SIZE="2"]يلدغني اصبع الوقت
ـ1ـ
يلدغني إصبعُ الوقت،
يلتفُّ بنباته حول ساقيَ الترابي
ويداه العاريتانِ من لغةِ المطر..
تلبسانِ فصولي،
تعبران إليَّ من شهقة الحجر ..
أغريهِ بقصيدةٍ من نبض القمر
ليعيدَ إليَّ بكارةَ الحياة..
أتسلَّق أصابعه كدخانٍ متقطعٍ،
لأصلَ ذروته المشتهاه.
أصل جسدي الضيَّقَ بجسده الرحيب،
لأعبرَ من فضائه إلى فضاء الصلاة..
لا يُعيد،
لا أصل،
لا أعبر!!
ـ2ـ
يقرِّبني الوقت من وقت الذبول..
يشهقُ من شفتيَّ،
مواجع الوصول.
وبيديه العاريتين يبني على جسدي
وجوهاً من طين...
ويستثنيه من دفءِ الفصول.
ـ3ـ
يطمعُ الوقت أن يرثَّ وقتي،
ويداه العاريتان سيفانِ، يلبسان جسدي،
أَقِّطافي حان باكراً،
وعناقيدي ما تدلَّت من عرائش الوقت ؟!!
يطمع الوقت ألاَّ أطمعَ بوقته،
ألاَّ أبتلَّ من رشِّ عطره في الهواء..
ألاَّ أُكملَّ بقصيدتي تضاريس السماء..
ألاَّ أرثَّ ما تبقَّى منه...
في سنابل الصمت !!
ـ4ـ
ينبهر من وقتيَ الحيِّ في القصائدِ
يأتي بتواريخه المبتلَّةِ رمالاً،
لينزفَ غيابه في حضوري،
ويشهقَ حضوره من غيابي.
أمشي إليه دون أصابع،
فأصابعي معلَّقةٌ على شجر الشِعرِ ..
أبُْصره دون عيون،
فعيوني تلمُّ جراحات العمر..
أتثاقل في مشيتي
فَرواحي إليه.. هدأةٌ تجرفها ريحٌ.
ـ5ـ
قمراهُ عاريان من الضوءِ...
وشهوةُ قصبهِ ينبوعٌ ينتحب.
أظافره سهامٌ في قوسِ يديه،
وطرائدهُ دراويشٌ،
أقدامهم من حطب.
ـ6ـ
سقطَ وقتُ .. المنتظر حلماً..
ينبلجُ من غبطة النوم..
وامتدَّ وقت اللامنتظر حقيقةً..
تخرج من حقيبة الغيم.
ـ7ـ
في قميص الوقت،شبَّكتُ أزرارَ قصائدي
تربط بين ضفتيه،
تسترُ عورةَ النهرِ.
ـ8 ـ
... كلما مشَّطني الوقتُ،
أهجعُ على صحراء..
ـ9ـ
يلتفُّ ساقيَ على عصا الوقت.
اعتصم بقشره!!
وعصاه مزمار ٌيُغري الحناجرَ الطريَّة،
ويغفو تحت شرفات الشمس،
منتظراً جدائلَ صبيَّة.
يرتدي الوقت سُكراً، يتوسَّد تضاريس التكوين
وعيناه ... قمريتان،
تهدهدانِ حمائم البحرِ لتستحمَّ في نبع السماء.
ينبغي، وقتٌ
كماءِ الله..
يحرس لغة الأرض من زِندي الجنون..
ويعيد الأسماء إلى اسمائها
والمدارات إلى مداراتها..
يا وقتُ.. يا محتضناً سرمدَ الريح..
هوذا وقتي ... بين يديكَ العاريتين
إلا من الوقتِ..
ومزماري الحزين.. نائمُ في شفتيك
فإما لحنٌ منها،
أو حطامٌ من يديك.