بمناسبة الذكرى السابعة والثلاثين لحرب رمضان / تشرين المجيدة أتقدم بخالص التهاني والتبريكات إلى رفاق الدرب والسلاح في الجيوش العربية ، التي شاركت في هذه الحرب ، والتي لقنت الجيش الإسرائيلي دروسا في الشجاعة والنخوة والتكتيك العسكري والاستخدام الفاعل للسلاح والعقيدة العسكرية والمناورات الإستراتيجية والتكتيكية وعلى تطبيق خطط الحرب ومبادئها وفق سياقات العلم العسكري المتطور والحرب الحديثة بكافة أنواعها الهجومية والاقتحام والإحاطة وبكافة الأسلحة الجوية والبرية والبحرية ، فكان الانتصار العسكري الكبير في هذه الحرب دلالة على قوة وتلاحم الموقف العربي ضد أعداء الأمة إذا ما تعرض عضو في جسدها تناخى باقي الجسد بالغيرة والنخوة وان الخلافات العربية يمكن تجاوزها إذا ما تعرضت الأمة أو بعضها للخطر ، وإذا ما احتكم قادتها ومسئوليها إلى العقل والحكمة والتبصر وغلبوا مصالحهم الإستراتيجية على مصالحهم الأنانية في لحظة زمنية حساسة ومهمة كما حصل في حرب تشرين ..
إن ما حصل في حرب رمضان / تشرين يعيد إلى الأذهان مآثر وبطولات جيوشنا العربية الإسلامية على عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين والدولتين الأموية والعباسية . كما تعيد إلى الأذهان أيضا بطولات العراقيين والمصريين والسوريين القدماء الذين لقنوا أعداء الأمة الدروس والعبر والأمثلة الرائعة في الشجاعة والاستخدام الفاعل للسلاح والتكتيك والتوحد منذ آلاف السنين فكانت معارك البابليين بقيادة نبوخذ نصر الأول عام 598 ق. م ومعارك نبوخذ نصر الثاني عام 586 ق . م ضد اليهود الذين تم ترحيلهم إلى بابل ومعارك الآشوريين على عهد الملك سنحاريب عام 722 ق. م. ضد اليهود الذين تم ترحيلهم إلى نينوى ومعارك التحرير المصرية القديمة بقيادة احد ملوك السلالة الثامنة عشرة طوطمس الثالث ضد الهكسوس في موقعة مجدو في بلاد الشام عام 1478 ق . م ومعركة عين جالوت التي هزم فيها المصريون المغول شر هزيمة إلى غيرها من معارك وبطولات الجندي العربي منذ تلك الفترة الموغلة في عمق التاريخ مرورا بمعارك صلاح الدين التحريرية ضد الصليبيين ... الخ ..
كما شكلت مشاركة الجيش العراق في هذه الحرب بثقل كبير سفرا خالدا للضباط والجنود العراقيين الذين وقفوا إلى جانب إخوانهم في الجيوش العربية وسوف تذكره الأجيال بفخر المآثر التي سطروها وتلك الدماء التي سالت في كفر ناسج وتل عنتر وجبل الشيخ وصحراء سيناء دفاعاً عن قضيتهم العادلة وعن شرف الماجدات العربيات ، وسوف لن تغيب عن البال تلك الملحمة الوطنية العراقية عندما مرت (24) طائرة عراقية مقاتلة مع أسراب الطائرات المصرية فوق قناة السويس على ارتفاع منخفض وبسرعة هائلة لتقوم بتدمير المطارات الإسرائيلية في سيناء وهي (المليز، ثمادة، راس نصراني) وتضرب عشرة مواقع إسرائيلية ارض- جو من نوع هوك والمقر المتقدم لقيادة المنطقة الجنوبية الإسرائيلية في (أم خشــب) ومقرها الرئيسي في (العريش)..
كما لا ننسى ذلك الاستقبال الرائع الذي كان يستقبل به أهلنا في سوريا إخوانهم وأبناءهم من أبطال الجيش العراقي وهم يتوجهون إلى جبهات القتال وبالزغاريد بعد عودتهم منها وهم يحملون أكاليل الغار والنصر ..
إن ما حصل في حرب رمضان / تشرين يجسد الإرادة العربية الواحدة في مواجهة الخطر المحدق بالأمة العربية وان مشاركة الجندي العراقي في هذه الحرب إلى جانب إخوانه في الجيوش العربية يدل ، بما لا يقبل الشك ، أن الخطر الذي يتعرض له أي عضو في الجسد العربي إنما هو خطر يهدد كل الجسد وان تضحيات الجيش العراقي الباسل في هذه الحرب وكل الحروب العربية الإسرائيلية إنما هي تأكيد للمصير المشترك الذي يربط أبناء الأمة الواحدة ، فضلا عن كونه جيش له خبرات طويلة في الدفاع عن قضاياها المصيرية ، مما ساعد على تحقيق النصر في الحرب على العدو الإسرائيلي وكان له شرف المساهمة في تحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر وزعزعة أركان نظرية الأمن الإسرائيلي واثبات فشلها التام عندما أخطأت القيادة الإسرائيلية في حساباتها تجاه قدرات وإمكانيات الجـيوش العربية وعقيـدة قتالها بإبعادها السـوقية ( الإستراتيجية ) والعملياتية والتعبوية وفن استخدامها لمنظومات الأسلحة البرية والجوية والبحرية بشكل علمي وحديث ومتطور نال إعجاب العالم وراحت معاهده وكلياته العسكرية ومراكز دراساته البحثية تدرّس فن وأساليب القتال العربية وتأخذ منها العبر والدروس .. والدرس الآخر الذي نستخلصه من الحرب هو أن الجندي العربي ، من أي جيش أو بلد عربي كان ، هو ذاته الجندي العربي المؤمن بقضيته ، المتمرس في استخدام سلاحه والمتقن لعقيدته القتالية إذا ما توفرت له كل المقومات والإمكانيات المطلوبة لخوض حرب حديثة مهما كانت ظروف المعركة صعبة ..
الجيوش العربية المشاركة في حرب رمضان / تشرين
وبهذه المناسبة أشير إلى حجم الجيوش العربية التي شاركت في الحرب وكما ذكرها الفريق سعد الدين الشاذلي في مذكراته :
العراق
شارك العراق في الحرب على الجبهتين الشمالية والجنوبية بقوات كبيرة ومن كل الأسلحة وهو ثالث جيش بعد الجيشين المصري والسوري يشارك بثقل عسكري وحجم قتالي متكامل فقد أرسل العراق فرقتين مدرعتين و 3 ألوية مشاة وأسراب طائرات إلى الجبهة السورية وبلغت مشاركة العراق العسكرية على النحو التالي ( لدى الباحث تحفظ على حجم الجيش العراقي الذي ذكره الفريق الشاذلي فقد أهمل ذكر أسماء وحدات عسكرية عراقية شاركت في الحرب ، لكنه سيشير إليها عند حديثه عن تفصيلات دور الجيش العراقي في الحرب ) :
30,000 جندي
250-500 دبابة
500 مدرعة
73 طائرة هي:
الجبهة المصرية :
سربين من طائرات هوكر هنتر
الجبهة السورية:
سربين من طائرات ميج 21
3 أسراب من طائرات سوخوي 17
الجزائر
شاركت الجزائر في حرب أكتوبر 1973 على الجبهة المصرية بالفوج الثامن للمشاة الميكانيكية / المشاة الآلي ،
التعداد البشري:
• 2115 جندي
• 812 ضابط صف
• 192 ضابط
• العتاد: البري:
• 96 دبابة
• 32 آلية مجنزرة
• 12 مدفع ميدان
• 16 مدفع مضاد للطيران
• الجوي:
• سرب من طائرات ميغ 21
• سربان من طائرات ميغ17
• سرب من طائرات سوخوي7
• مجموع الطائرات : حوالي 50طائرة
ليبيا
أرسلت ليبيا لواء مدرعا إلى مصر إضافة إلى سربين من الطائرات عددها 54 طائرة ميراج كالاتى:
20 ميراج 5de
20 ميراج 5dr
2 ميراج 5ds
12 ميراج 5dd
ليكونوا سربين واحد بطيارين مصريين وآخر بطيارين ليبيين.
الدعم الأردني
شاركت القوات الأردنية في الحرب علي الجبهة السورية بإرسال اللواء المدرع 40 واللواء المدرع 90 إلى الجبهة السورية.
المغرب
شارك المغرب بلواء مدرع على الجبهة السورية ووصل قبل بداية الحرب بأسابيع قليله ، كما شارك بلواء مشاة على الجبهة المصرية ووصل إلى مصر بعد بداية الحرب إرسال سرب اف 5 قبل بداية الحرب إلى مصر.
السعودية
قدمت القوات المسلحة السعودية الدعم الأتي إلى الجبهة السورية
واء الملك عبد العزيز الميكانيكي (3 أفواج)
فوج مدرعات بانهارد (42 مدرعة بانهارد + 18 ناقلة جنود مدرعة + 50 عربة شئون إدارية)
فوج مدفعية ميدان عيار 105 ملم
فوج المظلات الرابع
2 بطارية مدفعية عيار 155ملم ذاتية الحركة
بطارية مضادة للطائرات عيار 40 ملم
سرية بندقية 106-ل8
سرية بندقية 106-م-د-ل20
سرية إشارة / مخابرة
سرية سد الملاك
سرية هاون
فصيلة صيانة مدرعات
سرية صيانة +سرية طبابة
وحدة بوليس حربي
السودان
أرسلت السودان لوائين مشاة إلى الجبهة المصرية بالإضافة إلى كتيبة وحدات خاصة.
الكويت
أرسلت الكويت تشكيلين:
• في الجبهة السورية: قوة الجهراء المجحفلة تقدر بلواء مكون من 4 كتائب ، كتيبة دبابات وكتيبة مدفعية وكتيبة مشاة آلية وكتيبة مشكلة من مشاة + المغاوير وسرية دفاع جوي وباقي سرايا الإسناد.
• في الجبهة المصرية: كتيبة مشاة متواجدة قبل الحرب و سرب هوكر هنتر مكون من 5 أخر أيام الحرب وبقي في مصر حتى منتصف 1974.
تونس
أرسلت تونس كتيبة مشاة قوامها حوالي 1000 جندي إلى الجبهة المصرية نشرت في منطقة دلتا النيل.
تحية إجلال وإكبار للجيوش العربية التي قاتلت العدو الإسرائيلي ببسالة رائعة وحطمت نظرية الأمن الإسرائيلي وألحقت بالقدرات العسكرية الإسرائيلية خسائر فادحة لم تكن معتادة عليها سابقا مما أربك قيادتها السياسية والعسكرية التي راحت تستغيث بالآلة العسكرية الأمريكية لدعمها وتعويض خسائرها الكبيرة بعد أن انهارت الجبهة الداخلية وراحت جموع المستوطنين تهرب الى خارج فلسطين المحتلة في إطار عملية نزوح جماعية كبيرة بفعل الزلزال العربي الكبير الذي حطم الأسطورة الكاذبة .. أسطورة الجيش الذي لا يقهر ..
وبهذه المناسبة ندعو الذين يحتفلون بهذه الذكرى سنويا ويتجاهلون عن قصد أي ذكر لدور الجيش العراقي والجيوش العربية الأخرى التي شاركت في الحرب أن يثوبوا إلى رشدهم ويكفوا عن خداع الأمة التي بات أبناؤها يعرفون حقائق ما حصل في حرب رمضان / تشرين على جبهات القتال ودور القوات المسلحة العراقية والأردنية التي قاتلت بشراسة وبطولة فاقت كل التصور وكان لدور هذه القوات الفضل الأكبر في تحقيق النصر على العدو الإسرائيلي وهذا ليس منة أو فضل بل هو الواجب والنخوة ولمن يقدر هذه المسؤولية التاريخية فان كل شيء يهون في سبيل الله والوطن والشرف والكرامة ، فضلا عما حصل قبل الحرب وبعدها من مواقف سياسية مخجلة باتت معروفة لأبناء الأمة العربية ، لكن اعتزازنا يكمن ، عندما نتحدث عن حرب رمضان / تشرين ، في بطولة الجندي العربي وشجاعته وغيرته وإجادته فن إدارة المعركة بكل صفحاتها وأسلحتها والتي ساعدت بل كانت عنصرا مهما من عناصر الانتصار في حرب رمضان / تشرين ..
كما نحث الذين يحتفلون بالذكري السنوية للحرب أو عندما يؤرخوا لها ويتحدثوا عنها عدم تجاهل دور الدول التي استخدمت النفط كسلاح من أسلحتها لصالح العرب أو التي قدمت مختلف أنواع الدعم لسوريا ومصر ، فالنصر الذي تحقق في هذه الحرب لم يكن ليحصل بمثل هذه النتائج الباهرة من دون هذه العوامل مجتمعة ، من هنا يصح أن نسمي حرب تشرين معركة الأمة كلها ضد أعدائها كلهم ..
تحية تقدير واعتزاز لسوريا ومصر والعراق والأردن والمغرب والسعودية وليبيا والسودان وتونس والمغرب والجزائر والكويت ولجيوشها الباسلة التي أثبتت فشل حسابات الأعداء ومراهناتهم على استمرار الخلافات العربية عند تعرض إحدى الدول العربية أو بعضها للخطر الخارجي ..
الرحمة والخلود لشهداء الأمة في حرب تشرين وكل معاركها ضد أعدائها وأسكنهم الله فسيح جناتهم ..انه نعم المولى ونعم النصير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته