أنواع المبتكرين
عبدالحميد البلالي
albelali@bashaer.org
عبدالحميد البلالي
يذكر نيدهيرمان في كتابه (The Creative Brain ) ثلاثة أصناف من المبتكرين، وهم:
1 المبتكرون الدائمون: وهم الذين يمارسون، بنشاط، خبراتهم الابتكارية الموهوبة، للاستمتاع والربحية.
2 المبتكرون لبعض الأحيان: وهم الأشخاص الذين يمارسون بعض لحظات الابتكار بكفاءة كبيرة، ولكن ليس على وجه الدوام، بل بعض الأوقات.
3 المبتكرون بعد جهد: وهم الذين يستطيعون الابتكار، ولكن بعد بذل شيء من الجهد، وضغط الحاجة الماسة.
وقد وصف نيدهيرمان النوع الأول من المبتكرين، بأنهم يمارسون الابتكار (للاستمتاع والربحية)، فليس دافعهم هو الربحية فقط أو طلب الشهرة والبروز، بقدر ما هو شعور بالاستمتاع في هذه الحياة. إنهم يشعرون حقاً بطعم آخر للحياة عندما يمارسون الابتكار، فالابتكار يشكل في حياتهم جزءاً رئيساً من معاني التمتع والسعادة بهذه الحياة، فهم يستمتعون عندما يخرجون لهذه الحياة أفكاراً جديدةً، ويزيد استمتاعهم عندما تجلب لهم هذه الأفكار الجديدة، المزيد من الأرباح والنجاح، لأن ذلك يعني لهم قبول الآخرين لأفكارهم، وهو دليل على كفاءة أفكارهم الجديدة. إنهم جنس من الناس لا يصبرون ولا يقفون عند فكرة واحدة، بل يستمرون بتوليد الأفكار على الدوام، لأن ذلك أصبح جزءاً من حياتهم، لا يستمتعون بالحياة من دونه.
كما نلاحظ أن النوع الثالث يندرج تحته عدد كبير من الناس، فهم لا يولدون أفكاراً جديدة إلا تحت ضغط الحاجة الماسة، لذلك تناقل الناس تلك المقولة المشهورة (الحاجة أم الاختراع).
ولهذا السبب فإن هذا النوع من المبتكرين لا يحوزون النجاح والتقدم والإنجاز مثل النوع الأول الذي لا ينتظر الحاجة لكي يبتكر، بل يبادر بتوليد الأفكار، فهو يسعى للنجاح ولا ينتظر أن يأتي إليه. لذلك هذا النوع أسرع الناس وصولاً للأهداف.
غالبية الناس
هذه الأنواع الثلاثة التي ذكرها هيرمان لا تشكل غالبية الناس، بل هي الأقلية في كل المجتمعات، قد تزيد نسبتها من مجتمع لآخر، بحسب البيئة الابتكارية المتوافرة من مجتمع لآخر، إلا أنهم يبقون هم الأقلية التي تعاني معارضة الأكثرية، ومضايقتهم، والسخرية منهم، وعرقلتهم، إلا أنهم في نهاية المطاف يكونون موضع التقدير والاحترام. عندما تشعر الغالبية بالانتفاع من الأفكار الجديدة.
أسباب هذه الغالبية
ويتساءل المرء عن سبب هذه الغالبية من الناس التي ترفض أن تكون أحد هذه الأنواع الثلاثة من المبتكرين، وتفضل أن تقتات على ما يولد هؤلاء المبتكرون من أفكار، ولا شك أن ذلك يعود لأسباب:
1 حكمة الإله بالتوازن: فقد اقتضت حكمة الله تعالى أن يكون المبتكرون أقلية في المجتمعات، فلو كانت هي الأكثرية، لما احتاج الناس بعضهم لبعض، ولتعثرت الحياة.
2 عدم الثقة: فقد يكون الكثيرون من الناس لديهم قدرات لتوليد أفكار جديدة، ولكنهم لا يثقون بهذه القدرات، ويستبعدون النجاح، ولا يرون أنفسهم كفؤاً لذلك الإنجاز، بل لا يتصورون أن يكونوا من المتميزين في هذه الحياة.
3 الخوف: والخوف أحد أهم وأبرز أسباب عدم توليد الأفكار الجديدة حتى لمن يملكون قدرات التوليد، لخوفهم من ضغوط المجتمع وعراقيلهم، والاستهزاء والنقد اللاذع. هذا الخوف يُغرَس في النفوس منذ الطفولة المبكرة، حيث يواجه هذا النوع من الناس، التثبيط والتحبيط من الوالدين والإخوان والأقارب عندما قدم لهم محاولاته الأولى لتوليد الأفكار الجديدة، مما جعل هذا الخوف يتأصل في عقله الباطن، فيجعله يتوقع الهجوم عليه من الآخرين في كل محاولة لتقديم الجديد.
4 طبيعة النفس البشرية: فإن من طبيعة النفس البشرية حبها للراحة، وعدم بذل الجهد، وإيثارها لعدم المخاطرة والتعب. هكذا هم الغالبية من الناس، يحبون الشيء الجاهز، الذي لا يبذلون فيه جهداً ولا جهاداً، ولهذا السبب أيضاً فإن الذين يقاومون وساوس الشيطان وتزيينه هم القليل من الناس، وكذلك الذين يدخلون الجنة هم القليل من الناس وقليل من عبادي الشكور (13)(سبأ).