مع تمنياتنا القلبية الحارة...بقلم آرا سوفاليان
خربشات وصرخات مكبوته وألم ودموع وتفجّع وحسرة ونظرة بإتجاه السماوات السبع والعرش العظيم...وسطور مستوحاة من قصة حقيقة مؤلمة حدثت منذ 3 أيام في منطقة التجارة السكنية، في العاصمة السورية دمشق المبتلية ونحن معها في ما ابتلينا به...من ترويع وحقد أعمى...رحمتك يا أرحم الراحمين.
ـ أهلين أم مياس تفضلي فوتي
ـ تأخرو البنات عندك يا أم جورج ئلت لحالي لشوف ليش تأخرو
ـ لا تخافي عليهون غايصين مع النغنوغة بالمسبح
ـ شو هل حكي هادا مسبح النغنوغة كلو ما بيطلع عشر تشبار!
ـ والله عم ينئوا بدون يروحو علـ مسبح ومبارح حكو مع ابو جورج واليوم حكو معي مشان اتواسطلون، فئلتلون الدنية حرب وما في مسبح، والحل انو تتشاركوا انتو ونيرمين بالمسبح تبعها، يعني كل واحد بيطلعلو غطّة.
ـ عمئول لحالي...دئوا الباب وفتحتلون اللفاية وانا كنت بالحمّأم وفاتو على غرفتهون نكتو الدنيا فوئاني تحتاني ومدري شو أخدو ورجعو لعندكون، سألت حالي يا ترى على شو كانو عم يدوروا وشو أخدو معهون ؟ مو تاري غير هدول كانو عم يدوّرو علمايوهات مشان يسبحو بمسبح النغنوغة.
ـ فوتي تفرجي عليهون أم مياس منظرهون بطئئ من الضحك، ومعهون الكلبة بوكي هنن بيرشوها بالميّ وهيي بتعوّي عليهون، خواصري صارو يوجعوني من الضحك، المسبح محطوط بلبلكون الورّاني ونزّلتلّون البرداية مشان ما تضربهون الشمس آمو انزعجوا مني آل هيك بيروح عليهون البرونزاج! يسلمولي شو حلوين ومهضومين آل بيحكو بالبرونزاج والبيضة لسا ما فئست عنهون.
ـ يا سلام...خرج روح جيب الموبايل وصورهون.
ـ تعي لا تروحي...صورتهون اكتر من عشرين صورة، والله صايرين تسلايتنا ووئت بئلو لأبو جورج انهن متعلئين بالنغنوغة والنغنوغة متعلئة فيهون بموت من الضحك، لهلأ مو مستوعب العلائة بين اسم نيرمين وبين لقب النغنوغة بئلي أم مياس عليها افلام عجبة، منين جابتلها هلـ لقب؟
ـ والله يا أم جورج الله بيعلم محبتكون بئلبنا وهاي نيرمين الله يخليلكون ياها ويسلمها بتشبهني بصغرتي نفس الحركات ونفس الأفلام ونفس الهضمنة، وكانت ستي الله يرحمها تسمّيني النغنوغة.
ـ شو صار معك أم مياس مع هادا الحكيم الآخراني؟
ـ والله ما صار شيء، كشفيتو صارت بـ 2000 ليرة وما صار شي وكل مرة بيئلي طلعي أولي للبنت تحطلّك موعد جديد، وبيئلو لأبو ميّاس انو نحنا التنين ما فينا شيء بس الله مو رايد.
ـ ستّي شو صاير عليكون هاي عندكون 3 بنات رهام وبراءة وفاتن الله يخليلك ياهون والله بنات متل الفلة وشو ما اجا من الله بعدين منيح.
ـ والله يا أم جورج بدو صبي...آل مشان ما يضيع اسم أبوه! وبجن منّو كل ما بيناديلي أم ميّاس...وما بتطلع منّي الّو ناديلي أم رهام بخاف على شعورو مع انو كل يوم الصبح بيفتح الموضوع وكأنو الشغلة بئيدي... هيك حتى ما عاد صار حمل مشان يكمل حظي.
ـ وشو دخل حظك؟ وشو دخلك انتي أساساً اذا ما عاد صار حمل.
ـ يا أم جورج عنا مو متل عندكون...الطلاق عنا متل شربة الميّ.
ـ معئولة بيعملها أبو مياس؟ اي ولادكون دئديئ والمستقبل ادأمكون ولا شو؟
ـ بيعملها و 600 بيعملها والحجّة بئيدو، وبكرا أمو بتصفّ معو واخواتو البنات بدورولو على عروس تجبلو صبي.
ـ والله يا أم مياس من وئت ما فطمت نرمين صار 3 سنين، وانا بدي جورج وهو ما بدو، عم يئلي تركيها على الله، أكره عليه أطباء النسائية، ما بيئدر يتصورهون، انا تعذبت كتير بنيرمين واجت قيصرية وكنّا رح نروح أنا ويّاها والقصة بتعرفيها.
ـ الله لا يئدر...تنذكر وما تنعاد...لازم روح شوف اللفاية لوين وصلت إذا عذبوكي دئي عليّي.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ـ أم مياس تعي شربي قهوة
ـ يالله خمس دئايئ وجايي...المرا عم تلبس وبدها تروح...لميتلها شوية غراض رح أعطيها ياهون وحاسبها واجي.
ـ لا تتأخري القهوة مو طيبة باردة
ـ يالله ما رح اتأخّر
ـ والله هيئتا نضيفة هل مرا يا أم رهام.
ـ نضيفة كتير وشهلة والمسكينة كل زباينها طارو ما صفيلها غيري وغير بيت اختي ومشان هيك بتلائيها مسكينة بدها الرضى...شو صار بلبنات؟
ـ خلصوا سباحة وحممتون وسشورتلون شعراتون ولبستهون اواعيهون وهلأ عم يلعبوا لعبة الكوافيره.
ـ اوعا يكون السيشوار بين ايديهون يا أم جورج.
ـ والله السيشاور بين ايديهون بس مو السيشوار الحئيئي، بئيدهون سيشوار باربي يلي بيعطي هوا بارد وعل بطارية.
ـ أهلا وسهلا بلحلوين...سمعتو صوت الماما فئجيتو بسرعة مهيك؟
ـ خالة أم جورج بدنا ننزل نشتري شي طيب من عند عمّو أبو فؤاد.
ـ يا الله بس نشرب قهوتنا بنزّلكون معي.
ـ خليكي انتي أم جورج انا بنزّلهون ومناخود معنا النغنوغة.
ـ يا ستي انا بنزّلهون لأني لابسة خالصة وبدي شوية غراض من عند ابو فؤاد عاملة رز بفول عل غدا وما عندي رز ولا لبن...خليكي انتي هون وانا بينزلو معي بشتريلون وبشتري غراضي ومنرجع منعمل غلوة قهوة تانية لأنو شرّبتينا ياها باردة وما تهنّينا فيها.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
كانت أم رهأم تنظر من الطابق الثالث الى مدخل البناء وتنتظر خروج الوفد...وتأخر الوفد قليلاً عن الوقت المتوقع بسبب النغنوغة التي شعرت انها مقيدة لأن أمها تمسكها من يدها اليمين ورهام تمسكها من يدها اليسار، وبراءة تمسك بيد اختها فاتن والكل على الرصيف يمشون بإتجاه دكانة ابو فؤاد التي لا تبعد أكثر من بضعة أمتار...وتوقفت النغنوغة تحاول ان تفلت يدها من يد أمها، ونجحت بعد عدة محاولات، ونظرت الى الأعلى، ولوحت بيدها الى أم رهام وقالت باي...باي...باي...وصرخت أم رهام صرخة مدوية وارتفعت الشظايا والحطام الى الأعلى فلقد سقطت قذيفة هاون وسط الوفد كتب عليها مع تمنياتنا القلبية الحارّة...وطارت الشظايا والأشلاء والدماء والزجاج الى الأعلى وعثر على يد النغنوغة التي توقفت عن التلويح على ظهر سيارة متوقفة، وسكت فمها عن اطلاق عبارة الباي...فعلاً لقد كان...باي...ولكن من نوع آخر، باي...لا لقاء بعده...واجتمعت الاشلاء في سيارات الاسعاف ممزقة مشتته مصبوغة بالدماء، واجتمعت الأرواح بيضاء نقية متماسكة متحدة...بين يديّ من لا يُظلم بين يديه أحد.
آرا سوفاليان
كاتب انساني وباحث في الشأن الأرمني
دمشق 02 07 2013
arasouvalian@gmail.com