- هي امرأةٌ فاقت بهمّتها هممَ الرّجال ، هي أستاذةُ شيخي الشّريف رضا بن علي العلواني الهاشمي المالكي بالقراءات الأربع عشرة ، وقد خرّجتُ ترجمته في رابط أجعله في التعليقات .

- وُلدت عام 1928م بالقاهرة ، من سلالة آل بيت رسول الله ، واصطفاها الله أن تولدَ كفيفةً لا تُبصر ، إلّا أنها كانت مُبصرةً بقلبها ، تُحدِّثُ عنن أمورٍ كأنّها تراها .

- ختمت القرآن حفظاً في عمر الـ 7 سنوات ، ثمّ حفظت صحيحي البخاري ومسلم ، ثمّ حفظت سائر الكتب المتممة للستة على ابن عمّها الشيخ عبد الكريم زيدان ، ثمّ أخذتْ أصول الفقه الحنفي عن شيخها محمد محمد سعيد ، وقرأتْ عليه القرآن كاملاً بالقراءات السبع من طريق الشّاطبية ، وأجيزت بها ولم تتجاوز 12 عاماً !

- أشار عليها شيخُها أن تكمل القراءات العشر الصغرى من طريقي الشاطبية والدرة على الشيخ ندا علي ندا ، مدرّسٌ في معهد القراءات آنذاك ، والذي كان قد قرأ على الشيخ عبد الفتاح هُنيدي ، وهو عن الإمام المتولي شيخ قرّاء القاهرة ، فختمتها عليهِ وعمرها 36 عاماً .

- ثمّ توجّهت إلى الشيخ أحمد عبد العزيز الزيّات ( وهو شيخُ د. أيمن سويد ) ، وكان في عزّ شبابه معروفاً بتشدده في الأخذِ ، فقرأتْ عليه القراءات العشر الكُبرى من طريق طيّبة النشر بمضمّن تحريرات المتولّي ، وهي مدرسةٌ في التحريرات شديدة ، يعرفها المُختصُّ والدّارس ، ولم يمنعها ذلك التحدّي عن إتمامها وختمها ، وبذلك تكونُ الشيخة نفيسة من أقران الشيخ د. أيمن سويد .

- لم تتوقفْ عن تحصيل القراءات المتواترة ، بل طلبتْ القراءة بالقراءات الأربعة الشواذ الزائدة على العشر ، ولم يكن أحدٌ مجاز بها آنذاك ، لندرتها ، وقلّة الدارسين لها والعالمين بها ( كالحالِ الآن والله المستعان ) ، سوى الشيخين علي الضبّاع شيخ قرّاء الديار المصرية في عصره ، والشيخ حنفي السقا ، فقرأتها على الأخير ختمة كاملةً في عمر الـ 39 سنةً ، وهو قرأ بها على الشيخ خليل غُنيم الجنيني ، وهو عن الإمام المتولي ، فتكون بذلك من أقران العلّامة السمنّودي فيها ، وعنهما ( أي الشيخة نفيسة والعلّامة السمنودي ) انتشرت أسانيد تلك القراءات الزائدة على العشر ، وكان لهما فضلٌ كبيرٌ في نشرها ، وإقرائها ، وحمايتها من الانقطاع ، والحمدُ لله أنّنا قرأنا بها واتصلت أسانيدنا من طريقها .

- من المؤسف أنها كانت مع كل ذلك تسكن في حيٍّ شعبي ما دون مستوى الفقر ، إلى عام 2007 ، أثناء سيرها وتعكّزها في الطريق رغم كففها ؛ صدمتها درّاجة نارية ، فأصابها بكسر في الحوض أقعدها وأعجزها ، فلجأت إلى بيت أختها الضريرة زينب رحمها الله ، وأقامت عندها ، فساءتْ صحتها كثيراً ، وأصيبت بتجلّط في ساقيها ( نسميها طبياً Deep Vein Thrombosis ) ، وخطر هذه الجلطة أنها تُهاجر من الساق إلى الشريان الرئوي ، فتسبب انسداداً فيه ، وهي حالة طارئة .

- نُقلت عاجلاً إلى العناية المركّزة ، وحين تماثلت للشفاء ، نقلوها إلى دار المسنّات في الهرم ، وبقيت فيه مهجورةً ، إلا بضع زياراتٍ من عائلتها الكريمة وخلّاص طلّابها ، حتى توفّاها الله بعد سنة واحدة فقط من الحادث المؤلم عام 2008م ، عن عمر يناهز 81 عاماً .

- ماتت وحيدةً ، كفيفةً ، فقيرةً ، مريضةً ، لا يعرفها أحدٌ على الأرض ، وهي معروفةٌ بين أهل السماء ... رحمها الله ..

ومجرّد فضفضة ، وخلّوا كلامي للـ(ذ)كرى ،،
د. ماجد بن حسّان شمسي باشا ،،