لقد بيّن القرآن الكريم بوضوح عاقبة الإعراض عن ذكر الله إقامة للحجة وقطعاً للأعذار من جهة,ورحمة ولطفاً بالعباد من جهة أخرى.مع الآيات ( 124و 125 و126) من سورة طه نمضي في رحلة جدّ نافعة على صهوة الكلمة حيث نتأمّل , نفكّر , لعلّ الكلمة الربّانيّة تنير قلوبنا الّتي قبعت فيها الظلمة وتوقظنا من غفلة ربّما طال أمدها . يقول الحق عزّ وجلّ : ( ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشة ضنكاً . ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربّ لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيراً . قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى . ) خطاب الهي موجّه إلى ذاك الفريق من الناس , حيث يخاطبهم خالقهم ومولاهم بكل وضوح من ترك أوامري وكذّب رسلي وأعرض عن شرائعي الّتي أنزلتها عليهم وحياً من عندي , فليعلم أنّه في شدّة وضيق ولا تعرف السعادة إليه سبيلاً , وإن أظهر للناس أنه في سعادة , يأكل ما شاء ويلبس ما شاء ويسكن القصر الّذي يشاء . أنّه في حيرة وقلق وضيق في صدره أينما كان وحيثما كان في ليله ونهاره ونومه ويقظته في عمله وتواصله مع الناس من حوله . إنه شقي في دنياه , والشقاء الأدهى في آخرته , حيث يحشره الله يوم البعث أعمى البصر والبصيرة يستغرب حاله , يسأل ربّه قائلاً : ربّاه لقد كنت ذا بصر وبصيرة في دنياي فلم حشرتني اليوم أعمى ؟! فيجيبه الحق تبارك وتعالى : لقد أعرضت عن أوامرنا وكذّبت رسلنا وتعاميت عن آياتنا ونسيتها ولم تلتفت إليها وهذا جزاؤك نسيت فتنسى . يا للحسرة ويا الندامة التي يصير إليها هؤلاء المساكين! بعد فوات الأوان حيث تكون كل الأوراق قد سقطت وسدّت الأبواب كلّها إلا باب الشّقاء . أدرك نفسك يا أخي وأنت الآن في فسحة من عمرك. عد إلى دينك هارباً من عالم الضياع والبعد والشرود تكن إن شاء الله من الفائزين السعداء .
فائدة : روي عن عبد الله بن عبّاس رضي الله عنه قوله : معيشة ضنكاً أي ضغطة القبر .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ