حكايات من دمشق القديمة....
(1)
أم فهمي..
نظر في فضاءها الرحب...
ونظر في مكانه...
ارتدى ملابسه...وعزم على زيارة أحياء مدينة دمشق القديمة...
اشتاق إلى منزل أجداده هناك...في حي القاعة الشهير من منطقة الميدان...حتى بئر السوق منه ....
كان له هناك ذكريات كثيرة...
معظم أهلها القدامى هجروها للحداثة...
جردتهم من أصولهم..لتزرع زيفا جميلا أضفت لهم لونا جديدا غير دافئ...
رائحة الماء المرشوش أمام المحال التجارية جعلته يتنفس بعمق..يشم هواء لن يجده في أي بقعه من العالم..
وصوت الفيروزيات وعبد الوهاب وأم كلثوم تتعانق لتشكل لوحة موسيقيه نادرة...
بوظة بكداش مع النسمات الباردة لم تترك من الشوق بقيه إلا أن يتذوقها ...رغم أن أمورا كثيرة تغيرت كوجوه الزبائن...لكنها لم تنقص من روعتها...
بيتهم الكبير العربي. .مازال يسمع منه صوت الأطفال صوت النسوة...طعم شجر الليمون...وجميع نسوته ينظفونه معا بمياه الفيجه العذبه...
يطبخون سويه...رائحة الطعام مازالت عالقة...
قد أبعدته عن كل هذا ظروف خارجه عن إرادته...
حسرة ما قبعت داخله تنهش عظامه...
لمح من بعيد امرأة بعباءتها الدمشقية القديمة السوداء....
.تقترب منه يبطئ...
نظر إليها قليلا..
.إنها رائحة الماضي...
ثم أشاح بنظره بعيدا يبحث عن بقية المشهد....
عندما أسرعت وأمسكت بتلابيبه...وكأنها رجل يقبع تحت السواد...
-أنجبت لك 8 أولاد....ولا تسلم؟يا خسارة العشرة...
تلملم أهل الحي...
-يا حيف على الرجال...
اندهش من هول المفاجأة...
وهي مازالت تكمل...
لم تعد تذكرني؟ حقك خرجت من حي الميدان ولم تعد تريد أن ترجع لأصلك...
حاول أن يفلت...
أتذكر كيف كنت تناديني عند ولادة أي طفل في عائلتك؟وكنت نسيت الموسى التي ولدت فيها 5000 طفل؟
كيف نهرتني ووبختني وقلعتني؟
الزحام يزداد....وهمهمة المارة يتصاعد...
صامت...
أنا الدايه أم فهمي ..بعد المستشفيات ما عاد أحدا يتعرف علي...
يا خسارة العشرة...
النساء ينكرن العشير؟والله عالمنا صار كله نساء...
قبل الأرض ومضى....
(2)
القدر يدق الباب...
كل يوم تقبع في غرفتها...تقلب أوجاعها بصمت...قيل لها الدين والأخلاق زينه...وهي مازالت على عهدها...
خرجت إنسانة قويه من هذا الجسد الناقص..
.قائدة لمجموعة رائعة من الفتيات...هي أكبرهن...
قد كانت يد والدتها اليمنى في التربية...
جميلة كانت...
أحلامها رسمتها لنفسها وحدها...تخصها فقط...
لكن حزنا ما قابع في داخلها صامتا لا ينطق...
صدئ بحنان...
دفاترها...لم يقأاها أحد...
ودموعها جفت وغابت بإصرار...
أقوياء نحن عندما نحب أن نتحدى الظروف..
وما أضعفنا عندما نستسلم لها ...
دق الباب فجأة...
- هل هنا منزل فلان؟
- لا يا أخي غلطان
أدخلتها والدتها بعنف...
- منذ متى ونخرج بكاملنا ليرانا الغريب؟؟؟
حتى ولو لبسنا غطاء الصلاة...ينقصنا كلام الناس...
دخلت لم تنبث ببنت شفه...
منذ ذاك الوقت لم يعد الهاتف يصمت...
-ابني يريد خطبة ابنتك أختي..سبحان الله...
هي مخطوبه..لسنا بحاجة للمال لنزوج بناتنا...
-يا أختي الزواج إكمال للدين...
الإلحاح يأكل قلب ذاك الشاب ولم ييئس حتى ملته أمه...
أريدها....
وبعد جهد جهيد...
-البنت غير طبيعيه .ينقصها 5 أصابع في اليد...
أمي أريدها....
أم فراس