مفاهيم النظريات السلوكية في حياة الإنسان
:
تعتمد هذه النظريات على الأمور المحسوسة والقابلة للقياس وتبتعد عن الغيبيات في تفسير الظواهر النفسية ، ولذلك ترفض البت في الغرائز والاستعدادات الموروثة كمحدداتٍ للسلوك ، وإنما ترتكز هذه النظريات على متغيرين أساسيين يتعلق بهما سلوك الإنسان هما المثير والاستجابة من جهة والعلاقة بينهما من جهة أخرى والتي تشكل وحدة تفسير السلوك . وإنَّ المفاهيم الأساسية المستمدة من التَّعَلُّم هي المفاهيم المُعْتَمَدَة في النظريات السلوكية وأهمها :
- أنَّ سلوك الفرد يتوطد بالتعليم على أساس الثواب والعقاب .
- يحدث التعلم نتيجة تشكل علاقة بين المثير (المنبه) والاستجابة . ويتم تعزيزها وتقويتها بتكرار التتابع التعليمي .
- تمثل الشخصية مجموع السلوكيات التي تميز استجابات كل فرد تجاه المنبهات المختلفة
- يرجع اكتساب خصائص الشخصية إلى التعلم من خلال التصرفات الشرطية المدرسية (الإشراط التقليدي أو المدرسي) ، والتصرفات الشرطية المقترنة بالثواب والعقاب (الإشراط الاستثابي) ، والتعلم بالنموذج .
وبحسب هذه النظريات يعتبر المرض سلوكاً غير متوافق مع البيئة يكتسبه الطفل أثناء عملية التنشئة الاجتماعية .
وبحسب هذه النظريات أيضاً يتم اعتماد المعالجة السلوكية التي تهدف إلى قطع أو إضعاف العلاقة الشرطية بين السلوك غير المرغوب فيه والمعززات التي تتبعه ، في حين يتم تعزيز السلوك المرغوب فيه .
مفهوم الأثر الوراثي والبيوكيميائي في حياة الإنسان
:
لا يهمل هذا المفهوم أثر العوامل الاجتماعية والبيئية ولكنه يلفت النظر إلى وجود هذه العوامل الداخلية كعوامل مؤهبة predisposing أو مُرَسِّبة precipitating (مؤرثة أو مطلقة) .
ويتم حصر المحددات البيولوجية للأمراض النفسية في ثلاث مصادر :
1- الوراثة :
وقد تبين أثرها من خلال الدراسات على التوائم وظاهرة انتشار الفصام في بعض العائلات .
2- المحددات الفيزيولوجية :
وتظهر من ملاحظة أن بعض الناس يتحملون الضغوط النفسية أكثر من غيرهم ، كما تبين مساهمة عدم التوازن الغذائي في حالة عدم الاستقرار النفسي قبل الحيض وسن اليأس . ونتيجة تشابه الأثر المهلوس للكاتيكولامينات مع عقار المسكالين في بعض الحالات مما يطرح احتمال حدوث التمثيل الخاطئ للكاتيكولامينات في التسبب في ظهور أعراض الفصام عند بعض الناس .
3- المحددات البيوكيميائية :
لقد أثبتت الدراسات أنَّ الناقلات العصبية كالأستيل كولين والنور أبي نفرين والدوبامين والسيروتونين وأحماض أمينية مختلفة تتأثر وتؤثر في الحالة الذهنية للإنسان .
تحليل استجابات المرضى المختلفة تجاه المرض
تختلف استجابات المرضى تجاه المرض بحسب بنيتهم النفسية وثقافتهم (خاصة فيما يتعلق بالمرض الذي يصابون به) وتماسك شخصيتهم ومدى تقبلهم للإيحاء النفسي . وكثيراً ما تكون الاستجابة ببروز عرض الخوف الذي قد يصل إلى درجة مرضية تعرف باسم الرُّهاب . وهي مجموعة كبيرة من الحالات المختلفة يبلور فيها المريض قلقه الداخلي بصورة خوف من شيء خارجي مثل الأمكنة المزدحمة أو الخالية أو الأماكن المرتفعة أو من حيوان ما (وهذا الحيوان لا يثير في العادة الخوف) . وسنتعرض إلى هذا النمط من الأمراض النفسية فيما بعد .
كما تختلف استجابات المرضى في التعاون مع الطبيب أو الأسرة للتخلص من المرض والمعاناة . فبعض المرضى يتعاون تعاوناً تاماً لكشف المرض وتناول العلاج اللازم له ، بينما يهرب مرضى آخرون من الطبيب أو يمتنعون عن القدوم إلى الطبيب أصلاً في حالات الهوس أو الفصام من النمط السلبي الأعراض .
التواصل والمساعدات الفعالة
لابد من تقديم العون والمساعدة الكاملة للمرضى من الناحية التشخيصية والوقائية والتمريضية والعلاجية والتأكيد على تناول المريض لأدويته في الأوقات المحددة ثم التواصل معه حتى بعد تخريجه إلى المنزل ومتابعة حالته من خلال العيادات النفسية المختلفة وتقديم العون الصحي له سواء بتقديم المشورات الطبية والنصائح ذات الفائدة المتعلقة بمرضه أو تعديل الجرعات الدوائية التي يستخدمها أو تبديل طريقة المعالجة جذرياً إذا تبين عدم فائدة المعالجة السابقة .
إنَّ التواصل مع المرضى المدمنين الذين وضعوا تحت برامج الفطام عن المادة التي أدمنوا عليها مهم جداً لمساعدتهم على متابعة قَطْعِها والامتناع عن تناولها وعدم التحول إلى غيرها . كما يفيد التواصل مع المرضى النفسيين المزمنين الانطوائيين لأنه يجعلهم بتماس مع المحيط الخارجي ويساعدهم كثيراً في التغلب على انطوائهم واكتئابهم ودخولهم كعناصر فعالة في المجتمع .
الدكتور ضياء الدين الجماس