكنولوجي» ومنها: أن يكون مؤمنًا بقيمه، ذكيًا ونشيطًا ومتعاونًا، وأن يمتلك ثقافة واسعة، وأن يهتمّ بمظهره الخارجي ولباسه، وأن يكون ودودًا وبشوشًا، سليم النطق، يمتلك شخصية قوية ناضجة، وعليه أن يعلّم المتعلمين الحياة الروحية (الثقافية) جنبًا إلى جنب مع الحياة المادية (الحضارية).
ومن أجل زيادة أعداد المعلمين التكنولوجيين، يقترح الغول إنشاء اتحادات تعليمية بدعم حكومي، تهدف إلى تطوير البحث العلمي والتقني لتلبية حاجات معلِّمي المدارس الثانوية والأساسية، مثل اتحاد معلّمي الرياضيات، واتحاد معلّمي اللغة العربية، والكيمياء، وغيرها، لتحسين إنتاج المواد التعليمية بتقنيات عالية وأبحاث رفيعة المستوى.
الأهداف المطلقة
ويستعرض الباحث أهم المواصفات التي ينبغي أن يتحلى بها «المدير التكنولوجي»، وهي: الذكاء، والقدرة العملية، والاستقلال في مهامه مع التمتع بشخصية لها دور وموقف. إذ يُعتبر المدير في كثير من الأحيان وليد الموقف، وعليه التركيز على النشاطات العقلية أكثر من التركيز على النشاطات الجسمية، وأن يشارك المعلمين في اتخاذ القرارات بطريقة «ديمقراطية» بغية رفع كفاءتهم الإنتاجية، وتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والبحث عن أفكار جديدة لخدمة الآخرين ضمن دستور أخلاقي ومادي متكامل. ولا يتأتى ذلك ــ بحسب الغول ــ إلا إذا تم إعداد المدير إعدادًا مناسبًا ليكون مؤهَّلاً علميًا واجتماعيًا للنهوض بالعلاقات الاجتماعية والإنسانية في سياسة إدارته، وما ينتج من هذه العلاقة من رغبة المعلمين في زيادة نشاطهم باستعمال الأنظمة التكنولوجية الحديثة لتطبيق الدراسة العلمية وتوفير المجهود مع كفاءة العمل لخدمة المجتمع في مجال التعليم.
وفي تحليل لعلاقة المعلم بالطالب يوضح المؤلف أن المعلم يؤدي دور الوسيط لمختلف التجارب التي هي وسائل التعليم للطالب، ولذا فإن كل تجربة في غرفة التدريس، أو حتى خارج الصف، يراها الطالب من خلال أستاذه لتحقيق المعرفة والتطور التي هي العلاقة السليمة بين الطالب والمعلم. ويؤكد هذا المستوى العالي الذي لم تبلغه الممارسات التعليمية الحالية فالطريقة الجامدة للتعليم، والآراء البائدة، والركود الفكري جميعها لا توصل إلى طريق المعرفة والتطور.
ويضع الغول طريقة مقترحة للتدريس أسماها «طريقة الأهداف المطلقة»، ويقصد منها رسم خطة للسعي وراء هدف يستقطب معه عدة أهداف أخرى، قد يختار المتعلم ما يستهويه منها تاركًا الهدف الرئيس وشأنه، ليكون التعلم هنا ذاتيًا بالاكتشاف، لأن المتعلم يبحث عن هدف أحبّته نفسه، ويطمح إلى النجاح في سبيل الحصول عليه برغبته الداخلية.
انسجام الأهداف
إن إحدى القضايا الرئيسة التي تواجهها المؤسسات التربوية تكمن في الأسلوب الذي يجب عليها أن تسلكه مع من يلتحق بها، لتحقق مطلبه المهني والثقافي والاستمرار في ذلك، إذ ليس من السهولة بمكان على أي مؤسسة تربوية أن تحافظ على التوازن بين هذين المسارين، وأن تلتزم التوازن وخط الاعتدال فيما بينها، وإن كان يساعدها في مهمتها هذه أن التربية لا تعدّ الفرد لمهمة واحدة فقط، وإنما تعمل على إعداده لمهمات متعددة، كما أنها لا تعدّه من أجل العيش فقط وفي ظل ظروف معينة داخل المجتمع، وإنما تتجه الآن لإعداده للعيش في عالم متغيّر، وطابع ثقافي متغيّر أيضًا، لمجابهة الحالات الطارئة. إنها لا تعدّه لإشباع حاجاته وتلبية رغباته الآنية فحسْب، وإنما لتجعل من الممكن أن تكون حياته كلها حياة ممتعة.
وعلى ذلك يؤكد الغول ضرورة التمييز بين الأهداف العامة في التربية والأهداف الخاصة، وألا تطغى الأهداف الجانبية على الأهداف العامة في سير العملية التربوية، وأن يكون هناك نوع من التوافق والانسجام بين ميادين النمو المختلفة عند الفرد: الجسمية والعقلية والعاطفية والاجتماعية. مشيرًا إلى أن نمو الإحساس بالمسؤولية عند الفرد هو أفضل وسيلة لضمان وجود حسّ أخلاقي لنظام اجتماعي، علاوة على أن يكون لدى كل فرد في هذا النظام الحسُّ بتاريخهم ومصيرهم ليقرروا أين كانوا وإلى أين سيمضون.
وسائل تعديل السلوك
من الوسائل التعليمية الهادفة التي يقترحها الباحث، وسائل الرحلات المدرسية، وهو يقسم الرحلات إلى أنواع ثلاثة: الرحلات الترفيهية، والرحلات التعليمية النظامية، والرحلات التعليمية الترفيهية الحرّة، مشيرًا إلى أن الرحلات تساعد على تأكيد شخصية الطلاب.
ومن هذه الوسائل أيضًا الإيماء (الإشارة) التي يقسّمها الغول ثلاثة أقسام: الأول: وسيلة إيماء إيجابية تتفق مع أهداف العملية التربوية، كأن يستخدم المعلمُ اليد والرأس أثناء شرح المادة التعليمية. والثاني: وسيلة إيماء سلبية، لا تخدم العملية التربوية ولا تعزّز التعبير. والثالث: إيماءات التربية الجنسية.
ومن الوسائل التعليمية ـ كذلك ـ الامتحانات التي تهدف إلى تعديل سلوك أو انتقاء أشخاص أو مساعدة المتعلمين وإنقاذهم من الفشل، شرط أن يكون المتعلّم صادقًا في إجابته، ولا يتخلّل عملية الامتحان غشٌّ أو خداع أو حيلة أثناء مثول المتعلّم للامتحان التحريري أو الشفهي، ومن غير أن تتدخل المحسوبية بين المعلم وتلميذه. وعندما تتم عملية الامتحانات بالثقة التامة، فيجب احترام النتائج للاستفادة من خبرات الناجحين، خصوصًا إذا كانت الامتحانات تلبي حاجة المجتمع من صناعيين وتكنولوجيين.
دائرة الخبرات
يبني الباحث انتقاده لهرم «ديل» الذي وضعه فيلسوف التربية الأميركي «أدجار ديل» وحدّد من خلاله طرق اكتساب الخبرات، على أساس أن مخروط هذا الهرم ينتهي بنقطة الصفر، وأن «ديل» جعل اكتساب المعرفة بالوسائل المجردة محدودًا جداً، وينتهي بنهاية المخروط، وهذا يخالف مبدأ تجديد المعلومات وابتكارها واتساعها وخدمة بعضها لبعض. لذلك يقترح الباحث «دائرة الخبرات» كبديلٍ لهرم «ديل»، حيث إن الدائرة ليست كالمخروط، لأن الخبرات التعليمية ترتبط بداخلها ارتباطاً متكاملاً دون بداية أو نهاية. بل إن الدائرة تتسع لكل المعارف الجديدة.
البطاقة الوزارية
ويقترح الباحث عمل بطاقة للمعلم عن طريق وزارة التربية والتعليم تسمى «البطاقة الوزارية» تُجْمَع فيها بيانات شاملة حول سلوك المعلم، تتضمن الأحوال الشخصية والفنية والمهنية والصحية وغيرها. كما يقترح نقل المعلومات الموجودة في بطاقة الطالب المدرسية بعد تخرجه إلى الوزارة، وحفظها في ملفات الحاسوب لغاية تعيينه معلمًا أو موظفًا للدلالة على سلوكه ووضعه في الوظيفة المناسبة، خصوصًا عندما يكون لكل معلم رقمُ بطاقة خاصٌّ به.
مدرسة بلا صفوف
ويتبنى الباحث ما أسماه بـ«مدرسة بلا صفوف»، وهو نظام تصبح المدرسة بموجبه وكأنها غرفة واحدة (وليست صفوفًا متعددة) لها منهاجها التعليمي، وتسير مع النظام السنوي أو الفصلي، مشيرًا إلى أن هذا النظام يتيح للطالب المتفوق أن يستمر في تقدمه حسب ما تؤهله له قدراته الخاصة، فلا تحول دون تقدّمه أية حواجز صفية، ودون الانتظار عامًا حتى يترفّع من صف إلى صف.
ويعتبر المؤلف أسلوب «عملية الانطفاء بالصدمة»، أو أسلوب «الممارسات السالبة»، من الأساليب التربوية التقليدية التي استُعملت منذ قرون، وأثبتت عدم نجاحها، مؤكدًا أن أسلوب الانطفاء بالصدمة لا يعتبر ثوابًا لما يقوم به الفرد، بل هو عقاب له، وكذلك فإن أسلوب الوسائل المنفّرة هو نوع من العقاب أيضًا.
ويشير الغول إلى أن هذه الأساليب بدئ بتجريبها على الحيوانات المحبوسة، وأن ما يمكن تطبيقه على الحيوان لا يمكن تطبيقه على الإنسان، بسبب تفاوت الذكاء بينهما، مؤكدًا أنه لا يوجد أفضل من المعززات الموجبة لعلاج العديد من الحالات المَرَضِيّة التي يقوم بها الإنسان، كالثواب بالمكافأة، والتشجيع، والتصفيق للمجتهد وغيرها.
ومن الطرائق التي يرى الغول أنها تساهم في علاج الأشخاص المصابين بسلوك غير سويّ، يذكر طريقة التعب، حيث يُجْبَر الطالب على ممارسة الفعل غير المرغوب فيه حتى يكرهه، وعندها يكفّ عن ممارسته. وكذلك طريقة التدرّج، أي اتباع خطوات مناسبة لتأكيد السلوك المرغوب فيه. وهناك أيضًا طريقة المثيرات غير المتكافئة. وهو يشير إلى أن هذه الطرق ليست أساليب منفرة، بل هي طرائق للتعلم بأساليب سالبة، وأن من أنجح هذه الوسائل في علاج بعض ظواهر السلوك غير السويّ لدى الطلاب هو إخضاع المريض لأسلوب الممارسة السالبة الذي يقوم على تعزيز الاستجابات غير المرغوبة، والمطلوب كفّها.
إلغاء النظريات
يلفت الغول إلى أن حلّ المشكلات عند المتعلمين لا يكون إلا بتوافر جميع الإمكانات من الوسائل التعليمية المشحونة ببرامج تعليمية هادفة، ووجود معلم تكنولوجي يتوافر فيه عدد من الشروط، منها توازن النسبة بين الوسائل التكنولوجية وعدد الطلاب، كالأجهزة، والكتب، وغيرها. كذلك توازن النسبة بين عدد الطلاب والمختبرات وأجهزتها، والتوازن بين عدد الطلاب والنفقات المخصصة للمدرسة، وإيجاد علاقة متبادلة بين الدوافع التي يبديها المعلم والدوافع التي ينقلها إلى تلاميذه، والاهتمام بالأطفال من قبل ذويهم وتعليمهم قيم الأمانة، والسلوك الجيد.
ويشدد المؤلف على أن «المعلم التكنولوجي» يستطيع صياغة مجموعة من النظريات من خلال تصوراته وإبداعاته التي يمتاز بها اعتمادًا على الواقع والمبادئ التي يؤيد التجريبُ صحّتَها، وهو قادر كذلك على بناء النظريات الصالحة لتنشئة الأجيال، لأنه يعرف مدى صدق نظريته، ومدى تجاوبها في نفوس المتعلمين، خصوصًا عندما يستعمل جميع الوسائل التي ينسج النظام بها، وبالتالي يصل إلى مفهوم واضح لطرح النظريات الصحيحة. ويحدد الباحث هذه الوسائل بـ«وسيلة الملاحظة» و«وسيلة التجربة»، و«وسيلة التطبيق». وهو يرى أن النظريات التي يضعها المعلم التكنولوجي ليست صالحة لكل زمان ومكان، بل هي قابلة للنقد والتعديل، وقد يضطر المعلم إلى وضع نظرية أخرى مماثلة، وإلغاء ما سبق له من نظريات، تماشيًا مع الحاجة إلى تطويرها أو تجديدها لصالح تربية المتعلمين بطريقة سليمة.
تقييم المدارس
ويعدّ الباحث مسألة «التقييم» من أكثر المسائل تعقيدًا في العملية التربوية، ذلك لأن «التقييم» يتضمن كثيرًا من العلاقات والجذور الاجتماعية، والعوامل الأخرى التي لا معنى لها إلا بالقرينة، بحيث يتعذّر فصل أي شكل من أشكال التقييم. وهو يرى أن التقييم الفعال يجري عندما يتأثر المعلم مباشرة بنشاط الطالب وعمله، داعيًا المعلم إلى أن يشعر بالمسؤولية لما قد يفعله التقييم للطالب، وما قد يفعله للمعلم نفسه، وأن يدرك جيدًا أن التقييم يساهم في نمو الطالب وتقدمه، وأنه لا يؤذيه أو يدمّره، بل يشجّعه ويعطيه فكرة عن التقدم الذي أحرزه. وهذا التقييم يجب أن يتم بطريقة موضوعية قدر المستطاع، إذ ليس من الإنصاف مثلاً، تقدير الطالب تقديرًا غير واقعي قد يدلّ على نجاح لم يحققه، أو على طاقات وإمكانات لا يملكها.
ويؤكد الباحث أنه من الضروري أن تُقَيَّم المدارس بين الحين والآخر، وأن يُعاد تقييم أهدافها التربوية، من أجل إيجاد حالة من التوازن والتفاؤل تجمع أطراف العملية التربوية، وهذا يعني إعادة النظر في مهمة المؤسسات التربوية التي ليست العملية التعليمية إلا جزءًا واحدًا منها.
المعرفة الأرشيفية
إدارة المدارس بلا أهداف ولا صفوف!