موسم الدراما السورية..غزارة في العروض.. وحيرة في المشاهدة ...باب الحارة حكايا الجدات
نظرا لان الدراما السورية جذبت الانظار وقدمت جديدا لشاشة بدات تعي\ نفسها ورغم دسامة المواضيع الا اانني اراها عموما تبدع ولو مع بعض النقد الذي وجدته عبر المواقع لبعض التوثيق التاريخي
ويبقى الابداع هو الاصل ان لم يكون فيه دس او باب دسم بالدسم
واليكم المقال الذي لفت نظري
شؤون ثقا فية
الأثنين 30/10/2006
فادية مصارع
من تابع ثلاثية ( ايام شامية) (ليالي الصالحية) واخيراً (باب الحارة) لا بد انه سيتذكر ثلاثية الروائي والكاتب المصري الكبير نجيب محفوظ,
التي كنا نشعر ونحن نشاهدها وكأننا زرنا مدينة القاهرة بحاراتها وازقتها وتعرفنا على (بين القصرين) و(قصر الشوق) و (السكرية) .
وعشنا مع شخصياتها التي اصبح وجودها حقيقيا في اذهاننا, فأحمد عبد الجواد ( سي السيد) مثلاً اصبح رمزاً لكل رجل متسلط في اي عصر كان .
بالطبع محفوظ لم يسلط الضوء في رواياته على زعماء ووجهاء الحي, بل تناول ايضاً اولاد البلد والسذج والبدائيين والعصريين, اما كاتب (باب الحارة) ومخرجها فقد اغلقا بابها واوصداه بأقفال ذات السبع طقات فلم يتجاوز ذلك المحيط الضيق الذي خططاه ورسماه للحارة المفترضة (حارة الضبع). وما قدماه في ثلاث و ثلاثين حلقة, من قصص الحموات والكنات, وعادات الخطبة والزواج, والولادة والختان والوفاة, هي صورة دمشق القديمة تماما كما رسمتها لنا جداتنا في الحكايات, حتى ليخيل للمرء بأن المخرج ادخر الذهب الذي سرقه المخرز ( الفنان بسام كوسا) من ابن عمه عمر في (ليالي الصالحية) ( ليعيده مع هلة رمضان جديد الى الممثل عينه وليسرقه مرة ثانية لكن هذه المرة من ( ابو ابراهيم) الفنان عصام عبه جي في مسلسل جديد اطلق عليه اسم باب الحارة.
والذي حقق باستطلاع بسيط المشاهدة الاكثر, ولذلك فمن الطبيعي ان ينال من النقد القسط الاوفر, والطريف اننا اذا قسمنا المشاهدين الى فئات فسنجد ان الاطفال هم الاكثر شغفاً وتعلقاً به لما فيه من عبر وامثولات تحاكي خيالهم فنسمعهم مثلاً يتحدثون فيما بينهم بأن من يسرق سيكون جزاؤه مثل ( الادعشري) بالضبط كما كانت امهاتنا تحذرنا, بأن من يكذب سيسود وجهه وسيكتشف امره, لأن ذلك سيكتب على جبينه ويبقى وصمة عار له حتى يكبر, من الواضح حتى للمشاهد العادي ان هذه الطريقة الترهيبية لا تخيف إلا صغارنا فقط.
واذا ما تجاوزنا هذه النقطة سنصطدم بنقاط اكثر سطحية, واهمها ان شيئاً لم يتغير في المسلسل بالنسبة لنا,فلولا العلم السوري الموجود في مخفر الشرطة والذي تم رفعه 1932 وبقي حتى 1958 لما عرفنا بأننا انتقلنا من حقبة الاحتلال العثماني الى الانتداب الفرنسي, فالمرأة بقيت كما هي تحمل اعباء القرون الماضية ويكفيها ان تبقى ظلاً للرجل, تربي أولادها وتدبر شؤون المنزل, الذي لا تغادره الا لزيارة اهلها او حضور حفل زفاف, وهمها الوحيد هو ارضاء ابن عمها ( زوجها) وان هي ناقشته دفاعاً عن كرامتها فسيكون مصيرها معلقا بكلمة منه كما حصل (لأم عصام) الفنانة صباح الجزائري التي طلقها زوجها بعد عشرة عمر بسبب خلافها مع والدة كنتها, كما ان المسلسل لم يسلط الضوء بأن الحكومة بدأت بفتح المدارس في هذه الفترة وشجعت على تعليم المرأة, صحيح ان الاقبال عليها كان ضعيفاً بادئ ذي بدء اذ لم يكن في تلك الفترة إلا طالبة واحدة نالت الشهادة الثانوية, إلا ان الرغبة في التعليم بدأت تتزايد تدريجياً, عندما شعرت الاسرة بأهميته بالنسبة للفتاة, ناهيك عن ان المرأة تحدت الصعاب الكبيرة واهمها العادات والتقاليد التي كانت تحد من تطورها فنجد نساء كرسن انفسهن للنضال في سبيل المرأة ومنهن ماري العجمي وعادلة بيهم الجزائري اللتان بدأتا بتنظيم جمعيات نسائية واسعة لمحاربة الامية وعقدتا الندوات, وغيرهن ممن شاركن في المجالات كلها حتى تم الجلاء, ثم ان حجاب المرأة الكامل ( الملاءة) لم يكن ليمنعها من الخروج الى الشارع منددة بالاستعمار الفرنسي وسياساته, ولا أن تسعف الجرحى والمصابين وتحمل السلاح للثوار في كمائنهم, وتنقل الاخبار منهم واليهم.
وأغفل المسلسل حركات المقاومة في دمشق وبقية المدن التي استمرت ربع قرن من الزمن , منذ دخول المستعمر خصوصاً وان دمشق كانت اول عاصمة عربية نالت استقلالها, بهمة الشباب ومواقفهم البطولية التي سجلها التاريخ ولا سيما الطلاب, الذين كانوا يقاتلون الاستعمار بحماس كبير سواء بالحجارة, او الاحتجاجات واطلاق الشعارات التي كانت غالباً ما تبدأ من مكتب عنبر ا لذي كانوا يتلقون فيه دروسهم او مدرسة التجهيز الاولى التي كانت السلطات تحاصرها لتمنع خروج المتظاهرين منها.
ولم يأت المخرج على ذكر الزعماء السياسيين الذين كانوا يشعلون الثورات ويتعرضون للملاحقة والسجن والاضطهاد, ناهيك عن دور العلماء في اذكاء دور النضال بين صفوف الشعب كالشيخ بدر الدين الحسني, كل ذلك اختصر بمشاهد تأمين السلاح للثوار في الغوطة كالعادة والتبرع للثوار الفلسطينيين وبعض اللقطات التي ذهب حكيم الحارة فيها لمداواة الجرحى من الثوار الذين كان عددهم يعد على اصابع اليد الواحدة.
على اية حال ربما يفتح المخرج باب الحارة على مصراعيه في الجزء الثاني الذي وعدنا به في نهاية المسلسل فتتوسع رقعتها لتشمل التغييرات السياسية التي لا يمكن فصلها عن الاجتماعية بأي حال من الاحوال وهنا تحضرني العبارة التي قالتها الطفلة الصغيرة لوالدتها في مسلسل (الخوالي) عندما اضطرت الام ان تقدم الوجبة ذاتها بسبب الحرب ومنع التجول فقالت لها ( فتش قلبنا من الفتوش) نتمنى ألا تقدم لنا الوجبة الدرامية نفسها فتستخدم العبار ة ذاتها .
حتى لا نظلم أحداً: على الرغم من العيوب والثغرات الموجودة في المسلسل إلا انه لا يمكننا ان نتجاهل تألق الفنان عباس النوري (أبو عصام) الذي اثبت جزءاً بعد آخر انه فعلا ابن الحارة الشامية (حارة الجورا) في حي باب توما الذي نشأ وتربى فيه وذكرها اكثر من مرة في المسلسل, والعكيد (الفنان سامر المصري ) والجاسوس ( الفنان معن عبد الحق) او دور الفنانة صباح الجزائري والفنانة الشابة ديمة الجندي التي اظهرت براعة ممزوجة بخفة دم في تجسيدها دور الصماء البكماء بعد ان تدربت لمدة شهرين في مركز الصم والبكم.
اما بسام كوسا الفنان الاكثر تواجداً على الساحة الدرامية في شهر رمضان والذي كذب الشائعات التي تناولته من انه تقاضى اعلى اجر على دوره في مسلسل باب الحارة, يحق لنا ان نسأله اذا كان ذلك غير صحيح, فما الذي يجعله اذاً يكرر نفسه ثلاث مرات على التوالي ?!
جريدة الثورة
http://thawra.alwehda.gov.sy/_View_n...20061029224316