كاتب سعودي: منذ اليوم سأخصص زاويتي للكتابة عن نانسي وهيفاء وأليسا
في سخرية تقطر ألماً، يعالج الكاتب الصحفي خلف الحربي في صحيفة "عكاظ" أزمة الكتاب، في مجتمع يرى أن الكتابة في كل الموضوعات حساسة، تثير طوائف المجتمع، ويجب تجنبها، فيعلن الكاتب أنه سيتوجه للكتابة عن المطربة نانسي عجرم،
ففي مقاله "فلنكتب عن نانسي عجرم!" يقول الكاتب:
"الكتابة في بعض المسائل الحساسة تجلب الحساسية المزمنة، والكتابة عن الثورات العربية تزعج بعض القراء الكرام الذين عادة ما يطلبون التركيز على القضايا المحلية، والكتابة عن القضايا المتعلقة بأطروحات بعض المتشددين عادة ما تزعج بعض القراء البسطاء الذين يخلطون بين الدين الحنيف ومدعي التدين ويصل بهم الأمر إلى درجة تقديس بشر مثلهم يخطئ ويصيب، والكتابة عن الشركات تزعج قسم الإعلان في الجريدة، لذلك أفضل موضوع يمكن الكتابة عنه اليوم هو نانسي عجرم!"
ثم يشير الكاتب من طرف خفي إلى النفاق، في طمأنة الناس أن كل شيء بخير ويقول: "أنا رجل واضح معكم ومع نفسي، بل إنني لا أعشق شيئاً في هذه الدنيا قدر عشقي للوضوح والصراحة، لذلك فإنني لن أخدعكم وأضيع وقتكم فأنا منذ اليوم سوف أخصص هذه الزاوية للحديث عن اللحم الأبيض المتوسط! فاليوم نانسي وغداً هيفاء وهبي وبعد غد أليسا.. وعاشت الأمة العربية.. ويا بلادي واصلي.. وكل الناس خير وبركة.. وأهم شيء الأخلاق!"،
لكن الكاتب يعود بألم ليرصد حجم المشكلات التي يعاني منها المجتمع ويرى أن الكتابة عن نانسي تعفيه من الصدام بشأنها ويقول: "صدقوني من مآسي هذه الأمة أنها لم تقدر أهمية وجود نانسي عجرم، هذه المرأة الرقيقة الفاتنة لم تقتل أحداً، ولم تهدد أي إنسان بنار جهنم، ولم تتهم أي شخص بالخيانة والعمالة، ولم تسرق المشاريع وتنهب أراضي الدولة، ولم تتاجر بالأدوية الفاسدة، ولم تنشر التخلف وتروج للخرافات، لم تفعل أي شيء من الأفعال البشعة التي يفعلها الناس هذه الأيام،
بل كحلت أعيننا بِطلّتها البهية وشنفت آذاننا بصوتها العذب وقدمت لنا أجمل الوعود في هذه الدنيا حين قالت: (أطبطب وادلع)، نانسي العظيمة ذات الوجه الصبوح الذي لا يمكن مقارنته بالوجوه المكفهرة، إنها بشر مثلنا، وتتقبل النقد بكل أريحية فلماذا لا نستمتع بالحديث عن آخر أغانيها، وحملها الجديد، وتجربتها مع الأمومة، أستحلفكم بالله هل الحديث عن القذافي وبقية الطغاة العرب أمتع من الحديث عن قارورة العسل المسماة نانسي عجرم؟!"، ث
م يضرب الكاتب بسخرية على وتر النفاق في المجتمع حين يقول: "أنا من المتعصبين لنانسي عجرم منذ أيام (آه ونص)، لقد شعرت أيام ذلك الكليب الشهير أن الأمة العربية من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر توحدت حول طشت الغسيل الذي كانت تتعامل معه بكل شقاوة وكنت أتخيل مشهد الجماهير المسحوقة وهي تخرج في الشوارع لتهتف: نموت نموت ويحيا الطشت"،
ويواصل الكاتب الضرب على وتر النفاق المجتمعي وهو يعلن انحيازه التام لنانسي وراحة البال من الصدام، فيلجأ إلى نظرية المؤامرة والعمالة التي تستخدم ضد الكتاب ويستخدمها بشكل معكوس،
فيقول معترفاً: "يؤسفني أن أعترف لكم بأنني عميل مدسوس لنانسي عجرم، وأنني مكلف من قبل منظمة نانسي عجرم السرية بغسل أدمغتكم حتى تقتنعوا بأن الحقيقة تبدأ وتنتهي حيث توجد نانسي عجرم"،
وتصل سخرية الكاتب إلى مداها، ممن يصنف المجتمع إلى مع أو ضد ولا شيء آخر،
فيقول: "أعلم أن الكثير من القراء الأعزاء لا تهمهم قضايا نانسي عجرم لذلك أقول لهم بكل أخوة وبكل قلب أبيض: (العذر والسموحة) وابحثوا عن أي كاتب آخر فمن لا تهمه نانسي ليس منا"،
ثم يختتم الكاتب بلغة أصحاب الصوت الواحد وعباراتهم حين يقول: "في الختام أناشد بقية القراء الذين يؤمنون بأهمية نانسي في هذا العالم أن يهتفوا معي بصوت واحد وبقلب تملؤه الطمأنينة: تعيش نانسي عجرم.. وليخسأ الخاسئون!".