قامت العصابات الصهيونية بطرد مئات الآلاف من الفلسطينيين من أراضيهم بقوة السلاح ورفضت عودتهم إلى بيوتهم القديمة وممتلكاتهم التي توارثوها أباً عن جد وبالرغم من وجود قرارات واضحة في الأمم المتحدة نصت على حقهم بالعودة.
يعيش اليوم 2.5 مليون لاجئ فلسطيني في 64 مخيم للاجئين، وهنالك 2 مليون آخرين يعيشون خارج مخيمات اللجوء، وكلهم ممنوعين من العودة إلى قراهم أو مدنهم أو مجرد مناقشة أمر عودتهم.
وبرغم صدور القرار رقم 194 عن الأمم المتحدة في 11/12/1948م، والذي جاء في نصه " تقرر وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر،" وما زالت "إسرائيل" حتى اليوم ترفض تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، وتدعمها في ذلك حكومة الولايات المتحدة الأميركية.
* اصرار القادة الصهاينة على تهجير الفلسطينيين
جميع الأحزاب الصهيونية في "إسرائيل" تصر بشدة على رفض عودة الشعب الفلسطيني لأرضه بحجة الحفاظ على نسبة اليهود (النقاء العرقي)، وترفض حتى مناقشة الأمر.
وزير الأمن الداخلي جدعون عيزرا قال عن الفلسطينيين الذي يعيشون داخل دولة إسرائيل حسب تصنيفهم: "يوجد مواطنون عرب في دولة إسرائيل، هذه مصيبتنا الكبرى. تَخَلَّص من غزة، تَخَلَّص من يهودا والسامرة، ستبقى مع المصيبة الكبرى"..
مؤسس دولة "إسرائيل" وأول رئيس وزراء لها دافيد بن غوريون قال في خطاب له أمام الوكالة اليهودية عام 1937 "إننا لا نريد تبديل مكان سكن الفلسطينيين ولكننا نريد تهجيرهم، فهناك مساحات واسعة من الأرض عند العرب يمكنهم أن يستقبلوا الفلسطينيين فيها".
نقل بني موريس عن بن غوريون قول له عام 1938 أنه يدعم فكرة التهجير الإجباري ولا يرى أي شيء غير أخلاقي فيها.
لماذا حارب العالم أجمع دولة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا؟
أليس لأنها دولة كانت مبنية على التفرقة العنصرية !
لماذا حارب العالم أجمع هتلر والنازية؟
أليس لأنه نادى بالنقاء العرقي ومارس القتل والاضطهاد بناء على الانتماء العرقي!
بماذا تختلف المبادئ الصهيونية التي تنادي بدولة لليهود فقط عن دول كجنوب أفريقيا أو ألمانيا النازية، وترفض "اسرائيل" إعادة حقوق الناس لمجرد أنهم غير يهود؟
أليست يهودية الدولة فكرة عنصرية عدائية !
• مسيرة مفاوضات عبثية نتيجة استمرار ممارسات اسرائيلية ضد الفلسطينيين وموافقة أميركية-أوروبية:
بدأت مسيرة التفاوض الفلسطينية -الإسرائيلية المباشرة برعاية أميركية منذ بداية التسعينات، وخلال العملية التفاوضية كانت "إسرائيل" تصر دوماً على التحكم بحياة الفلسطينيين بأدق التفاصيل من أجل أن يضمنوا عدم تحسن حياتهم وعدم مطالبتهم بحق عودة اللاجئين إلى بيوتهم واسترداد ممتلكاتهم، بشكل يجعل التعايش السلمي مع الفلسطينيين ضرباً من ضروب المستحيل وتعتبر مقاومته لجرائمها إرهاباً، ولكي تضمن قوتها وتؤمّن أمنها لابد إذن من تحطيم المقابل، فهي بطبيعتها منذ الأزل التي يسردها لنا التاريخ عبر قتلها للأنبياء ومحاربة كل الأديان الأخرى لا تستجيب طواعية للتعقل والحكمة، إنما تردعها القوة والقوة فقط، عندئذ فقط تستجيب وتنسحب ، يعزز ذلك الانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة وبعض المستوطنات في الضفة المحتلة عام 2005 جراء المقاومة المستمرة .
أما الحكومة الأميركية فكانت وما زالت توفر الغطاء الأمني والسياسي لدولة "إسرائيل"، وترفض الضغط عليها لإعادة الحقوق لأهلها، بل وتتغاضى عن جرائم الاحتلال وتجاوزاته المستمرة وتستخدم حق الفيتو كل مرة لمنع أي قرار يدين مجازر وأعمال "إسرائيل" الشنيعة.
وبدلاً من التفاوض حول القضايا الجذرية وهي أساس المشكلة: اللاجئين وحق عودتهم إلى بيوتهم وممتلكاتهم وإقامة دولتهم على أرضهم المحتلة ووقف تحكم الاحتلال الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني فإن الاحتلال يفاوض الشعب الفلسطيني على ما هو حق له: ويريد أن يعطيه حقوقه الأساسية منقوص منها الحرية وحسب فهمه الاحتلالي الظالم ، فيحاصر غزة مثلاً ويريد التحكم بما يدخل إليها وما يخرج منها بالرغم من إعلانه عن الانسحاب التام منها، بل يزيد بهتانا وظلما يمنع غزة من التواصل المباشر مع العالم الخارجي ويمنعها من التعاملات التجارية الحرة مع العالم ليشدد الخناق عليها .
• جرائم مستمرة لا تتوقف بأشكال مختلفة:
لم تتوقف جرائم الاحتلال الإسرائيلي عند طرد الفلسطينيين عام 1948م، بل نتكلم عن اعتداءات ما زالت مستمرة حتى اليوم، وبعد ما أعلنت "إسرائيل" عن نيتها عقد السلام مع الفلسطينيين لا زالت تمارس سياسة الاغتيالات والاعتقالات وهدم البيوت وتوسعة المستوطنات على حساب ممتلكات الفلسطينيين ، فنجدها مثلاً تهدم قرية العراقيب في صحراء النقب على رؤوس قاطنيها، وتطردهم من أرضهم، بالرغم من أنهم رسمياً يعتبرون مواطنون في دولة "إسرائيل" وليسوا من الحركات الفلسطينية المقاومة، فإذا كان العالم يطلب من الشعب الفلسطيني نسيان ما حصل في الماضي، فهل المطلوب التغاضي عن جرائم اليوم؟
بل الأدهى والأمر دعوة وزير الخارجية "الإسرائيلي" الذي يدعو لطرد مواطني "دولة إسرائيل العرب" من أجل الحفاظ على يهودية دولته؟ انظروا لقمة العنصرية وهو يهدد بطرد الفلسطينيين: "اصرار السلطة الفلسطينية على رفض الاعتراف بإسرائيل دولة للشعب اليهودي يجب أن يقودنا إلى وضع قضية عرب 48 على طاولة المفاوضات. "
إن المفاوضات لم تحقق أي تقدم على صعيد أي قضية من القضايا الجوهرية: عودة اللاجئين الفلسطينيين والاستقلال الحقيقي للشعب الفلسطيني وحق القدس كمدينة السلام فيها من المقدسات الإسلامية والمسيحية، ولا حتى وضع حد للجرائم والتجاوزات اليومية، والإبادة الجماعية التي يخضع لها أكثر من مليون ونصف في قطاع غزة في حصار منذ سنوات، وعندما تكون المفاوضات مجرد غطاء لمشروع عنصري، قائم على طرد شعب وعلى التطهير العرقي المتواصل فإن مصيرها سيكون بكل تأكيد الفشل الذريع.
إن الأيدولوجية الصهيونية لا زالت قائمة وراسخة في عقول قادة وشعب "اسرائيل" فهي مبنية على أن اليهود هم شعب الله المختار وما سواهم من المسلمين والمسيحين وباقي الديانات والطوائف خدم لهم، وممارسة المفاوضات ما هي إلآ أكذوبة إعلامية تظهر فيها أنها الدولة المتحضرة الراقية وفي نفس الوقت تمارس كل أنواع الاضطهاد ضد الشعب الفلسطيني على أرضه.