«جمال الحب» في ملتقى الرسم الدولي الأول
الأهـــم هـــو التعريــــف بالفـن التشــــكيلي الســــوري
التعبير عن القصيدة بشكل مجازي
قصيدة فلَوْحة
«قصائد الفن التشكيلي في جمال الحب» كان عنواناً للأعمال التي جاءت نتاجاً لملتقى الرسم الدولي الأول، الذي ختم أعماله مؤخراً- التي استمرت لمدة أسبوع - بافتتاح معرض للفنانين المشاركين في حديقة المتحف الوطني بعد ان قام كل فنان باختيار قصيدة شعر من الأدب العالمي، أو من أدبه المحلي يكون موضوعها عن الحب، وما ينضوي عليه من تناقضات عاطفية جارحة ونتائج غير متوقعة تنعكس في السلوك الانساني من غيرة وفرح وقسوة وشوق، وكل ما يتجلى عن الحب من تأثيرات على الروح الانسانية كاشفاً ضعفها وقوتها فيعبر الفنان عن انطباعاته واحاسيسه وتجلياته الذاتية لقصيدته المختارة من خلال تجسيدها في لوحة فنية إلى جانب ما قدمه كل فنان من عمل فني آخر موضوعه كان عن الطبيعة وعمل آخر الموضوع اختاره الفنان... وقد ضم الملتقى نخبة من الفنانين السوريين والعرب والأجانب الذين التقوا وعاشوا سوية لعدة أيام ولينجز خلال ذلك كل واحد منهم لوحة فنية استند في إنجازها على قصيدة شعرية اختارها كل فنان حسب رؤيته.
حدث ثقافي مكمل لاحتفالية دمشق
والهدف من هكذا ملتقى كما يصرح القائمون عليه هو فتح فرصة تعبير للفنانين التشكيليين للمشاركة في صنع حدث ثقافي مكمل لاحتفالية دمشق كعاصمة للثقافة العربية 2008، وخلق النواة الفنية لمعرض متجول للفن التشكيلي العربي والدولي، والنواة اللازمة لتأسيس متحف قصائد فن التشكيل إلى جانب مد الجسور بين الفنانين العرب والعالميين وتبادل الخبرات والاطلاع على التجارب المتنوعة في مجال تقنيات الرسم وتعريف ونشر أكبر عدد ممكن من قصائد فن الشعر من خلال تجوال المعرض واطلاق رسالة الملتقى في نبذ التطرف من خلال تنفيذ الموضوع لهذا المشروع، والذي كان عنوانه «جمال الحب»، اضافة إلى انتاج عشرات اللوحات الابداعية لتشكل بمجملها معرضاً متجولاً وفريداً لفن التعبير، والأهم التعريف بالفن التشكيلي السوري والعربي في سورية وبلدان المهجر.
وإقامة العديد من المعارض في البلدان الأجنبية للملتقى وقد نجح الملتقى في جمع عدد كبير ومهم من الفنانين السوريين والعرب والأجانب ليظلهم المتحف الوطني الذي شهد إنجاز أعمال هامة هي خلاصة تجربة هامة جداً.
المشاركون
اللوحة ليست سيناريو أو قصة
ويعبر الفنان العراقي جبر علوان عن سعادته الكبيرة بالنتائج التي تم التوصل إليها عبر هذا الملتقى الذي جمعه مع عدد من الفنانين الذين ينتمون لدول متعددة، وأشار إلى ان الصعوبة في هكذا ملتقى انما تكمن في العمل ضمن الساحات وفي الهواء الطلق، وقد اعتاد الفنان عكس ذلك حيث ينعزل في مرسمه ليلد لوحته، ورأى ان علاقة الفن التشكيلي بالشعر ليست علاقة جديدة، فتاريخ الفن التشكيلي يكشف لنا ان العديد من التجارب قدمت في هذا المجال حيث رسم فنانون كثر بإيحاء مباشر من قصيدة، كما كتب شعراء العديد من القصائد بإيحاء من لوحة.
وتتفق الفنانة هيلدا حيارى /الاردن/ مع علوان في كلامه، حيث أشارت إلى تجاربها العديدة في هذا المجال مؤكدة على انها لا تنقل النص حرفياً إلى لوحتها بل تضيف من خلال عملها الفني إلى القصيدة، وتوضح انها شاركت في العديد من الملتقيات في الوطن العربي واوروبا وامريكا، ولكنها تجزم ان ملتقى سورية كان الاشد تميزاً على صعيد التنظيم وتوفير المواد اللازمة للفنانين والاجواء التي احاطت بالعمل، وهذا ما أكد عليه الفنان سيروان باران/ العراق/ حيث أشار إلى ان الفنانين المشاركين أصبحوا عائلة واحدة في هذا الملتقى، واثنى على جهود القائمين على هذا الملتقى الذين وفروا الاجواء المناسبة، لنجاحه وفي اتجاه آخر يشير باران إلى ان اللوحة ليست سيناريو ولا قصة، وان تحولت لذلك فإنها تفقد ميزتها لذلك فهو لم ينقل ما جاء في القصيدة التي اختارها انما رسم ما أوحت إليه والأهم برأيه هو ان تكون اللوحة في النهاية جيدة وصحيحة فنياً.
ورأى الفنان الاسترالي كين جونسون ان الملتقى ومن ثم المعرض هو مناسبة له لإبراز أعماله لأكبر عدد ممكن من الجمهور، ويوضح انه نحات، وهذه هي التجربة الأولى على صعيد التصوير الزيتي وضمن تجربة تحويل قصيدة شعرية للوحة فنية ورأى أن الفنان في هذه الحالة يجب أن يعبر عن القصيدة بشكل مجازي وتلقائي، حيث يستفيد من رموزها وروحها لينطلق هو بلوحته التي يجب أن تتوفر فيها تلك الروح، وقد عبر جونسون عن اعجابه الشديد بالفنانين السوريين وتجاربهم على هذا الصعيد.
كما عبر الفنان السوري فؤاد أبو سعدة المقيم في اسبانيا عن سعادته لأن الملتقى أتاح له القدوم لبلده بعد غياب طويل للعمل ضمن فريق يضم عدداً من الفنانين الكبار، فكان اللقاء فرصته للتعارف والنقاش والحوار وتبادل الخبرات.. فالقصيدة التي استند عليها لانجاز لوحته فيراها أبو سعدة مجرد محرض يتفاعل معه الفنان عبر أدواته، وقد اختار قصيدة لأدونيس عن دمشق التي وجدها مبنية بناء جمالياً وبطريقة تشكيلية، فدخلت الى نفسه دون حاجز أو صعوبة وبشكل سهل لذلك يؤكد أنه لم يجد صعوبة في الجمع بين الكلمة واللون.
أمام الفنان بهرام حاجو/ سورية- ألمانيا/ فتحدث عن المتحف الوطني وأهمية هذا المكان الذي جمعهم وأوحى لهم بأشياء كثيرة، ويشير الى أنه رسم قصيدته التي اختارها بطريقته الخاصة، فكانت القصيدة مجرد ايحاء له ويكفي أنه اختار قصيدة لنزار قباني الذي أحب سورية، كما يحبها هو.
الفنانون المشاركون
السيرة الذاتية والقصائد المختارة
< فؤاد أبو سعدة /سورية/: من مواليد السويداء 1946 درس الفن التشكيلي في دمشق ينتمي الى جيل السبعينيات، أقام معرضه الأول في 1971 في دمشق ثم أقام عشرات المعارض في الجزائر وباريس والرياض وبرشلونة، ونتلمس في لوحته لمسة شرقية واضحة تستمد الضوء من الداخل عبر لغة بصرية جمالية محملة بالدلالات والتجريد اللغوي فيها، يبني علاقات متضادة بين الذات والواقع ليؤكد على موقف انساني في حوار مستمر بين اليأس والحب، المكان والفراغ، يقيم في اسبانيا منذ سنوات طويلة ويدير مدرسة باسمه للتشكيل المعاصر، وقد عاد من خلال هذا المعرض الى دمشق بعد غياب طويل عبر قصيدة أدونيس.
< جبر علوان /العراق/: ولد في بابل 1948 درس النحت في أكاديمية الفنون في بغداد 1970، ثم أكمل دراسته في روما ليستقر فيها الى اليوم، وقد أضاءت تجربة الهجرة لوحته التشكيلية بمؤثرات بصرية وافدة جعلت منه مُلوَّناً من طراز خاص وبات اليوم أحد أبرز الملونين العرب، وقد اختار قصيدة «امرأة صامتة» لسعدي يوسف.
< كين جونسون /استراليا/: ولد في سيدني 1950 وانتسب الى المدرسة الوطنية للفن في سيدني ثم حصل على دبلوم في الغرافيك ويعد في طليعة الفنانين الاستراليين، اذ تجولت معارضه منذ منتصف السبعينيات في مختلف أنحاء العالم: اليابان- ايطاليا- فرنسا- أمريكا- تركيا- تايوان- البرتغال، كما حصل على العديد من الجوائز المحلية.
< يوسف عبدلكي: من مواليد القامشلي 1951 تخرج من كلية الفنون الجميلة قسم الحفر بجامعة دمشق عام 1976، حاصل على دبلوم حفر في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة /بوزار/ في باريس 1986 ودكتوراه في الفنون التشكيلية في جامعة باريس الثامنة 1989 أقام نحو 35 معرضاً فردياً وعشرات المشاركات الجماعية، عمل مصمماً غرافيكياً لأغلفة كتب ورساماً صحفياً وكاريكاتورياً في العديد من الصحف العربية والأجنبية، كما كتب في فن الكاريكاتور السوري والعربي.. اختار قصيدة لنزيه أبو عفش.
< بهرام حاجو/سوري/: من مواليد الحسكة 1952 درس الرسم في أكاديمية الفنون في ألمانيا 1978- 1984 يقيم ويعمل في ألمانيا، أقام معارض فردية في أمريكا وروسيا وألمانيا ودبي وفي هذا الملتقى اختار قصيدة للشاعر نزار قباني بعنوان: أول أنثى أول رجل».
< عمر غالياني /ايطالي/: ولد في مونتسيو ايجيلا في عام 1954 درس الفن في أكاديمية روما للفنون وتخرج منها عام 1977- أقام معارضه في أنحاء متفرقة من العالم، وبات أحد رموز حركة فنية نخبوية ظهرت في ايطاليا أواخر السبعينيات.
< جاكو حاج يوسف /سورية/: ولد عام 1954 درس الفن في سورية، ثم اتجه نحو السويد ليعيش فيها حتى الآن وتوزعت معارضه بين سورية والسويد وألمانيا، تمتاز لوحاته بالروح الشرقية على صعيد اللون والموضوعات، وقد اختار قصيدة «الاطلال» للشاعر ابراهيم ناجي.
< ماهر البارودي /سورية/: مواليد دمشق 1955، درس في كلية الفنون الجميلة بدمشق 1979 ثم أكمل دراسته العليا في المدرسة العليا في ليون 1982 وحصل على دبلوم في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة بباريس 1983، يعمل مدرساً لمادتي النحت والرسم الأكاديمي في مدرسة الفنون التطبيقية في ليون، حصد العديد من الجوائز أهمها: «جائزة أعمار- سامبوزيوم انترناشيونال دبي 2007، والجائزة الأولى في الإعلان لمحافظة ليون 1994، والميدالية الأولى- قصر مونسيفيريو- فرنسا 1982، ينشغل في أعماله بتشريح الوجوه الحيوانية وأنسنتها بتعبيرية صارمة، وفي هذا الملتقى استوحى مناخات لوحته من قصيدة نزار قباني «لابد أن استأذن الوطن».
< فاروق قندقجي: مواليد حمص 1959 يقيم حالياً في جدة متفرغ للعمل الفني ساهم في تأسيس عدد من الصالات الهامة للفن التشكيلي في جدة والرياض، دخلت أعماله الفنية -جداريات- فريسكو- في القصور الملكية السعودية والعديد من المتاحف وهو عضو في جمعية الفنون الفرنسية ومجموعة بيت الفن بجدة.
< سيروان باران عارف /العراق/: أقام معرضه الفردي الأول في بغداد 1991، ثم تتالت معارضه في بيروت والقاهرة وبغداد وعمان وقبرص وقطر، حائز على الجائزة الأولى في معرض الشباب في بغداد 1990 ووسام تقدير من بينالي القاهرة 1999 والوسام الذهبي من مهرجان المحرس الدولي في تونس 2002، والجائزة التقديرية من بينالي بغداد 2002، اختار قصيدة للشاعر محمد مهدي الجواهري.
< أسامة النصار /سورية/: مواليد دمشق 1975، درس الفنون الجميلة في دمشق، ثم أكمل دراسته العليا في أكاديمية «كرارا» في ايطاليا وهو يقيم فيها من عام 1999، شارك في ملتقيات عدة، وقد اختار قصيدة لأدونيس.
< لينغ جونو /الصين/: من مواليد 1962 وهو مدير أكاديمية الرسم المحفور في مدينة سوتشو ومعاون مدير دار الفنون الجميلة لمدينة سوتشو، وقد فازت أعماله بالجائزة البرونزية في معرض الفنون الجميلة العاشر لعموم الصين وأعماله مقتناة في اسبانيا وفرنسا وألمانيا.
يذكر أن ورشة البستان للثقافة والفنون هي التي أقامت هذا الملتقى برعاية من وزارة الثقافة وتلفزيون الدنيا وشركة «كانون» ومؤسسة «غاناما» وشركة «طيف»، وسبق للبستان أن أقامت ملتقى النحت الأول 2006، والنحت العالمي 2007، وقد رافقته أنشطة ثقافية وفنية متنوعة.
متابعة: أمينة عباس
جريدة البعث-العدد: 13421 - تاريخ: 2008-05-28