على حافة الزجاج
هبت رياحي قوية فذكرتني بذلك اليوم من أيامي حين أخذني بثوبي الأبيض و راقصني على حافة الزجاج الحادَّة، راقصني حتى امتلأت كأسي شرابا أحمرا فاض و لوَّن بياضي و لوَّن عيوني ،فرَميتُ بِقلبي في المجاري و لحِقتُه إلى المجاري. عِشتُ معه فصل الظلام بثوب السواد ، و الفصول الأربعة تمرُّ فوقنا ، فوق الفئران و الأنفاق. ضاقت بيَ الجدران تريد تهشيم ضلوعي ، و الظلام أرعبني طاردني يريد خطف روحي. ركضتُ عبر دهاليز طويلة ، انعطفتُ يمينا ثم شمالا أطلب الخروج و النور. لم أصادف إلا أبواب الحديد تودي بي مجددا إلى سراديب و ظلام، اخترقته من جديد ، تابعتُ الركض، صعدت أدراجا ، قابلني ذلك الباب الذي بدا مختلفا، اندفعتُ إليه، فتحته بقوة ، لاحت أمامي حديقة بها ورود برتقالية فقذفتُ بنفسي إليها و ابتعدت بسرعة عن تلك الفتحة ، عن ذلك الفزع . عاد إليّ هدوئي "المفقود" فرُحتُ أجوب المكان الجميل، و إذا بي أعود طفلة بشرائط تزين شعرها و ثوب وردي و جوارب بيضاء و حذاء أحمر. نادتني شجرة التين السحرية و ظلالها فمضيتُ إليها. تحرك النسيم يداعب الأوراق و خصلات شعري و الشرائط .في غمرة غفلتي و شرودي ، دنا مني الظل الطويل بهدوء ... إنه يجذبني إليه بنعاس الظلال و أشعة الشمس التي تخترق الأوراق ، يضعني في حِجره...يضمني و يهدهدني كالرضيع ، و إني في قطار الرحيل...أتلاشى بين ذراعيه ، في أعماق صدره أصَمُّ و أضيع.