علماء ألمان يكشفون أسرار السيوف الدمشقية التي هزمت الصليبيين
صممت بأنابيب كربونية نانوية أكسبتها المتانة وحدّة النصل
لندن: أسامة نعمان
صنّاع السيوف الماهرون في سورية سبقوا الغرب في تصميم سيوف دمشقية متينة وحادة النصل في القرن العاشر، والتي يرجع اليها الفضل في ايقاف هجمات الصليبيين وردهم على أعقابهم، بتراكيب من الأنابيب الكربونية المتناهية في الصغر، وفقا لأحدث بحث علمي نشرته مجلة «نيتشر» في عددها الاخير.
وإن كنت من الواهمين الذين يعتقدون ان الأنابيب الكاربونية النانوية (نانومتر يساوي واحد من المليار من المتر) ليست سوى اكتشاف علمي حديث لعلماء الغرب.. فعليك التفكير مجددا كما تقول المجلة في البحث الذي نشره فريق برئاسة بيتر باوفلير الباحث في علوم المواد في جامعة درزدن التقنية في ألمانيا، لأن تلك الأنابيب الكربونية النانوية كانت موجودة في تصاميم تلك السيوف الدمشقية «الضالعة» وهي سيوف رشيقة وحيدة الحدّ، معقوفة قليلا من الأعلى تستخدم في المبارزة.
وقد صنعت هذه السيوف المعقوفة التي يعود تاريخها الى عام 900 للميلاد، من نوع من الفولاذ يطلق عليه اسم ووتز» wootz وهو فولاذ يصنع في الهند بطريقة خاصة. وتحمل أنصالها سمات من نمط محدد مترابط، ينتج عن عملية تسخين الفولاذ، وتحويله الى فولاذ صلب، وطرقه. وقد اختفت أسرار صنع هذا التصميم الفريد في القرن الثامن عشر.
ودرس الباحث الالماني صورا للسيوف الدمشقية التقطها المجهر الالكتروني، وعثر فريقه على تراكيب لأنابيب بأحجام نانوية داخل فولاذ الـ«ووتز»، تشابه الأنابيب الكربونية النانوية التي يوظفها المصممون في التقنيات الحديثة لصنع منتجات متينة تتصف بخفة وزنها.
واكتشف فريق باوفلير هذه الأنابيب النانوية، بعد وضع قطعة من سيف دمشقي في حوض يحتوي على حامض الهيدروكلوريك، وذلك بهدف إزالة تراكيب نانوية أخرى هي «خيوط نانوية» من خام إسمنتي طبيعي وجدت في السيوف.
ويتكون فولاذ «ووتز» من مركبات تشمل خام الحديد الهندي الذي يحتوي على شوائب لبعض المعادن المتحولة. ويعتقد الباحثون ان هذه المعادن هي التي تؤدي الى تشكيل الخيوط النانوية الاسمنتية، الا انهم لا يعرفون الكيفية التي تتشكل بها. وهم يتصورون ان «الأنابيب النانوية» قد تساعد في حل أسرارها! ويعتقد باوفلير ان الشوائب في الخام الهندي تحولت الى أشكال بلورية عند التسخين في درجات حرارة عالية، الأمر الذي ساعد على تشكيل الأنابيب النانوية من الكربون الناتج عن احتراق قطع الخشب واوراق الشجر التي تستخدم كوقود لصنع فولاذ الـ«ووتز».
وجوبهت فرضية الباحث الالماني باعتراضات العلماء، اذ صرح جون فيرهويفن الخبير في الفولاذ في جامعة أيوا للدولة في ايميس، بأن المادة الاسمنتية يمكن ان تظهر على شكل قضبان ولهذا فان الأنابيب النانوية ربما ليست موجودة اطلاقا. وقال أليكس زيتي الباحث في جامعة كاليفورنيا في بيركلي ان «الأنابيب النانوية يمكن ان تكون قد تسربت من الاجهزة والمواد التي درست بواسطة السيوف الدمشقية!»، الا ان أندريه خلوبيستوف الباحث في الكيمياء في جامعة نوتنغهام البريطتانية قال ان الشيء المهم هو ان الأنابيب النانوية تقدم خدمات جليلة للتكنولوجيا سواء كانت قديمة ام حديثة.
ونشرت المجلة نتائج