بمناسة تثبيت الأسماء الجديدة
هذا مقال لي منقول ونشر سابقاً في موقع الألوكة
بعنوان:
ألعابُ الأطفال.. تسليةٌ أم تربية؟
أنس محمد خير يوسف
كانت الألعاب تمثل دوراً حيوياً في نموّ وتقدّم الأطفال، وما زالت بهذا الدور الحيوي في وقتنا الحاضر، فالحياة تعلّم، والنموّ أيضاً تعلّم، فنحن نتعلّم لنمشي، ونتعلّم لنتكلّم، ولنقرأ، ولنرمي الكرة، ولنواكب رفاقنا في العمر، فالطّفل الصغير يعمل بنشاط كي يتعلّم كيف يرمي ويمسك ويلقف الكرة.
إن الألعاب الصغيرة باستطاعتها تهيئة السُّبل لإكمال عدّة مهام ذات شأن بالنسبة للأطفال. والألعاب تكوّن عند الطفل فكرةً ناضجة عن النفس بتكوين الشعور بالقناعة، وبتعلُّم السيطرة من خلال مواقف اللعب المختلفة، ومسايرته لأصدقائه من العمر نفسه من ناحية التكيّف والتطوّر الاجتماعي، كما يمكن تعرّف موقع الطِّفل الاجتماعي من خلال تصرُّفاته وألعابه، وطريقة لعبه أيضاً، والإجابة عن تساؤل الوالدين: هل هو مقبول ومكافئ اجتماعياً أو لا؟
ولا يخفى أيضاً أن اللعب من أساسيّات تعلّم المشاركة، واحترام حقوق الآخرين، وإعطاء الفرصة للتنفيس عن النّفس.. والبدء بالتّعلّم لقضاء وقت الفراغ.
إن وقت تعلّم الأطفال باللعب يجب أن يؤخذ على أنه مختبر، إذ يبدي الطفل قابليته للعب والتكامل الاجتماعي وتكيّفه النفسي مع غيره.
ويزداد عدد الألعاب المُنتَجة تِجارياً كل عام، وكذلك عدد مرات استخدامها، فعلى المربّي الاستفادة من الفرص الطبيعيّة التي يحققها الأطفال من خلال مشاركتهم في الألعاب.
كما يمكن أن تكون الألعاب مصادر تعليميّة بدلا من أن تكون للتسلية فقط بدءاً من رياض الأطفال وانتهاءً بالمرحلة الجامعيّة، فالكبار والصغار يمارسون التمثيليات، ونرى في التلفاز والطرقات ومحلات التسلية -(البلاي ستيشن) أو (السوني) وغيرها- عياناً اهتمامَ الكبار بخارطة الألعاب وآخر الإصدارات، فضلاً عن الصّغار وشغفهم واهتمامهم وحبّهم وحديثهم الدائم عن هذه الأمور..
الألعاب الفكريّة الغربيّة.. إلى متى؟
ومن المحتّم أن تؤثر الألعاب التي يلعبها الأطفال في نموّهم وزيادة مداركهم؛ لذلك نجد اهتمام الغرب بالألعاب ووضع الأفكار التي يريدون زرعها داخل أطفالهم.
ولا يفارق مخيّلتي همُّ المشرف على موقع الأطفال (sanadkids) الدكتور/ محمد صفاء حقّي حول السعي حثيثاً لإيجاد طرق إسلاميّة لجذب الأطفال وإلهائهم وإغرائهم بألعاب أجود وأفضل من الموجودة في الساحة؛ وذلك بعد أن شاهد أطفالاً يلعبون بأحد الألعاب الإلكترونية، وبعد مجاهدة وانتهاء من اللعب والفوز تقدّمت إحدى المكرِّمات لتسليم الصليب الذهبي إلى الفائز الأوّل..!!
ولكن ترى هل سيتحقّق الحلم؟
تسلية وخبرات تعليمية
لا شكَّ أن الألعاب التي تُكسِب الأطفال الخبرات التعليميّة عن طريق التسلية والمتعة هي أفضل الألعاب؛ ولذا يمكن اعتبارها مظهراً من مظاهر تربيتهم وبياناً لسلوكهم وتحديداً لطريقة تفكيرهم، مثل التمثيليات القصيرة، ومسرحيات الدمى، وخيال الظل للأطفال من سن 6 فأكثر، وتصل إلى درجة التعقيد شيئاً فشيئاً كلّما كبر الطفل.. كما تشجّع هذه النشاطات الأبناء على المنافسة المفيدة والتعلّم المنتج، ومزاولة المهارات، واتّخاذ القرارات؛ كخبرات في تمثيل أدوار العلاقات بين الأشخاص، لذلك يجب أن لا تكون الألعابُ فقط للاستجمام والتسلية وقضاء وقت الفراغ، بل يجب أن تكون للمساعدة على التعلّم وإنجاز أهداف خاصّة، لذلك نجد الكثير من الشركات الغربيّة وبعض المؤسسات التجاريّة تسوِّق الألعاب التي تنتجها بطريقة وصفها تربوياً.
أنواع الألعاب
الألعاب التعليميّة
اللعبة التعليميّة تعد نشاطاً منظّماً يتّبع مجموعة قواعد في اللعب، وتكون اللعبة بين شخصين أو أكثر يتفاعلون للوصول إلى أهداف تعليميّة محددة، ويمكن التمثيل على هذه الألعاب بما يسمى بالمنطق الرياضي باستخدام حلقات دائريّة لتكوين معادلات؛ والفائدة منها تكون لتحويل المعلومات الرياضيّة من المفاهيم المجرّدة إلى حقائق واقعيّة تدركها الحواس وتكون مسلية.
وهناك أيضاً ألعاب تُستخدم في تحسين ملكة اللغة فتتجه عادةً نحو تنمية مهارات القراءة والطريقة الصوتية والتهجئة والقواعد والمفردات اللغوية في المعجم؛ مثل لعبة الخربشة المشهورة في الغرب (Scrabble) وقد ظهرت بلغات أجنبيّة أخرى لإثارة المفردات اللغوية؛ وقد لا يستفيد منها في هذه النقطة سوى الأعمار من (13-18سنة) في اللغة الأم، أما إذا كانت لغة مكتسبة فقد يستفيد منها من هم في أعمار أكبر ممّا ذكرت.
ألعاب المحاكاة
تكون هذه الألعاب غالباً مربوطة بالعلوم الاجتماعية، وهي تجمع بين صنع القرار وبين عناصر الحياة الواقعيّة للمحاكاة، ولكنها بالتأكيد مبنية على التفاعل والمنافسة بين المشاركين وهما الصفتان المميزتان للألعاب.. ولكن في ألعاب المحاكاة ربما لا يتطلّب الأمر وجود رابح أو فريق رابح، ويمكن أن نمثّل هنا بلعبة المستهلك مثل (المونوبولي) وإن كان هناك رابحون فهم أولئك الذين شعروا من خلال المساومة بأنهم قد حصلوا على مقدار كبير. والأمر الأكثر أهمية هنا بالطبع هو ملاءمة ذلك النشاط لحاجات تعليميّة محددة. وفي العلوم الاجتماعيّة -وخاصة الاقتصاد والجغرافيا والتاريخ وعلم النّفس- طُوّر الكثير من ألعاب المحاكاة، وتُعزى شهرتها إلى الطبيعة الفعّالة لظروف اللعب، فألعاب المحاكاة تفيد في مجال الإرشاد واختيار المهنة.
نتائج أبحاث أمريكيّة حول أهميّة الألعاب
- يجب أن يكون الطالب على معرفة بالهدف من استعمال اللعبة لتكون أكثر إيجابية.
- الاهتمام بالظروف التي تُدار فيها اللعبة.
- بمقدور الألعاب تعليم الحقائق والمفاهيم بفعالية تضاهي فعالية التعليم التقليدي.
- الألعاب في بناء المفردات والرياضيات أفضل من التعليم التقليدي.
- الألعاب تزيد من دافعيّة التعلّم عند الطلبة، فالمنافسة تشجّع الطلبة على مساعدة بعضهم.
- للألعاب أثر وجداني كبير؛ لأنها تساعد كثيرا في تغيير المواقف.
ألعاب إبداعية في البيوت والفصول الابتدائيّة
من الأفكار الجميلة التي تنمّي قدرات الأطفال في المدرسة في صفوفهم:
- تحويل ركن من الصف أو المنزل إلى سوق للأوراق الماليّة أو إلى بقالة.
- قيام الأطفال بتنظيم أركان مختلفة في الصف أو في المنزل.
- قيام الطفلة بوضع ركن مطبخ خاص في غرفتها أو المنزل.
- قيام الطفلة بوضع مكان لنوم الدمى وما شابهها.
- قيام الطفل بوضع قسم في بيته أو مستودع صغير تكون فيه بعض الألعاب أو المجسّمات، ويمكن أن تكون كورشة لقطع الأخشاب أو تركيب الأخشاب وقطع من الأثاث، وتصليح الأبواب..
- تمثيل الحكايات والقصص داخل البيت والفصل.
- تحويل ركن في المنزل للزراعة لتعرف قدرة الخالق جلّ وعلا.
للطّفل عالمه الطفولي الخاص
أخيراً يُفترض في جميع النشاطات المذكورة أن تكون مثيرة إلى درجة كبيرة، وتحث الطفل على محاولة إنجاز الأهداف الموضوعة لكل نشاط. كما يجب بذل عناية كبيرة في تقويم واختيار الألعاب. ويُفترض فيها أيضاً أن تُدخل البهجة في النفوس وأن تكون مجزية، ولا ننسى أن نجعل لهم عالمهم الخاص في اللعب، وعدم التدخّل في تفاصيل طريقة اللعب، وأن تتم ممارسة الألعاب في جو من الحريّة، كي يكون هذا أيضاً باباً من إطلاق العنان للطفل أن يعتمد على نفسه ولو شيئا يسيرا، ويتحمّل بعض المسؤولية، ويبني شخصيّته بإشراف والديه.
إذا نظرنا إلى الماضي...
من عاشقي (الفلكلور) والتراث مَن يرى أن الحضارة المصنوعة باتت تثير الغثيان، بعد أن دخلت في روح العصر، ونحرت سلامة العقول والأعصاب بضجيج الآلة وضوضاء الجهاز الصوتي.. وأُفسِد الذوق المهذّب بغبار المعامل والمصانع.. ومن هنا سادت النّزعة الفلكلورية... وللحديث عن الألعاب الفلوكلورية باب آخر يأتي الحديث عنه قريباً إن شاء الله تعالى.
ـــــــــــــــــــــ
للاستزادة في هذا الموضوع انظر:
(1) التقنيات التربويّة بين النّظرية والتطبيق؛ ترجمة وتحرير: د. مصباح الحاج عيسى، توفيق العمري، إياد ملحم، يونس محمد حجير_ مكتبة الفلاح- الكويت الصفحة من 439-469.
(2) الألعاب الصغيرة؛ السيّد كامل عبد المنعم، السيد وديع ياسين محمد_ جامعة الموصل.
(3) الألعاب الشعبيّة لصبيان سامرّاء؛ يونس الشيخ إبراهيم السامرّائي_ ضمن السلسلة الثقافيّة الصادرة عن وزارة الثقافة والإرشاد في الجمهوريّة العراقيّة.