اكتشاف سوري لعلاج سرطان الثدي .. عندما تصبح الاخبار اشعاراً
مقالات واراء
قرأت الخبر ، الموضوع يمس كل فتاة ويشكل هاجساً خفيا يطفو إلى مرتبة القلق بين الحين والحين ، العنوان كان علاجاً للقلق قبل أن يدلل على اختراع علاج لسرطان الثدي والمقدمة كانت شعر ومديح في الوكالة الوطنية للأنباء( 1 ) وكان لا بد لي أن اصدق.
العنوان واضح " باحث سوري يطور علاجاً جديداً لمرض سرطان الثدي دون استئصال" ، لكن الموضوع و بصراحة صعب التصديق، هذا ما أثار فضولي لأنه وفقاً لمعلوماتي الطبية الضحلة فان إقرار علاج لسرطان الثدي أو أي نوع من السرطان ليس بالأمر السهل..
و بلهفة الأنثى إلى الاطمئنان قرأت محتوى الخبر مراراً ، لكنني لم أجد ما يلاقي لهفتي ، فلم أجد أي معلومة عن العقار و أين يمكنني أن أجده و أين نتائج البحوث التي يتحدثون عنها واين يمكن ان يتلقى المبتلي العلاج ؟
عمدت للبحث أكثر حاملة على عاتقي المهمة في الوصول الى حقيقة الخبر وكان علي اولا ان اقتنع.
بدأت رحلتي بالقراءة أكثر و أكثر على كافة المواقع الالكترونية، لكن الاخبار لم تكن إلا تكرار لما نشر في سانا ، مما أفقدني الأمل في إيجاد معلومتي بهذه الطريقة .. و لا بدّ لي من الحل البديل على مبدأ "ما بحك جلدك إلا ضفرك " .
و في صباح اليوم التالي خرجت باكرا و تبعت بوصلتي الداخلية باتجاه وزارة الصحة ، فلا بد أن أجد لديها المعلومات عن علاج سوري لمرض مستعصي مرشح للمشاركة في مؤتمرات عالمية .
وفي الوزارة التقيت الدكتورة ميسون نصري التي تشغل منصب معاون الوزير لشؤون الصيدلة و الدواء و أخبرتني :"إن وزارة الصحة لم تمنح أي موافقة لمنتج دوائي من هذا النوع" .
و من شدة استغرابي رحت استحضر المعلومات من ذاكرتي عن تفاصيل الخبر الذي قرأته أمس، و أخبرتها أنه لابد ان يكون هناك لبس ما ، لان الدكتور صاحب البحث ( محمد عامر الشيخ يوسف ) قد أجرى بحوثه في مستشفى البيروني على 90 امرأة ولابد ان يكون لوزارة الصحة علم بهاذا الموضوع.
لكن ردها كان محدداً و واضحاً وزاد الموضوع غرابة :"إنه ليس من حقه إجراء تلك التجارب بدون موافقة وزارة الصحة ، و هذا ما لم يحدث ، فهو لم يتقدم بأي طلب للموافقة على إجراء تجاربه أو حتى لتقديم بحثه في مؤتمر الإسكوا الطبي علماً إن المؤتمر لا يقبل بأي بحث دون موافقة وزارة الصحة".
لا أدري حينها اذا قرأت الدكتورة في وجهي الاستنكار أم عدم التصديق لتقول لي: "سنخاطب وزارة التعليم العالي بعدم إجراء أي تجارب سريرية دون موافقة وزارة الصحة".
ووجدت ان الامر يستحق متابعة اضافية ووجدت قدماي تذهبان بي الى إلى نقابة الأطباء حيث استقبلني نقيب الأطباء الدكتور أحمد القاسم الذي فور وصله للمكتب اخبرني بانه ايضا تفاجئ من الخبر الذي رآه صباح اليوم على إحدى الفضائيات ، الخبر ذاته الذي جئت للاستعلام عنه.
تفاجئ ؟؟
لم استبشر خيرا ، وعلمت باني ساحصل على جواب مشابه لذاك الاتي من وزارة الصحة.
بادرني نقيب الاطباء ليخبرني بانه "لايمكن إجراء مثل هذه التجارب على البشر وأنهم في انتظار قانون بحوث الأدوية من قبل زارة الصحة" ..
استدرك واقترح ان نتصل بالدكتور محمد عامر ليستفسر منه عن الموضوع .
دارت المكالة .. دقائق ربما اكثر مرت ، كانت كافية لكي اصل لقناعة بددت الامل ..
اذا كان هذا الإنجاز حقيقي فلم لم يسمع به أحد ؟
90 امرأة التي تم تجريب العلاج عليهنّ ،أين هنّ اليوم؟
ولماذا لم يتكلمنّ عن شفائهنّ ؟
أنهى نقيب الأطباء المكالمة مبتسماً برضى و أخبرني :"لا وجود لدواء جديد و الموضوع كله أن الدكتور محمد عامر قام بإجراء تركيبة جديدة بمعايير معينة من الأدوية المتوفرة في مستشفى البيروني بموافقة من وزارة التعليم العالي ".
تمسكت بالمعلومة ولحقت الخبر الى باب وزارة التعليم العالي الذي كان موصدا في جهي هذه المرة ، ولم أجد إلا الصمت و التكتم على الموضوع من قبل مكتب مدير المشافي و المكتب الصحفي.
و مما زاد الأمور تعقيداً تنبيه وصلني همساً من وزارة التعليم العالي الابتعاد عن الموضوع "احسنلك"؟
وهكذا فعلت ابتعدت وعدت ادراجي الى المكتب ، فتحت الملف الذي خزنت فيه المواد التي نشرت حول الموضوع ولفتني من الاخبار احد الاشعار ؟؟!! وتقول القصيدة ..
وداعا لاستئصال الثدي ..
نقف اليوم على نوع من أنواع هذا المرض الآخذ بالازدياد .. سرطان الثدي .. لا يرحم المرأة عندما يحل بها فيسلبها جوهرة ثمينة من عقد أنوثتها ليتركها غارقة في بحر أحزانها وآلامها كسفينة غدرت بها الأمواج وتخلت عنها أشرعتها وضاعت موانئها.
ولأن لكل داء دواء وبوجود علماء واختصاصيين باحثين عن كل جديد في الطب لا يملون ولا يكلون من البحث والتجريب مجتهدين لاكتشاف ما يناسب لكل داء استعصى على العلاج بابتكار طرق وأساليب جديدة .. علينا التفاؤل بإنتاجهم.
ربما كتب "الخبر" على مبدأ تفاؤلوا بالخير تجدوه .. والله اعلم.
لارا علي
( 1 ) عندما اعدت البحث عن الخبرين المنشورين في الوكالة الوطنية للانباء اكتشفت بان الخبرين قد سحبا ولم يعد لهم وجود ، وانما احتفظت بصورة عنهما في ارشيفي.
( 2 ) عندما سألت رئيس تحرير سيريانيوز عن نشر الخبر في الموقع ، قال إن " عنوان الخبر لم يكن دقيق ونوه بانه ربما الصحفي الذي انجز الخبر سلم بان المعلومات صحيحة كونها صادرة عن مصدر رسمي ، ولكنه استدرك وقال " حقيقة هذا ليس عذرا كان يجب علينا التأكد اكثر".
*************
الرجاء مني اولا والجميع التاكد مما ينشر مراعاة للمرضى والمتلهفين للشفاء
سيريا نيوز-
لارا علي