قراءة في قصة الجدار الأحمر لفيصل الزوايدي بقلم حسام الدين النوالي
سارد من خلف، يملك عين الكاميرا ينتقل بين الجهات مراقبا حركة الخلق في القرية وحواراتهم. البرج بؤرة الحدث، ينسج الحكاية ويرسم خطوطها واختلافاتها.
وللبرج حكاية قديمة..
في عهد قديم، عند "برج" بابل، قررت الآلهة أن تفرق ألسن الناس، وبالتالي ترسم خطا لميلاد الاختلاف. وعند برج القرية الترابي نقرأ اختلاف القراءة والرؤية والتفسير، كما اختلاف بنى وأنماط التفكير لدى شخصيات النص.
هناك مسألة استوقفتني كثيرا:
البرج قديم ترابي، متصدع، نال منه الإهمال، ونبتت عليه أعشاب، يغدو داخل النص محورا أساسيا للنقاش، ويغدو في دائرة الضوء بخطوة واحدة. فقبل وقت قريب لم يكن أحد يسأل عن أي شيء لا في تاريخ البرج ولا في حاضره ، وعند فجر ما ينقلب الأمر.
قلت فتاة طويلة: ربما اللون الأحمر صرعة الجدران لهذا الموسم..
وفي ختام النص نجد البرج الطويل قد فكر كما الفتاة. هل لذلك علاقة بالطول؟ (سمة الفتاة والبرج معا).
إن تدخلات الشخصيات داخل النص هي تدخلات تفسيرية، رغم تفاوت مستوياتها واختلاف توجهاتها، باستثناء الشباب (ثلاث شخصيات). الفتاة الطويلة تسأل عن موضة العصر والأخرى لا رأي لها فيما الشاب مشغول بالعصر والتواصل الآلي "النقال"فهل هي أزمة فكر الجيل المتأخر؟ وهل يحتاج التاريخ -أي تاريخ- إلى التلون بصيغ عصرية ليخلق إتماما ما؟ ثم هل استطاع فعلا هذا البرج أن يوجه إليه الأنظار؟
أعتقد أن الجيل الأول لم يعتبر البرج غير "رمز للهوية"فقط من غير التحاور معه -إذ لا أحد يعرف تاريخ البرج، ولا أحد اهتم به قبل اليوم، بالمقابل فإن الجيل الثاني لم يؤسس لأي حوار إلا مع ذاته "حوار الشبان فيما بينهم، وبحثهم عن بعضهم البعض".
نص "الجدار الأحمر" هو نص مفعم بقضايا العصر والمجتمع، فمن نفي التاريخ والحضارة، إلى الخوف المرضي من الآخر وفكرة المؤامرة، إلى سيطرة التفكير الخرافي -بالخصوص لدى النساء، إلى استئثار الشكل بالاهتمام "لون البرج" إلى غير ذلك.. استطاع الكاتب أن يبني حكيه وفق صراع حول التفسير، نمت من خلاله دراما النص بشكل جيد.
وللكاتب التونسي "فيصل الزوايدي " علاقة بالسرد صار من خلالها يؤسس لرؤية تتناول قضايا المجتمع والوطن، في قصص أقرب للقِصر، قصص جمع بعضها مؤخرا و أصدر "قصة بسيطة جدا" نأمل ألا يبخل بها علينا
حسام الدين النوالي
ناقد و قاص مغربي
رابط قصة " الجدار الأحمر ؟ "
http://fursan.ws/vb/showthread.php?t=9315