نريد إمبراطورية فلسطينية
د. فايز أبو شمالة
نحن الفلسطينيين نريد إمبراطورية تتناسب مع كفاءتنا وطاقتنا ومواردنا ومساحة أرضنا المحررة، وتتناسب مع حضورنا الفاعل على مستوى العالم، فنحن أكثر شعب حصل على قرارات من الأمم المتحدة، ومن جامعة الدول العربية، لذلك فإننا نريد إمبراطورية تتلاءم مع حضور قضيتنا في كل مناسبة سياسية واجتماعية وثقافية في الوطن العربي والعالم، نريد إمبراطورية تتناسب مع شتاتنا وتبعثرنا في كل بقاع الأرض.
لماذا نريد إمبراطورية؟
نحن الفلسطينيين لا نريد أن نخنق قدراتنا، ونضيق أحلامنا، ونخسف طموحنا في حدود دولة مستقلة كباقي الدول، فمستوانا الاقتصادي والعسكري والتجاري لا يتناسب معه إلا إمبراطورية، نحن الفلسطينيين لا يشبهنا أحد، فنحن الذين أوجدوا في حياتهم السياسية مسمى رئيس قبل ان نقيم الدولة، وصار لنا 17 حكومة ومئات الوزراء قبل أن تصير لنا أرض محررة تمارس عليها الحكومة قراراتها باستقلالية، ولدينا مستويات قيادية وتنظيمية وحزبية لا تتواجد في الصين الشعبية، ولذلك فنحن لم يعد يناسب طاقتنا مسمى رئيس، ولاسيما أن الكثير من الرؤساء كان مصيرهم الموت أو السجن، إن لفظة رئيس لا قيمة لها أمام مستوانا القيادي، ولن نعود إلى مسمى مناضل، فقد نبذنا النضال، وحاربنا المقاومة، ولن نعود إلى مسمى الرمز، فقد دسسنا السم لرمزنا، ودفناه بدموع التماسيح، ولن نقبل بلفظة قائد المسيرة، فهذا المسمى لا يساوي شيئاً أمام سلم الوظائف الحكومية الراقية، لذلك فنحن شعب يحب التجديد والتمجيد والتفخيم والتعظيم ونعشق التميز عن بقية الشعوب، فنحن أكثر شعب يتفاخر بعدد أسراه ويعدهم بالآلاف، وأحكامهم تعد بآلاف السنين، ونرقص ونغني على عدد سنوات سجنهم، ونحن الذين اخترعنا اسم عميد الأسرى كي نبرر فشلنا في تحريره، ونحن أصحاب مسمى أمير الشهداء، بعد أن عجزنا عن حمايته، والانتقام من قاتليه، ونحن الشعب الذي يدفن شهداءه بالزغاريد، لنعتقل أصدقاءهم أثناء تشييع الجنازة، فنحن أصحاب أكبر سدر كنافة، وأطول علم، وأكبر منسف، ونحن أصحاب البنادق التي يرقمها لهم عدوهم الذين يحتل أرضهم.
فهل نستحق إمبراطورية؟
نعم، فمن يتواجد في التاريخ يتواجد على الجغرافيا هكذا قالوا لنا في اجتماع المجلس الوطني الذي انعقد في الجزائر سنة 1988، حين كانت أحلامنا متواضعة، ووافقنا على قيام دولة فلسطين. اليوم نحن الفلسطينيين بحاجة إلى امبراطورية ولاسيما بعد أن صار لدينا إمبراطور، الإمبراطور الفلسطيني الذي تمكن من تطويع حركة حماس، وضمها إلى حكومته التي تنسق أمنياً، وتعترف بإسرائيل وترفض المقاومة، ولدينا الإمبراطور الفلسطيني الذي سحق حركة فتح، وجعلها خاتماً في أصبعه، وتماهت مع مشاريعه، ولدينا الإمبراطور الذي يفصل أي عضو من حركة فتح لمجرد أنه يفكر في أن يتنفس هواءً لم يمر من خلال رئتيه، لدينا الإمبراطور الذي هدد الجبهة الشعبية بالجوع إذا رفضت الركوع لما يقوم فيه، ولدينا الإمبراطور الذي يجلس بحضرته أعضاء اللجنة التنفيذية مؤدبين طائعين متطلعين لعطاياه، لدينا الإمبراطور الذي يستقبل في المقاطعة اليهود الغاصبين، ويقسم لهم أنه يعترف بحقهم التاريخي والديني والسياسي وسط تصفيق المسئولين حين يقول: إن التنسيق الأمني مع المخابرات الإسرائيلية مقدس.
نريد إمبراطورية تتناسب مع قرارات وقدرات وسفن وغواصات وطائرات الإمبراطور