لماذا نجعلهم يكرهوننا ؟!!
قبل عقود قرأت في أحد الكتب،وإذا لم تخني الذاكرة فهو"مسافة بين القبلات" للأستاذ منير عامر،وقد ذكر – إبان زيارته لأمريكا – شيئا عن مؤتمر أقيم هناك عنوانه "لماذا يكرهوننا؟!".
وأعتقد أن علينا أن نسأل أنفسنا – ونحن محط أنظار العالم – لماذا نجعلهم يكرهوننا؟
من وجهة نظري الخاصة .. تنقسم أسباب الكراهية إلا ثلاثة أقسام :
قبل الحديث عن هذه الأقسام .. أُذكَّر بما طرحه الأستاذ نجيب الزامل من .. )انحسار سمعتنا في العالم الإسلامي، جرسٌ يجب أن يُدقّ بصراحة من أجل الحقِّ والحقيقة. وسمعتنا أقصد بها السمعةُ السعودية كدولةٍ تمثل الإسلامَ، وإن لم نفتح هذا الموضوع الآن ونفاتح أنفسنا بصراحةٍ فإن الوقتَ سيكون فيما بعد متأخراً، وأسوأ أنواع تناول أي مرض هو التأخر في العلاج، فما رأيك في التأخر بالاعتراف؟!){ رسائل مجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم البريدية}.
أما أقسام الكراهية – كما أراها - فقسم يكرهنا لأمر يكاد أن يكون خارجا عن إرادتنا .. مثل ما تبثه قنوات مملوكة لبعض السعوديين من عري وخلافه .. وفي هذه النقطة يحدثنا الأستاذ نجيب الزامل عن تجربة مر بها ..(كنت في مجلس فكري في تونس وأكرموني بالحديث حول مواضيع تخص الشأنَ العربي، فإذا رجلٌ ستيني ملتحٍ يرتجّ غضباً كزلزالٍ مفاجئ ويقول لي: “اخرس أيها السعودي”.. وبين دهشتي وارتباك الحاضرين تابع مزبداً ومرعداً: “لقد خربتم أبناءَ الأمةِ وشباب وشابات هذه البلاد بمحطاتكم الفضائية وخربتم وقوضتم الأخلاق، وتأتي هنا بمسوح الفضيلة. يا ويلكم أيها المنافق) { رسائل مجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم البريدية}.
هذه القنوات التي يتحدث عنها الستيني التونسي الملتحي .. تخص أفراد محددين .. ولا تخص الشعب السعودي .. ولا الحكومة السعودية،إلا أن يتم الحديث عن "غض الطرف"عن تلك القنوات.. وفي كل الأحوال الشعب السعودي ليس طرفا في الأمر .. وربما كانت أكثريته تضج من نفس القنوات وتشن عليها الحملات { مثل حملة : قاطعوا إم بي سي / ودعوات لحذف نفس القناة : واليوم - 16 رمضان 1437هـ - قرأت هذه الكلام : ( اللهم يا من تظهر الحق وتزهق الباطل،اجعل قنوات السوء الـ mbc ومن على شاكلتها باطلا زهوقا. وادحر كل عمالها وعملائها ومعاملاتها) أ.نجلاء الظهار في حسابها على "تويتر".
أما القسم الثاني فهم"المضللون"إعلاميا .. وهم تبع للكراهين لنا "فكريا" مرة أخرى نأخذ شهادة الأستاذ "الزامل" والذي قال : (وشكوتُ لأصدقائي السعوديين في مانيلا عن صرّافٍ مسلم (وتكاد مهنة الصرافة في العاصمة الفلبينية أن تـُحتكـَر من قبل المسلمين) طردني من محلـِّه الصغير، وأنا أريد أن أصرف عُمـْلة لديه.. وقال لي حرفيا: “قو آوت يا كافر!” فتنفستُ الصعداءَ ظنا مني أنه يظن أني لستُ مسلماً، فحاولت التصحيح ورددتُ عليه: “ولكني أنا سعوديٌ مسلم..” وأجاب: “لا، السعوديون كافرون، يساندون النصارى واليهود.. إيران هي المسلمة تحارب اليهود والنصارى.. اخرج”. خرجتُ، وزوجته تتابع الشتمَ بعد أن توقف هو. ومع الموقف المحرج كنت أتساءل مديراً أصابعي مذهولا: “ربي، ما الذي حدث؟!”) { رسائل مجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم البريدية : المقالة نشرت بجريدة الاقتصادية بتاريخ 8 أغسطس 2008}.
أما القسم الثالث فهو مربط الفرس .. وواسطة العقد .. وسبب كتابة هذه الأسطر .. أعني معاملة العمالة الوافدة.
أزعم أنني قابلت – في شهرنا هذا أي رمضان – شبحين .. أو شخصين ليسا من أهل هذه الدنيا ..بجفاف ملامحهما .. والحزن الملتصق بوجهيهما .. ومع انتمائهما إلى فئة الأشباح أو الأموات .. فقد كان كل واحد منهما ،بمعجزة لا يقدر عليها إلا من يحيي العظام وهي رميم – سبحانه وتعالى – يمسك بيمينه سلاحه ويطعن به وجه الأرض ..وبيسراه يمسك "ترسه".. يطارد زجاجة ماء فارغة .. أو كيسا من البلاستيك .. ورغم حرارة الجو إلا أننا لا نستبعد هبوب بعض "السَّموم"مدحرجة علبة عصير فارغة ..معاندة ذلك البائس ..
نعم. لقد كان عامل النظافة يكنس الشارع .. عند الساعة الثالثة ظهرا .. في شهر الصوم ..ودرجة الحرارة لن تقل عن 48 !!!!
وكنت أشاهد أحد عمال النظافة – في غير رمضان – يعمل في نفس المكان .. أراه عند خروجي من صلاة الفجر – الساعة الرابعة والنصف صباحا – وأراه عند عودتي من العمل – الساعة الثانية والنصف تقريبا – يحمل سلاحه بيده.
هذه الشركات التي يعمل لديها مئات من العمال ليست مثل عامل فرد يعمل في منزل .. ليس من السهل اكتشاف معاناته .. بينما عمال النظافة يعملون في الشوارع وأمام الجميع .. فلماذا نترك شركاتهم تدفعهم للعمل تحت أشعة الشمس الحارقة .. وفي شهر الصوم؟!
هل نلومهم إذا كرهونا؟!!
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني