‎| العلاقات الخارجيه للدوله الصفويه في عصر الشاه عباس الملقب بالكبير ( 1587 - 1629 مـ ) (( 2 )) |

لم يختلف مقصد بعثة عباس الصفوي الي اسبانيا عما كان منها تجاه الدول الاوربيه الاخري التي مرت بها قبل ان تصل الي الاراضي الاسبانيه و هي البعثه التي لم يبق علي رأسها سوي الامير التركماني حسين بك بيات - بعد هروب السير انتوني شيرلي كما و ضحنا سابقاً - و عندما و صلت البعثه الي كتالونيا شمال اسبانيا كان في استقبالها رجال الملك الاسباني فيليب الثالث المعروف بعدائه للإسلام و الذي شهد عصره إجلاء المورسكيين المسلمين من الأندلس و عندما حلت البعثه ببلاطه في بلد الوليد أغدق علي رجالها المنح و الهدايا لهم و للشاه الصفوي و هيأ لهم الاقامات التي تليق بالملوك و مكثوا هنالك مدة شهرين و منها غادروا عائدين الي فارس عبر طريق رأس الرجاء الصالح .

لكن اللافت للنظر في هذه المحطه الاخيره هو ليس كل ما ذكرته أعلاه و إنما هو ما صاحب هذه الرحله من أحداث ذات دلالات عجيبه و منها ما كان من مقتل أحد الملالي المصاحبين للبعثه علي يد أحد المتعصبين النصاري بالاندلس و هو ما يدلل علي مدي التعصب الشديد و الكراهيه السائده تجاه الاسلام حتي ذلك التاريخ في بلاد الاندلس و التي كانت مازالت تشهد أراضيها إضطهادا للمورسكيين المسلمين فحتي ذلك الرجل الذي لا يشك في كونه أحد ملالي الشيعه و مع كونه يعد سفيراً لكنه لم يسلم من البطش الذي ألم بالمسلمين في الاندلس .

أما الحدث الاخر الذي كان له دلالته أيضاً هو تحول ثلاثه من كبار رجال البعثه إلي النصرانيه و هم المدعو علي قلي بك ابن أخي حسين بك بيات و الاخر هو أروج بك الذي أرخ للرحله و له مؤلفات أخري في التاريخ الفارسي كان ينوي تقديمها للشاه بعد عودته و قد كان أروج من فرسان التركمان المصاحبين للبعثه أما الثالث فكان شخص يدعي بنياد بيك من مرافقي البعثه ، و كل من هؤلاء جري تعميده علي الطريقه الكاثوليكيه و تسمي بإسم من أسماء النصاري الاسبان و قد قبل الملك الاسباني أن يكون أباً روحياً للاول عند تعميده و قبلت الملكه بأن تكون أماً روحيه للثاني عند تعميده ، و كأن الثلاثه لم يتوانوا في تحقيق ما رحب به الشاه من استضافة البعثات التبشيريه في بلاد العجم و اعتنقوا النصرانيه في أوربا حتي قبل أن يعودوا لبلادهم و هذا يؤكد أن هذه الدوله و رجالها كان التخلي عن الاسلام و شرائعه سمة لهم و كما يبدو و كأنه كان عندهم من هوامش الامور و مستصغراتها .

كان هذا فصل بسيط في سلسله طويله من السلسله المشينه لسياسة التقارب ما بين عباس الصفوي و الغرب و في النهايه يتضح لنا كيف كان أمثاله من الشاهات الصفويه و رجال دولتهم مرتمون بأحضان الغرب الصليبي المناوئ للاسلام و كيف أن هؤلاء لم يتأخروا في التنازل عن كل الثوابت حتي دينهم مقابل تحقيق أغراضهم و التي لا أعلم أنها تحققت كما كانوا يأملون بل كانت سبباً في تحويل بلادهم لآداه طيعه بيد الدول الأوربيه الكبري خصوصاً إنجلترا لبسط هيمنتهم علي الهند و الدول الإسلاميه بالمنطقه ... و الحمد لله علي ما قدر .
_________________________________________
* الصوره من رسم أوربي للفنان الإيطالي كارلو كالياري و تبين أحد البعثات التي أرسلت إلي أوربا من قبل عباس الصفوي بنهايات القرن 16 مـ

العلاقات الخارجيه للدوله الصفويه في عصر الشاه عباس الملقب بالكبير ( 1587 - 1629 مـ ) (( 1 )) http://goo.gl/Dhi9k

أ.س





نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي