يقول د. محمود أبو الهدى الحسيني :

...فيا أهل غزة، ويا أهل رامَ الله، ويا أهل الأرض المقدسة المباركة، وأنتم كلَّ يوم تخرجون بأموالكم وأنفسكم فلا ترجعون منها بشيء، حيَّاكم الله، فيكم نجد قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْءَانِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ،التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 111-112].

اقرؤوها قراءة شمولية، وأنتم تنظرون إلى من وقف يقاتل العدو وهو تائب، وهو عابد، وهو سائح، وهو راكع، وهو ساجد، وهو آمر بالمعروف وناهٍ عن المنكر، وهو حافظٌ لحدود الله...

أنتم يا من يقف عند بيت المقدس، وفي أكناف بيت المقدس، يمسك راية الجهاد فيُبقي هذا التشريع:

(لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ... هُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَأَكْنَافِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ).

هي شهادةٌ من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لكم يا أهل الجهاد، فالجهاد لا يكون بتفجير في الأسواق. لا.. إنما يكون في مثل هذا الموقف حين يكون عدوُّك واضحًا، وهو الجهاد بمعنى القتال.

أما الجهاد بغير معنى القتال فإنه مفتوحٌ أمام الجميع، وذلك حينما تبذل جهدَك في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، وحينما تبذل نفسك ومالك من أجل إعلاء كلمة الله.

وأما الجهاد بمعنى القتال، فإننا نراكم يا أهل فلسطين، ويا أهل غزة، نراكم اليوم تمسكون راية الجهاد لا تأبهون للقوى الكبرى، ولا تأبهون بالمادية، ولا تأبهون بالعلمانية، ولا تأبهون بمن يتآمر عليكم، ولا تأبهون بمن يبيعكم ويشتريكم على طاولات الاتفاقيات...

أنتم تقفون هناك وتجمعون بين موقفٍ ثابت على أرض الجهاد، وتوبةٍ إلى الله، وننظر في وجوهكم، فنرى التوبة وترك المعصية، والتبني لمنهج الاستقامة.

http://www.albadr.org/www/menbaryat-...php?khutba=156