مصر القديمة والكتاب------------------
تطورت الحضارة المصرية في الوادي الخصب لنهر النيل منذ نهاية الألف الرابعة قبل الميلاد، حيث حظيت فيها الكلمة المكتوبة بمكانة خاصة، فقد كانت معرفة القراءة والكتابة تعني لكل مصري تأمين مركز ممتاز في المجتمع، ولذلك فقد نصح العجوز (دوا أوف ) بحكمة ابنه بيبيا حين وجهه الى المدرسة بأن يحب الكتاب كأمه ، لأنه لايوجد ماهو أثمن من الكتاب-
كما عرف عن كثير من الآباء في مصر القديمة بتوجيه أولادهم للعلم ، فكانوا يقولون للشباب الذين يتعلمون ويريدون أن يصبحوا كتابا----إنك تسير بحرية في الطريق ولن تكن ثورا يقوده الآخرون، إنك في مقدمة الآخرين كلهم-ومن هنا فقد كان من المهم للفتى أن يتابع تعليمه وأن ينجح في المدرسة، ولذلك كان التلاميذ والآباء يطلبون المساعدة غالبا من الإله توت، حامي الكتاب وراعي الآلهة، الذي كان حسب المعتقدات المصرية هو الذي اخترع الكتابة وعلمها للمصريين-
كما كان المصريون يقدرون الكتاب ذاته تقديرا يكاد يقترب من العبادة، وهكذا نقرأ مثلا في أحد النصوص رأيا عميقا حول قيمة الكلمة المكتوبة (لقد مات الإنسان وتحولت جثته الى مسحوق وأصبح كل معاصريه تحت التراب، إلا أن الكتاب هو الذي ينقل ذكراه من فم الى فم، إن الكتابة أنفع من البيت المبني ومن الصومعة في الغرب ومن القلعة الحصينة ومن النصب في المعبد )-
ومع ذلك فإن المتابع لحركة الكتابة في ذلك العصر يجد أن إنتاجهم من الكتب كان قليلا، فقد كان معظمهم ينقل العلوم مشافهة من جيل لآخر، حتى علوم الرياضيات التي برعوا فيها، فضلا عن الأعمال الأدبية، التي بقيت تتردد على أفواه الناس مئات وآلاف السنين دون أن يلتفت اليها أحد الكتاب لتدوينها-------
ومايهمنا في هذه العجالة تأكيدنا على اعتناء المصريين القدماء بالعلم والكتاب ، ولو أن معظم من تعلم في ذلك العصر كانت غايته استلام منصب ومركز مهم يؤمن منه دخلا يجعله يعيش مرتاحا منه –
ومما يذكر في حديثنا عن اهمام المصريين بالكتاب ---هو أنه تم العثور على لفافات من البردي كانت محفوظة بصناديق خشبية و في جرات فخارية ، ومن ذلك الصناديق المزينة التي عثر عليها في أحد القبور في طيبة ويرجع للأسرة -13-، وفيه لفافات تحتوي على نصوص طبية وجغرافية بالإضافة الى قصة سنوحي وبعض النصوص الأدبية الأخرى، وبالقرب من سقارة اكتشفت جرة تحتوي على نصين، الأول قانوني والثاني طبي، ومن المعتقد هنا أنه في هذا النوع في تل العمارنة تم اكتشاف ذلك اللوح من البورسلان الذي يحتفظ به اليوم المتحف البريطاني في لندن، ففي هذا اللوح نجد اسم الفرعون (أمينوقيس الثالث) وزوجته (تييا) بالإضافة الى عنوان كتاب (كتاب حول التين والزيتون)، ومن الواضح أن ذلك الكتاب كان ملكا للحاكم المذكور وزوجته، ويمكننا من هذا أن نستخلص أن هذين أيضا، مثل ذلك المدفون في طيبة، كانت لهما مكتبة خاصة وضعت لهما في الصندوق-------------
ومع أن معظم الكتب كان يحتفظ بها كهنة المعابد وطبقة البيروقراطيين، واستثناء بعض الأفراد، غلا أننا نجد مكتبات في المعابد والمدارس وفي قصور الحكام، فقد ذكر المؤرخ اليوناني ديدرو الصقلي من القرن الأول قبل الميلاد---فقد أصبحنا نعرف عن وجود مكتبة الفرعون رمسيس الثاني (1292-1225)قبل الميلاد في مدينة طيبة، وكانت مكتبة أخرى في المعبد المعروف للإلهة أزيدا في جزيرة فيلاي، حيث اكتشفت لوحة كتب عليها (هذه صالة الكتب للمكرمة سيشات، إلهة التاريخ، التي تحتفظ فيها وثائق أزيدا التي تهب الحياة)-
وعرفت مكتبة معبد الغله هوروس في موقع إدفا،وغيرها
كثير-----------