غالب الغول / الضرورات الشعرية

[راما علي]

الضرورات الشعرية /
من قلم الباحث العروضي غالب الغول
@@@@@
للقصيدة ضروريات شعرية لا بد للشاعر من أن يخضع لها لكي يُخضع الكلمة إلى ميزان الشعر , أو بالأصح إلى الإيقاع الشعري الموسيقي . لأن الشاعر يقع في اتجاهين محرجين , الجهة الأولى قواعد اللغة , والجهة الثانية الإيقاع الشعري الموسيقي ووحداتها الموسيقية المتمثلة بالتفاعيل , وكثير من الأحيان يتعارض أو يتصادم الوزن وما يتطلبه من إيقاع مع قواعد اللغة العربية , فماذا يفعل الشاعر عندئذٍ ؟
وبما أن اللغة العربية لديها الاتساع اللغوي , وأن الوزن له ميزان حساس بالإيقاع , فإن الشاعر يلجأ إلى التنازل عن بعض قيود اللغة لصالح الوزن الشعري الموسيقي بشرط عدم التأثير بالمعنى اللغوي المطلوب , أو أن الذي يقرأ الكلمة المحورة يفهمها فوراً من غير إعاقة , ولا نقصد بذلك أن نجعل الفاعل مفعولاً , أو نجعل المنصوب مرفوعاً , فالحركات الإعرابية تخرج من قاعدة الضرورات الشعرية , لأنها لا تؤثر بالوزن , وإنما المقصود غير ذلك وسنبحثه بعد قليل .
لماذا الضروريات الشعرية ؟ وهل يعجز الشاعر من أن يأتي بمفردات لا تتعارض مع قواعد اللغة ؟.
سؤال له مبرراته , وله ضرورياته أيضاً , نعم إن الشاعر يمتلك من المفردات اللغوية ما يكفيه لعمل ديوان كامل وليس قصيدة واحدة , ولكن عندما يحتاج إلى مفردة هو يقصدها بالذات ولا يريد غيرها , فماذا يعمل وهي ممنوعة من الصرف مثلاً , أو لا بد من صرفها , أو تنوين الممنوع من الصرف , أو يريد أن يقف على المنوّن , أو أنه بحاجة إلى قلب الفتحة إلى ألف ليتزن البيت الشعري , أو يريد تسكين المتحرك , أو تحريك الساكن , أو جعل همزة القطع إلى همزة وصل , أو همزة الوصل إلى همزة قطع , أو يريد قصر الممدود أو مد المقصور ليتزن البيت الشعري , أو يريد تخفيف المشدد , أو تشديد المخفف . وكل هذه الأمور تجيء عفو الخاطر ولا بد للشاعر أن يقف حائراً لتنفيذها , لأنه لا يستطيع أن يضحي بالوزن , بل هو قادر على أن يضحي ببعض قواعد اللغة ليتساوق وزنه الشعري الموسيقي ولا يستطيع أن يضحي بالوزن .
ونستطيع الآن أن نعطي أمثلة شعرية من مختلف الشعراء :
الضرورات الشعرية :
1 ــ الوقوف على كلمة منوّنة وبه نحذف الألف , قال الشاعر :
ألا حبذا غُنمٌ وحسن حديثها
لقد تركت قلبي بها هائماً دنفْ ِ
دنفِْ : أصلها دَنفا , فحذف المنون في الألف , ثم كسر آخرها ليستقيم معه الوزن
2 ــ الضرورة لزيادة ألف بدل الفتحة :
قال الشاعر :
وأنت من الغوائل حين ترمي
ومن ذمّ الرجال بمنتزاحِ ِ
منتزاح : أصلها منتزح , فاستبدل الفتحة بالألف للضرورة الوزنية .
3 ــ صرف ما لا ينصرف :
قال الشاعر :
نلقى المنون حقائقاً وكأننا
من غرة نلقي بهنّ شكوكا
حقائقاً : أصلها حقائق , ممنوعة من الصرف , لكنه صرفها لضرورة الوزن
4 ــ منع المتصرف من الصرف :
كقول أبي نواس:
حاشا لدرةَ أن تبنى الخيام لها
وأن تروح عليها الإبلُ والشاهُ
الدرة َ : أصلها منونة بالكسر , ولكنه منعها من الصرف فجعلها منصوبة لضرورة الوزن .
5 ــ تسكين المتحرك .
كقول إيليا أبي ماضي :
سمع الليل ذو النجوم أنينا
وهـْــو يغشى المدينة البيضاء
وهْـو : أصلها بفتح الهاء , فسكن الهاء للضرورة الوزنية .
وكقول أبي العلاء المعري أيضاً:
إن الشبيبة نارٌ إنْ أردتَ بها
أمراً فبادرهُ إن الدهر مُطفيها
مطفيها : أصلها مطفئـُها . فتعمد على تسكين المتحرك .
6 ــ : جعل همزة القطع وصل .
قال البحتري:
فلوْ انّ مشتاقاً تكلف فوق ما
في وسعه لسعى إليك المنبرُ
فلو ان : أصلها فلوْ أنّ , فاستبدل همزة القطع بهمزة وصل للضرورة الوزنية .
7 ــ جعل همزة الوصل قطع .
قال جميل بثينه
ألا لا أرى إثنين أحسن شيمة
على حدثان الدهر مني ومن حُمل ِ
إثنين : أصلها بهمزة وصل , اثنين بدون همزة ,
8 ــ قصر الممدود :
قال الشاعر:
يسر الفتى طول السلامة والبقا
فكيف يرى طول السلامة يفعل
البقا : أصلها البقاء
9 ــ مد المقصور :
قال الشاعر :
سيغنيني الذي أغناك عني
فلا فقر يدوم ولا غناءُ
غناء : أصلها غني , فمد المقصور
10 ــ تخفيف المشدد :
قال الشاعر:
واستبدّت مرةً واحدة
إنما العاجز من لا يستبدْ
يستبدْ: أصلها تستبدُّ مشددة , لكنه خففها للضرورة الوزنية .
11 ــ تشديد المخفف :
قال الشاعر:
أهان دمُّـك َ فرغاً بعد عزته
يا عمرُ بعْـــيُــكَ إصراراً على الحسدِ
دّمُّــكّ : أصلها دمُكَ ليست مشددة . فشددها للضرورة الوزنية .
12 ــ تنوين الممنوع من الصرف :
كقول إليا أبي ماضي :
حجرٌ أغبرٌ أنا وحقيرٌ
لا جمالاً لا حكمة لا مضاء
أغبرٌ : أصلها ممنوع من الصرف ( أغبرُ ) فصرفها للضرورة الوزنية .
بهذا أكون قد أكملت هذا البحث الهام الذي يحتاجه كل شاعر , ولكن مع نصيحتي أن يتجاوز هذه الضرورات إن استطاع إلى ذلك سبيلاً . فتكون قصيدته أجمل وقد سلمت من نقد النقاد .
أخوكم غالب الغول / باحث في علم العروض .

[الدكتور ضياء الدين الجماس]

أختنا الشاعرة المشرفة الفاضلة راما
السلام عليكم
بحث جميل أصيل عليل
أوافق عليه كله لأنه بديهي ، وقد طرقته جميع كتب تعليم الشعر والعروض بما فيها كتابي أساس الشعراء. وأحب إضافة ما يلي لما أجد فيه فائدة لتعلقه بالجوازات النحوية :
- حذف الفاء من جواب الشرط الواجب الاقتران
- حذف جزء من كلمة ، غالباُ في حشو البيت
- الإضمار قبل الذكر
-الإتيان بالضمير متصلاً بعد إلا
- الفصل بين المضاف والمضاف إليه
وأما البند الأول الذي ذكرتموه وهو :
ــ الوقوف على كلمة منوّنة وبه نحذف الألف , قال الشاعر :
ألا حبذا غُنمٌ وحسن حديثها ...لقد تركت قلبي بها هائماً دنف ِ
دنفِ : أصلها دَنفا , فحذف المنون في الألف , ثم كسر آخرها ليستقيم معه الوزن
أقول إذا استقام الوزن لا يستقيم المعنى والمعنى أهم من الوزن لأنه ما نحاسب عليه.
مما تعلمناه من أصول الوقوف على الكلمات من أصول تجويد القرآن الكريم وليس الشعراء
يجوز الوقوف على الكلمة بالسكون مهما كانت حركتها الإعرابية فتحاً أو جرا ً أو رفعاً خاصة في الشعر.
وأخص تنوين الفتح بشيء من الإيضاح :
-الكلمات التي تنون فتحاً مثل : صلاةً .. زكاةً مما لا تحتاج فيه الكلمة للألف فلا مانع من الوقوف عليها ساكنة سواء بالهاء أو التاء الساكنة ، وذهب بعض القراء إلى ضرورة الوقوف عليها بالألف لبيان الموقع الإعرابي أي نقف عليها : صلاتا .. زكاتا.. وأما إذا كانت الكلمة تحتاج أصلا إلى ألف التنوين مثل فلاحاً رياحاً فالأولى الوقوف عليها بالألف الساكنة . ونحن نتعلم أصول النطق والوقوف عليه من قراء القرآن الكريم وهو الأولى والأقرب إلى السليقة الصافية ،وأما أن نقف على الكلمة بكسرها لضرورة الوزن على حساب المعنى اللغوي فأنا لا أنصح به أمانة ونصحاً ( ومن واجبي بيان حقائق ما تعلمته ، ولي كتاب في أصول النطق القرآني على القراءات العشر المتواترة اسمه النطق بالقرآن العظيم/ ثلاثة أجزاء 1400 صفحة تقريباً.. (إنتاج مركز نور الشام /دمشق- وتوجد نسخة منه في مكتبة المسجد النبوي الشريف) .
أشكركم على البحث وما مشاركتي إلا لاكتساب مزيد من الأجر والفائدة.
جزاكم الله خيراً

[راما علي]

الدكتور ضياء الدين , أنا الذي طلبت هذا البحث من الأستاذ غالب الغول , لأجل الفائدة , ولم يطلب مني نشره , لكن كنت على يقين بأنه يكون مسروراً لو تم نشره , فنشرته , وأطلب منك أن تأتي بأمثلة لإكمال الموضوع , لتعم الفائدة , وأنا وأنت والأستاذ غالب وكل من هو في المنتدى كلنا نتوخى الأجر والثواب , وجزاك الله خيراً , مع أغلى التحايا .

[الدكتور ضياء الدين الجماس]

الدكتور ضياء الدين , أنا الذي طلبت هذا البحث من الأستاذ غالب الغول , لأجل الفائدة , ولم يطلب مني نشره , لكن كنت على يقين بأنه يكون مسروراً لو تم نشره , فنشرته , وأطلب منك أن تأتي بأمثلة لإكمال الموضوع , لتعم الفائدة , وأنا وأنت والأستاذ غالب وكل من هو في المنتدى كلنا نتوخى الأجر والثواب , وجزاك الله خيراً , مع أغلى التحايا .

الأخت راما :
بارك الله بك وبما تقدمينه من أبحاث ولو كانت لغيرك ونيتك إيصال المعرفة للآخرين جزاك الله خيراً.
ولكن بما أن الموضوع المنشور باسم الأخ غالب ودون علمه، فالأفضل أن يأتي هو بالأمثلة فهو يعرفها بالتأكيد ليبقى الموضوع تحت إشرافه. فإن لم يأت بها ووافق على بيانها من قبلي فسأفعل ، كيلا يفسر الموضوع بمنحى آخر. وما كان هدفي إلا لفت النظر لأهمية الجوازات المتعلقة بالإعراب والنحو وضرورات الحذف خاصة ألف التنوين لأنها تتدخل في صميم المعاني ، وأنا بنظري إيصال المعاني الحقيقية للسامع والقارئ أهم من ضبط الوزن ، وكلما كثر استعمال الضرورات كان ذلك مؤشراً على ضعف ما في استدراك الشاعر للكلمات المعبرة عن موضوعه وما يريده منه.
وأنا شخصياً لم أذكر في حياتي الشعرية -على قصرها- أنني استعملت مثل هذه الضرورات المتعلقة بالنحو.
بارك الله بك وأنا جاهز للمتابعة بعد الإذن.

[غالب الغول]

الأخ الفاضل الدكتور ضياء الدين , لك وافر التحية يا أخي على مجهودك القيم وحرصل على نيل الأجر من الله , ونحن مثلك لا نسعى إلا إلى الخير ,
أما بالنسبة لما طلبته منك الأخت راما , فأقول لها ــ ما أكثر الأبحاث التي تناولت الضرورات الشعرية , ولكن أنا أنصح الشاعر بعدم التعامل معها كما أشرت في ملخص البحث السابق , لأجل الكمال , فكمال القصيدة لا يتأتى إلا بالتخلص من أي عيب , والشاعر الشاعر هو الذي يغلب الوزن , ولا يغلبه الوزن , ولمزيد من التوضيح حول الضرورات نعطيكم هذا الرابط وشكراً للجميع
http://www.omferas.com/vb/showthread.php?t=16930
أخوكم غالب احمد الغول

[راما علي]

أشكرك دكتور ضياء على تعاونك معنا , وأشكر الأستاذ غالب الذي ساعدنا ببحثه حول الضرورات الشعرية , ونقبل النصيحة بعدم الإسراع بالأخذ بها . لأن كمال القصيدة بكامل مفرداتها الخالية من العيوب , لكم التحية

[خالد جابر]

شكراً لكل من أفادنا وشاركنا في هذا البحث , لكم التحية

[راما]

اضافة:http://www.omferas.com/vb/t10357/