ذكرت التقارير أن العشرات قُتلوا في جنوب السودان في أعقاب فرارهم من ديارهم أمام هجمات المقاتلين الذين ينتمون لمجموعة عرقية متناحرة في المنطقة.
وقال جون بولوتش من لجنة السلام والمصالحة بجنوب السودان إن 150 شخصا على الأقل، أغلبهم من النساء والأطفال، لقوا حتفهم خلال اليومين الماضيين.
وقالت امرأة أخرى لـ بي بي سي إن 20 من أقاربها في المنطقة قتلوا رميا بالرصاص.
وكان حوالي ستة آلاف مقاتل من مجموعة النوير العرقية يلاحقون أعضاء من جماعة مورلي المنافسة.
وتعد هذه أحدث جولات دائرة العنف التي استمرت لأشهر عديدة في المنطقة، فقد لقي نحو 600 شخص من أبناء جماعة النوير العرقية مصرعهم في حادث واحد وقع العام الماضي.
وقد بدأت الاشتباكات على هيئة غارات لسرقة قطعان الماشية، لكنَّها سرعان ما اتَّسعت دائرتها وخرجت عن نطاق السيطرة.
وقد أُرسلت التعزيزات من قبل كل من منظمة الأمم المتحدة وجيش جنوب السودان إلى مدينة بيبور التي تعرَّضت للهجوم السبت الماضي، لكن المهاجمين كانوا أكثر عددا إلى حد بعيد، وكان ثمَّة خشية من أن يُنظر للمساعدة على أنها محاباة لأحد الطرفين على حساب الطرف الآخر.
"تأجيج العنف"
"إذا كان السياسيون لا ينأون بأنفسهم عن إثارة الضغائن بين المدنيين، فلن يكون هنالك من سبيل لإحلال السلام في ولاية جونغلي"
جون بولوتش من لجنة السلام والمصالحة بجنوب السودان
ويقول ويل روس، مراسل بي بي سي في شرق أفريقيا، إن المنطقة نائية وخطيرة جدا، وقد يستغرق الأمر أياما قبل الحصول على صورة حقيقية لحجم أعمال القتل في ولاية جونغلي بجنوب السودان.
ويقول مراسلنا إن عشرات الآلاف من المدنيين المشردين هناك لا يجدون مطلقا أية مساعدة أو حماية.
ويقول بولوتش، وهو ينتمي إلى جماعة مورلي العرقية، إن الأشخاص الذين فرّوا من بلدة بيبور لا يزالون يتعرَّضون منذئذٍ للاستهداف والقتل بالقرب من نهر كينجين جنوب شرقي بيبور.
وقال بولوتش في تصريحات لإذاعة أخبار الكاثوليك السودانية: " لقد تم ذبح النساء والأطفال في هذه المنطقة، وقد حصل ذلك في الثاني من يناير/كانون الثاني، وحتى اليوم الثالث."
مجموعات متناحرة
واتهم بولوتش سياسيين محليين بمفاقمة الوضع القائم منذ حين بين المجموعات المتناحرة، وذلك خدمة لأغراضهم هم. وتساءل لماذا كان الجيش وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة يحميان المباني الحكومية في بيبور بدلا من حماية الناس.
وأضاف: "إذا كان السياسيون لا ينأون بأنفسهم عن إثارة الضغائن بين المدنيين، فلن يكون هنالك من سبيل لإحلال السلام في ولاية جونغلي."
وقال إن بعض الذين كانوا يشاركون في هذه الهجمات كانوا صبية صغارا.
بدأت الاشتباكات على هيئة غارات لسرقة قطعان الماشية، لكنَّها سرعان ما اتَّسعت دائرتها وخرجت عن نطاق السيطرة
وقالت إمرأة أخرى لـ بي بي سي، والدموع تنهمر على وجنتيها، إن والدتها اتصلت بها لتقول إن 20 فردا من العائلة قتلهم المهاجمون رميا بالرصاص يوم الإثنين، وكانوا جميعا من النساء والأطفال.
وقالت المرأة: "لقد فروا من بيبور قبل أن يصل إليها المقاتلون، فقد كانوا يختبئون في منطقة تبعد ثلاثة ساعات سيرا على الأقدام من نهر كيجين."
"أناس أبرياء"
وأضافت: "هؤلاء لم تكن لهم علاقة بالهجمات على النوير، إنهم أناس أبرياء. لقد جاء بعضهم من مناطق أخرى في جنوب السودان لقضاء أعياد الكريسماس."
وهناك تقارير أخرى تقول إن العديد من الأشخاص ربَّما قضوا غرقا في أحد الأنهار أثناء محاولتهم الفرار من الهجمات.
يُشار إلى أنَّ جنوب السودان من أكثر مناطق العالم فقرا، وقد حصل على استقلاله عن البلد ألأم السودان في يوليو/تموز عام 2011، ولا يكاد يوجد فيه أي طرقات، ولا سكك حديدية، أو مدارس، أو عيادات طبية، بعد عقدين من الصراع الذي جعلها تعجُّ بالأسلحة.
"هؤلاء لم تكن لهم علاقة بالهجمات على النوير، إنهم أناس أبرياء. لقد جاء بعضهم من مناطق أخرى في جنوب السودان لقضاء أعياد الكريسماس" امرأة من جنوب السودان
وقد دعا سلفا كير، رئيس جنوب السودان، جماعة النوير إلى وقف تقدمها والعودة إلى مناطقها التقليدية.
وقالت الحكومة إنها بصدد نشر المزيد من القوات، ونحو 2,000 شرطي إضافي في بيبور.
حرق البيوت
وقد وصل مقاتلو النوير إلى بيبور يوم السبت بعد مسيرة لهم عبر ولاية جونغلي خلال الأسابيع الأخيرة، وقد أضرموا في طريقهم النار في عدد من المنازل وسرقوا الماشية.
وتم إحراق مدينة لوكانغول بالكامل وجرت تسويتها بالأرض الأسبوع الماضي. وتمكن نحو 20,000 مدني من الفرار قبل وقوع الهجوم الذي سقط فيه عشرات القتلى من الجانبين.
ويحاول كل من حاكم ولاية جونغلي ونائب رئيس جنوب السودان التوسُّط لتحقيق المصالحة بين الجماعتين العرقيتين المتنازعتين.
المزيد
http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2012/01/120103_south_sudan_deaths.shtml