منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 8 من 9 الأولىالأولى ... 6789 الأخيرةالأخيرة
النتائج 71 إلى 80 من 162

العرض المتطور

  1. #1

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    الأحرف المشبهة بالفعل

    الأحرفُ المشبَّهةُ بالفعل ستَّة، هي: (إنَّ وأنَّ وكأنَّ ولكنَّ وليتَ ولعلَّ).
    وحكمُها أنها تدخلُ على المبتدأ والخبرِ فتنصبُ الأولَ، ويُسمّى اسمَها، وترفعُ الآخرَ، ويُسمّى خبرَها، نحو: (إن اللهَ رحيمٌ. وكأنّ العلمَ نورٌ).
    (وسميت مشبهة بالفعل لفتح أواخرها، كالماضي، ووجود معنى الفعل في كل واحدة منها. فان التأكيد والتشبيه والاستدراك والتمني والترجي، هي من معاني الأفعال).


    ويجوزُ في (لعلَّ) أن يقالَ فيها (علَّ) كقوله:


    فَقُلْتُ عساها نارُ كأْسٍ وعَلّها

    تَشَكّى، فآتي نَحْوَها فأعُودُها

    وفيها لُغاتٌ أُخَرُ قليلةُ الاستعمال.


    وفي هذا الفصل ثمانيةَ عشرَ مبحثاً.


    1ـ مَعاني الأَحرُفِ المُشَبَّهَةِ بالفعْلِ


    معنى: (إنَّ وأنَّ) التوكيدُ، فهما لتوكيدِ اتصافِ المُسنَدِ إليه بالمُسند.


    ومعنى: (كأنَّ) التشبيهُ المؤكدُ. لأنها في الأصل مُركبةٌ من (أنَّ) التوكيدية وكافِ التشبيه، فإذا قلتَ: (كأنّ العلمَ نورٌ) فالأصل: (إنَّ العلمَ كالنور) ثم إنهم لما أرادوا الاهتمامَ بالتشبيه، الذي عَقَدوا عليه الجملة، قدّموا الكافَ، وفتحوا همزةَ (إنّ)، مكان الكاف، التي هي حرفُ جرّ، وقد صارت وإيّاها حرفاً واحداً يُرادُ به التشبيهُ المؤكد.


    ومعنى: (لكنَّ) الاستدراكُ، والتوكيد، فالاستدراكُ نحو: (زيدٌ شجاعٌ، ولكنه بخيل)، وذلك لانَّ من لوازم الشجاعةِ الجودَ، فإذا وصفنا زيداً بالشجاعة، فرُبما يُفهمُ أنهُ جوادٌ أيضاً، لذلك استدركنا بقولنا: (لكنه بخيل). والتوكيدُ نحو: (لو جاءني خليلٌ لأكرمتُهُ، لكنه لم يجيء)، فقولك: (لو جاءني خليلٌ لأكرمتُه) يفهم منه أنه لم يجيء، وقولك: (لكنه لم يجيء) تأكيدٌ لنفي مجيئه.


    ومعنى (ليتَ) التمني، وهو طلبُ مالا مطمع فيه، أو ما فيه عُسرٌ، فالأول كقول الشاعر:


    أَلا لَيْتَ الشَّبابَ يَعُودُ يَوماً

    فأُخبرَهُ بما فَعَل المَشِيبُ

    والثاني كقول المعسر: (ليتَ لي ألفَ دينارٍ).


    وقد تُستعمل في الأمر الممكن، وذلك قليلٌ، نحو: (ليتك تذهب).

    ومعنى (لعلَّ) الترجّي والإشفاق. فالترجي طلبُ الأمر المحبوب، نحو: (لعلَّ الصديقَ قادمٌ). والإشفاق هو الحذَرُ من وقوع المكروه، نحو: (لعلّ المريضَ هالكٌ). وهي لا تُستعملُ إلاّ في الممكن.

    وقد تأتي بمعنى (كي)، التي للتعليل، كقولك: (ابعث إليّ بدابتك، لعلي أركبها)، أي: كي أركبها. وجعلوا منه قوله تعالى: {لعلكم تتَّقون. لعلّكم تعقلون. لعلّكم تَذكّرون}، أي: (كي تَتقوا، وكي تَعقلوا، وكي تَتذكّروا).


    وقد تأتي أيضا بمعنى الظنَّ، كقولك (لعلي أزورُك اليوم). والمعنى: أظنَّني أزورك. وجعلوا منه قولَ امريء القيس:


    وبُدِّلْتُ قَرْحاً دامِياً بَعْدَ صِحَّةٍ

    لَعَلَّ مَنايانا تَحُولَنَّ أَبْؤُسا

    وبمعنى: (عسى)، كقولك: (لعلَّكَ أن تجتهدَ). وجعلوا منه قولَ مُتَمّمٍ:


    لَعَلَّكَ يَوْماً أَنْ تُلِمَّ مُلِمَّةٌ

    عَلَيْكَ، منَ اللاَّتي يَدَعْنَكَ أَجدَعا

    بدليل دخول (أنْ) في خبرها، كما تدخل في خبر (عسى).


    2ـ الْخَبرُ المُفْرَدُ، والْجُمْلَةُ، والشبيهُ بالجملة


    يقع خبر الأحرف المشبّهة بالفعل مفرداً (أي غيرَ جملةٍ ولا شبْهَها) نحو: (كأنَّ النّجمَ دينارٌ)، وجملةً فعليّةً، نحو: (لعلك اجتهدتَ. وإنَّ العلمَ يُعَزَّزُ صاحبهُ)، وجملة اسمية، نحو: (إنَّ العالمَ قدرُهُ مرتفعٌ) وشِبْهَ جُملةٍ (وهو أن يكون الخبر مُقدَّراً مدلولاً عليه بظرفٍ أو جارّ ومجرورٍ يتعلقانِ بهِ)، نحو: (إنّ العادلَ تحتَ لِواءِ الرَّحمن، وإن الظالمَ في زُمرة الشيطان).


    (والخبر هنا يصح أن تقدره مفرداً: ككائن وموجود، وأن تقدره جملة ككان ووجد، أو يكون ويوجد. فهو مفرد. باعتبار تقديره مفرداً، وجملة، باعتبار تقديره جملة، فالحقيقة فيه أنه شبيه بالمفرد وبالجملة، وتسميته بشبه الجملة فيها اكتفاء واقتصار).


    3ـ حَذْفُ خَبَرِ هذهِ الأَحرُف


    يجوز حذف خبرِ هذه الاحرفِ. وذلك على ضربينِ: جائز وواجب:

    فيُحذَفُ جوازاً، اذا كان كوناً خاصاً (أي: من الكلماتِ التي يُرادُ بها معنًى خاصّ)، بشرطِ أن يدُلَّ عليه دليلٌ، كقوله تعالى: {إنَّ الذينَ كفروا بالذّكر لمّا جاءهم. وإنهُ لكتابٌ عزيزٌ}.

    (أي: إن الذين كذبوا بالذكر معاندون، أو هالكون، أو معذبون).


    وقال الشاعر:


    أَتَوْنِي، فَقالوا: يا جَميلُ، تَبَدَّلتْ

    بُثَيْنَةُ أَبْدالاً، فَقُلْتُ: لَعَلَّها

    (أي: لعلها تبدَّلت، أو لعلها فعلت ذلك).


    ويحذفُ وجوباً، إذا كان كوناً عاماً (أي: من الكلمات التي تدُلُّ على وجودٍ أو كونٍ مُطلقَينِ، فلا يُفهَمُ منها حَدَثٌ خاصٌّ أو فعلٌ معيَّنٌ، ككائنٍ، أو موجود، أو حاصلٍ) وذلك في موضعينِ:


    أ ـ الأول بعدَ (ليتَ شِعري)، إذا وَلِيَها استفهامٌ، نحو: (ليتَ شِعري هل تنهضُ الأمةُ؟ وليتَ شِعري متى تنهضُ؟)، قال الشاعر:


    ألاَ لَيْتَ شِعْري كَيْفَ جادَتْ بِوَصْلِها؟

    وكيفَ تُراعي وُصْلةَ المُتَغَيِّبِ

    (أي: ليت شعري (أي: علمي) حاصل. والمعنى: ليتني أشعر بذلك، أي: أعلمه وأدريه. وجملة الاستفهام في موضع نصب على أنها مفعول به لشعري، لأنه مصدر شعر).


    ب ـ أن يكونَ في الكلام ظرفٌ أو جار ومجرورٌ يتعلقانِ به، فيُستغنى بهما عنهُ، نحو: (إنَّ العلمَ في الصدور. وإنَّ الخيرَ أمامك).


    (فالظرف والجار متعلقان بالخبر المحذوف المقدر بكائن أو موجود أو حاصل).

  2. #2

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    4ـ تَقَدُّمُ خبَرِ هذِه الأَحرُف

    لا يجوزُ تقدُّمُ خبرِ هذه الأحرف عليها، ولا على اسمها.


    أما معمولُ الخبرِ، فيجوزُ أن يتقدَّم على الاسم، إن كان ظرفاً أو مجروراً بحرف جرٍّ، نحو: (إنَّ عندَك زيداً مُقيمٌ)، قال الشاعر:


    فَلا تَلْحَني فيها، فإنَّ بِحُبِّها

    أَخاكَ مُصابُ الْقَلْبِ جُمٌّ بَلابِلُهْ

    (لا تلحني: لا تلمني، وهو بفتح الحاء، من لحاه يلحاه إذا لامه، ولحا العود: يعني أزال اللحاء عنه وقشره. البلابل: الهموم والوساوس)

    ومن ذلك أن يكون الخبرُ محذوفاً مدلولاً عليه بما يتعلقُ به من ظرفٍ أو جارٍّ ومجرورٍ مُتقدمين على الاسم، نحو: (إنَّ في الدَّار زيداً)، ومنهُ قولهُ تعالى: {إنَّ فيها قوماً جبّارينَ}، وقولهُ: {إنَّ مع العُسرِ يُسراً}.

    (فالظرف والجار متعلقان بالخبر المحذوف غير أنه يجب أن يقدر متأخراً عن الاسم، إذ لا يجوز تقديمه عليه، كما علمت، وليس الظرف أو الجار والمجرور هو الخبر، كما يتساهل بذلك كثير من النحاة، وإنما هما معمولان للخبر المحذوف، لأنهما متعلقان به).


    ويجبُ تقديمُ معمولِ الخبر، إن كان ظرفاً أو مجروراً، في موضعين:


    أ ـ أن يَلزمَ من تأخيره عودُ الضمير على متأخرٍ لفظاً ورتبةً وذلك ممنوعٌ نحو:

    (إنَّ في الدَّارصاحبَها).


    (فلا يجوز أن يقال (إن صاحبها في الدار)، لأن (ها) عائدة على الدار. وهي متأخرة لفظاً، وكذلك هي متأخرة رتبة، لأن معمول الخبر رتبته التأخير كالخبرِ).


    ب ـ أن يكون الاسمُ مُقترِناً بلامِ التأكيد، كقوله تعالى: {وإنَّ لنا للآخرة والأولى}، وقولهِ: {إنَّ في ذلك لَعِبْرةً لأولي الأبصارِ}.


    أما تقديمُ معمولِ الخبرِ على الخبر نفسهِ، بحيثُ يَتوَّسطُ بينَ الاسمِ والخبر، فجائزٌ، سواءٌ أكانَ معمولهُ ظرفاً أو مجروراً أم غيرَهما، فالأول نحو: (إنكَ عندَنا مقيمٌ)، والثاني نحو: (إنكَ في المدرسة تتعلّمُ)، والثالث نحو: (إنَّ سعيداً دَرْسَهُ يكتبُ).


    فائدة


    متى جاء بعد (إن) أو إحدى أخواتها ظرف أو جار ومجرور، كان اسمها مؤخراً. فليتنبه الطالب الى نصبه، فان كثيراً من الكتاب والمتكلمين يخطئون فيرفعونه، لتوهمهم أنه خبرها نحو: (إن عندك لخبراً)، ونحو: (لعل في سفرك خيراً).


    5ـ لامُ التأْكيدِ بعدَ "إنَّ" المَكسورةِ الهمزة


    تختصُّ (إنَّ)، المكسورةُ الهمزةِ، دونَ سائرِ أخواتها، بجوازِ دخولِ لامِ التأكيد،ِ، وهي التي يُسمونها (لامَ الابتداءِ) على اسمها، نحو: (إنَّ في السماءِ لخَبَراً، وإنَّ في الأرض لَعِبَراً)، وعلى خبرها نحو: (إنَّ الحقَّ لمنصورٌ)، وعلى معمول خبرها، نحو: (إنه للخيرَ يفعلُ)، وعلى ضمير الفصلِ نحو: (إنَّ المجتهدَ لَهُوَ الفائزُ).

    6ـ شَروطُ ما تَصحَبُهُ لامُ التأكيد


    أ ـ يُشترطُ في دخول لام التأكيد على اسم "إنَّ" أن تقع بعدَ ظرفٍ أو جارٍّ ومجرورٍ يتعلقان بخبرها المحذوف، نحو: (إن عندَك لخَيراً عظيماً، وإنَّ لك لخُلُقاً كريماً).


    (فان وقع قبلهما لم يجز اقترانه باللام فلا يقال: (إن لخيراً عندك، وإن لخلقاً كريماً لك).


    ب ـ يُشترط في دخولها على الخبر أن لا يقترنَ بأداةِ شرطٍ أو نفي، وأن لا يكون ماضياً مًتصرفاً مُجرَّداً من (قد). فان كان الخبرُ واحداً منها لم يَجُز دخولُ هذه اللام عليه. فمثالُ المستكملِ للشرط: {إن ربي لسميع الدُّعاء}. {وإنَّ رَبَّكَ لَيعلمُ}. {وإنَّا نحنُ نُحيي الموتى}.


    ومتى استَوفى خبرُ (إنَّ) شروط اقترانه بِلام التأكيد، جاز دخولها عليه، لا فرقَ أن يكون مفرداً، مقترنٌ بقد، نحو: (إن الحق لمنصور)، أو جملة اسمية، نحو (إنَّ الحقَّ لصَوتُهُ مرتفعٌ، أو جملةً مضارعيّةً، نحو: (إنَّ ربّكَ ليَحكُمُ بينهم)، أو جملةً ماضيَةً فعلها جامدٌ، نحو: (إنك لَنِعْمَ الرجل)، أو متصرف مقترن بقد، نحو: (إن الفرجَ قد دنا).


    وإذا حُذفَ الخبرُ، جازَ دخولُ هذهِ اللامِ على الظرف أو الجار المتعلّقينِ به، نحو: (إن أخاكَ لعندي، وإنَّ أباكَ لَفي الدّار)، ومنهُ قولهُ تعالى: {وانك لَعَلى خُلُقٍ عظيم}.

    ج ـ يُشترطُ في دخولها على مفعول الخبر شرطان، الأول: أن يتوسَّطَ بين اسمها وخبرها. والثاني أن يكونَ الخبرُ ممّا يَصلُحُ لدخول هذه اللامِ عليه، نحو: (إنَّ سليماً لفي حاجتك ساعٍ، وإنه لَيومَ الجمعةِ آتٍ، وإنهُ لأمرَكَ يُطيعُ).

    د ـ أما ضميرُ الفصلِ، فلا يُشترطُ في دخولها عليه شيءٌ، كقوله تعالى: {إنَّ هذا لَهُوَ القَصَصُ الحقُّ}.

    (وضمير الفصل: هو ما يؤتى به بين المبتدأ والخبر، أو بين ما أصله مبتدأ وخبر: للدلالة على أنه خبر لا صفة. وهو يفيد تأكيد اتصاف المسند إليه بالمسند. وهو حرف لا محل له من الإعراب، على الأصح من أقوال النحاة، وصورته كصورة الضمائر المنفصلة: وهو يتصرف تصرفها بحسب المسند إليه، إلا أنه ليس إياها.

    ثم إن دخوله بين المبتدأ والخبر المنسوخين بكان وظن وأن واخواتهن تابع لدخوله بينهما قبل النسخ، نحو: (إن زهيراً هو الشاعر). وكان علي هو الخطيب وظننت عبد الله هو الكاتب).


    (وضمير الفصل حرف كما قدمنا: وإنما سمي ضميراً لمشابهته الضمير في صورته. وسمي ضمير فصل لأنه يؤتى به الفصل بين ما هو خبر أو صفة، لأنك إن قلت: (زهير المجتهد)، جاز أنك تريد الإخبار وأنك تريد النعت. فان أردت أن تفصل بين الأمرين. وتبين أن مرادك الإخبار لا الصفة. أتيت بهذا الضمير للإعلان من أول الأمر بأن ما بعده خبر عما قبله لا نعت له، ثم انه يفيد تأكيد الحكم، لما فيه من زيادة الربط.


    ومن العلماء من يسمي ضمير الفصل (عماداً) لاعتماد المتكلم أو السامع عليه في التفريق بين الخبر والصفة).

  3. #3

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    7ـ شرحُ لامِ الابتداء

    تدخلُ لامُ الابتداء في ثلاثة مواضع.

    الاولُ: في باب المبتدأ. وذلك في صورتين:

    أ ـ أن تدخلَ على المبتدأ، والمبتدأ مُتقدّمٌ على الخبر، ودخولها عليه هو الأصل فيها نحو: {لأنتم أشد رَهبةً في صُدورهم}. فإن تأخرَ عن الخبر امتنعَ دخولها عليه، فلا يُقال: (قائمٌ لَزيدٌ). وما سُمعَ من ذلك فلضَرورةِ الشعر، وهو شاذٌّ لا يُقاس عليه.

    ب ـ أن تدخل على الخبر بشرط أن يتقدم على المبتدأ، نحو: (لمُجتهدٌ أنت) فان تأخرَ عنهُ امتنع دخولها عليه، فلا يقال: (أنت لمجتهدٌ). وما سُمعَ من ذلك فشادٌّ لا يُلتفتُ إليه. ومن العلماءِ من لا يُجيزُ دُخولها على خبر المبتدأ، سواءٌ أتقدَّمَ أم تأخر.


    الموضع الثاني: في باب (إن) المكسورةِ الهمزة. وقد سبقَ أنها تدخل على اسمها المتأخر، وعلى خبرها، اسماً كان، او فعلاً مضارعاً، او ماضياً جامداً أو ماضياً متصرفاً مقروناً بِقَدْ، أو جملة اسميَّة. وعلى الظرف والجارّ المُتعلقينِ بخبرها المحذوف دالين عليه، وعلى معمول خبرها.


    الموضعُ الثالثُ: في غير بابيِ المبتدأ وإنّ. وذلك في ثلاث مسائل:


    أ ـ الفعلُ المضارع، نحو: (لَتَنهض الأمة مُقتفيةً آثارَ جدودها).


    ب ـ الماضي الجامد، نحو: {لَبئسَ ما كانوا يعملون}.


    ج ـ الماضي المتصرف المقرون بِقَدْ، نحو: {لَقد كان لكم في يوسفَ وإخوتِهِ آياتٌ}.


    ومن العلماء من يجعلُ اللامَ الداخلةَ على الماضي، في هذا الباب، لامَ القسم فالقسم عنده محذوف، ومصحوب اللام جوابُه.
    واعلم أنَّ للام الابتداء فائدتين.


    الفائدة الأولى: توكيدُ مضمونِ الجملة المُثبتة. ولذا تُسمّى: (لام التوكيد) وإنما يُسمونها لامَ الابتداء لأنها في الأصل، تدخل على المبتدأ، أو لأنها تقع في ابتداء الكلام.


    وإذْ كانت للتوكيد فإنها متى دخلت عليها (إنَّ) زحلقوها الى الخبر، نحو:

    {إنَّ ربي لَسميع الدعاء}، وذلك كراهية اجتماع مُؤكدينِ في صدر الجملة، وهما: (إنَّ واللام). ولذلك تُسمّى (اللامَ المزحلقَةً أيضاً).
    وإِذْ كانت هذه اللام للتوكيد في الإثبات، امتنعت من الدخول على المنفيِّ لفظاً أو معنى، فالأول نحو: (انكَ لا تكذبُ)، والثاني نحو: (إنك لو اجتهدتَ لأكرمتُكَ. وإنك لولا إهمالك لَفُزتَ). فالاجتهادُ والإكرامُ مُنتفيانِ بعدَ (لو)، والفوزُ وحدَهُ مُنتفٍ بعدَ (لولا).

    الفائدةُ الثانيةُ: تَخليصها الخبرَ للحال، لذلك كان المضارع بعدها خالصاً للزمان الحاضر، بعد أن كان مُحتملاً للحال والاستقبال.


    وإذ كانت لتوكيد الخبرِ في الحال امتنعت من الماضي والمضارع المُستقبل، إلا أن يكون الماضي جامداً أو مُتصرِّفاً مقترناً بِقدْ. إما الجامدُ فلأنه لا يَدلُّ على حدثٍ ولا زمان. وأما المقترنُ بِقدْ فلأنّ (قد) تُقرِّبُ الماضيَ من الحال.


    ولا فرقَ بينَ أن يكون المضارعُ المستقبلُ مسبوقاً بأداةٍ تَمحَضُه الاستقبالِ كالسين وسوفَ وأدواتِ الشرطِ الجازمة وغيرها، أو غيرَ مسبوقٍ بها، وإنما القرينةُ تدلُّ على استقباله، نحو: (إنه يجيءُ غداً). وأما قوله تعالى: {إنَّ ربكَ لَيحكُمُ بينَهم يوم القيامة}، فإنما جازَ دخولُ اللام لأنَّ المستقبل هنا مُنزَّلٌ مَنزلةَ الحاضرِ لتحقُّق وقوعهِ، لأنَّ الحكمَ بينهم واقعٌ لا محالةَ. فكأنهُ حاضر، وكذا قولهُ تعالى: {ولَسوفَ يُعطيكَ ربُّكَ فترضى}، فانَّ الإعطاءَ مُحقَّقٌ، فكأنه واقعٌ حالاً. وأما قوله عز وجلَّ على لسان يعقوبَ: {انهُ ليحزُنُني أن تذهبوا به}، فإنّ الذهابَ، وان كان مُستقبلاً فان أثرَهُ، وهو الحزنُ، حاضرٌ، فانهُ حَزِنَ لمُجرَّدِ علمهِ أنهم ذاهبُون به، فلم يخرُج المضارعُ هنا، وهو (يُحزُنني)، عن كونهِ للحال.


    ويرى بعض العلماء (وهمُ الكوفيُّون) أنها لا تمحَضُ المضارع الحالَ، بل يجوز ان تدخل عَليه مُستقبل، بالأداة او بِدونها، وجعلوا الاستقبالَ في الآياتِ على حقيقته.


    8ـ (ما) الكافَّةُ بعدَ هذهِ الأحرُف


    إذا لحقت (ما) الزائدةُ الأحرف المُشبّهةَ بالفعل، كفتّها عن العمل، فيرجعُ ما بعدها مبتدأً وخبراً. وتُسمّى (ما) هذه (ما الكافةَ) لأنها تَكُفُّ ما تلحقُهُ عن العمل، كقوله تعالى: {إنما إِلهكُم إِلهٌ واحدٌ"}، ونحو: {كأنما العلمُ نورٌ} و (لَعلَّما اللهُ يرحمُنا).
    غير أنَّ (ليتَ) يجوزُ فيها الإِعمالُ والإِهمالُ، بعدَ أن تَلحقَها (ما) هذه، تقولُ: (ليتما الشبابَ يعودُ) و (ليتما الشبابُ يعودُ). وإعمالها حينئذ أحسنُ من إهمالها. وقد رُوِيَ بالوجهينِ، نصبِ ما بعدَ (ليتما) ورفعه، قولُ الشاعرِ:
    قالتْ: أَلاَ لَيتَما هذا الحمامَ لنا

    إلى حَمامَتِنا، أو نِصْفَهُ فَقَدِ

    (فالنصب على أن (ليتما) عاملة، و (ذا) اسمها، و (الحمام) بدل منه. والرفع على أنها مهملة مكفوفة بما، و (ذا) مبتدأ، و (الحمام) بدل منه. وكذا (نصفه) إن نصبت الحمام نصبته، وإن رفعته رفعته، لأنه معطوف عليه).


    ومتى لحقت ( ما الكافَّة) هذهِ الأحرف زالَ اختصاصُها بالأسماء. فَلِذا أُهملت، وجازَ دخولُها على الجملة الفعليّة، كما تدخلُ على الجملة الاسميَّة، إلاَّ (ليتَ). فمن دخولها على الجملةِ الفعلية قولهُ تعالى: {كأنما يُساقونَ الى الموت} وقول الشاعر:



    أَعِدْ نَظَراً يا عَبْدَ قَيْسٍ، لَعَلَّما

    أَضاءَتْ لكَ النَّارُ الحِمارَ المُقَيَّدا

    ومن دخولها على الجملة الاسميَّة قوله تعالى: {قل إنما أنا بشرٌ مثلُكُم يُوحى إلي إنما إلهكم إلهُ واحدٌ}، وقولهُ: {إنما اللهُ إِلهٌ واحدٌ}.
    وأما (ليتَ) فإنها باقيةٌ على اختصاصها بالأسماءِ، بعدَ أن تلحقها (ما الكافةُ) فلا تدخلُ على الجُمل الفعليَّة، لذلك يُرَجَّحُ أن تبقى على عملها: من نصب الاسمِ ورفعِ الخبر، كما تقدَّم.


    فائدة وتنبيه

    (إن كانت (ما) اللاحقة لهذه الأحرف اسماً موصولاً، أو حرفاً مصدرياً، فلا تكفها عن العمل، بل تبقى ناصبة للاسم: رافعة للخبر. فإن لحقتها (ما الموصولة) كانت (ما) اسمها منصوبة محلاً، كقوله تعالى: {إن ما عندكم ينفد}، أي: إن الذي عندكم ينفد. وإن لحقتها (ما المصدرية) كان ما بعدها في تأويل مصدر منصوب، على انه اسم (إن) نحو (إن ما تستقيم حسن)، أي: إن استقامتك حسنة. وحينئذ تكتب (ما) منفصلة. كما رأيت. بخلاف (ما الكافة)، فإنها تكتب متصلة كما عرفت فيما سلف. وقد اجتمعت (ما) المصدرية و (ما) الكافة في قول امرئ القيس:

    فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة

    كفاني ولم أطلب، قليل من المال

    ولكنما أسعى لمجد مؤثلٌ

    وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي

    [قليل: فاعل (كفاني)، وجملة (لم أطلب) اعتراضية. والمعنى لو كنت أسعى لحياة ساذجة لكفاني قليل المال، ولم أطلب ما فوق ذلك من عزٍ ومجد، يعني مُلك أبيه الذي كان يسعى له]
    [المؤثل: المؤصَّل الثابت]

    فما في البيت الأول مصدرية. والتقدير: لو أن سعيي. وفي البيت الآخر زائدة كافة، أي: ولكني أسعى لمجد مؤثل).

  4. #4

    رد: من موسوعة (جامع الدروس العربية)

    وعليكم السلام ورحمة الله

    لم أستعن بأي مصدر إلا الكتاب الأصلي للغلاييني (الشيخ مصطفى غلاييني/ جامع الدروس العربية/ المكتبة العصرية ـ صيدا) الطبعة 25 سنة 1991

    وإذا أردت توضيح شيء من لسان العرب أو تاج العروس أشير إليه

    احترامي وتقديري

  5. #5
    السلام عليكم
    تسجيل مرور وتفصيل هام جدا لبناء الظروف
    الف تحية
    [align=center]

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    ( ليس عليك أن يقنع الناس برأيك ،، لكن عليك أن تقول للناس ما تعتقد أنه حق )
    [/align]

    يارب: إذا اعطيتني قوة فلاتأخذ عقلي
    وإذا أعطيتني مالا فلا تأخذ سعادتي
    وإذا أعطيتني جاها فلا تأخذ تواضعي
    *******
    لم يكن لقطعة الفأس أن تنال شيئا ً من جذع الشجرة ِ لولا أن غصنا ً منها تبرع أن يكون مقبضا ً للفأس .

  6. #6
    المفعول معه

    المفعولُ مَعَهُ: اسمٌ فضلةٌ وقعَ بعد واوٍ، بمعنى (مع) مسبوقةً بجملةٍ، ليدُلَّ على شيءٍ حصلَ الفعلُ بمُصاحبتِه (أي: معهُ)، بلا قصدٍ إلى إشراكِهِ في حكم ما قبلهُ، نحو: (مَشيتُ والنّهرَ).

    وفي هذا المبحث ثلاثة مباحثَ:


    1- شُرُوطُ النصْبِ عَلى المعِيَّة


    يشترط: في نصبِ ما بعد الواو، على أنه مفعولٌ معهُ، ثلاثةُ شُرُوط:


    أ- أَن يكون فضلةً (أَيْ: بحيثُ يصحُّ انعقادُ الجملةِ بدونه).


    (فان كان الاسم التالي للواو عمدة، نحو: (اشترك سعيدٌ وخليلٌ)، لم يجز نصبه على المعية، بل يجب عطفه على ما قبله، فتكون الواو عاطفة. وإنما كان (خليل) هنا عمدة، لوجوب عطفه على (سعيد) الذي هو عمدة. والمعطوف له حكم المعطوف عليه. وإنما وجب عطفه لأنّ فعل الاشتراك لا يقع إلا من متعدد. فبالعطف يكون الاشتراك مسنداً إليهما معاً. فلو نصبته لكان فضلة، ولم يكن له حظّ في الاشتراك حاصلاً من واحد، وهذا ممتنع).


    ب- أن يكونَ ما قبلَهُ جملةً.

    (فان سبقه مفرد، نحو: (كلّ امرئ وشأنهُ)، كان معطوفاً على ما قبله. وكل: مبتدأ. وامرئ: مضاف إليه. وشأنه: معطوف على كل. والخبر محذوف وجوباً. كما تقدم نظيره في باب (المبتدأ والخبر). والتقدير: كل امرئ وشأنهُ مُقترنانِ. ولك أن تنصب (كل)، على أنه مفعول به لفعل محذوف تقديره: (دع أو اترك)، فتعطف (شأنه) حينئذ عليه منصوباً).

    ج- أن تكونَ الواوُ، التي تسبقُهُ، بمعنى (مَعَ).


    (فان تعين أن تكون الواو للعطف، لعدم صحة المعية، نحو: (جاء خالدٌ وسعيدٌ قبله، أو بعده)، فلم يكن ما بعدها مفعولا معه، لأن الواو هنا ليست بمعنى (مع)، إذ لو قلت: (جاء خالد مع سعيد قبله، أو بعده) كان الكلام ظاهر الفساد.


    وإن تعين أن تكون واوً الحال فكذلك، نحو: (جاء علي والشمسُ طالعة)).
    ومثالُ ما اجتمعت فيه الشُّروطُ: (سارَ علي والجبلَ. وما لكَ وسعيداً*؟ وما أنت وسليماً.*

    [ما: اسم استفهام في محل رفع مبتدأ. ولك: متعلق بالخبر المحذوف. والتقدير: ما حاصل لك، و(سعيداً): مفعول معه.]
    [ما: استفهامية في محل رفع خبر مقدم، وأنت: مبتدأ مؤخر. (سليماً: مفعول معه)]

    2- أَحكامُ ما بعدَ الواوِ


    للاسمِ الواقعِ بعد الواو أربعةُ أحكام: وجوبُ النّصبِ على المعيّةِ، ووجوبُ العطفِ، ورُجحانُ النصبِ، ورجحانُ العطف.


    فيجب النصبُ على المعيّةِ (بمعنى أنه لا يجوزُ العطف) إذا لزمَ من العطف فسادٌ في المعنى، نحو: (سافرَ خليلٌ والليلَ. ورجعَ سعيدٌ والشمسَ) ومنه قولهُ تعالى: {فأجمِعُوا أمرَكم وشُرَكاءَكم}، وقولهُ: {والذين تَبَوَّؤُا الدارَ والإيمانَ}.

    (وإنما امتنع العطف، لأنه يلزم منه عطف الليل على خليل، وعطف الشمس على سعيد، فيكونان مسنداً إليهما، لأن العطف على نية تكرير العامل، والمعطوف في حكم المعطوف عليه لفظاً ومعنى، كما لا يخفى، فيكون المعنى: (سافر خليل وسافر الليل، ورجع سعيد ورجعت الشمس) وهذا ظاهر الفساد.

    ولو عطفتَ (شركاءكم)، في الآية الأولى، على (أمركم) لم يجز، لأنه يقال: (أجمع أمرَهُ وعلى أمره)، كما يقال: (عزمه وعزم عليه)، كلاهما بمعنى واحد. ولا يقال: (أجمع الشركاء أو عزم عليهم). بل يقال: (جمعهم). فلو عطفت كان المعنى: (اعزموا على أمركم واعزموا على شركائكم)... وذلك واضح البطلان.

    ولو عطفتَ الإيمانَ على الدار، في الآية الأخرى، لفسد المعنى، لأنّ الدار. أن تُتَبَوَّأ - أي تُسكن - فالإيمان لا يُتَبوأ. فما بعد الواو، في الآيتين، منصوب على أنه مفعول معه. فالواو واو المعية.


    ويجوز أن تكون الواو في الآيتين، عاطفة وما بعدها مفعول به لفعل محذوف تقديره في الآية الأولى: (ادعوا واجمعوا)- فعل أمر من الجمع - وفي الثانية: (أخلصوا) - فعل ماض من الإخلاص - فيكون الكلام من عطف جملة على جملة، لا من عطف مفرد على مفرد.


    ويجوز أن يكون شركاءَكم معطوفاً على (أمركم) على تضمين (أجمعوا) معنى (هيئوا). وأن يكون الإيمان معطوفاً على تضمين (تبوؤا) معنى (لزموا). والتضمين في العربية باب واسع).


    ويجبُ العطفُ (بمعنى أنه يمتنع النصبُ على المعيّة) إذا لم يَستكمل شروطَ نصبهِ الثلاثةَ المتقدمةَ.


    ويرَجّحُ النصبُ على المعيّة، مَعَ جواز العطفِ، على ضَعفٍ، في موضعين:


    أ- أن يلزمَ من العطف ضعفٌ في التركيب، كأن يلزمَ منه العطفُ على الضمير المُتّصلِ المرفوعِ البارز، أو المستتر، من غير فصلٍ بالضمير المنفصل، أو بفاصلٍ، أيِّ فاصلٍ، نحو: (جئتُ وخالداً. واذهبْ وسليماً). ويَضعُفُ أن يُقالَ: "جئتُ وخالدٌ. واذهبْ وسليم).

    (أي بعطف (خالد) على التاء في (جئت)، وعطف (سليم) على الضمير المستتر في (اذهب). والضعف إنما هو من جهة الصناعة النحوية الثابتة أصولها باستقراء كلام العرب. وذلك أن العرب لا تعطف على الضمير المرفوع المتصل البارز أو المستتر، إلا أن يفصل بينهما بفاصل ضميراً منفصلاً يؤكد به الضميرُ المتصل أو المستتر، نحو: (جئت أنا وخالد. واذهب أنت وسعيد)).

    أما العطفُ على الضمير المنصوب المتّصل، فجائزٌ بلا خلافٍ، نحو: (أَكرمتكَ وزُهيراً).


    وأما العطفُ على الضمير المجرور، من غير إعادة الجارّ، فقد منعه جمهور النُّحاةِ، فلا يقالُ على رأيهم: (أحسنتُ إليك وأبيك)، بل: (أحسنتُ إليك وأباكَ)، بالنصب على المعيّة. فإن أعدتَ الجار جازَ، نحو: (أحسنتُ إليك وإلى أبيك). والحقُّ أنه جائز. وعلى ذلك الكسائيُّ وابنُ مالكٍ وغيرُهما. وجعلوا منه قولهُ تعالى: {وكُفرٌ بهِ والمسجدِ الحرام} وقد قرئَ في السبعِ: {واتقوا اللهَ الذي تساءَلونَ بهِ والأرحامِ}، بجرّ (الأرحامِ) عطفاً على الهاء في (به)، قرأ ذلك حمزةُ، أحدُ القُرَّاءِ السبعة. لكنَّ الأكثرَ والأفصحَ إعادةُ الجارَ، إذا أُريد العطفُ. كما تقدّم.


    ب- أن تكونَ المعيّةُ مقصودةً من المتكلم، فتَفوتُ بالعطف، نحو: (لا يَغُرَّكَ الغِنى والبَطَرَ. ولا يعجِبْكَ الأكل والشبَعَ. ولا تهوَ رغَدَ العيشِ والذُّلَّ)، فإن المعنى المراد، كما ترى، ليسَ النهيَ عن الأمرينِ. وإنما هو الأول مجتمعاً مع الآخر. ومنه قول الشاعر:


    فَكونوا أَنتُمُ وبَنِي أَبيكمْ

    مَكانَ الكِلْيَتَيْنِ مِنَ الطِّحالِ

    (فليس مراده: كونوا أنتم وليكن بنو أبيكم، وإنما يريد: كونوا أنتم مع بني أبيكم. فالنصب على المعية فيما تقدم راجح قوي، لتعيينه المعنى المراد، وفي العطف ضعف من جهة المعنى).

    والمُحقّقُون يوجبون، في مثل ذلك النصبَ على المعيّة، ولا يُجوّزون العطف. وهو الحقُّ، لأنَّ العطفَ يفيدُ التشريكَ في الحكم. والتشريكُ هنا غير مقصود.


    ويرَجْحُ العطفُ متى أمكنَ بغيرِ ضعفٍ من جهة التركيب، ولا من جهة المعنى، نحو: (سار الأميرُ والجيشُ. وسرتُ أنا وخالدٌ. وما أنتَ وسعيدٌ؟)، قال تعالى: {يا آدمُ اسكن أنتَ وزوجُكَ الجنة}.

    ومتى ترجحَ العطفُ ضَعُفَ النصبُ على المعيّة، ومتى ترجحَ النصبُ على المعيّة ضعُفَ العطفُ.


    خلاصة وتحقيق


    (وخلاصة البحث: أن ما بعد الواو، تارة لا يصح تشريكه في حكم ما قبله، نحو: (سار علي والجبل) فيجب نصبه على المعية. وتارة يصح تشريكه فيمنع من العطف مانع، نحو: (جئت وسعيداً)، فيترجح نصبه على المعية. وتارة يجب تشريكه، نحو: (تصالح سعيد وخالد) فيجب العطف. وتارة يجوز تشريكه بلا مانع، نحو: (سافرت أنا وخليل)، فيختار فيه العطف على نصبه على المعية، وتارة لا يكون التشريك مقصوداً، وإنما يكون المقصود هو المعية، فيكون الكلام على نية الإعراض عن تشريك ما بعد الواو في حكم ما قبلها الى مجرّد معنى المصاحبة. فيرجح النصب على المعية على العطف، نحو: (لا تسافر أنت وخالدً)، إذا أردت نهيه عن السفر مع خالد، لا نهيه ونهيَ خالدٍ عن السفر. وقد ذكرنا آنفاً بضعة أمثلة على ذلك. فان قصدت إلى نهيهما كليهما عن السفر، ترجح العطف. نحو: (لا تسافر أنت وخالد).


    والنفس تواقة إلى إيجاب النصب على المعية فيما لم يُقصد به إلى التشريك في الحكم، والى إيجاب العطف فيما يُقصد به الى التشريك فيه، مراعاةً لجانب المعنى الذي يريده المتكلم. ونرى أن إجازتهم العطف في الصورة الأولى، والنصب على المعية في الصورة الثانية (على ضعف فيهما) إنما هي من حيث الصناعة اللفظية، بمعنى أنه لا يمنع من ذلك مانع من حيث القواعد النحوية. وأنت خبير بما في ذلك من التهويش على السامع والتلبيس عليه. فاحفظ هذا التحقيق واعمل به).


    3ـ العاملُ في الْمَفْعولِ مَعَهُ

    يَنصبُ المفعولَ معهُ ما تقدَّمَ عليه من فعلٍ أو اسمٍ يُشبهُ الفعلَ. فالفعلُ نحو: (سرتُ والليلَ)، والاسمُ الذي يُشبهُهُ، نحو: (أنا ذاهبٌ وخالداً). "وحسبُكَ وسعيداً ما فعلتُما).


    وقد يكونُ العاملُ مقدّراً، وذلكَ بعدَ (ما وكيفَ) الاستفهاميّتينِ، نحو: (ما أنتَ وخالداً. وما لك وسعيداً. وكيفَ أنتَ والسفرَ غداً. والتقدير: (ما تكون وخالداً؟ وما حاصل لكَ وسعيداً؟ وكيف تكونُ والسفرَ غداً).
    واعلم أنه لا يجوزُ أن يتقدّمَ المفعولُ معهُ على عاملهِ، ولا على مُصاحبهِ، فلا يقال: (والجبلَ سارَ عليٌّ) ولا (سارَ والجبلَ عليٌّ).

  7. #7
    ( الحال )


    الحالُ: وصفٌ فضلةٌ يُذكرُ لبيانِ هيئَةِ الاسمِ الذي يكونُ الوصفُ له، نحو: (رجعَ الجندُ ظافراً. وأدَّبْ ولدَكَ صغيراً. ومررتُ بهند راكبةً. وهذا خالدٌ مُقبلاً).


    (ولا فرق بين أن يكون الوصف مشتقاً من الفعل، نحو: (طلعت الشمس صافية)، أو اسماً جامداً في معنى الوصف المشتق، نحو: (عدا خليل غزالاً) أي مسرعاً كالغزال.


    ومعنى كونه فضلة: أنه ليس مسنداً إليه. وليس معنى ذلك أنه يصح الاستغناء عنه إذ قد تجيء الحال غير مستغنى عنها كقوله تعالى: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين} وقوله: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون}؛ وقول الشاعر:


    انما الميتُ من يعيشُ كئيباً

    كاسفاُ بالُهُ، قليلَ الرّجاء
    وقد تشتبه الحال بالتمييز في نحو: (لله ِ دَرّهُ فارساً أو عالماً أو خطيباً). فهذا ونحوه تمييزٌ لأنه لم يقصد به تمييز الهيئة. وإنما ذكر لبيان جنس المتعجب منه، والهيئة مفهومة ضمناً. ولو قلت: (لله دَرّهُ من فارس). لصحَّ. ولا يصحّ هذا في الحال. فلا يقال: (جاء خالد من راكب) وليس مثل ما تقدم هو التمييز حقيقة.
    وإنما هو صفته نابت عنه بعد حذفه. والأصل (لله درّهُ رجلاً فارساً).
    وربما اشتبهت الحال بالنعت. نحو: (مررت برجل راكب). فراكب: نعت. لأنه ذكر لتخصيص الرجل لا لبيان هيئته).


    واعلم أنّ الحالَ منصوبةٌ دائماً. وقد تُجرُّ لفظاً بالباءِ الزائدة بعد النفيِ، كقول الشاعر:


    فما رَجَعَتْ بِخائِبةٍ رِكابٌ

    حَكيمُ بنُ المُسَيَّبِ مُنْتَهاها
    وفي هذا الباب تسعةُ مَباحثَ:

    1- الاسمُ الَّذي تَكون لَهُ الحالُ


    تجيء الحالُ من الفاعل، نحو: (رجعَ الغائبُ سالماً). ومن نائب الفاعل، نحو:

    (تُؤكلُ الفاكهةُ ناضجة). ومن الخبرِ، نحو: (هذا الهلالُ طالعاً). ومن المبتدأ (كما هو مذهبُ سيبويه ومن تابعهُ. وهو الحقُّ)، نحو: (أنتَ مجتهداً أخي) ونحو: (الماءُ صرفاً شرابي). ومن المفاعيل كلها على الأصحّ، لا من المفعول به وحدَهُ. فمجيئُها من المفعول به نحو: (لا تأكل الفاكهة فِجّةً) ومن المفعول المطلق نحو: (سرتُ سيري حثيثاً، فتعبتُ التعب شديداً)، ومن المفعول فيه نحو: (سريتُ الليلَ مظلماً. وصُمتُ الشهرَ كاملاً)، ومن المفعول لأجلهِ نحو: (افعلِ الخيرَ محبةَ الخيرِ مجرَّدةً عن الرياء)، ومن المفعولِ معهُ نحو: (سِرْ والجبلَ عن يمينك) ونحو: (لا تَسرِ والليلَ داجياً).

    ولا فرقَ بينَ أن يكون المفعولُ صريحاً، كما رأيتَ، أو مجروراً بالحرف، نحو: (انهضْ بالكريمِ عاثراً) ونحو: (لا تَسرِ في الليل مُظلِماً) ونحو: (اسعَ للخير وحدَهُ).


    وقد تأتي الحالُ من المضاف إليه بشرط أن يكون في المعنى، أو في التقدير، فاعلاً أو مفعولاً، وذلك في صورتين.

    أ- أن يكونَ المضافُ مَصدراً أو وصفاً مضافين إلى فاعلهما أو نائب فاعلهما أو مفعولِهما.

    فالمصدرُ المضافُ إلى فاعلهِ، نحو: (سَرّني قدومكَ سالماً)، ومنه قولهُ تعالى: {إليه مرجعُكُم جميعاً}، وقولُ الشاعر:


    تقُولُ ابْنَتي: إنَّ انْطلاقَكَ واحداً،

    إلى الروْعِ يَوْماً، تاركي لا أَبالِيَا

    والوصفُ المضافُ إلى فاعله نحو: (أنتَ حسَنُ الفرَسِ مُسرَجاً).
    والوصفُ المضافُ إلى نائب فاعله نحو: (خالدٌ مغمَض العينِ
    دامعةً
    ).
    والمصدرُ المضافُ إلى مفعولهِ، نحو: (يعجبُني تأديبُ الغلام
    مُذنِباً، وتهذيبُهُ صغيراً).


    والوصفُ المضافُ إلى مفعولهِ نحو: (أنتَ ورادُ العيشِ صافياً، ومسهَلُ الأمرِ صعباً)، ونحو: (خالدٌ ساري الليلِ مظلماً).


    وبذلك تكونُ الحالُ قد جاءَت من الفاعل أو نائبه أو من المفعولِ، كما هو شرطها.


    ب- أن يَصِحَّ إقامةُ المضافِ إليه مقامَ المضاف، بحيثُ لو حذف المضافُ لاستقامَ المعنى. وذلكَ بأن يكونَ المضافُ جُزْءاً من المضاف إليه حقيقةً، كقولهِ تعالى: {أيُحب أحدُكم أن يأكل لحمَ أخيه مَيتاً فكَرِهتُموهُ}، وقوله: {ونَزَعنا ما في صُدورهم من غِلٍّ إخواناً}، ونحو: (أمسكتُ بيدِكَ عاثراً). أو يكونَ كجزءٍ منه، نحو: (تَسرُّني طِباعُ خالدٍ راضياً، وتسوءُني أخلاقُهُ غضبان). ومنه قوله تعالى: {أنِ اتَّبِعْ ملّةَ إبراهيمَ حنيفاً}.


    (وبذلك تكون الحال أيضا قد جاءت من الفاعل أو المفعول تقديراً، لأنه يصح الاستغناء عن المضاف. فإذا سقط ارتفع ما بعده على الفاعلية أو انتصب على المفعولية. وإذا علمت ذلك عرفت أنه لا يصحُّ أن يقال: (مررت بغلام سعاد جالسة)، لعدم صحة الاستغناء عن المضاف؛ لأنه ليس جزءاً من المضاف إليه، ولا كالجزء منه. فلو أسقطت الغلام، فقلت: "مررت بهند جالسة" لم يستقم المعنى المقصود، لأن القصد هو المرور بغلامها لا بها).


    2- شروطُ الحال


    يشترطُ في الحال أربعةُ شروطٍ:

    أ ـ أن تكونَ صفةً مُنتقلةً، لا ثابتةً (وهو الأصلُ فيها)، نحو: (طلعت الشمسُ صافيةً).

    وقد تكونُ صفةً ثابتةً، نحو
    :هذا أَبوكَ رحيماً
    {يومَ أُبعثُ حيّاً}. {خُلِقَ الإنسانُ ضعيفاً}. خَلَقَ اللهُ الزَّرافةَ يَدَيها أطولَ من رِجلَيها. {أَنزلَ إليكم الكتابَ مفصّلاً}".
    وقال الشاعر:

    فَجَاءَتْ بهِ سَبْطَ العِظامِ، كأَنما

    عِمامتُهُ بَيْنَ الرِّجالِ لِواءُ
    [ سبط العظام: مستوي القِوام. وأصل ذلك في الشعر، يقال: شعر سبط أي ليس بجعد. ومنه يقال: فلان سبط الكف وسبط البنان أي كريم، وفلان جعد الكف أي بخيل. ويصف الشاعر ابنا له حسن القد وطول القامة واعتدالها]

    ب- أن تكونَ نكرةً، لا معرفةً.


    وقد تكون معرفةً إذا صحَّ تأويلُها بنكرةٍ، نحو: (آمنتُ بالله وحدهُ). أَي: منفرداً، ونحو: (رجعَ المسافرُ عودَهُ على بَدئهِ"، أي: عائداً في طريقه، والمعنى أنه رجعَ في الحال. ونحو: (أُدخلُوا الأولَ فالأولَ) أي مترَتِّبينَ. ونحو: (جاءُوا الجَمّاءَ الغَفيرَ)، أي جميعاً. ونحو: (افعل هذا جُهدَكَ وطاقتكَ) أي: جاهداً جادًّا. ونحو: (جاءَ القومُ قَضَّهُم، بقَضيضهم)، أي جاءُوا جميعاً أو قاطبةً.


    ج- أن تكونَ نَفْسَ صاحبِها في المعنى، نحو: (جاءَ سعيدُ راكباً).
    (فان الراكب هو نفس سعيد. ولا يجوز أن يقال: (جاء سعيد ركوباً). لأن الركوب فعل الراكب وليس هو نفسه).


    د- أن تكون مشتقّةً، لا جامدةً.


    وقد تكون جامدةً مُؤَوَّلةً بوصفٍ مشتقٍّ، وذلك في ثلاث حالات:


    الأولى: أن تدُلَّ على تشبيهٍ، نحو: (كرَّ عليٌّ أسداً)، أي: شُجاعاً كالأسد، ونحو: (وضَحَ الحقُّ شمساً)، أي: مضيئاً، أو منيراً كالشَّمس. ومنه قولهم: (وقعَ المصطَرعانِ عِدْليْ عَيرٍ). أي مصطَحِبَينِ كاصطحابِ عدليْ حمارٍ حينَ سقوطهما.

    [عدلي عير: العِدل: كيس من الصوف يتسع الاثنان منه نحو ربع طن، كانت تربط على الجمل أو حمار النقل والبغل القوي، والعير هنا الحمار، وتقال للحمار الأهلي أو الوحشي]

    الثانيةُ: أن تَدُلُّ على مُفاعلةٍ، نحو: (بِعتُكَ الفرَسَ يداً بيدٍ)، أي: متقابضينِ، ونحو: (كلّمتُه فاهُ إلى فيَّ)، أي: مُتشافهينِ.


    الثالثةُ: أن تدلَّ على ترتيبٍ، نحو: (دخلَ القومُ رجلاً رجلاً"، أي: مُترَتّبينَ، ونحو: (قرأتُ الكتابَ باباً باباً)، أي: مُرَتّباً.


    وقد تكونُ جامدةً، غيرَ مُؤوَّلةٍ بوصفٍ مُشتق، وذلك في سبع حالاتٍ:

    الأولى: أن تكونَ موصوفةً، كقوله تعالى: {إنّا أنزلناه قرآنا عربياً} وقولهِ: {فتَمثَّلَ لها بَشراً سَوياً}.

    الثانيةُ: أن تدلَّ على تسعيرٍ، نحو: (بعتُ القمحَ مُدًّا بِعشرةِ قُروشٍ. واشتريتُ الثوبَ ذِراعاً بدينارِ).


    الثالثةُ: أن تدُلَّ على عددٍ، كقوله تعالى: {فَتَمَّ مِيقاتُ رَبكَ أربعينَ ليلةً}.
    الرابعةُ: أن تَدُلَّ على طَورٍ، أي حالٍ، واقعٍ فيه تفضيلٌ، نحو: (خالدٌ
    غلاماً أحسنُ منهُ رجلاً) ونحو: (العِنَب زبيباً أطيبُ منه دِبساً).


    الخامسةُ: أن تكون نوعاً لصاحبها، نحو: (هذا مالُكَ ذهباً).


    السادسةُ: أن تكونَ فرعاً لصاحبها، نحو: (هذا ذَهبُكَ خاتماً)، ومنه قولهُ تعالى:

    {وتنحِتونَ الجبالَ بُيوتاً}.

    السابعةُ: أن تكون أصلاً لصاحبها، نحو: (هذا خاتُمكَ ذَهباً. وهذا ثوبُك كتّاناً)، ومنه قوله تعالى: {أأسجُدُ لِمن خَلقتَ طيناً؟}.

  8. #8
    وعليكم السلام ورحمة الله

    شكراً لتشجيعكم

    كل عام وأنتم بخير

  9. #9
    السلام عليكم
    وجزاك الله خيرا فهو جهد كبير والله وسرال:
    هل هو نقل صادق عن الشيخ مصطفى الغلايين؟ أم مع بعض التصرف؟
    وأين الفصل المخصص للأرقام؟ هل سقط سهوا ام هناك عطل فني فخسرناه؟
    وهل تسمح بجعله كتابا الكترونيا وبمتناول الجميع؟
    وشكرا
    *********
    وهذا بحث لفت نظري فهو غير مطروق ولافت:وكيف يمكننا الاستفادة منه؟
    الخــط

    الخط: تصوير اللفظ بحروف هِجائه التي يُنطق بها، وذلك بأن يُطابق المكتوب المنطوق به من الحروف.

    والأصل في كل كلمة أن تكتب بصورة لفظها، بتقدير الابتداء بها والوقف عليها. وهذا أصلٌ معتبرٌ بالكتابة.

    ومن أجل ذلك:

    كتبوا همزات الوصل في درج الكلام، وإن لم يُنطق بها، لأنه إذا ابتُدئ بالكلمات، التي هي أولها، نُطقَ بهمزاتها، مثل: جاء الحقُ، وسافر اُبنك، فإنك، إن قدمت وأخرت، فقلت: (الحقُ جاء، إبنك سافر)، نطقت بالهمزة: إلا إذا سبقت (أل) لام الجر أو لام الابتداء، فتحذف همزتها، مثل: (للرجل، للمرأة، للرجل أقوى من المرأة، وللمرأة أرقُ عاطفة منه).

    وكتبوا هاء السكت في نحو: (رَهْ زيداً، وقِهْ نفسَك) لأنك في الوقف تقول: رهْ وقِهْ

    وكتبوا ألف (أنا)، مع أنها لا تُلفظ في درج الكلام، لأنها إذا وُقِف عليها، وُقف عليها بالألف. ومن ذلك قوله تعالى {لكنَّا هو الله ربي}، لأن أصله (لكن أنا).

    وكتبوا تاء التأنيث، التي يوقف عليها بالهاء، هاءً: كرحمة وفاطمة، وكتبوا التي يوقف عليها بالتاء، تاءً: كأخت وبنت ورحمات. ومن وقف على الأول بالتاء المبسوطة، كتبها بالتاء، مثل: رَحْمَتْ ومن وقف على الأخرى بالهاء، كتبها بالهاء مثل: رحمه.

    وكتبوا المُنَوَّن المنصوب بالألف، لأنه يوقف عليه بها، مثل: رأيت خالداً.

    وكتبوا (إذاً)، ونون التوكيد الخفيفة، مثل: اكتبا، بالألف، لأنه يوقف عليها. ومن وقف عليهما بالنون، كتبها بالنون، مثل: (إذَنْ واكتبنَّ) كُتبَ كل ما كتب اعتباراً بحال الوقف.

    وكتبوا المنقوص، الذي حذفت ياؤهُ للتنوين، مثل: قاضٍ ونحوه، بغير ياءٍ لأنه يوقف عليه بها. ومن وقف على الأول بالياءِ، أثبتها في الخط، مثل: قاضي. ومن وقف على الثاني بحذفها، حذفها من الخط.

    وكتبوا ما لا يمكن الوقف عليه، من الكلمات، متصلاً بما بعده، وما لا يمكن الابتداء به، متصلاً بما قبله. فالأول، مثل حروف الجر الموضوعة على حرف واحد، مثل: لخالدٍ، و بالقلمِ. والثاني: كالضمائر المتصلة، مثل: منكم وأكرمتكم.

    ما خالف رسمه لفظه

    هناك كلمات تُكتبُ على خلاف لفظها. ومخالفة الرسمِ واللفظ، إما أن تكون بحذف حرفٍ حقه أن يُكتب تبعاً للفظه. وإما أن تكون بزيادة حرف يكتب ولا يلفظ، وكان من حقه أن لا يكتب. وإما أن تكون برسم حرفٍ يُكتب على خلاف لفظه، وكان من حقه أن يُرسم على لفظه.

    1ـ ما يلفظ ولا يكتب:

    سنسرد أكثر الكلمات استعمالاً:
    أ ـ تُكتب (الذين) بلام واحدة، وتلفظ بلامين، لأنها مشددة.

    ب ـ ما كان مبدوءاً بلام مثل: لبن ولحم، ثم دخلت عليه (أل) (اللبن واللحم)، ثم دخلت عليه لامٌ، فحينئذٍ تجتمع ثلاث لامات. فإذا اجتمعن فلا يكتبن كلهن، بل يكتفى بلامين فقط. فنقول: (للبن منافع كثيرة، وللحم منافع ومضار) ولم نكتب: (لللبن ... ولللحم).

    ج ـ تحذف الألف في كلمات هذه أشهرها:
    1ـ الله
    2ـ الرحمن، معرفاً بالألف واللام. وقيد بعضهم الحذف في حال العَلَمية، وأثبتها في غيرها، وقيده بعضهم في البسملة وأثبته فيما عداها.
    3ـ إله، نكرة ومعرفة، مثل: { إنما إلهكم إله واحد}
    4ـ الحرث، علماً مقترناً بأل، ومنهم من يكتبه (الحارث) بإثبات الألف.
    5ـ لكن.
    6ـ لكنَّ.
    7ـ سموات، جمع سماء. ومنهم من يكتبها في غير القرآن الكريم (سماوات).
    8ـ يا، حرف النداء، قبل (أيها) مثل: {يأيها الذين آمنوا}، وقبل (أهل)، مثل: {يأهل الكتاب}، وقبل كل علم مبدوء بالهمزة مثل {يإبراهيم}. ويجوز إطلاقها في غير القرآن الكريم يا أهل و يا إبراهيم.
    9ـ منهم من يحذف الألف من كل علم مشتهر. مثل: اسحق وإبرهيم وإسمعيل وهرون وسليمن وغيرها. والأفضل إثباتها في غير القرآن الكريم.
    10ـ منهم من يحذفها في الجمع السالم للمذكر والمؤنث مثل: الصلحين والقنتين والصلحت والقنتت والحفظت. تبعاً لحذفها في المصحف الأم. والأفضل إثباتها (صالحين قانتين صالحات الخ).

    د ـ تحذف ألف (ها) التنبيهية إذا دخلت على اسم الإشارة، مثل: هذا وهذه وهؤلاء.

    هـ ـ تحذف ألف (ذا) الإشارية، إذا لحقتها اللام، مثل: (ذلك، وذلكما، وذلكم، وذلكن) ومنهم من يثبتها في غير (ذلك).

    و ـ كل حرف يدغم في حرف مثله، أو مخرجه، يحذف خطاً يعوض عنه بتشديد الحرف الذي أدغم فيه، مثل شدَّ والنساء أمِنَّ واستعنَّ.

    2ـ ما يكتب ولا يلفظ

    و أما ما يكتب ولا يلفظ من الحروف، فهو في ألفاظ:

    أ ـ زادوا الواو في (عمرو)، في حالتي رفعه وجره، مثل: جاء عمرٌو، ومررت بعمرٍو، وحذفوها في حالة النصب، مثل: رأيت عَمْراً، قالوا وذلك للتفرقة بينه وبين (عُمَر). وإنما حذفت منه في حالة النصب، لأنه لا يشتبه بعُمر في هذه الحالة، لأن عمر لا يُنَوَّن، لمنعه من الصرف.

    ب ـ زادوا ألفاً غير ملفوظة في (مائة) مفردة ومثناة ومركبة مع الآحاد، فكتبوها: مائة ومائتان وثلاثمائة الخ. ومنهم من يكتبها مئة.

    ج ـ زادوا الواو في (أولات: بمعنى صاحبات)، كقوله تعالى { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} وزادوها في أولو وأولي { وأولو العلم ـ يا أولي الألباب ـ لأولي الألباب}.

    3 ـ ما يلفظ على خلاف رسمه

    وذلك مثل: (إيجَل) [ فعل أمر من وَجِلَ يَوْجَلُ] وأصله: (إوجَلْ) قلبت واوه ياء لسكونها وانكسار ما قبلها. فإذا وقعت (إيجل) في درج الكلام، بعد حرفٍ مضموم، مثل (يا فلانُ إيجَل) فلا يغير رسم الياء، لكنها تلفظ واواً، هكذا: يا فلانُ إوجل.

    وكل ما رسم ياءً، مما تلفظ ياؤه ألفاً، مثل: رمى وادعى واستدعى والرحى والهدى والمسعى والمصطفى والمستشفى، فهو مما يلفظ على خلاف رسمه.
    </i>
    رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء
    رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ
    **************
    قال ابن باز رحمه الله
 :

    لباسك على قدر حيائك
    وحياؤك على قدر ايمانك

    كلما زاد ايمانك زاد حياؤك
    وكلما زاد حياؤك زاد لباسك

  10. #10
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    الأخت الفاضلة راما

    هناك بعض التصرف، فيما يخص بعض الأمثلة الزائدة التي تعني المختصين جداً، فاجتهدت ـ حسب اعتقادي ـ بعدم التوسع بها، لأنها قد تربك القارئ، وقد أكون مخطئاً..

    كما أن هناك بعض المعاني للكلمات، أشير لها بلون مختلف وخطٍ مائل، لتبيانها للقارئ، وهي إما من الكتاب نفسه، أو أستعين بلسان العرب لابن منظور لذكرها...

    أما إن كنت سهوت عن ذكر شيء، فقد تتبعت الكتاب حسب تسلسل الشيخ الغلاييني رحمه الله.. ولا زال هناك بعض الأبواب لم تذكر.. فقد تبقى حوالي 200 صفحة...

    احترامي وتقديري

صفحة 8 من 9 الأولىالأولى ... 6789 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. موسوعة اللغة العربية واللسانيات
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى foreign languages.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-25-2015, 08:06 PM
  2. الدروس المستفادة من الثورات العربية الحالية
    بواسطة د.مهندس عبد الحميد مظهر في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 34
    آخر مشاركة: 03-23-2013, 05:14 PM
  3. موسوعة من الخطوط العربية
    بواسطة فراس الحكيم في المنتدى فرسان التصميم والابداع.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 10-18-2011, 01:17 AM
  4. موسوعة شهداء الأمة العربية
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-08-2011, 09:33 AM
  5. موقع التعليم الإلكتروني باللغة العربية يقدم كافة الدروس مجانا
    بواسطة مصطفى الطنطاوى في المنتدى فرسان التعليمي.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 12-29-2008, 09:56 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •