ممرضات عربيات
محمد عيد الخربوطلي*
جاء الإسلام ليبني المجتمع الكامل الفاضل، فأعطى المرأة كما أعطى الرجل من حقوق وواجبات، فكانت دائماً إلى جانبه، وكان لها دور كبير في بناء المجتمع الذي رسم منهجه الخالق، فهذا التاريخ بين أيدينا يذكر لنا المرأة المجاهدة والعالمة والمربية والمحدثة والناقدة والطبيبة والشاعرة.
وقد أطلق في عهد بناء الدولة العربية الإسلامية الأولى اسم –الآسية على الممرضة لأنها تواسي المريض وتداوي الجريح وتجبر العظام وتقي من النزف وتسقي العطشى في الحروب، وإن لزم الأمر كانت تقاتل إلى جانب الرجال وتثير الهمة والنخوة وروح القتال لدى الرجال الذين يرتعدون فكان إسعاف الجرحى ومداواتهم من اختصاص النساء، وكن يسرن إلى المعارك حاملات قُرَب الماء ومعهن كل ما يحتاج إليه الجرحى من لفائف وجبائر ووسائل الإسعاف الممكنة في ذلك العصر.
ومن هذه النساء المقاتلات الممرضات الفاضلات في ذلك العهد.
- أم عطية الأنصارية كانت من طبيبات العرب واشتهرت بالجراحة وشاركت بالمعارك مقاتلة ومداوية.
- أم سنان الأسلمية – خرجت إلى خيبر وعدة غزوات أخرى بغرض التمريض
- نسبية بنت كعب المازنية – خرجت لعلاج الجرحى في غزوة بدر وأحد وفي أحد باشرت القتال فرمت بالقوس وضربت بالسيف حتى أصيبت بكتفها.
- أم حرام بنت ملحان زوجة عبادة بن الصامت كانت تتشوق دائماً إلى الجهاد ولمؤاساة الجرحى أثناء المعارك ولم تسمح لها الفرصة إلا عندما فتح معاوية جزيرة قبرص سنة /648/م وقد ذهب معه كثير من الصحابة ومن بينهم أم حرام وزوجها .وعندما هبطت من السفينة ووطئت قدماها أرض الجزيرة بدأت المعركة مع الروم وكانت بينهم تسقيهم وتضمد جراحهم وتواسيهم بألفاظها العذبة، وأثناء قيامها بهذا العمل الإنساني الراقي المشرق وقعت شهيدة في جهادها بعدما تحققت أمنيتها، ولا يزال قبرها إلى الآن معموراً في جزيرة قبرص على بحيرة –لارنقا- عند المدينة المعروفة بهذا الاسم.
- ومن النساء الممرضات اللاتي يذكرهن التاريخ في ذلك العهد –أميمة بنت قيس الغفارية ، /أم أيمن/، رفيدة التي أقام لها الرسول الكريم مشفى داخل المسجد لتداوي الجرحى.
- إن هذا العمل الإنساني مفخرة يعتز به التاريخ العربي، إنه عمل لم يعرفه الغربيون إلا في القرن التاسع عشر، إنها المرأة العربية الطبيبة التي أورثت مهنة الطب لحفيداتها فكانت النساء من عائلة ابن زهر الأندلسي متخصصات بطب العيون وجراحتها طلية عشرات العقود في الأندلس ، إنهن خير قدوة لنساء العصور التي جاءت بعد هن، أنهن رمزٌ للنساء الفاضلات.
* باحث في الأدب والتراث.
* عضو الجمعية الجغرافية السورية.