حول تعدد الزوجات كلمة أخيرة : العيب فيكم يا في حبايبكم!!!1 - 2
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله – عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم – كنت أعتقد أنني قلت كل ما عندي،في قضية التعدد .. إذا أن الموضوع في غاية البساطة .. (التعدد مباح) وهو قضية شخصية تخص دائرة ضيقة من البشر .. إضافة إلى التذكير بأن التعدد حل رباني لبعض المشاكل التي تعتري المجتمع المسلم،وأن ذلك الحل أفسده الرجال،ثم الرجال،ثم النساء .. ويمكن لي أن أضيف سؤالا صغيرا – طرحته عدة مرات – وهو أن يسأل الرجل نفسه .. هل يفضل السعادة مع زوجة واحدة أم التعاسة مع أكثر من واحدة؟ كما أن على المرأة أن تسأل نفسها .. هل تفضل السعادة مع (أخت لها) – ولا أقول "ضرة"- أم أنها تفضل التعاسة بمفردها؟
كما سبق لي أن قلت .. أن من يرغب في التعدد،يضع دفتر شيكاته في جيبه،و(بشته)على كتفه،ومكانته الاجتماعية على الكتف الثاني،ثم يتزوج بالثانية أو الثالثة .. إلخ. وهناك فئة أخرى تتحدث عن التعدد فقط!!! .. ولم أسمع قط،أن رجلا عدد لأنه قرأ مقالة أو كتابا يحثان على التعدد!!!
هذا حاصل وجهة نظري في قضية التعدد.
نعم .. كنت أظن أنني قلت كل ما عندي .. ولكن يبدو أن الموضوع يطاردني .. خصوصا بعد قراءتي لبعض التعليقات التي وصلتني – على بريدي - بعد نشر كُليمتي (تعدد الزوجات في نظر بعض المثقفات السعوديات)،إضافة إلى تعقيب الأختين الكريمتين الأستاذة ليلى الشهراني،والأستاذة أسماء الفهد – عبر رسائل مجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم البريدية – دون أن أنسى تعليق أخي طارق الخالدي،بنسختيه،التي وردتني عبر بريدي،والأخرى المنشورة في رسائل المجموعة.
قبل أن البدء في الحوار مع التعقيبات .. أقول كلمتين :
الكلمة الأولى : حين فكرت في كتابة تعليق على الموضوع .. وضعت له عنوانا هو (حول تعدد الزوجات كلمة أخيرة : العيب فيكم يا في حبايبكم!!). ثم جاءني تعليق من إحدى الأخوات ... وحين كنت أتأمل في تعليقها،غزاني عنون آخر،هو (الزوجة الأولى بين عدم الاستغناء عنها .. وعدم الاكتفاء بها!! )
الكلمة الثانية : فوجئت بوجود من فهمت ما كتبت على أنه دعوة للتعدد!! فتعجبت .. ثم تبين لي أن مجرد الحديث عن التعدد،يثير غضب بعض السيدات .. بنفس القدر الذي يَسعد فيه الرجل بمجرد الحديث عن التعدد ..
وهكذا يمكن للحوار أن يضيع بين (غضب النساء) و(تلذذ الرجال) .. مع أن الأمر لا يتعدى أحرفا خرساء كتبت هنا أو هناك!!! فسبحان خالق هذا الكائن العجيب.
بما أن حرية الرأي مكفولة للجميع،كما أن اختلاف وجهات النظر،لا يفسد للود قضية .. كان لي أن أكتفي،بما قلت من قبل .. لم أستطع أن أكتفي بذلك،بسبب الجزئية التي تبدو ملحة،وخطيرة،وهي اعتراض (مسلمة) على شرع الله – سبحانه وتعالى – تحت ضغط الغضب .. والسعي إلى ضرب القرآن بعضه ببعض،وهو أمر نهى عنه الحبيب صلّ الله عليه وسلم .. من هنا يجدر بي أن أبدأ بكلمة للأستاذ ضياء الدين بيبرس،والذي كان يقدم برنامجا بعنوان (لو كنت مكاني) .. يقول الأستاذ :
(ويدهشني كثيرا أن تنهال عليّ المكالمات التلفونية من قارئات أحرص على استمرار ثقتهن بي،كلما ذكرت إباحة الله للزواج من أكثر من واحدة. وتسألني الواحدة منهن مستنكرة : هل صحيح أنك توافق على تعدد الزوجات؟
وحين أستمع إلى مثل هذا السؤال فإنني أستغفر الله لصاحبة السؤال ... لأنه لا هي ولا أنا نملك الموافقة أو عدم الموافقة على تعدد الزوجات... لأن الذي شرع هذا التعدد ليس ملكا ولا رئيس جمهورية ولا مجلسا نيابيا .. الذي شرعه هو رب الكون ومهندسه وصاحب مقدراته ..){مجلة أكتوبر العدد 871 في 4/7/1993م}.
من حقيقة أن التعدد أباحه خالق الكون – سبحانه وتعالى – ولم يبحه برلمان أو سلطان،ننطلق إلى وقفات مع التعقيبات،أو التعليقات :
الوقفة الأولى :
مع تعقيب أختنا الأستاذة ليلى الشهراني،والتي وضعت يدها على جزء من المشكلة،فقالت :
((الله سبحانه وتعالى قال : {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ} .
والرجل مبرمج تلقائياً على نصف الآية "مثنى وثلاث ورباع" والمرأة دائماً تقف عند :"فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة" , وهذا شيء فطري في المرأة تخاف من المجهول وتحركها عواصف عاطفية تجاه من ستشاركها في هذا الزوج ولم تنجو من هذه الغيرة الفطرية حتى أكثر النساء تديناً وصلاحاً بل أبعد من ذلك "سيدات بيت النبوة" وعائشة رضي الله عنها أنموذجاً .))
لكن المميز أنها أكدت – وما ينبغي لها كمسلة أن تفعل غير ذلك – على النقطة الأهم،وهي عدم تحريم ما أحل الله :
((ونحن لا نحرم على الرجال شيئاً أحله الله لهم , ولكننا نذكرهم بأنه ليس هناك حلال يبنى على حرام , فمن يتزوج ويهمل عياله للطرقات والشوارع فتتلقفهم المخدرات))
مع هذا الإنصاف فإن القارئ يلمح أنة نسائية لا تخفى وأختنا تقدم بعض النصائح للزوج المعدد :
((فإن كنت تريد التعدد فلا تجرح زوجتك بتحقيرها أو إشعارها بأنه لا قيمة لها بل أجعلها الأفضل وبين لها أنها لم تقصر بشيء{أعتقد أن الأستاذة ليلى هنا تريد أن تورط الرجل!!!} وأن رغبتك في الزواج بأخرى لن يغير منزلتها ومحبتها ومكانتها صحيح أنك لن تغير فيها شيء انكسر في داخلها لكن على الأقل تطمئنها)).
وأخيرا تعلن من الإنصاف ما لا مزيد عليه وهي تقول :
((وأعرف أنها قمة الأنانية مني أن أرضى التعدد لغيري وأرفضه لنفسي))
أختي الكريمة كنت أتمنى لو استعملت عبارة (لا أحبه لنفسي) .. ومع ذلك فلا لوم عليك .. فأنت تحللين،ولم تقومي بالدعوة للتعدد .. وهذا يذكرني بقصة داعية كانت تحث بعض السيدات،متحدثة بالفصحى،على التعدد،وما فيه من فوائد للمجتمع،فقالت لها إحدى الحاضرات ابدئي بنفسك .. فنسيت القضية والفصحى،وقالت .. ( لا يا حبيبتي أنا جوزي مرتاح معاي)!! هذه هي التي تلام.
الوقفة الثانية : كتبت أختنا الأستاذة أسماء الفهد،تعقيبا تحت عنوان (إذا أردت أن تشعل مجلسا يتثاءب جلاسه فاختر الموضوع عن التعدد). وهذا ناطق بحال مجتمع حول التعدد من حل رباني ..إلى تلذذ بالحديث وأمنيات،ودعوات!!! ثم تحدثت الأخت عن الدور الخطير الذي لعبته وسائل الإعلام في تشويه التعدد .. وتقرر حقيقة أن (( كل النساء يرفضن تعدد أزواجهن وهذا أمر فطري في المرأة وقد تحدث بيت النبوة عن كثير من قصص زوجات الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وعن غيرتهن لكن رغم غيرتهن لم يتعدين على الشرع))
تلك هي القضية ببساطة عدم تعدي شرع الله. وتختم بفصل الكلام : التقوى وكون القضية شخصية بين أطراف التعدد .. ((التقوى هو الفيصل للرجال والنساء فتقوى الرجل سيجعله يفكر ألف مره قبل أن يقدم على التعدد حتى لا يظلم زوجته الأولى ولا يظلم الثانية هو أعرف الناس بقدرته واستطاعته في جميع أموره وتقوى المرأة هو الذي سيجعلها تتقي الله في زوجها وفيمن سيتزوجها زوجها فلن تظلمها ولن تكون عوناً مع زوجها على ظلمها))
الوقفة الثالثة : علق أخي طارق الخالدي على الموضوع،ومما قال :
(وانظر لمن عدد في سن مناسب كقاعدتي قولا فقط في تزوج صاحب 40 بذات العشرين فإن جاء صقيع الستين فسيجد عندها دفء الأربعين بخلاف من تزوج الأكبر منه أو متقاربة السن فسيدخلان الصقيع معا ولا دفء سوى في الحطب (..) فالمرأة قد تجد أولادها يؤونها وتستمر الحياة ولكن الشايب لن يتحمله إلا زوجته غالبا وإن لم تكن صغيرة كفاية فلن تتمكن من رعايته).
للموضوع أكثر من وجه ففي حالة زواج رجل(أربعيني) بفتاة (عشرينية) قبلت به من تلقاء نفسها،وهي تعلم أنها ستكون في ربيع العمر حين يكون هو في خريفه .. فهذه حرية شخصية،وليس من حقنا التدخل فيها.
أما في الحالة (التنظير) فإن الفكرة تتجاهل احتياجات امرأة في قمة نضجها .. لحساب (تمريض) أو (تدفئة) – أو الاثنين في واحد – مسن!!!!!!!!!
الوقفة الرابعة : كنت قد طرحت تساؤلا مفاده هل كُليمتي : (تعدد الزوجات في نظر بعض المثقفات ..) هي يفهم أنها دعوة للتعدد،وذلك على خلفية تعليق غاضب وصلني من إحدى الأخوات،فجاءني رد من أخي (أحمد) قال فيه :
((اخي محمود السلام عليكم ورحمة الله , ارى من تساؤلك انك تتوسل بنا لنقف معك ضد القارئة الغاضبة , ورغم انني قرأت رأيك قبلا في التعدد وانك لا تؤيده ان لم اكن واهما ! , الا انني ارجوك ان لا تضعف امام جحافل النساء الغاضبات ! و غني عن القول انه شرع الله العليم الخبير , ونحن في هذه الايام نلمس ونشاهد حجم المشاكل التي يعانيها المجتمع من جراء العزوف عن التعدد , فالمسيار حورب والتعدد صور على انه خيانة)).
وعليكم السلام ورحمة الله .. لا يا أخي الكريم لم أتوسل بكم .. لكنني كنت أسأل لأقيم طريقتي في الكتابة إن وجد من فهم أنها دعوة للتعدد،وإلا فهي – وهو الواقع – مجرد غيرة امرأة ... وقد قرأت في مكان ما أن القاضي عياض ذكر أن الإمام مالكا وغيره من علماء المدينة ذهبوا إلى إسقاط الحد عن المرأة إذا قذفت زوجها على وجه الغيرة.
أما كوني لا أؤيد التعدد،فلا أعتد أن الأمر قد طرح للتصويت،ووجهة نظري بينتها في مستهل هذه الكلمة. نعم – أخي الحبيب – التعدد هو شرع الله العليم الخبير سبحانه وتعالى .. أما المسيار فقضية أخرى – له جانب شرعي،وجانب اجتماعي - وإن كنت أرى أن كل زواج في (السر) يمثل طعنة في خاصرة التعدد الذي هو شرع الله ... إن مجرد فعل أمر ما (سرا) يشي بأنه (خطأ) أو به نسبة من الخطأ .. أصلح الله الأحوال.
وقد ختم أخي أحمد تعليقه بهذه الكلمات :
((و مادمنا نتكلم بشرع الله فلابد ان نرفع الصوت عاليا وندرك اننا امام مشكلة كبيرة لابد أن نجد لها حلا والحل موجود وما علينا سوى تبنيه بقوة وبشجاعة عله يخفف معانات البعض منا))
طالما أن أحدا لا (يحرم) التعدد فما الذي يحول بين الرجال وبينه؟ وكما قلت من قبل لا أعلم أن أحدا عدد لأنه قرأ مقالة أو كتابا في التعدد .. وقد ذكرني كلامك ... وكلام أخي (طارق) – الذي قال : " التعدد ضرورة ولو ملكت الأمر في التربية لجعلته منهجا دراسيا كالوطنية" – بقصة مثل عراقي .. يقول أن لرجل مسن قريبة لها ابنة شابة،وقد زارهما مرة،وقال أن الحكومة أصدرت (فرمانا) يقضي بزواج المسنين من الشابات،وزواج الشباب من المسنات،فغضبت الفتاة واحتجت،فقالت أمها .. يا ابنيتي شنسوي (أمر حكومة ونافذ)!!!
الحديث عن زواج الرجل بمن تكبره،ذكرني بتعقيب كتبته قبل سنوات،على مقالة كتبتها الدكتورة عزيزة المانع،معقبة على كاتب لم تذكر اسمه،ويبدو أنه طالب الفتيات بعدم رد الخاطب ولو كان كبيرا .. وقد كتب العبد الفقيرة إلى رحمة ربه ..
(ومن يقرأ مقالة الدكتورة لابد أن يلاحظ مدى الانفعال الذي ساد المقالة فهي تقول :
"قرأت مقاله أكثر من مرة لعلي أجد فيه شيئا ذا معنى فأكون قد تجنيت عليه باستسخافي لما ذكره غير أني كنت في كل مرة أؤوب بالفشل"{مقالة"الدلوعات"جريدة عكاظ العدد 11035 / سقط التأريخ} فهل استسخاف الآخرين من أساليب الحوار؟ كما تقول الدكتورة أيضا : "على المرأة أن تسقط جميع الاعتبارات وتفرح بنيل الجائزة المهمة وهي الحصول على ذكر تعف به نفسها". ونقول لها .. على رسلك دكتورتنا الكريمة .. فما هكذا يكون الحوار،ثم ألا ترين أن إعفاف النفس من الأمور التي حث عليها الإسلام،رغم اهتمامه بالأسرة،فالإسلام كل متكامل.
وتختتم الدكتورة مقالتها بما يلي :"أما إن كنت مخطئة في اعتراضي ووجد أن الفارق الكبير في العمر بين الزوجين لا أهمية له في التوافق بينهما فإني أقترح على المصلحين الذين يقلقهم بقاء الفتيات دون زواج أن يجربوا الأمر مقلوبا فيقبل الرجال بالزواج من نساء يكبرنهم،لتكون تلك هي المساهمة الفعلية منهم في حل مشكلة العنوسة،وليكن قدوتهم في ذلك أزواج جون كولينز،وإليزابث تيلر،وشير وصباح،وذلك على غرار الاقتداء بالسكرتيرة الزينبابوية". ولنا وقفات مع هذه الخاتمة :
أولا : في حالة دعوة الدكتورة إلى زواج الرجل بمن تكبره في السن كان باستطاعتها لو تخلت عن انفعالها أن تدعو إلى التأسي برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم والذي تزوج كما تعلم الدكتورة بأمنا خديجة بنت خويلد،رضي الله عنها وهي أكبر منه سنا،بدلا من الدعوة إلى التأسي بـ(جون كولينز وإليزابث تايلر .. إلخ).
ثانيا : كان بإمكان الدكتورة أن تستشهد بالأقوال المأثورة التي تحث على تزويج المرأة بمن في مثل سنها،ومن أمثلة ذلك :
1 - الخطابي في (غريب الحديث) قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : "لا ينكح أحد إلا لمته من النساء"ولمته : مخففا .. من كان في سنه كأنه يكره للمسن أن يتزوج الشابة وللشاب أن يتزوج المسنة. ص 136 (التيجاني : تحفة العروس).
2 - عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : خطب أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم،فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنها صغيرة"وخطبها علي فزوجها منه". أخرجه النسائي وترجم عليه في باب تزوج المرأة من كان مثلها في السن ص 36 (المصدر السابق).
3 - عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده أن عمر بن الخطاب ثقال : "يعمد أحدكم فيزوج ابنته الشيخ الدميم إنهن ليحببن منكم ما تحبون منهن"(ص 180 : عبد الملك بن حبيب كتاب أدب النساء).
ثالثا : تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمنا خديجة وهي أكبر منه،كما تزوج بأمنا عائشة وهي أصغر منه ونأخذ من ذلك أنه لا بأس بزواج الإنسان بمن هو أكبر منه أو أصغر .. وإنما لكل حالة ظروفها الخاصة.){جريدة المدينة العدد 12274 في 6/7/1417هـ}.
تجنبا للإطالة – أكثر – نتوقف هنا لنكمل في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله... وعلى طريقة الإعلام .. طالبات يهاجم زميلتهن التي دعت للتعدد!!!! ومسلمات على مذهب (نوال السعداوي) في التعدد!!!
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة في 20/10/1432هـ