منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2
  1. #1

    Smile المجاز عجز واعتباط في التعبير

    المجاز عجز واعتباط في التعبير
    المجاز في اللغة الاعتباطية(1) هو تجاوز الحقيقة لتَعَذُّرِها إلى معنى يفترضه المتكلم، وهذا التَّعذر هو نتيجة عجز المتكلم ومحدودية قدرته في تصوير الحدث بلفظ يدل عليه حقيقة؛والله منزه عن العجز، وهو على كل شيء قدير،وأسلوب خطاب الله في استخدام اللسان العربي يختلف تماماً عن أسلوب الناس، والفرق بينهما مثل الفرق بين الخالق والمخلوق، وكل فعل يأخذ صفة فاعله ضرورة من حيث التمام والكمال، وكلام الله وحديثه حقّ وصِدْق.
    انظر قوله تعالى: {اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً }النساء87، وقوله: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلاَ تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ }البقرة119.
    فالمجاز ابتداء هو خلاف الحقيقة ووقوع في الخطأ أو الوهم، ولا يمكن للخطأ أن يكون بلاغة قط،(2) والمجاز أسلوب في الخطاب يعتمده الناس في تواصلهم مع بعضهم للتعبير عن مقاصدهم، ويعتمدون في فهم المقصد على المتلقي للخطاب، ويدعمون مقصدهم بالإشارة والكناية والإيماء والاصطلاح على شيء بينهم، ولا يمكن فهم الخطاب المجازي بمعزل عن المتكلم،لذلك نجدهم يقولون:لابُدَّ للمجاز من قرينة تدل عليه لأن الأصل في الكلام الحقيقة.ويقولون: المعنى في قلب الشاعر أو المتكلم!، وذلك لنفي الدلالة الحقيقية عن الكلام، التي هي محل تسليم من الجميع، وتُفهم بمعزل عن المتكلم بخلاف المجاز لابُدَّ له من فهم مقصد المتكلم.
    قال المعرّي: لا تُقيّد عليَّ لفظي فإني ........مثل غيري تَكَلُّمي بالمجاز!
    وقال أيضاً: نقول على المجاز وقد علمنا.....بأنَّ الأمر ليس كما نقول!
    واللسان العربي المبين لسان علمي ذو نشأة طبيعية فيزيائية، وقد نزل التنزيل الحكيم بلسان عربي مبين، بمعنى أنه استخدم أصوات اللسان العربي حسب دلالاتها الفيزيائية، وركّب الكلمات منها بتوافق وانسجام في ترتيب الأصوات لتدل على الحقيقة بمعزل عن المتكلم، وذلك من خلال فهم دلالة الأصوات للوصول إلى المفهوم الفيزيائي للكلمة، ومن ثم الانتقال بصحبته إلى الدلالة الثقافية التي تظهر من خلال استخدام المفهوم وفق سياق الجملة أو النص، وإسقاطه على محله من الواقع، وبذلك تظهر تعدد صور الاستخدام الثقافي المعرفي للمفهوم الواحد على وجه الحقيقة، بينما اللغة استخدمت ذات الأصوات العربية ( الأبجدية ) ولكن بصورة اعتباطية، ومن هذا الوجه تشابه اللسان العربي باللغة العربية وزاد الأمر سوءاً عندما أخضعوا اللسان العربي المبين لقواعد اللغة العربية، وصار اللسان الأعجمي الاعتباطي حَكماً ومعياراً للسان العربي المبين، فضلّوا وأضلوا الأمة من بعدهم، ولم تقم لهم قائمة، واستمروا في لغوهم يغوصون في الاعتباطية ويجترونها نثراً، وشعراً، ونظماً، وأدباً، ويظنون أنهم يُحسنون صنعاً.
    فالمجاز، وقاعدة اختلاف الألفاظ وتعددها لمعنى واحد، التي اشتهرت خطأ باسم الترادف، كانتا بمثابة فيروس أصاب اللسان العربي ونخر فيه، ومنعه من الحركة العلمية، وخاصة أن أهل الاعتباط انطلقوا من أن أصوات اللسان العربي لا معنى لها، وهي اعتباطية في نشأتها، ولك أن تتصور الكارثة التي أصابت اللسان العربي نتيجة هذا الرأي الاعتباطي بقواعده اللغوية (التطابق في المعنى رغم اختلاف المبنى) والمجاز، ما أدى إلى ظهور لغة عربية مقابل اللسان العربي، ونتج عن لغو الأمة التخلف والانحطاط؛ لأنهم جعلوا الشعر الجاهلي، والنثر والتراث الذي قام على اللغة العربية الاعتباطية مصادر تحكم اللسان العربي المبين، أي الاعتباطي يحكم العلمي(اللغة تحكم القرآن)، وفعل المخلوق يحكم فعل الخالق!، فالأمر على درجة من الخطورة والأهمية، وهي مسألة مصيرية، نهضة أو الغوص في وحل التخلف والانحطاط.
    إن التنزيل الحكيم نزل بلسان عربي مبين، واللسان العربي هو صورة صوتية لحركة الكون، ومنضبط بذات القواعد والقوانين، مثل الثابت والمتغير، والثنائية والتطور، والنمو والحركة، واختلاف العناصر والأحداث في الكون أدّى إلى اختلاف دلالة الألفاظ التي تصور الحدث في اللسان، وظهرت قاعدة ( اختلاف المبنى يؤدي إلى اختلاف المعنى ضرورة) وبما أن أحداث الكون وظواهره حقيقية، وليست وهماً، انعكس ذلك على اللسان العربي، فكانت ألفاظه تمثل الحقيقة لا وجود للوهم ( المجاز) فيه، وما المجاز إلا نوع من الوهم خلاف الحقيقة، لذا؛ انتفى عن اللسان العربي(التنزيل الحكيم) وجود المجاز، والمجاز صفة للغة الناس، وذلك ناتج عن قصورهم وعجزهم لتصوير الحقيقة بألفاظهم.
    والقول بالمجاز يتعلق بالقول بتطابق المعنى رغم اختلاف المبنى، واعتباطية نشأة اللسان، ونفي الدلالة عن أصوات الأحرف ضرورة، ومن ينفي التطابق فقط، ويُثبت المجاز، ويقول باعتباطية نشأة اللسان، وعدم وجود دلالة للأصوات يقع بتناقض عجيب، فهذه الأمور الأربعة متعلقة ببعضها كسلسلة، لأن اختلاف المعنى تأتّى من اختلاف المبنى الذي هو أصوات الأحرف وترتيبها، وهذا يدل على وجود دلالة للأصوات أعطت كل مبنى معنى، ولولا ذلك لما تأثر المعنى من تغير المبنى، ومثل ذلك كمثل العناصر الكيميائية،فأي تغير في عناصرها يؤدي إلى تغير النتيجة ضرورة، فمن يُثبت شيئاً من الأمور الأربعة أثبت الكل ضرورة لازمة، والعكس صواباً.
    يقول الأستاذ محمد عنبر:
    (إن ما ينفي الترادف(اختلاف المبنى واتفاق المعنى) ويمنع من وقوعه؛ دليل واحد قاطع؛ هو، أنه لو كانت حروف أبجدية اللغات مترادفة، ويُغني كلُّ حرف منها عن الآخر غنىً وافياً كافياً لكان كل حرف ككل حرف، و لزال البيان من أساسه، وما كانت الكلمات مؤَلفة من حروف، فإن الكلمات لا تترادف قطعاً، أي لا تُغني أي كلمة منها عن أي كلمة أخرى غنىً شافياً وافياً كافياً، لأن ذلك ينتهي بها إلى أن أي كلمة كأي كلمة تماماً)(1) .
    والأدلة التي يسوقونها من القرآن لإثبات المجاز هي خطأ في الفهم والاستدلال، وما ينبغي أن يكون في اللسان العربي المبين مجاز، لأن حصول ذلك هو وجود الوهم والظن والخيال في التنزيل الحكيم، وذلك ينقض صفة الإحكام والحقيقة، وينفي عنه النظام، ويفتح باب الاعتباطية، ويترك تشكيل المعنى لكل قارئ حسب تصوره وتخيله دون ضابط، ولا يكون فهم أحد حجة على آخر، وبالتالي يتفرغ التنزيل الحكيم من مفاهيمه، ويصير نصّاً لغوياً اعتباطياً، وتصح المقولة التي يستشهد بها أهل الاعتباط (القرآن حمّال أوجه) وينتفي عنه صفة الحكمة، والإبانة، والعربية.
    انظر إلى أهم الأدلة التي ساقها أهل الاعتباط للاستدلال على وجود المجاز في التنزيل الحكيم:
    1-{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الّتِي كُنّا فِيهَا وَالّعِيْرَ الّتِيَ أَقْبَلْنَا فِيهَا وَإِنّا لَصَادِقُونَ} يوسف (82)
    فقالوا : أي أهل القرية وليس الجدران، وهذا مجاز في الاستخدام.
    والصواب أن كلمة (قرية) لا تطلق على المكان مجرداً، وإنما لابد من وجود السكان فيها، فهي تدل على موقع جغرافي اجتماعي، وكذلك كلمة( عير) فهي غير كلمة (بعير)،ويُقصد بها القافلة، وأقبلنا فيها، غير أقبلنا عليها، انظر إلى قوله تعالى:
    -{وَإِذَآ أَرَدْنَآ أَن نّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا}(الإسراء ( 16)
    - {وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا }(القصص (58)
    -{ وَنَجّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الّتِي كَانَت تّعْمَلُ الْخَبَائِثَ }الأنبياء (74)
    ودلالة (القرية) غير دلالة (أهل القرية) انظر إلى قوله تعالى:
    -{إِنّا مُنزِلُونَ عَلَىَ أَهْلِ هَـَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مّنَ السّمَآءِ}العنكبوت (34)
    - {قَالُوَاْ إِنّا مُهْلِكُوَ أَهْلِ هَـَذِهِ الْقَرْيَةِ }العنكبوت(31)
    فإهلاك القرية يشمل الناس والمكان، بينما إهلاك أهل القرية خاص بسكانها دون المكان.
    2-{وَمَن كَانَ فِي هَـَذِهِ أَعْمَىَ فَهُوَ فِي الآخرة أَعْمَىَ وَأَضَلّ سَبِيلاً}الإسراء (72)
    قالوا : إن صفة العمى في الدنيا مجازية، ويقصد بها الضلال والضياع والانحراف عن منهج القرآن.
    والصواب أن كلمة العمى تدل على نفي وجود النور وإحلال السواد الذي يغطي الأمور محله، ويكون ذلك في الواقع بصور متعددة: ابتداءً من عمى النظر العيني إلى
    عمى البصيرة، انظر قوله تعالى:
    -{وَمَآ أَنتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ}النمل (81)
    -{وَالّذِينَ إِذَا ذُكّرُواْ بِآيَاتِ رَبّهِمْ لَمْ يَخِرّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً}الفرقان (73)
    -{فَإِنّهَا لاَ تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَـَكِن تَعْمَىَ الْقُلُوبُ الّتِي فِي الصّدُورِ}(الحج (46)
    3- {يَدُ اللّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}الفتح (10)
    قالوا : إنَّ كلمة اليد هي جارحة وتطلق على الله مجازاً، ويقصد بها القدرة.
    والصواب أن دلالة كلمة يد تدل على القوة الممتدة التي تطول الشيء، و السيطرة والإمكانيات والأدوات، ويكون ذلك في الإنسان ومن مثله متحققاً في جارحة لامتلاكه لها، بينما الله  ليس كمثله شيء، فنثبت المفهوم الحقيقي لدلالة كلمة اليد فقط دون تخيل لجارحة لأنها أداة المخلوق،انظر قوله تعالى:
    -{ إَلاّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَاْ الّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النّكَاحِ}البقرة(237)
    -{وَهُوَ الّذِيَ أَرْسَلَ الرّيَاحَ بُشْرَى بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}(الفرقان (48)
    - {قَالَ يَإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ}(ص (75)
    -{وَالسّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنّا لَمُوسِعُونَ}(الذاريات (47)
    والنص القرآني استخدم التمثيل والتشبيه نحو قوله تعالى: {مَثَلُ الّذِينَ حُمّلُواْ التّوْرَاةَ ثُمّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً}(الجمعة(5)، {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث}الأعراف (176)، { أُوْلَـَئِكَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلّ أُوْلَـَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}(الأعراف (179) وهذه الكاف معروفة بأنها كاف التشبيه، ولا تفيد التطابق بين الاثنين بخلاف ما لو أزلناها وقلنا: زيد حمار أو كلب، فهذا يدل على أن زيداً نفسه حمار، والواقع خلاف ذلك، فزيد ليس حماراً،مما يعني أن هذه المقولة باطلة من حيث الواقع، ولا يصح استخدامها، لذا؛ لم يأت هذا الاستخدام في التنزيل الحكيم قط، وإنما أتى أسلوب التشبيه المحدد بصفة{كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً}، ولو انتفى التحديد لانتفى التشبيه لاحتماله أكثر من صورة، فهل هو كالحمار بصبره أو ببلادته؟ فأسلوب التشبيه المحدد هو للصفات وليس للذوات، وبالتالي هو مفهوم حقيقي وليس مجازاً، ولا يصح الإتيان
    بغير خطاب التنزيل الحكيم شاهداً أو برهاناً، لأن كلام الناس كائناً من كانوا لا يخلون من العجمة في خطابهم لزوماً.

  2. #2

    رد: المجاز عجز واعتباط في التعبير


    نعم وللموضوع بقية مؤكد فالأمثلة كثيرة والموضوع واسع
    لكن لا اظن ان كلمة اعتباط تجوز عما تفضلت به لو اكتفينا بكلمة مجاز اظنها تفي بالغرض
    تحيتي وشكري لك
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

المواضيع المتشابهه

  1. التعبير القراني
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 12-02-2015, 02:09 AM
  2. الأجاص ومرضى السكري/د.جميل القدسي
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان الغذاء والدواء
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 03-15-2015, 09:39 AM
  3. معوقات التعبير عن الذات..
    بواسطة ميسم الحكيم في المنتدى فرسان البرمجة اللغوية العصبية.
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 02-26-2012, 07:18 AM
  4. في حرية التعبير
    بواسطة فيصل الملوحي في المنتدى فرسان المقالة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 11-18-2011, 01:38 AM
  5. المجاز وفن الشعر
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى foreign languages.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-26-2009, 05:09 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •