خلافات عائلية..
أسباب .. وعوامل
كثيرون في هذه الحياة... تُحيط بحياتهم الأسرية مشكلات ومشاحنات.. لكنهم لا يتكلمون عنها، ولا يصرحون بها لصعوبة الموقف، ولأنها تدخل ضمن الخطوط الدقيقة جداً في دائرة الحياة الإنسانية، هذا ما تطرق إليه المحرر في زاويته الخاصة حول «شؤون عائلية»، إذ يستغرب الإنسان من بعيد... كيف ينشب خلاف حاد -وربما يكون مصيرياً- بين الإخوة الذين عاشوا في منزل واحد، في ظل أوضاع مشتركة سنوات طويلة؟.. وكيف يمكن أن يدور خلاف أيضاً بين الأبوين وأحد الأبناء..؟ نرى أن عوامل متفرقة ومتعددة، تؤجج نار الخلاف وتصعّد المشكلات دون أن تشعر، لعل أهمها التمييز بين الإخوة، والتعامل بفروقات فردية، قد يثير الحنق والغضب لدى الطرف الآخر، ويولّد مشاعر الغيرة والحقد على الأخ أو الأخت التي تحظى بحب أكبر من قِبل أحد الوالدين... وهذا يجعل حلقات الخلافات مسلسلة تتزايد وتتوالد، خاصةً إذا كان (الأخ او الأخت) ناجحاً في حياته العملية واكتسب مكانة رفيعة، وحصل على درجة أكاديمية عليا، وطوّر نفسه بمزيد من المعارف، ونجح في عمله وحياته ككل، سواء من حيث تكوين الأصدقاء والمعارف العامين، او من حيث محبة الأهل من كلا العائلتين... وقد يتصاعد الخلاف وتزداد حدته حينما يكبر الأولاد ويتزوجون، ويغدو لكل فرد عالمه الخاص وحياته المنفردة، هنا تلعب الزوجة في حياة الرجل دوراً كبيراً في إبعاده عن أسرته وإخوته، فكل رجل ينساق وراء رغبة زوجته، وتلفت انتباهه إلى أي خطأ يرتكبه أحد أفراد العائلة في المناسبات الخاصة أو الأعياد، وكذلك الزوج إذ يشارك في إضفاء سمة الخلافات العائلية مع زوجته وإخوتها، ويثير فيها مشاعر الغيرة... لتدليل الأب أو الأم أخاها او أختها، وزرع أفكار سيئة... مما يجعل الإخوة غرباء يكرهون بعضهم، ويتقابلون في منزل الأهل للتواصل العائلي فقط لإرضاء رغبة الوالدين، وفي حال وفاة الأم والأب، يغدون غرباء... تستمر علاقتهم عبر الهاتف، واللقاء من حين لآخر.. لا سيما إذا ظهرت نوازع الخلافات المادية حول الإرث الشرعي وعدم اقتناع كل أخ بما حصل عليه، أو الخلاف مع الأخ والأخت... كل هذه الخطوط العريضة تكون بؤرةً لتصاعد التوتر، وانفجار البركان في أية لحظة... بعد ان تخمده السنوات... ويستطيع الأبوان تفادي هذه المشكلات، والابتعاد عنها قدر الإمكان، بزرع بذور المحبة منذ مرحلة الطفولة، وعدم إظهار محبة الأبوين لولد دون آخر، حتى لو كانت هناك مشاعر خفية تجاهه، فالحب سر إلهي لا أحد يتحكم به.. حتى مشاعر الأم لأولادها تكون متفاوتةً، والابتعاد عن أسلوب مدح أحد الإخوة أمام الآخر... حتى لا تُثار في نفسه أية مشاعر للغضب والغيرة والحقد، وفي حال زواج الأولاد منع أية فرصة لتدخّل الزوجة الغريبة أو الزوج الغريب، والاحتفاظ بالأسرار العائلية الخاصة والجلسات الفردية بين الإخوة فقط، والتعامل مع الجميع بروح المحبة والاحترام والتساوي بالمشاعر... لتفادي أية مشكلة مستقبلية بين الإخوة.


مِلده شويكاني
جريدة البعث السورية