لن يتاح لرواد هذا المعهد أن يغادروه إلا بالتدريج.
ونظر مولود إلى القاضي طويلا وعبث بثنيتيه, وهو يطرب للفكرة التي يتضمنها هذا الحديث. لقد كان دائما في شوق إلى مغادرة المعهد وألفى نفسه يتفوه بقوله:
-حسنا ..إني أهوى هذا النظام.. متى أبدأ؟.
-منذ اليوم , اذهب إلى مختار محلة أبي جرش فلقد كلفته بأن يهيئ لك محل إقامتك الجديد, وسيزورك فيه مراقب من جمعية حماية الأحداث, ليساعدك على الاستقرار.
وظل نظر القاضي معلقا بمولود, وانتبه هذا وبادله نظرا متسائلا فأضاف القاضي:
-انتبه لنفسك يا مولود, تسلم قيادك بشجاعة وإدراك ولا تسلمه منذ اليوم إلى أحد غيرك, فتنزل بك قدمك مرة أخرى, في هذه المرة ستختلف المعاملة, لأنك أصبحت في السادسة عشرة من عمرك ,فإذا اقترفت جرما لم يكن أمامك سوى السجن, لن تعود إلى هذا المعهد , وانا أربأ بك أن تصل إليه, أنت فتى كريم النفس ولا أظنك ستصل إلى هذا الحد أنت الآن حر.
لم يرد مولود بكلمة ,بل نظر إلى المجتمعين بعينين مزدهرتين ملؤهما الأمل, ثم شكر وخرج.