هـــشــــيـــم
لم يكن ثمة ما يدعـوك إلى التفاؤل وقد طرزتك الجراح ، وتسربلت بالأوجاع
قلتها لك ذات صرخة أشبه بصاعـقة كانونية نزقة الشرر ، خاطفة الوقع ، مدلهمة الرهـبة ، منتزعة منها أية بارقة لرغـبة
قلت لك : لا عليك فرب أنـّة ألـم وصرخة صدمة تزلزل المدى معـلنة ميلاداً لبسمة ، ومشرعـة الكون لنوارس حلم
وقلت لك : إن القلوب تخرج من أوار العـذاب وجوف النار أكثر لمعاناً كالذهـب بعـد مخاض احتراق وانصهار
قلت لك : إني أرى أن الطعـنة الموغلة رحيلاً في عـمق النخاع ينبغـي لك قهرها وتطويعـها لتكون لك لا عـليك
فتدفعك إلى الأمام بخطى أسرع وهـمّة أعـتى ، ذلك بدلاً من أن ترديك على حافة الطريق وما من مارّة حينئذٍ إلا الريح
وقـد عـز عليك الماء وأشاحت بوجهها عـنك غـيوم السماء وأنت على أرجوحة الاحتضار
كنت أضخ في شرايينك الأمل وأكدح لأقدح فيك للفرح شحنات متلاحقة متلاقحة
وكان سؤالك الخاشع على منصة العـجب والشارد أحياناً في غـياهـب الاستنكار ومجاهل المحال ، لا يرويه كل ما أقول
ولا يسلي فجيعـته أي عـزاء ولو كان على سبيل المواساة .
وكان دأبي محاولات عـاثرة لثـنيك عـن حـز عـنق الصبر والمسارعة لإجهاض أجنة الأمنيات وإن كان يقينك راسخاً
بأن الحمل كاذب لا يعـدو عـن كونه محض وهـم وأضغاث سراب
كان دأبي رسم ملامح غـد مشرق لك وكنت أحاول فتح آفاق رحبة لنبضك
كان أقصى ما أصبو إليه أن آنسَ بصيص أمل في إعادة قراءتك فلسفتك للخيبة ونفوق الرجاء
وأن أكون موفقاً في جني ثمار حروفي التي زرعـتها في قفر قنوطك ذات عاصفة دمعـية أحكمت قبضتها على بريق مقلتيك
كان دأبي محاولة إيقاظ بسمة حبيسة مصلوبة في النفق المحصور بين فلاتي شفتيك القاحلتين في زمن القحط وغـربة المطر
وكان دأبك الإشاحة بسمعك وبصرك ووعـيك ، والإطاحة بكل محاولاتي كلما اقتربت من مشارف حصونك الصماء
وكلما أوشـكت على الفلاح في التـسـلل خلـسة إلى معاقـل كآبتك .
كل هذا كان ، وكـنت ُ لا أنفك جاهداً في مطاردة هروبك وقرع أجراس النصيحة
غير أني الآن وقد ألقاني البؤس في جب الخيبة وأمعـن الجرح في تسطير أساطيره وملاحمه على صفيح روحي اللاهـب
وقد كسا الصدأ المعـتق بغـبار الإهمال سواري أملي ونشبت الريح مخالبها بأشرعـة رجائي
ودهم تسونامي الوجع رواسي هـمّـتي وصروح طاقتي فجعـلها قاعـاً صفـصفاً
بت الآن عـلى حيـرة من أمري ، أتخبط في متاهات ما كان بيني وبينك من جدال كلما خبا أوقده اشتعال إلحاحي عليك
بت الآن كلما عادت بي الذاكرة إلى ما كنا عليه من مزاولة حرفة الإقناع المتعـثر على طرفي نقيض
بت أتساءل : ترى من منا كان على صواب ؟!.
وهل تراني بحاجة إليك لأعـيد ( فرمتة ) قناعاتي ؟!.
أم تراني الآن أحوج لمن يكون معي مثلما معـك كنت ؟!.
ح س ن ز ك ر ي ا ا ل ي و س ف