ناظم القدسـي ومعروف الدولبيبي

[رغد قصاب]

ناظم القدسـي ومعروف الدولبيبي وغيرهمـا من رجـال سـوريا ... نمـاذج يصعب أن تتكــرر !!
هشـام الخـاني

روى أخونا الدكتور محمد فاروق النبهـان (حفظه اللـه) ... وهو سـليل أســرة النبهـان الكريمـة التي كانت تاجـا مرصعـا يتزيـن به أهل العلم والإيمـان في حلب، وحفيـد الشـيخ العلامـة العارف بالله سـيدي محمد النبهـان رحمه اللـه ....

روى قصة مختصرة في سطور قليلة تحكي سـاعة التقـائه الحميم والحزين منذ سـنوات ليست بالقريبـة بالمرحوم الدكتور ناظم القدسي رئيس الجمهورية العربية السورية. وقد كان ذلك اللقـاء في المغرب في بيت الدكتور عبد الهـادي بو طالب مستشـار الملك الحسن الثـاني ملك المغرب بتوجيـه من ملك المغرب لتكريـم الدكتور القدسي الذي كان في زيـارة شـخصية للمغرب بعد أن علم الملك الحسن بوجوده، ووجه الدكتور بو طالب لتكريمـه خلال فترة وجوده في المغرب. ومن المعلوم أن الرئيس القدسي قد غـادر سـوريا إلى المنفى ولم يعـد إليهـا ... وتوفـي قبل أن يعـود.

وكان من الملفت للنظـر أن علق أحد الشهود على صفحة الدكتور محمد فاروق النبهـان على (الفيس بوك) على لسان أحد سـائقي مكتب أرسان للسفريـات (وهو مكتب سفريات معروف حتى منتصف السبعينيات في دمشق) وهو يروي كيف اسـتدعي من قبل القصر الجمهوري في دمشـق ليفاجــأ بالدكتور ناظم القدسـي يودع امرأة وشـابا مالبثـا أن ركبـا التاكسي في المقعد الأمـامي، في الوقت الذي كان المقعد الخلفــي مشـغولا بثلاثـة من الركاب من عامـة الناس.

ويتـابع السـائق فيقـول: عندمـا سـألت الشـاب عن قرابتـه أوعلاقتـه بالرئيس، أجـاب الشـاب: إن الدكتور ناظم القدسي هو أبــي، وتلك التي بجواري هي أمي.

ولقد حـرك الدكتور النبهـان (حفظه اللـه) مشـاعرنا بهذه الذكريـات العطـرة التي يحزننـا أنهـا لن تتكـرر لاعلى مستوى الرجـال ولا على مستوى الأحداث.

وااثـارت هذه القصـة ذاكرتـي تجـاه قصة مماثلة لقصة التاكسي المتعلقة بالمرحوم الدكتور ناظم القدسي.

روى لي أخي وشــريكي وصديق عمري الأستاذ هشـام معروف الدواليبي، عندما أتى إلى دمشق عام 2002، بعد فراق اســتمر لمدة ثمانية وثلاثين عاما القصة التالية عن والده المرحوم الشيخ الدكتور معروف الدواليبي:

كثيرا ماكنت أسال أخـانا الأسـتاذ (هشـام معروف الدواليبي) ونحن في الرياض ... قبل تاريخ أول نزول له إلى دمشق عام 2002 بعد أن غادرها وهو طفل في ســن الثانية عشرة: أيــن كان بيتكــم أبــا معـروف؟ فكــان يقــول لي: بيتنــا في حي المزرعـة قريب من البساتين. وقد كنت أضحك وأقول: لا أعلم عن بساتين في المنطقة التي تصف.

المهم نزل الرجل إلى دمشق بعد جهـود مضنيـة بذلت لضمـان سـلامته، رغم أنه غـادر دمشـق طفـلا. وبعـد أن أتم كل الأوراق وتخلص من الجرم الأعظم (بقدرة قـادر) الذي تمثل في عدم اســتلامه لهويتــه الوطنية التي شرعت فــي الســبعينات.

مررت والرجــل، في أول يـوم لنزوله، من خلف البنك المركزي، في دمشـق ننحو نحـو بيته القديـم. وراعتني مفاجأتـه عندما قال لي: يا هشـام .. هذا هو بيتنا.

نظرت إلى البيت، فرأيت شـقتين في موقع معقـول في منطقة المزرعة بدمشق، لكني كنت مدركا تماما بأنهما كانتــا في أنــأى وأرخص منطقة بدمشق عندمـا اشــتراهما الدكتور معروف الدواليبي (رحمه الله) من حر مالــه في أواخـر الخمسينيات.

قال لي بعـد أن سـكت لفتـرة يتأمـل: تصور ياهشـام (وهو بشــير إلى شـــرفة في الطابق الأسفل من نفس العمـارة) تذكرت جارتنـا التي كانت تقف هنـا في هذه الشـرفة منذ عقـود، وهي تصرخ وتنـادي جارتهـا الأخـرى (ودن أن تنتبـه إلي كطفـل) وتقول: تعـالي وانظـري ... هذا هو رئيس الوزراء ينتظر الباص عند موقف الباص.

كان هذا الكلام قبيـل وفـاة الدكتور معروف الدواليبي (رحمه الله) ببضعة عشـر شـهرا ...

ومن المعلوم أن الدكتور الدواليبي قد تقلـد منصب رئيس الوزراء السـوري مرتين، وتولى حقائب وزرة الدفـاع والخارجيـة لأكثـر من مرة. وهو الذي حمـل باليـد وثيقـة الاسـتقلال بعـد أن اســتلمها من وزير الخارجيـة الفرنسي، واستقل الباخـرة من مرسيليا (آنئـذ) ليســلمها إلى الرئيس شكري القوتلي (رحمه اللـه) .. وتلك قصة رواها لي الدكتور الدواليبي شـخصيا.

أبهـا الرجـال .. حق لسـوريا أن تفتخر بكم، وحق لكم أن تنـالوا الاحتـرام اينمـا كنتم، وحق للملوك وأهل الفضل والعلم أن يحبوكـم ويقدروكـم ... لأنكم اشـتريتم الآخـرة بالدنيـا، وكانت مصلحـة الأوطـان بالنسبة إليكم فرض عيــن لايمكن المساومة عليـه.

كيف لا ... ورئيس الجمهورية يرسل زوجته بسيارة الأجرة إلى حلب، بينما يقف رئيس الوزراء ووزير الدفـاع في الصف ينتظــر الباص يســتقله ليصحبـه إلى مقـر عمــله !!

إن مثلكـم من المخلصين والرجـال كثيـر ... لكنهـم أصبحـوا غير موجوديـن في هذه الأيـام. رحمكـم اللــه وجزاكـم ماتستحقون بالإخلاص له ثم لأوطانكـم وللناس.

[غالب الغول]

شخصيات لن تتكرر , جزاهم الله كل وخير , وأشكرك يا أخت رغد على تناول هذه الشخصيات البارزة , لنخلد ذكراها , تحياتي

[رهام فتوش]

رحم الله علماءنا الأكارم , لقد وضعوا بصماتهم لنعتبر ونصير مثلهم , لكم ألف تحية وسلام ,