كنت كل يوم أفتح النافذة في نفس الميعاد لأرى صراعها وسط أمواج السيارات على هذا الطريق الذي خلا من الإشارات لتحصل على ماقد . يكفي لشراء
رغيف خبزاً تقسمه على عدد وجبات اليوم لقد تملكتني هذه الفتاه لدرجة أنني كنت أعيش معها مشهد عرض بيع الفل بين قائدي السيارات فيسبها هذا و
تلعنها تلك .
لم يبدو على ملامح وجهها المحترق من حرارة الشمس صيفاً و شدة البرودة شتاءاً يوحي بأنها طفلة في مقتبل عمرها و لكنها تبدو كأم إكتمل عقدها
الخمسين تجاهد بين أسراب السيارات لتطعم أولادها السبعة و والدهم الملازم للفراش ، لن أترك الوقت يداهمني أكثر من ذلك حتى لا يفوتني وقت العمل
فيعاقبني رئيسي بأن يخصم من راتبي ثلاثة أيام أخري كما فعل أنفاً عندما إستغرقت الوقت لمشاهدة الفتاه .
إنه لا يكفي لسد أفواه الحياة و لكن كما يقولون " نوايا تسند الزير " و.لكن لا أظن أنها ستسانده طويلا فلن يلبث إلا أن يسقط و يتحطم نزلت من منزلي و
وقفت أمامه أنتظر الأتوبيس فأجرة الميكروباص مرتفعة للغاية ، كان مشهد الفتاه أكثر وضوحاً من مشاهدتها عبر النافذة ، كانت ترتدي جلباب مهلهل قصير لا
يكاد يلحق بأرجلها التي ذكرتني بمخالب إبي قردان الذي كنت أشاهده متعجبا في قريتنا . عندما كنت أسافر مع أبي و و أناصغير.... كانت تهرول من هذه
السيارة إلى تلك لا تجد من يشتري منها ....! لكم أشعر بحالها البأئس تلك ..!! الفارق بينها و بين إبنتي أنها تحمل الفل .....الحمد لله أخيراً سيشتري منها
أحد و لكن إنه على الجانب الأخر من الطريق و السيارات تسير هنا بجنون ، إنني أحتاج إلى جناحين لكي أعبر أنا الرشيد هذا الطريق فما بال هذه الطفلة
المسكينة التي لم يكتمل عقدها الأول ؟؟!!
و لكن لا أظن أنها ستفوت الفرصة لتشتري رغيف خبزاً من المخبز القريب ..؟؟ و لكن لا أظن أيضاً أنها سترض بهذا الرغيف لان الجنة ....... التي ذهبت
إليها ..... بها الكثير
--------------------