الحياء
***
شعر
صبري الصبري
***
إذا ضاع الحياء فلا نماءُ= بمهجتنا ولا ظلٌ وماءُ
ولا طلعٌ ببستان الخلايا= ولا روضٌ به يحلو الهناءُ
ولا خيرٌ ولا رشدٌ وضوءٌ= أبالظلماء يُلْتَمَسُ الضياءُ ؟!
أبالأهواء تنتظم السجايا= وتغشاها السلامةُ والنقاءُ ؟!
فبالشهوات تمتشق النوايا = سفاهتها ويرديها البلاءُ
فلا زجرٌ ولا أمرٌ ونهيٌ= ولا طهرٌ به يزهو الرداءُ
ولا قلبٌ سليم النبض تجري= بساحته بنضرتها الدماءُ
ولا دينٌ هدايته نجاةٌ= وبرءٌ في وضاءته الشفاءُ
فما للبعض بالأهواء يحيا= حياة في مراتعها الشقاءُ
يرى بالعري لذَّات توالى = بها الإسفافُ يزجيه البغاءُ
ويستبق الخطايا في ولوغ= بعمق الإثم أرداه العماءُ
وأهداه الْمَرِيدُ الفظ نهجا= فظيعا في ثناياه العناءُ
هو الشيطان ينتزع الحنايا= فتُختطف الجوارحُ والكساءُ
وتبدو في فضائحها البرايا= بها السوءات سوَّدها اشتهاءُ
تتابع من شرار الناس جهرا= به زلُّوا .. به راحوا وجاءوا
وماجوا في وضاعتهم تناجوا= وهزهمُ بعهرهم انتشاءُ
وسادهمُ السقام المر يسري= بأجساد بها سقمٌ وداءُ
وأفكارٌ تخفَّت في فجور= فعافاها التَّستُّر والخفاءُ
فلا صلَّت ولا زكَّت وأعلت= بها الإيمان يعليه العلاءُ
ولا أعطت صلاة الفجر حظا= ولا ظهرا يوافيه الوفاءُ
ولا عصرا فديدنها مروقٌ= بمغربها كذا مرت عِشَاءُ
فهذا القلب في نار التلاهي= له فيها بنقمتها احتساءُ
يظن العري ترياقا مريعا= به للروح بالإفك إحتماءُ
ويا أسفاه قد أضحى التعري= بلاءً فيه تنتهبُ النساءُ
وتهوي في مهالكها ببغي= تلاشى من جوارحها الصفاءُ
وقد صابت مصائبهم بلادا= لنا فيها من الخير ارتواءُ
بهذا العصر قد حلت رزايا= ببعض الناس سادهم الخواءُ
فغاصوا في سفاهات جسام= وغرهم التعري والعراءُ
فصاروا ضمن أشرار لئام= بهم في ذل عيشهم ابتلاءُ
وظنوا وهم علياء التعري= بها يهوي بشقوتها الغباءُ
خسئتم بئس ما قلتم .. فعلتم= فعال النكر زينها انكفاءُ
وكنتم بُهْمَ أهواء بقلب= يقلبه مع الريح الهواءُ
فما لكمُ بدينكمُ اتباعٌ= وما لكمُ بشرعته انتماءُ
وما لكمُ اعتقادٌ فيه نورٌ= به لكمُ لمنهجه الولاءُ
كما الأنعام عيشتكم فخبتم= وخاب القصد وانكسر الإناءُ
أفيقوا إن مرتعكم وخيم= له بالسعر في النار انتهاءُ
وطوق الفوز توبتكم بصدق= بها يغشى جوارحكم بهاءُ
فحفظ الفرج من عهر وفسق= بستر الطهر للنفس اهتداءُ
فمن ترك الحياء بكل فَجٍ= له بالإثم والشر اجتراءُ
ومن رام النجاة إليه يأوي= هو الإنقاذُ للمرء الحياءُ !!