قريبا الحلقات 156و157
* قصة البداية *
** الحلقة 158 من السيرة النبوية :
** اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد البلاء ، ثم نهض تغلب عليه روح الأمل يقول : الله أكبر ، أبشروا يامعشر المسلمين بفتح الله ونصره ، ثم أخذ يخطط لمجابهة الظرف الراهن ، فأراد أن يصالح رئيسي غطفان على ثلث ثمار المدينة ، حتى ينصرفا بقومهما ، ويخلو المسلمون لإلحاق الهزيمة الساحقة العاجلة على قريش التي اختبروا مدى قوتها وبأسها مرارا" .. فاستشار عليه الصلاة والسلام لذلك السعدين (سعد بن معاذ وسعد بن عبادة) ، فقالا : يارسول الله ، إن كان الله أمرك بهذا ، فسمعا" وطاعة ،، وإن كان شيء تصنعه لنا فلا حاجة لنا فيه ، لقد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله ، وعبادة الأوثان ، وهم لايطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قرىً أو بيعا" ، فحين أكرمنا الله بالإسلام ، وهدانا له ، وأعزنا بك ، نعطيهم أموالنا ؟؟،، والله لانعطيهم إلا السيف ، فصوّب رسول الله رأيهما وقال : إنما هو شيء أصنعه لكم ، لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة ..
* ثم إن نعيم بن مسعود الأشجعي (من غطفان) ، جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يارسول الله إني قد أسلمت ، وإن قومي لم يعلموا بإسلامي ، فمرني ماشئت ،، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنما أنت رجل واحد ، فخذّل عنا مااستطعت ، فإن الحرب خدعة ..
* فذهب من فوره إلى بني قريظة ، فدخل عليهم وقال : قد عرفتم ودّي إياكم ، وخاصةَ مابيني وبينكم ،، قالوا : صدقت ،، قال : فإن قريشا" ليسوا مثلكم ، البلد بلدكم ، فيها أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم ، لاتقدرون أن تتحولوا منه إلى غيره ، وإن قريشا" وغطفان قد جاؤوا لحرب محمد وأصحابه ، وقد ظاهرتموهم عليه ، وبلدهم وأموالهم ونساؤهم بغيره ، فإن أصابوا فرصة انتهزوها ، وإلا لحقوا ببلادهم وتركوكم ومحمدا" ، فانتقم منكم ،، قالوا : فما العمل يانعيم ؟؟،، قال : لاتقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن ،، قالوا : لقد أشرت بالرأي ..
* ثم مضى نعيم على وجهه إلى قريش ، فقال لهم : تعلمون ودّي لكم ، ونصحي لكم ؟؟،، قالوا : نعم ،، قال : إن يهود قد ندموا على ماكان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه ، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ، ثم يوالونه عليكم ، فإن سألوكم رهائن فلا تعطوهم ، ثم ذهب إلى غطفان ، فقال لهم مثل ذلك ..
* فلما كانت ليلة السبت من شوال في السنة الخامسة الهجرية ،، بعثت قريش إلى يهود : إنا لسنا بأرض مقام ، وقد هلك الكراع والخف ، فانهضوا بنا حتى نناجز محمدا" ،، فأرسل إليهم اليهود إن اليوم يوم السبت ، وقد علمتم ماأصاب من قبلنا (أصحاب السبت) ، حين أحدثوا فيه ،، ومع هذا فإنا لانقاتل معكم حتى تبعثوا إلينا رهائن ،، فلما جاءتهم رسلهم بذلك قالت قريش وغطفان : صدقكم والله نعيم ،، فبعثوا إلى يهود : إنا والله لانرسل إليكم أحدا" ، فاخرجوا معنا حتى نناجز محمدا" ، فقالت قريظة : صدقكم والله نعيم ،، فتخاذل الفريقان ، ودبت الفرقة بين الصفوف ، وخارت عزائمهم ..
* وأرسل الله تعالى الريح ، فجعلت تقوّض خيامهم ، ولاتدع لهم قدرا" إلا كفأتها ، ولا طنبا" إلا قلعته ، ولا يقر لهم قرار ، وأرسل لهم جندا" من الملائكة يزلزلونهم ، ويلقون في قلوبهم الرعب والخوف ..
* وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان في تلك الليلة الباردة القارسة ، يأتيه بخبرهم ، فوجدهم على هذه الحال ، وقد تهيأوا للرحيل ، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره برحيل القوم ، فأصبح عليه الصلاة والسلام وقد رد الله عدوه بغيظهم لم ينالوا خيرا" ، وكفاه الله قتالهم ، فصدق وعده وأعز جنده ، وهزم الأحزاب وحده ،، فرجع إلى المدينة قرير العين ..
* إن معركة الأحزاب لم تكن معركة خسائر ، بل كانت معركة أعصاب ، لم يجرِ فيها قتال مرير ، إلا أنها كانت من أحسم المعارك في تاريخ الإسلام ،، تمخضت عن تخاذل المشركين ، لأن العرب لم تكن تستطيع أن تأتي بجمع أقوى مما أتت به في الأحزاب ، لذا قال عليه أفضل الصلاة والسلام حين أجلى الأحزاب : الآن نغزوهم ولايغزوننا ، نحن نسير إليهم ..