السلام عليكم
اقدم مقال الاحد الثقافي لزميلتي في الادب
المحررة في جريدة البعث
ملدا شويكاني
زانا من متابعي قلمها الغر....
لكن ارمي فكرة هنا للجميع لن نختلف عن ابداع فنان ...لكن تجاوزاته القديمة التي نسختاو نظرات نقد قديمة....
ربما كان تجنيا ان نبقى نتابع العثرات ونمسكها شوكة ضد او لكسر اي عمل جديد مبدع....
وهنا اشير لكل ناقد يتصيد العثرات ويغض الطرف عن الابداع فانا لااحاسب انما ارى زاوية الابداع التي تحسب لفناننا الغالي
الآباء الصغار
ضرورة التلاحم الأسروي
وأهمية الصداقة والإحساس بالطرف الآخر
قدّم «دريد لحام» عَبْر فيلمه الجديد /الآباء الصغار/ قصةً صغيرةً، تروي حكاية الشريحة المتوسطة من المجتمع، وربما الأقل من المتوسطة، هذه الشريحة الكبيرة التي تحاول جاهدةً أن تمضي في الحياة، وتعلم أولادها، وتصل إلى الأشياء الضرورية والبعيدة كل البعد عن الرفاهية... بغض النظر عن مضمون القصة، التي توحي بأشياء كثيرة... بأنه يسلط الضوء على قضايا مهمة جداً ربما تغيب عن أذهاننا في حياتنا اليومية، لكنها شديدة الصلة بنا، مثل حماية الآثار والحفاظ على دمشق القديمة، وترميم حاراتها، كما أشاد بالجهود التي تبذلها جمعية أصدقاء دمشق وتطرّق إلى غزارة نهر بردى في السابق... وكيف كان يروي دمشق كلها بحاراتها المتعددة عَبْر قنوات...
وتعرض لقضية اجتماعية هامة جداً، وهي توريث راتب «المرأة» وقد استفاد كثيرون من هذا القرار الاجتماعي، الذي طبق في القطاع العام، بمختلف مؤسساته، كونه الركيزة الأساسية لأسرة متوسطة تعتمد، راتب الزوجة والزوج في آنٍ واحد... وألقى الضوء على مضامين اجتماعية أهمها لغة الحوار بين الآباء والأبناء بكل شفافية وصراحة ووضوح، وأهمية الصداقة التي تكون أهم من الحب وأقوى في حالات، وصعوبة إيجاد البديل بعد مرارة الفقد المؤلم... تدور أحداث القصة في بيئة دمشقية متوسطة... تتألف من أربعة أولاد «بنتان وصبيان» يتوزعون بين «مرحلة التعليم الأساسي» أكبرهم الابنة التي ترعى شؤون المنزل بعد وفاة والدتهم «سلمى المصري» بمرض عُضال.
حاول الأولاد تخفيف الألم عن والدهم «دريد لحام»، الذي يعمل صباحاً «مساعد أول» وبعد الظهر سائق التكسي، يعود مرهقاً ومتعباً في الحادية عشرة ليلاً ليطمئن على الأولاد....
تراودهم فكرة إقناع والدهم بالعودة إلى الدراسة لا سيما أنه وصل إلى السنة الرابعة، وإذا حصل على الإجازة الجامعية فسيتحسن وضع العائلة، يُعدَّل وضع الأب الوظيفي، وتتحقق أمنية والدتهم، فيقترحون العمل خارج أوقات المدرسة فتعمل البنتان الكبرى والصغرى بتقطيع الخضار وتحضيرها لإحدى المحال، وأحدهم يبيع الورود، والآخر ينظف زجاج السيارات.... وتقع المصادفة ويتفاقم الحدث عندما يشاهد الأب وهو يقود سيارة التاكسي ابنه ينظف زجاج السيارة... يعودون إلى المنزل برفقة الأبن الآخر ويتصارحون، ويوافق الأب على عمل الأولاد شريطة المحافظة على واجباتهم المدرسية، ومتابعة نشاطهم المدرسي، وتدخل في الأحداث شخصية ثانوية «حنان ترك» المستأجرة غرفة داخل المنزل.... لتصبح شخصية رئيسية، تقتحم الأحداث وتعيش أجواء الصداقة مع الأطفال والأب... في البداية تنشأ عاطفة تمزج بين الخوف والغيرة من أن تأخذ مكان والدتهم لكن مجريات الأحداث تكشف أن الأمر بين الأب والمستأجرة مجرد علاقة صداقة، وينتهي الفيلم بلقطة سينمائية تصور حفل التخرج... ويتخرج الأب بدرجة جيد جداً ويوجه رسالة شكر إلى أبنائه، وإلى صديقة العائلة «حنان ترك».
تواترت المشاهد، وتصاعدت الأحداث في منزل دمشقي قديم، بني على الطراز التقليدي، «فسحة وبحرة صغيرة وغرف متجاورة» وتنتقل الكاميرا من غرفة إلى أخرى... لترصد تحركات الأولاد وحواراتهم، حوارات الأب والمستأجرة، وتصور انطباعاتهم الداخلية عبر ملامح وجوههم، تخللته مشاهد متعددة لحارات دمشق القديمة وبعض أسواقها التراثية، إضافةً إلى متنزهات، وتداخلت الأحداث اسكتشات راقصة من حين لآخر... لشدّ انتباه الأطفال وإضفاء لمسة فنية براقة على العمل...لغة الفيلم كانت ضاحكة أحياناً عبر مواقف ساخرة مضحكة كأسلوب دريد لحام دائماً... لكن في مواضع كانت فجّةً لا سيما أنها موجهة لأطفال يافعين... من ناحية المضمون القصة جميلة ومقبولة وتوحي بالتعاون والإحساس بالطرف الآخر، والتلاحم الأسروي... لا سيما بعد وفاة الأم، لكن من الناحية التربوية فنجد أن عمل الأطفال في أي مجال غير مقبول... حتى لا يدخلوا في متاهات الانحراف وإغراء السوق والمادة، ويبتعدوا عن أجواء المدرسة ويغدو العمل ذريعةً لتسرب الأطفال من المدرسة... لكن في الفيلم تمت القصة بمتابعة دراسة الأولاد من قبل الأب وصديقة العائلة ونجحوا جميعاً بفضل التعاون والإصرار والتصميم، وما بين مؤيد وناقد لهذا الفيلم وهو «تأليف وإخراج» درير لحام... يبقى العمل قصةً تُعلّم الحب والتعاون، وتوحي بأهمية الصداقة، والإصرار على الطموح والوصول إلى الهدف المنشود، والاعتماد على لغة الحوار بكل شفافية وصراحة...
مِلدة شويكاني
MILDA13@gawab.com