الحياة في القرآن على ستة أوجه:الوجه الأول: الحياة، يعني: الخلق الأول ونفخ الروح. فذلك قوله في البقرة: “ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ “. يعني: كنتم نطفا فخلقكم وجعل فيكم الأرواح. وقال في غافر: “ قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ “: الحياة الأولى حين صوروا في الأرحام، ونفخ فيها الروح. وقال في آل عمران: “وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ “. يعني: وتخرج الحيوان من النطف. وقال في الحج: “وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ“. يعني: الذي خلقكم وجعل فيكم الأرواح. وقال في الجاثية: “قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ “. يعني: الله خلقكم، يعني: بدء الخلق.الوجه الثاني: الحي، يعني: المؤمن المهتدي. فذلك قوله في يس: “لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ “. يعني: مهتديا مؤمنا في علم الله تعالى. وقال في الأنعام: “ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ “. يعني: فهديناه للإيمان. وقال في فاطر: “وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ “، يعني: المؤمنين و الكفار. يقول الشاعر :لقد أسمعت لو ناديت حيا * ولكن لا حياة لمن تنادى
الوجه الثالث: الحياة، يعني: البقاء. فذلك قوله في البقرة: “وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ “، يعني: بقاء. وقال في المائدة: “وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا “. يعني: ومن أبقاها فكأنما أبقى الناس جميعا. وقال في البقرة: “ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ “ يعني: يبقون نساءكم. نظيرها في الأعراف، وفي إبراهيم.الوجه الرابع: الحياة، يعني: حياة الأرض بالنبات. فذلك قوله في فاطر: “ وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ “، وليس فيه نبات، “فأحيينا به الأرض”. يعني: بالماء، فنبتت من ألوان النبات، وحياتها نباتها نظيرها في يس، وغيرها.الوجه الخامس: الحياة: حياة عبرة قبل يوم القيامة، فذلك قول عيسى عليه السلام في آل عمران: “ وَأُحْيِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ “، وفي المائدة " وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي".الوجه السادس: الحياة، يعني الحياة يوم القيامة بلا موت بعده. فذلك قوله في سورة مريم: “وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا “: بعد الموت يوم القيامة. وقال تعالى في قصة عيسى عليه السلام: “وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا “: بعد الموت يوم القيامة. وقال: “أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى “. يعني: يوم القيامة ، وقوله تعالى في الفجر: “وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي” ، يعني بها: الحياة الأخروية الدائمة . ونحوه كثير.