الحج السياحي
د. فايز أبو شمالة
هذه هي المرة السادسة التي أقوم فيها بالحج إلى بيت الله الحرام. هكذا قال الرجل، وهو يتفاخر أمامي بقدراته، قالها فرحاً بنجاحه الباهر في الحج ست مرات، بينما يفشل غيره في تأدية فريضة الحج لمرة واحدة، إنه الذكاء الفردي، والتفوق في خلق الذرائع التي مكنته من الحج ست مرات، وجعلت غيره يسجل للحج، ولا يفوز بالقرعة بعد ست مرات، هذا سعيد لأنه يزور قبر الرسول للمرة السادسة، ويصلي في الروضة طمعا ًبالجنة، وذاك حزين جداً لأنه لم يتمكن من رؤية المكان، وتكحيل عينه بمفاتن النور!.
لم أبدِ لحديث الرجل ارتياحاً، قطبت في وجهه، وقلت له بصريح العبارة: أنت تؤدي فريضة الحج على حساب غيرك من الناس البسطاء، وإن كان من حقك الحج في المرة الأولى، فإن المرات الخمس التالية ليست من حقك، لأنك قد أخذت نصيب الآخرين، وإذا نجحت في هذه الدنيا بالوصول إلى الأماكن المقدسة من خلال بعثات الحج، أو من خلال طرق أخرى، فإنك بذلك تكون قد أخذت نصيب آخر مشتاق، هو في حاجة للحج أكثر منك، وأنت من حرمه من تأدية الفريضة، فإن نجحت يا هذا على الأرض فإن الله في السماء يعلم الجهر وما يخفى، وكان الأولى بك أن توسع المكان لغيرك ممن يتمنى أن يزور المكان
لمرة واحدة، وقد وافت البعض المنية دون أن يحقق ما تمنى.
نتمنى على وزارة الأوقاف والشئون الدينية في الضفة الغربية وقطاع غزة أن تدقق في أسماء الذاهبين إلى الديار المقدسة، وألا تسمح بالحج السياحي بأي حال من الأحوال، وحتى ولو كان وزيراً، أو ضمن رجال الوعظ والإرشاد، ولاسيما أن عدد الأماكن المخصصة للحج محدودة جداً، ولكل المسلمين الحق في أداء الفريضة لمرة واحدة، مرة واحدة تكفي، حتى ولو كنت قادراً، ولنا في رسول الله أسوة حسنة.