الاله في العقيدة اليهودية
الباحث عبدالوهاب محمد الجبوري
***
ردا على استفسارات وردتني من مثقفين وطلبة جامعات حول الاله في العقيدة اليهودية والاسماء التي اطلقت عليه ابين ما ياتي اختصارا ولمن يريد الاستزادة يجد التفاصيل في دراساتي المنشورة عن الادب العبري :
تمكن اليهود خلال تاريخهم الطويل أن يتدرجوا في عقيدتهم ونظرتهم إلى الله . حتى ليستطيع الباحث أو دارس هذه العقيدة أن يتبين تلك المرحلة التي مرت بها عقيدتهم نزولاً وهبوطاً أو رقياً وصعوداً . ويستطيع أيضا أن يميز كل مرحلة أو فترة بميزات وسمات معينة تختلف اختلافاً كلياً عن التي قبلها أو التي بعدها (1).
المعتقد أو العقيدة في اللغة العبرية ( إمونة ) من الجذر الثلاثي ( أمن ) بمعنى ربى أو تعهد أو وثق ومنه ( هئمين ) صدق ، اعتقد ، ومنه ( أمن ) بمعنى إيمان أو ثقة. والباحث في أسفار العهد القديم وأسفار التلمود يستطيع أن يميز المراحل والفترات التي مرت بها العقيدة اليهودية ، فقد تمكن اليهود خلال تاريخهم الطويل أن يتدرجوا في عقيدتهم ونظرتهم إلى الإله فانتقلوا من المذهب الطبيعي إلى المذهب الحيوي وعبدوا قوى الطبيعة كالشمس والقمر والكواكب والأشجار والأحجار وعرفوا الإلهة المتعددة ذات الاختصاصات المحدودة ولبثوا يعبدونها دهرا قبل أن يتجهوا صوب الإله الواحد(2).
وللاله في نصوص العهد القديم والمقرأ أسماء ومسميات مختلفة من مكان إلى أخر ومن فترة إلى أخرى أهمها (3):-
1-(إيل) (الله) :- الاسم الأكثر شيوعاً وعموماً هو ل (إيلوهيم) وهو المشترك تقريباً لدى جميع اللغات السامية .أما أصل هذا الاسم وتاريخه فمختلف فيهما . وعلى الأغلب إن هذا الاسم مأخوذ من (إيل) بمعنى القوة . أما عند الكنعانيين فقد كان (إيل) اسم علم يطلق على سيد الإلهة . وبحسب الفهم الإسرائيلي لا يوجد إلا اله واحد فلذلك وضع الاسم (إيل) في (إسرائيل) اسماً علماً للإله الواحد .
2- (إيلواه) ( في الآرامية ( ايليه ) ، في العبرية ( أيله ) ): واصل هذا الاسم وتاريخه مختلف فيهما.
3- (إيلوهيم) :- إن هذا الاسم كان من أساسه اسما نكرة ، فيعتقد الكثير من الباحثين انه اسم جمع ل (إيلواه)، ويرى آخرون انه اسم جمع ل (إيل) . وهو شائع جدا في المقرأ أكثر من (إيل) و (إيلواه) وشاع في جميع أنواع أدب المقرأ .
4- (يهوه) :- وهو الاسم الخاص بأله إسرائيل ، وقد جاء في المقرأ (6823) مرة . جاء هذا الاسم بكامله في وثائق لاكيش وفي نقوش ميشع ملك مواَب (1). كما يبدو انه خاص بشعب (إسرائيل) ولا يوجد عند الشعوب الأخرى وتقديساً له يلفظه ايهود (أدوناي) (2).
5- (يه) :- وهذا الاسم هو مختصر لاسم الله (يهوه). لكن يوجد من يقول انه الصورة الأساسية وانه لم يأت في المقرأ إلا في الأزمان البعيدة وفي الشعر خاصة .
6- (أهيه) :- وهو ليس اسم حقيقي ولكنه توضيح لاسم (إيلوهيم) .
7- (أدوناي) :- جاء هذا الاسم في المقرأ كصيغة توسل وخضوع وخطاب إلى الرب .
8- (شداي) :- جاء هذا الاسم في المقرأ علامة خاصة على الإله باعتباره اله الطبيعة .
9- (عليون) :- بهذا الاسم سمى الكنعانيون سيد الإلهة ، ولقد طابق بنو إسرائيل بين الإله الأعلى للكنعانيين الذي يعلو على جميع الإلهة مع إلههم الواحد واستخدموا هذا الاسم اسماً لإله بني إسرائيل .
10- (تسفا أوت) :- هذه الكلمة جاءت مضافة أما إلى (أدوناي) أو إلى (إيلوهيم) ، وجاءت كذالك مضافة (تسقا أوت هاشميم ، تسقا أوت هملاكيم ، وتسقا أوت يسرائيل) وتأتي بمعنى (اله الجيوش) = رب المجد أو رب الجنود .
11- أسماء أخرى :- وفي المقرأ يوجد غير الأسماء المذكورة أعلاه مثل (قدوش يسرائيل) (قدوس إسرائيل) ، و ( افير يعقوب ) (رب يعقوب) ، و ( باحد يتسحاق ) (فزع إسحاق) ، و (تسور) أي (صخرة) وغيرها (3).
وإذا رجعنا إلى العهد القديم وجدنا إن هذه الأسماء التي عبر بها عن الرب تدل معظمها على القوة. وهذه الدلالة تعني إن الباعث الأساسي للعقيدة الدينية لدى اليهود كان الضعف . ففكر اليهود في اله قوي يكون لهم سندا ومعينا في الملمات وفي ساعات الخطر يدعونه ويناجونه ويستبصرونه في غوامض الأحداث وفي كل احتياجاتهم النفسية والجسدية (4).