كهرباء غزة واتفاق المصالحة/ مصطفى إبراهيم
1/12/2011
لم يصدق الناس أنفسهم بتحسن وضع التيار الكهربائي، وعلى غير العادة منذ خمسة أعوام، كهرباء غزة استمرت شهر ونصف من دون توقف باستثناء ساعات محدودة، وتزامن ذلك مع إتمام صفقة الإفراج عن الأسرى، وخلال إجازة عيد الأضحى المبارك، وحاول الناس إقناع اتفسهم بالحجة التي سوقتها شركة الكهرباء أن هذه الفترة من السنة يكون الطقس معتدل واستهلاكهم للكهرباء أقل، وتوقف المصانع والوزارات عن العمل في إجازة العيد.
ومع انتهاء إجازة العيد الفرحة لم تدوم وعادت الأمور أسوء من السابق، والحجة هذه المرة تعطل “خط البحر” من الجهة الشمالية احد الخطوط الإسرائيلية لتغذية قطاع غزة بالكهرباء، ودولة الاحتلال ترفض إصلاحه، وفاقم الأزمة نباهة محطة توليد كهرباء غزة البدء بإعمال الصيانة لمحطة التوليد، ما تسبب في انخفاض القدرة الإنتاجية للمحطة.
شركة كهرباء غزة، ومحطة التوليد تمران بأزمة مالية خانقة، والسلطة في رام الله أعلنت أنها سوف توقف تغطية بدل الوقود المستورد من إسرائيل بالتدريج، ومحطة التوليد اقترضت من البنك لتغطية العجز لديها، والأموال المجباة من الناس لا تسد العجز لدى الشركة ومحطة التوليد، ونحن من يدفع الثمن.
في الأزمات والمشاكل الكبيرة التي تمر بها الشعوب تتدخل الدولة أو الحكومة لوضع الحلول وحل مشاكل الناس، ونحن من حمد الله علينا، لنا رئيس يصول ويجول في كل عواصم العالم، ولنا السلطة الفلسطينية التي تحتكر كل شي، ومجلسين تشريعيين، ولدينا حركتين سياسيتين تتصارعان على قيادتنا، ولنا حكومتين وكل حكومة لها رئيس وزراء، ووزراء و نواب لهم ومستشارين، وحشم وخدم، وموازنات وخطط خمسيه وعشرية، ولنا شرطة وأجهزة أمنية مدربة تدريب عال على قمع الناس وإرهابهم، ولها مخبرين وكتبة تقارير منتشرين في كل زاوية من زوايا الوطن، وتقوم بما هو مطلوب منها وغير المطلوب منها، وتمارس سطوتها على الناس، ولنا بدل السجن سجون ومراكز تحقيق تقدم بها وجبات من العنف والتعذيب، وتكتظ بالعشرات وربما المئات من المعتقلين السياسيين.
قبل التوقيع على اتفاق المصالحة في مايو/ أيار الماضي توصل الطرفان إلى نقاط التقاء في قطاعات الصحة مع وجود كثير من المنغصات والنقص الحاد في الأدوية الموردة إلى قطاع غزة، والتعليم، وأخيراً تم إنجاح موسم الحج مع كثير من المشاكل والتحفظات على ما تم فيه من محاصصة، وما زال الاشتباك بينهما مستمر في قطاعات كثيرة.
وبعد طول معاناة وانتظار ما زال مستمرا، وقع الطرفان المتصارعان على المصالحة، واتفقوا على كل شيئ واجلوا تنفيذ كل شيئ، فالمناكفات مستمرة، وأجواء عدم الثقة مستمرة، المعتقلون وذووهم يدفعون الثمن، ولا أمل قريب في الإفراج عنهم، والاعتقالات والاستدعاءات مستمرة، وكثيرون من الناس في القطاع محرومون من حقهم في الحصول على جوازات السفر، والحق في التنقل والسفر، والقيود مستمرة على عدد أخر من السفر، والتربص والشك بالآخر سيدالموقف.
الناس غير متفائلين بما تم في لقاء عباس ومشعل ويطالبونهم بتطبيق الاتفاق على الأرض فورا، وان يكون تطبيقاً دقيقاً وأميناً ومتلازماً، و يتساءل الناس عن جدوى الاتفاق من دون تطبيقه، ولماذا لا تكون بداية الاتفاق وتطبيقه حل أزمة التيار الكهربائي في قطاع غزة والتي تنغص عليهم حياتهم؟ فالأزمة حادة وكبيرة كغيرها من الأزمات التي تعصف بنا.
مسؤولية ما يجري في أزمة انقطاع التيار الكهربائي المستمرة جماعية، والرئيس عباس مسؤول بصفته رئيسا للفلسطينيين، ومطالب بالتدخل الفوري لوضع حد لتلك الأزمة، وكذلك حكومة فياض وضرورة الإيفاء بالتزاماتها وتعهداتها تجاه الناس في غزة خاصة فيما يتعلق بنسبة الخصم من موظفيها لصالح شركة الكهرباء، كما لا تعفى حكومة غزة من المسؤولية التي تفرض سيادتها على القطاع، ورئيس الوزراء إسماعيل هنيه تقع عليه مسؤوليات كبيرة ومطالب بالقيام بالتزاماته وتعهداته للناس، والعمل على وضع حد وحلول فورية للازمة وحل مشاكل الناس في القطاع.