مقابلة مع محتضر

ـ لقد طال احتضارك ..

ـ أنتظر رحمة ربي ..
ـ لو قُدِر لك أن تعيش أطول .. ما هو الشيء الذي لم تكمل عمله؟
ـ لا أتذكر ..

ـ حسنا هل أنت راض عن عملك السابق؟
ـ وما هو عملي السابق؟
ـ يبدو أن الحمى تسيطر عليك بعض الشيء .. سأسهل عليك السؤال ..
ـ اختصر .. لو سمحت

ـ هل أعجبك مسكنك الذي كنت تسكن فيه؟

ـ وما الفائدة إن كنت أسكن في قصر أو كهف.. لا يهم رأيي في مسكني.. فلا يختلف مصير فأر الحقل عن مصير فأر المختبر؟

ـ حسنا هل أنت مطمئن على مصير أبنائك ؟

ـ إنني وأنا أصارع الموت، لا أظن أن مصير أبنائي يؤرقني .. فهم أولى بالتفكير بمصيرهم .. ثم كيف لي أن أطمئن عندما أتحول لجثة هامدة؟ وكيف لي أن أعرف إن كان جدي الذي سبقني للموت يشعر الآن باطمئنان أو قلق على مصير أبناءه وأحفاده؟

ـ هناك فرق، طبعا، عندما يكون لك أبناء يشار لهم بالبنان بنجاحهم وحسن سلوكهم وأمانتهم .. وعندما يسأل أحد عنهم يصلون ذكرهم بذكرك .. وقد تصلك بعض الدعوات التي تخفف من موقفك أمام الله ..

ـ صدقني هذا اختراع نحن نخترعه، فمع مرور الوقت سيختصر الأبناء أسماءهم حتى يسقط اسم أحد أجدادهم عندما يقومون بالتعريف بأنفسهم .. ثم إن كان عملنا لا يساوي شيئا أمام رحمة ربي، فكيف يكون لتلك الدعوات أهمية؟


ـ هل تعني أن ليس هناك فرق بين أن نكد من أجل أبنائنا أو لا نبالي بتأمين مصيرهم؟

ـ ليس هكذا .. فالإجابة عند الأموات أو أشباههم تختلف عمن يعيشون حياتهم بكامل حيويتهم .. فلن تستطيع استنباط الحكمة مما أقول إلا إذا كنت تحت تأثير مصارعة الموت ..