إِمارَةٌ وَ عَبِيدٌ ..
..
أَمهِلانِي هُنَيهَةً ؛ وَ اسمَعانِي=حانِقًا بِتُّ مِنْ جُحُودِ زَمانِي
وَ ارفِقا بِي ؛ وَ لا تَلُوما فَإِنِّي=ضِقتُ ذَرعًا بِلائِمٍ قَدْ لَحانِي
وَ اترُكانِي أَقُصُّ قِصَّةَ شِعرِي=عَلَّ شِعرِي يُنبِيكُما عَنْ شانِي
فَإِذا ما رَضِيتُما فاعذُرانِي=وَ إِذا ما ذَمَمتُما فَصِمانِي
يا صَدِيقَيَّ ؛ صُغتُ شِعرِيَ سِحرًا=عَبقَرِيَّ الخَيالِ وَ الأَلوانِ
وَ تَرَفَّعتُ عَنْ جَدَى كُلِّ نَذلٍ=بِقَصِيدٍ نَظَمتُهُ مِنْ جُمانِ
فَتَعالَى لِشُرفَةِ البَدرِ حَتَّى=حَسَدَتنِي الجَوزاءُ وَ الفَرقَدانِ
ذاكَ ؛ قالُوا : ( إِلَى الإِمارَةِ ؛ هَيَّا=يا حَرِيًّا بِعِزَّةِ الصَّولَجانِ )
خَدَعُونِي بِسَفسَطاءِ كَلامٍ=وَ وُعُودٍ كَثِيرَةٍ وَ أَمانِ
فَتَجَشَّمتُ أَحرُفًا - لَيتَ شِعرِي -=لَيسَ يَرقَى بِناءَها أَيُّ بانِ
فَإِذا بِي بِحاجَةٍ لِدَلِيلٍ=- لِيُجَلِّيها - عارِفٍ تُرجُمانِ
رُغمَ أَنِّي إِذا نَطَقتُ قَصِيدِي=سَمِعَ الصُّمُّ ما بِهِ مِنْ مَعانِ
وَ رَوَى البُكمُ قِصَّةَ الشِّعرِ عَنِّي=وَ تَغَنُّوا بِقافِياتِ بَيانِي
لَكِنِ العُجبُ أَنَّهُ لَمْ يُؤَثِّرْ=فِي " خُرَيسٍ " وَ جارِهِ " الرَّشدانِ "
أَيُّها الصَّاحِبانِ ؛ دُونَكُما مَنْ=بَخَسانِي مَكانَتِي وَ مَكانِي
عِندَما ماسَ بِالغِناءِ نَشِيدِي=وَ تَثَنَّتْ عَصايَ كالأُفعُوانِ
مَنَعانِي ؛ وَ أَحجَما عَنْ سَماعِي=فَتَهاوَتْ عَلَى الثَّرَى أَلحانِي
رَجَمانِي كَأَنَّنِي لَستُ إِلَّا=نَفثَةً فِي مَعاقِدِ الشَّيطانِ
وَ هُما مَنْ هُما ؟ لِيَنتَقِدانِي !=وَ هُما مَنْ هُما ؟ بِسِنِّ طِعانِي !
كَيفَ رَدَّا " تَحِيَّةَ الوَردِ " شَوكًا=وَ أَطاحا بِزَهرَةِ الأُقحُوانِ ؟
" يا مَساءَ الزُّهُورِ مِنْ كُلِّ لَونٍ "=أَنكَراها كَأَنَّها جُرمُ جانِ
ثُمَّ قالا : ( قَصِيدَةٌ لَيسَ يَرقَى=سَبكُها لِلجَمالِ فِي الأَوزانِ ) !
كَيفَ - بِاللَّهِ - أَمعَنا بِانتِقادِي=فِي غَباءٍ ؟ وَ لَيسَ مِنْ بُرهانِ !
ضَرَبانِي بِأَجمُعٍ مِنْ هَواءٍ=فِي نُقُودٍ كَلِيلَةِ البُنيانِ
فَعَوَى الثَّأرُ فِي هَدِيرِ رُدُودِي=فَتَشَظَّى بِسُخطِهِ هَذَيانِي
قُلتُ : ( تَبًّا ؛ لِلُجنَةٍ باتَ فِيها=مَنهَجُ الحُكمِ خَبطَةَ العِميانِ
لا تُجِيزُوا قَصائِدِي ؛ لَستُ أَحتا=جُ إِجازاتِكُمْ بِلَجمِ حِصانِي )
أَينَ مِنِّي " مُخَرَّسُ الصَّوتِ " إِمَّا=فِي هَياجٍ ثَقَبتُهُ بِسِنانِي ؟
أَينَ " رَشدانُ " إِذْ وَقَدتُ هِجائِي=كَجَحِيمٍ مُسَعَّرِ النِّيرانِ ؟ )
خَبِّرانِي ! أَمِنْ سِياطِ حُرُوفِي=هَرَبا ؟ أَمِّنْ غَضبَةِ البُركانِ ؟
أَيُّها النَّائِمانِ إِمَّا شَدَونا=أَفَلا صَحوَةً بِها تَسمَعانِ ؟!
خِلتُمانِي مُكَمَّمَ الفَمِ حَتَّى=شاقَنِي الصَّمتُ فانتَضِيتُ لِسانِي
وَ تَأَبَّطتُ غَضبَةَ الثَّأرِ رُمحًا=وَ تَخَصَّرتُ مِقبَضَ الهُندُوانِي
فَإِذا الجاهِلانِ فِي شَرِّ عُقبَى=وَ إِذا بِي يَهابُنِي الثَّقَلانِ
قُضِيَ الأَمرُ قَدْ وَقَدتُ حَرِيقِي=عِندَما جُرتُما عَلَى دِيوانِي
فانظُرا ؛ مُذْ - أَنا - نَفَختُ شُواظِي=أَنتُما فِي اللَّهِيبِ تَنصَهِرانِ
فَلِيَ العَرشُ وَ الإِمارَةُ , فِيما=لَكُما الوَسمُ أَيُّها العَبدانِ