كيف تجعـل الطفل مُحبًا للقراءة
إقـــرا لطفلـــك ليصير محبـــا للقـــراءة
٢٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩بقلم وحيد الهنتاتي
حسب إحصائيات اليونسكولعام 2003 فإن المواطن الأوروبي يطالع معدل 8 كتب في العام (مدة 12000 دقيقة) بينما لا يطالع المواطن العربي إلا 22 سطرا أوصفحة واحدة في كتاب (مدة 6 دقائق). وهذا ما يفسّر تقدم أوروبا في مستوى المعيشة، وفي العلوم وفي التكنولوجيا… وتخلف العرب في ميادين كثيرة…
لذلك فإن المطالعة اليوم لم تعد ترفا، بل هي حاجة مُلحة تمكن الفرد والجماعة من التعلم والتثقيف والإطلاع على ما تنتجه البشرية في كل ثانية من المعارف والعلوم والتقنيات. والعزوف عن القراءة لدى أطفالنا يتطلب منا مجهودات كبيرة لتشجيعهم على المطالعة وتحسيسهم بأهميتها.
القراءة للأطفال بصوت مرتفع
ومن التجارب المهمة والناجحة التي قام بها خبراء غربيون في أدب الطفل هي القراءة للأطفال في سن ما قبل المدرسة انطلاقا من مقولة أحدهم: إن الرضيع بحاجة إلى الحليب، الحنان والحكاية. وتتمثل هذه التجربة في قراءة الكتب على الأطفال بصوت مرتفع منذ سن مبكرة، بل منذ سن الولادة والاستمرار في هذه العادة الحميدة التي لا تتطلب من الأم أوالأب أوالمربي أكثر من 15 دقيقة يوميا يعيش الطفل أثناءها لحظات من البهجة والمتعة والسعادة ترسخ في ذهنه العلاقة الوطيدة ما بين الكتاب من جهة والبهجة والمتعة والسعادة من جهة أخرى فيصير قارئا وفيا يحب الكتاب والقراءة والتعلم.
1- إختيـــار الكتـــاب المنـــاسب:
من حيث الشكل
أن يكون الغلاف جذابا
صور ورسوم الكتاب واضحة وزاهية الألوان ومتطابقة مع النص.
الصياغة اللغوية
أسلوب مشوّق وبسيط يفهمه الطفل بغير عناء.
كلمات وجمل قليلة تتكرر، مكتوبة بحروف كبيرة.
استعمال كلمات تناسب محصوله اللغوي.
حبكة القصة واحدة وبسيطة ليتابع القصة بتركيز.
بداية القصة مؤثرة حتى تشد انتباه الطفل.
النهاية سعيدة، ينتصر فيها الخير على الشر .
الشخصيات
من الأفضل ألا يتجاوز عدد شخصيات القصة 4 وتكون الشخصيات مشابهة للشخصيات التي تعيش في محيط وواقع الطفل تصيب وتخطئ، وتصحح أخطاءها وتتعلم منها فالطفل يتأثر بشخصيات القصة وقد يتخذها نموذجا له.
الموضوع
يجب أن يكون موضوع القصة ضمن دائرة اهتمامات الطفل: علاقاته بأسرته، أصدقائه، محيطه.
يكون للقصة هدف واضح يستطيع الطفل أن يتعلم منها، وتقدم له إجابات عن استفساراته وانتظاراته.
تتوفر فيه عوامل الإثارة والخيال والحركة.
الإبتعاد عن القصص التي تمجد العنف وتقدمه كوسيلة لحل المشاكل، أوالقصص التي تثير مخاوف الطفل، أوالتي تسخر من الآخرين وتدبر لهم المقالب كشخصيتي القط والفأر في قصص توم وجيري.
الموضوع حسب خصائص المرحلة العمرية:
للرضيع: نقرأ قصصا قصيرة جدّا لها إيقاع، أوأغاني المهد والهدهدة وذلك لتنشيط مهارات الاستماع والاصغاء لديه، فالطفل في هذه السن يستمتع بالقراءة رغم عدم استطاعته حل رموز الكلمات، لذا، يجب أن نقرأ له بصوت إيقاعي ليميز بين القراءة والكلام العادي .
في سن 3 سنوات: لا تتعدى فترة القراءة دقائق قليلة لأن قدرة الطفل على الإصغاء والتركيز محدودة، أما المواضيع المحبذة فهي الأم والأب والأخ والأخت، بالإضافة إلى الحيوانات…
لكن مع تقدمه في السن نطيل فترة القراءة بالتدريج.
ففي سن 5 سنوات تزداد المدة لتصل إلى 10 دقائق ومن المواضيع المفضلة تلك التي تتحدث بلسان الحيوانات، أوقصص الحياة اليومية.
وفي سن 6 سنوات نصل إلى 15 دقيقة وفي هذه السن يبدأ اهتمامه بالقصص الخيالية والهزلية كما يمكن قراءة قصص تتضمن في ثناياها قيمنا وتقاليدنا…
وتستمر حاجة الطفل إلى الاستماع للكتب والقصص المقروءة حتى سن الخامسة عشر وأكثر.
2- الوقـــت
اختيار الوقت المناسب لقراءة القصة مسألة هامة:
نقرأ للطفل وهوشبعان، فالشعور بالجوع يجعله يفكر في الطعام أكثر من إستماعه إلى القصة.
نقرأ له وهولا يشعر بالتعب أوالإرهاق
نحرص على أن وقت القراءة لا يحرمه من أشياء أخرى يُحبها، فلا نقرأ له مثلا في وقت برنامجه التلفزي المفضل.
3- المــكان
نستطيع قراءة الكتب للأطفال في أي مكان: في المنزل في المحضنة، في الروضة، في مكتبة الأطفال، في نوادي الأطفال، في المدرسة…
لكن في كل الحالات يجب أن تكون الجلسة مريحة، ومن المهم أن نترك الطفل يجلس بالطريقة التي تريحه ولا نجبره على الجلوس بطريقة معينة. يمكن أن يجلس في حضن القارئ أوبجانبه.
كما يجب أن يكون مكان القراءة بعيد عن كل ما يمكن أن يشتت ذهن الصغير فلا نجلس أمام جهاز تلفزيون مثلا، لأن الطفل قد ينشغل بمشاهدة التلفزيون
وفي مؤسسات الطفولة يحبذ أن نهيئ فضاءا مريحا لقراءة القصص يحتوي على أرائك ووسائد ويتوفر على قدر كاف من التهوئة والإضاءة.
4- القــارئ
يمكن أن يكون قارئ الكتاب: الأب أوالأم، الأخ أوالأخت، المربي سواء كان منشطة في روضة أوفي محضنة أوفي نادي أطفال ، معلم في المدرسة، أمينة مكتبة الأطفال…
غير أنه في كل الحالات يجب أن يكون القارئ/ القارئة لديه القناعة بجدوى هذا العمل والرغبة في القراءة لإسعاد الأطفال وإمتاعهم بل مشاركتهم هذه اللحظات السعيدة.
وتكون لديه القدرة على التواصل مع الأطفال وسعة البال للإجابة على تساؤلاتهم الكثيرة.
5- قبل قراءة القصة للطفل
تبدأ القارئة، بقراءة القصة لفهم أجزائها وأحداثها وشخصياتها، والمفاهيم التي تتضمنها. بعد ذلك تبدأ في التدرب على القراءة بصوت مرتفع مراعية تنوع الشخصيات، وتنوع المواقف.
ويمكن للمبتدئين في ممارسة هذا النشاط الاستعانة بجهاز تسجيل للتدريب ومعالجة أخطاء وسلبيات القراءة.
إختيار الطفل لكتابه: من المهم أن يختار الطفل القصة التي يريد سماعها لكن من ضمن مجموعة قصص تتوفر فيها المواصفات التي تحدثنا عنها سابقا.
6- أثناء قراءة القصة
يفضل أن تكون قراءة القصة لطفل واحد فهذا يعطيه الشعور بالإهتمام بشخصه من طرف الأم أوالقارئ الذي يمنحه لحظات خاصة لإمتاعه وإسعاده.
أطلب من الطفل أن يقلب صفحات الكتاب بنفسه، حتى يستطيع متابعة الصور أثناء قراءتك له، وبالسرعة التي تناسبه.
تكون القراءة بصوت واضح ومرتفع ذى نبرة إيقاعية وليس سردية.
تفاعل مع أحداث القصة من خلال تقاسيم وجهك، للتعبير عن الحزن أوالفرح أوالإستغراب. ومن خلال حركات يديك للتعبير عن الرفض، أوالمصافحة أوالوداع…
قلّد أصوات الحيوانات عند الضرورة وأطلب منه أن يقلد أصوات الحيوانات إذا أراد، وبذلك تشركه في القراءة…
توقف أحيانا عند أحداث مشوقة حتى تثير فضوله.
كرر بعض الجمل والكلمات الهامة بصوت عال ومختلف حتى ترسخ في ذهن الطفل لتثري محصوله اللغوي.
قراءة القصة في حصة واحدة حتى لا يفقد اهتمامه وحماسه للاستماع إلى بقية أحداث القصة.
إذا لاحظت عدم اهتمام الطفل أوشعوره بالملل فاختصر القصة أوأطلب منه أن يختار قصة أخرى أويمارس نشاطا آخر.
كرر قراءة الكتاب إذا طلب ذلك فهذا دليل على أنه استمتع بالقصة.
أجب على تساؤلاته واستفساراته، ولا تسأله عن أحداث القصة لأن ذلك قد يشعره بأنه مطالب بواجبات بعد قراءة القصة… وقد ينفره هذا من الكتاب ومن القراءة.
7- فوائــد القــراءة للطفــل
تساعده على اكتشاف متعة القراءة والمطالعة وتنمي ميولاته القرائية وحب الإطلاع لديه وقد توجهه نحوالمطالعة بدلا من التلفزيون والألعاب الالكترونية والانترنات التي سبب استعمالها غير المتوازن إدمانا لكثير من الأطفال.
تساعد الطفل على تنمية زاده اللغوي وتنمية مداركه ومعارفه مما يساعده فيما بعد في تحصيله الدراسي فقد أثبتت الدراسات أن الطفل الذي قرئ له قبل دخوله المدرسة أكثر هدوءا وتركيزا وإبداعا ومشاركة من اقرائه الذين لم يقرأ لهم.
تعزر في ثقة الطفل بنفسه وبقدراته وبحب الآخرين له وتشعره بجومن الدفء والأمان والحنان وخاصة إذا كانت القارئة هي الأم أوالأب، كما أن هذا يساعد الأولياء على ربط علاقة ود وانسجام وتفاهم مع أطفالهم… تستمر وتتطور عبر الأيام.
تساعد على نقل القيم والتقاليد من جيل إلى آخر، وبالتالي إندماج الطفل في مجتمعه وحمايته من الجنوح والإنحراف.
المراجـــــــع:
* كيف نقرأ لأطفالنا- تأليف يعقوب الشاروني
نشر: مكتبة الاسكندرية للنشر والتوزيع – مصر
* القراءة أوّلا - تأليف محمد عدنان سالم
نشر: دار الفكر – سوريا
* فن رواية القصة وقراءتها للأطفال- تأليف: د. كمال الدين حسين
نشر: الدار المصرية اللبنانية
* مقال: الطفل والقصة - تأليف سلوى اللوباني
نشر: مجلة خطوة عدد 26 الصادر عن المجلس العربي للطفولة والتنمية – مصر