تحفة المساء.
استغلت مسائي بتمتمات الغناء-وأخذت على عاتقها لتنقل لي ما تقوله الألغاز والجرائد وفناجين القهوة ودخان السجائر الذي كانت تنفثه بالهواء – بينما كان الطقس باردا والمتنبىء الجوي يقول مطر -مطر كنت أجلس برفقتها وبيدي ورقة وقلما وفي مخيلتي أن أرسم وطنا – كان لي فيه ذكريات – يفصلني عن الشارع العام زجاج بلوري أرى منه كل ما يجري ولا يجري –وعلى طاولتي أنامل تشبك بعضها البعض باحترام ودفء المكان – وأمامي عقارب ساعة تدور بدقات الزمن أقرب إلى نبض القلب – تلفاز في خلفي أرى ما يبثه من صور من خلال مرآة كبيرة وضعوها كحائط بلوري كي تعطي بعدا واتساعا للمكان – حيث استطاع ذلك الإتساع المزيف أن يحثني بالأفكار عن كيفية البدء برسم ذاك الوطن الماثله صوره أمامي على شاشة التلفاز الذي يترنح بين القتل والتفجير والدماء والموت في كل اتجاه –أخذت قلمي رسمت دائرة متعرجة الزوايا – وضعت القلم بين أناملها لترسم وطنا بداخلها – أما أنا فحملت جسدي المثقل وخرجت تحت المطر متجها إلى حيث لا أدري – تاركا خلفي ورقة وقلما وأنامل دافئة وتمتمة وطن .
نشأت حداد