منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 4 من 5 الأولىالأولى ... 2345 الأخيرةالأخيرة
النتائج 31 إلى 40 من 47

الموضوع: فتاوى رمضانية

  1. #31
    2 – الزهري عن سالم عن ابن عمر قوله : وقد رواه عنه صالح بن أبي الأخضر ،وعبد الرحمن بن نمر ، ويونس ،وعقيل الأيليان.
    وقد تابع سالماً – فيما رواه الجماعة بجعله موقوفاً على ابن عمر أو حفصة – راويان آخران وهما :
    1 – نافع ، وقد رواه عن ابن عمر موقوفاً عليه – فيما رواه عنه مالك وموسى بن عقبة ، وعبيد الله بن عمر – فيما رواه عنه المعتمر بن سليمان - ، ورواه نافع ، عن ابن عمر ، عن حفصة موقوفاً عليها ـ فيما رواه عنه ابن جريج وعبيد الله بن عمر ـ فيما رواه عنه عبد الرزاق ـ .
    2 – حمزة بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، عن حفصة موقوفاً عليها : وقد رواه عنه سفيان بن عيينة ، ومعمر – فيما رواه عنه ابن المبارك – عن الزهري عنه - .
    ولأجل تتابع هؤلاء الحفاظ من أصحاب الزهري على رواية هذا الوجه ، فقد نصّ جماعة من الأئمة على ترجيح الوجه الموقوف ومنهم :
    1 – الإمام أحمد : حيث قال : " ماله عندي ذلك الإسناد ، إلا أنه عن ابن عمر وحفصة إسنادان جيدان " ا هـ . نقله عنه الميموني ، كما في شرح العمدة لشيخ الإسلام ابن تيمية 1/183 ، وابن عبد الهادي في التنقيح 2/282 .
    2 – البخاري : حيث قال في " التاريخ الأوسط " 2/253 : "غير المرفوع أصح " ا هـ .
    ونقل الترمذي عنه في " العلل الكبير " (118) ح ( 202 ) أنه خطأه – أي مرفوعاً – ثم قال : "وهو حديث فيه اضطراب ، والصحيح عن ابن عمر موقوف ،ويحيى بن أيوب صدوق " ا هـ .
    3 – أبو حاتم الرازي : فقد نقل عنه ابنه في " العلل " 1/225 قوله : " وقد روي عن الزهري عن حمزة عن ابن عمر عن حفصة قولها ، وهذا عندي أشبه " ا هـ .
    4 – النسائي : ففي " التحفة " للمزي 11/286 أنه قال : " الصواب عندنا موقوف ، ولم يصح رفعه – والله أعلم – لأن يحيى بن أيوب ليس بالقوي ، وحديث ابن جريج ،عن الزهري غير محفوظ " ا هـ .
    5 – الترمذي 3/108 : " حديث حفصة [ غريب ] لا نعرفه مرفوعاً إلاّ من هذا الوجه ، وقد روي عن نافع عن ابن عمر قوله ، وهو أصح ، وهكذا أيضاً روي عن الزهري مرفوعاً ، ولا نعلم أحداً رفعه إلاّ يحيى بن أيوب … " ا هـ.
    6 – الطحاوي في شرح المعاني 2/55 .
    7 – الدارقطني كما في " العلل " [ 5/ق 166 ] حيث قال : " رفعه غير ثابت " ا هـ .
    8 – ابن عبد البر ، كما نقله عنه العنيني في " عمدة القاري " 10/305 .
    9 – ابن التركماني ، كما في " الجوهر النقي " 4/202 .
    10 – المزي كما في التحفة 11/285 .
    11 – ابن القيم ، كما يظهر من كلامه في تهذيب السنن 3/331 .
    12 – ابن عبد الهادي في " التنقيح " 2/280 .
    13 – ابن كثير في تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب ص (306) ح (247 ).
    وقد خالف هؤلاء الأئمة آخرون فصححوه مرفوعاً ومنهم :
    1 – ابن خزيمة ، - كما تقدم - .
    2/3 - نقل الحافظ ابن حجر في الفتح 4/169 ح(1924 ) أن ابن حبان والحاكم صححاه ، ولم أجدهما في المطبوع من صحيحهما .
    4 – البيهقي 4/202 حيث قال : " وهذا حديث قد اختلف على الزهري في إسناده ، وفي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وعبد الله بن أبي بكر أقام أسناده ورفعه ، وهو من الثقات الأثبات " ا هـ . ثم ساق طريق ابن جريج التي تابع فيها ابن أبي بكر على الرفع – وهذا – فيما يظهر ميل منه إلى ترجيح المرفوع .
    5 – الخطّابي ، كما في " المعالم " 3/332 .
    6 – ابن حزم في المحلى 6/161 .
    7 – النووي في " المجموع " 6/289 .
    فهذا ما يتعلق بالاختلاف في رفعه ووقفه ، على أن في الحديث اختلافاً أوسع من هذا لكن ما ذكرته هو غالب الخلاف فيه ،وما لم اذكره فهو عائد إليه، والله أعلم .
    وأما ما يتعلق بالاختلاف في إسناده على الزهري :
    فقد رواه الإمام مالك ،عن الزهري ،عن عائشة وحفصة قولهما – فلم يذكر سالماً – وما رواه عن نافع ،عن ابن عمر قوله ، وتابعه عليه عبيد الله بن عمر ـ كما تقدم ـ فهذان الوجهان كلاهما محفوظ عن الإمام مالك ، إلاّ أن رواية الزهري ،عن عائشة وحفصة منقطعة ، لأنه لم يدركهما رضي الله عنهما ، ولذا قال النسائي – كما في التحفة 11/285 ـ : " أرسله مالك بن أنس " .
    وأما الطريق التي رواها عبد الله بن عباد المصري عن الفضل بن فضالة ،عن يحيى بن أيوب ،عن يحيى بن سعيد الأنصاري ،عن عمرة ،عن عائشة مرفوعاً " من لم يبيت … " فلا تصلح شاهداً للوجه المرفوع، لأن هذا الإسناد مقلوب – كما قال ابن حبان – والصواب فيه :عن يحيى بن أيوب ،عن عبد الله بن أبي بكر ،عن الزهري ،عن سالم ،عن أبيه ،عن حفصة ،وآفة هذا الإسناد ،هو عبد الله بن عباد المصري ، قال عنه ابن حبان في " المجروحين " 2/46 :"شيخ يقلب الأخبار ،روى عن المفضل بن فضالة …ثم ساق الحديث السابق– ثم قال :روى عنه روح بن الفرج ،أبو الزنباع نسخة موضوعة ".ا هـ.
    وحديث عائشة هذا من رواية روح عنه،وهو على ضعفه،فقد تفرد به كما قال الدارقطني .
    وقد جاء حديث آخر من حديث ميمونة بنت سعد مرفوعاً بنحو حديث الباب أخرجه الدارقطني 2/136 ح ( 2197 ) لكنه من رواية الواقدي ، وهو متروك، ينظر نصب الراية 4/435 .
    والخلاصة مما تقدم ما يلي :
    1 – أن الصواب عن عبد الله بن أبي بكر ، هو إثبات الزهري بينه وبين سالم .
    2 – أن الحديث اختلف في رفعه ووقفه على الزهري ، وأن الراجح وقفه ، لأن المتقنين لحديث الزهري والعارفين به ، رووه موقوفاً ، وهم أيضاً أكثر من الذين رفعوه ،وأن حذاق الأئمة – كما قال ابن عبد الهادي في التنقيح 2/280 – من المتقدمين على ترجيح الموقوف ، إما على ابن عمر ،أو على حفصة رضي الله عنهم ، وسند الموقوف صحيح .
    3 – أن ما روي مرفوعاً في هذا الباب ،عن عائشة أو ميمونة بنت سعد ، فإنه لا يصح ، والله أعلم .



    صحة حديث " ليس من البر الصيام في السفر"
    السؤال: ما صحة حديث : " ليس من البر الصيام في السفر" ؟

    المجيب عمر بن عبد الله المقبل
    الجواب:
    حديث " ليس من البر الصيام في السفر" رواه عن النبي –صلى الله عليه وسلم- عدة من الصحابة- رضي الله عنهم- ،وسأكتفي هنا ببعض ما ثبت من ذلك، ومنه حديث جابر بن عبدالله – رضي الله عنه- قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في سفر فرأى زحاما، ورجلاً قد ظلل عليه، فقال: ما هذا؟ فقالوا: صائم، فقال: " ليس من البر الصيام في السفر ". أخرجه (البخاري 2/44) ، باب قول النبي – صلى الله عليه وسلم- لمن ظلل عليه واشتد الحر: " ليس من البر..." (1946)، و(مسلم 2/786) ح(1115)، و(أبوداود 2/766)، باب اختيار الفطر (2407)، و(النسائي 4/177) ح(2262)، وفي (الكبرى 2/100) ح(2570)، و(أحمد 3/299، 317، 319، 399)، و(الدارمي 1/434) ح(1661) من طرق جابر –رضي الله عنه- .

  2. #32
    اثابك الله
    ورمضان كرم
    وكل عام وانتم بخير
    فتى الشام
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  3. #33

  4. #34
    صحة حديث "من أفطر يوماً من رمضان..."
    السؤال: ما صحة حديث : "من أفطر يوماً من رمضان لم يجزه صيام الدهر ،وإن صامه " ؟
    المجيب عمر بن عبد الله المقبل
    الجواب:
    هذا حديث رواه أبو داود ـ وغيره كما سأبين ـ في 2/788 ، باب التغليظ فيمن أفطر عمداً ، ح ( 2396 ، 2397 ) حدثنا سلميان بن حرب ، قال : حدثنا شعبة / ح / وحدثنا محمد بن كثير ، قال : أخبرنا شعبة ،عن حبيب بن أبي ثابت ،عن عمارة بن عمير ،عن ابن مطوس ،عن أبيه ـ قال ابن كثير : عن أبي المطوس عن أبيه ـ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " من أفطر يوماً من رمضان في غير رخصة رخصها الله له ، لم يقض عنه صيام الدهر "حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن سفيان ، حدثني حبيب ، عن عمارة ، عن ابن المطوس ، قال : فلقيت ابن المطوّس ، فحدثني ،عن أبيه ،عن أبي هريرة قال : النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل حديث ابن كثير وسليمان . قال أبو داود : واختلف على سفيان وشعبة عنهما : ابن المطوّس ، وأبو المطوّس .
    تخريجه :
    *أخرجه النسائي في : الكبرى " 2/245 ح ( 3282 ) وأحمد 2/380 ، وابن خزيمة 3/238 ح ( 1987 ) من طريق محمد بن جعفر المعروف بغندر ، وأبو داود الطيالسي في مسنده ص (331 ) ـ ومن طريقه : النسائي في " الكبرى " 2/245 ح ( 3283 ) ، وابن خزيمة 3/238 ح ( 1988 ) ـ،والنسائي في " الكبرى " 2/245 ح ( 3282 ) من طريق ابن علية ، وأحمد 2/386،وفي 2/458 عن بهز بن أسد، على أنه قرنه في الموضع الثاني بغندر ، والدارمي 1/436ح(1667) عن أبي الوليد الطيالسي (هشام بن عبد الملك)، وابن خزيمة 2/238 ح ( 1987 ) من طريق خالد بن الحارث،وابن أبي عدي ، والطحاوي في " شرح المشكل " 4/179 من طريق سعيد بن عامر ، ثمانيتهم (غندر ،وأبو داود ،وابن علية ،وبهز ،وأبو الوليد ،وخالد ،وابن أبي عدي ،وسعيد بن عامر) عن شعبة به بنحوه ، إلاّ أن بعضهم قال :عن ابن المطوس ،وبعضـهم قال: عن أبي المطوس ، وفي حديث أبي داود الطيالسي قال حبيب : وقد رأيت أبا المطوس ،وفي حديث سعيد بن عامر،لم يذكر عمارة بن عمير بين حبيب وأبي المطوس .
    *وأخرجه الترمذي 3/101 ، باب ما جاء في الإفطار عمداً ح ( 723 ) ، والنسائي في "
    الكبرى " 2/245 ح ( 3279 ) ، كلاهما عن محمد بن بشار ( بندار ) ، وأحمد 2/470 ـ ومن طريقه أبو داود 2/788 ح ( 2397 ) ـ كلاهما (بندار ، وأحمد ) عن ابن مهدي ، ويحيى القطان ، إلا أن أبا داود لم يخرج حديث ابن مهدي .
    والنسائي في " الكبرى " 2/244 ، ح ( 3278 ) ، وأحمد 2/470 ، من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين ، والنسائي 2/245 ح ( 3280 ) من طريق عبد الرزاق [ وهوفي مصنفه 4/198 ح ( 7474 ) ]،وأبي داود الطيالسي ، وابن أبي شيبة 2/348 ح ( 9783 ) ـ وعنه ابن ماجه 1/535 ، باب ماجاء في كفارة من أفطر يوماً من رمضان ح ( 1672 ) ـ ، وابن ماجه 1/535 ح ( 1672 ) عن علي بن محمد ، وأحمد 2/442 ، ثلاثتهم ( ابن أبي شيبة ، وعلي ، وأحمد ) عن وكيع ، وأحمد 2/470 عن يزيد بن هارون ،والدارمي 1/435 ح ( 1666 ) عن محمد بن يوسف الفريابي ، ثمانيتهم ( ابن مهدي ، والقطان ، ابو نعيم ، وعبد الرزاق ، والطيالسي ، و وكيع ،ويزيد ،والفريابي ) عن سفيان الثوري ،عن حبيب بن أبي ثابت به بنحوه ، إلاّ أن وكيعاً ، ويزيد بن هارون ،وعبد الرزاق ، وأبا داود الطيالسي ، وابن مهدي ،والقطان – فيما رواه عنهما بندار – كلهم لم يذكروا عمارة بن عمير بين حبيب ، وأبي المطوس ،وبعضهم قال : أبو المطوّس ، وبعضهم قال : ابن المطوّس .
    *وعلقه البخاري 2/40 باب إذا جامع في رمضان ،وقال : ويُذكر عن أبي هريرة رفعه…فذكر نحوه .
    *وأخرجه النسائي في " الكبرى ، 2/246 ح ( 3284 ) عن هلال بن العلاء،عن أبيه ،عن عبيد الله بن عمرو الرقي ، عن زيد بن أبي أنيسة ،عن حبيب بن أبي ثابت، عن علي ابن الحسين ، عن أبي هريرة : أن رجلاً أفطر في شهر رمضان ،فأتى أبا هريرة فقال: لا يقبل منه صوم سنة .
    *وأخرجه النسائي في " الكبرى " 2/246 ( ) ح ( 3285 ) من طريق شريك عن العلاء بن عبد الرحمن ،عن أبيه ،عن أبي هريرة موقوفاً بلفظ :" من أفطر يوما من رمضان لم يقضه يوم من أيام الدنيا " .
    الحكم عليه :
    إسناد أبي داود رجاله ثقات ، سوى ابن المطوّس ، أو أبو المطوس : هو يزيد ، وقيل عبدالله بن المطوس وثقه ابن معين ، وقال أحمد : لا أعرفه ، ولا أعرف حديثه عن غيره ،وقال البخاري : لا أعرف له غير حديث الصيام ، ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا ؟ ،وقال ابن حبان : يروي عن أبيه مالا يتابع عليه ، لا يجوز الاحتجاج بأفراده ،علق ابن حجر – معلقاً على كلام ابن حبان -:"وإذا لم يكن له إلاّ هذا الحديث فلا معنى لهذا الكلام ".
    قال الذهبي : "وثق" ،وفي "الميزان" : "لا يعرف لا هو ولا أبوه" ،و قال ابن حجر: "لين لحديث " .
    ينظر : الميزان 4/574 ، الكاشف 1/461 ، تهذيب التهذيب 12/214 ، التقريب / 674 .
    وأما أبوه فمجهول ،ينظر : الميزان 4/574 ، التقريب / 535 .
    وقد ضعّف حديث الباب جماعة ومنهم :
    1 – ابن خزيمة في " صحيحه " ، حيث قال : " إن صح الخبر ، فإني لا أعرف ابن المطوّس ولا أباه " ، وبه يتبين أن نسبة ابن خزيمة إلى تصحيح هذا الخبر فيه نظر ، كما فعل العيني في " العمدة " 11/23 .
    2 – البيهقي ،حيث قال في "المعرفة" 6/268 :"ولم يثبت في الكفارة بالفطر بغير الجماع
    حديث"اهـ.
    3 – ابن عبد البر في " التمهيد " 7/173 ، حيث قال : " وهو حديث ضعيف لا يحتج به " اهـ .
    وقد أعل الخبر بعدة علل غير ما تقدم ، وهي كما يلي :
    1 – الشك في سماع المطوّس من أبي هريرة ، كما قاله البخاري ، وقد نقلت كلامه قريباً .
    2 – التفرد بالحديث من أبي المطوس ،كما ذكر ذلك كلٌ من الإمام أحمد – فيما نقله العيني في " العمدة " 11/23 – ،وكذلك أعله بالتفرد الإمام البخاري – فيما نقله أبو عيسى الترمذي في " العلل الكبير "ص (116)ح (199) – وكذلك أعله بالتفرد أبو علي
    الطوسي ، نقله عنه العيني أيضاً ، وكذلك أعله الذهبي بالتفرد كما في ( الميزان 4/574)
    3 – الانقطاع بين حبيب و أبي المطوس ، وأنه رآه فقط ولم يسمعه ، كما ذكر الإمام شعبة – فيما نقله الدارقطني في العلل 8/267 ـ .
    وأجيب عن هذه العلة بأن حبيباً صرّح بالتحديث عند الإمام أحمد في المسند 2/470.
    4 – الاختلاف الكثير في إسناده ، كما أعله بذلك جماعة ومنهم :
    أ-الإمام أحمد كما يفهم من رواية مهنا الذي سأل الإمام أحمد عن هذا الحديث ؟ فذكر
    الاختلاف في سنده ، ثم قال : لا أعرف المطوس … ، كما في " العمدة " للعيني 11/23 .
    ب- ابن حجر في " الفتح " 4/191 ح ( 1935 ) .وأجيب أن الاختلاف قد وقع في إسناده إلاّ أن الأوجه ليست متكافئة فقد رجح الإمام أبو حاتم الرازي – كما في العلل لابنه 1/245 – طريق الثوري عن حبيب ،وكذا الدارقطني في " العلل " 8/269 ، حيث قال : " وأضبطهم للإسناد يحيى القطان ومن تابعه عن الثوري " ا هـ .
    إلاّ أنه ومع ذلك ، فكون الإسناد متحد المخرج ، على جهالة في راوايه ، ويقع فيه هذاالاضطراب ، فإن هذا مما يزيد القدح في الخبر ، والله أعلم .
    5-أنه روي موقوفاً على أبي هريرة رضي الله عنه ، كما تقدم في التخريج .
    وأجيب بأن هذه العلة غير قادحة لأن الوجه الموقوف – الذي سبق تخريجه عن النسائي –
    لا يثبت ، وبيان ذلك كما يلي :
    أما الوجه الذي رواه النسائي عن هلال بن العلاء، عن أبيه، عن عبيد الله بن عمرو الرقي ،عن زيد بن أبي أنيسة ،عن حبيب ،عن علي بن الحسين ، عن أي هريرة ، فقد أعله أبو حاتم الرازي – كما في العلل لابنه 1/254 – بقوله : " إنما هو حبيب ،عن عمارة بن عمير ، عن أبي المطوس ، عن أبي هريرة عن النبي-صلى الله عليه وسلم… فذكره ".
    وكلامه رحمه الله فيه إعلال لهذا الوجه من وجهين :
    الأول : تدليس حبيب .
    الثاني : أن المحفوظ عن حبيب إنما هو رواية الجماعة ـ يعني حديث سفيان ،وشعبة ـ .
    ويمكن أن يعلّ هذا الوجه أيضاً بعلة ثالثة وهي :
    أن فيه العلاء بن هلال ، قال عنه أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث ، عنده عن يزيد بن زريع أحاديث موضوعة . وقال النسائي : هلال بن العلاء بن هلال ، روى عن أبيه غير حديث منكر ، فلا أدري منه أتى ، أو من أبيه كما في تهذيب الكمال 22/545 ، وعليه فلعل الخطأ في هذا الإسناد من العلاء ، والله أعلم .
    أما الوجه الثاني ،وهو الذي رواه شريك ،عن العلاء بن عبد الرحمن ،عن أبيه ، عن أبي هريرة ، ففيه تفرد شريك ومن بعده – حسب ما وقفت عليه – ومع ذلك ، فهو أقوى إسناداً من الإسناد المرفوع .
    وكلمة البيهقي المتقدمة وهي أنه لا يثبت في الكفارة بالفطر غير الجماع حديث ،تدل على أنه لا حاجة لجمع الشواهد المرفوعة ، وقد ذكر جملة منها ، العيني في " عمدة القاري " 11/23 ، وقد تكلم عليها ، وكلها من رواية المجاهيل والمتروكين والضعفاء .


    صحة حديث " إذا سمع أحدكم النـداء ، والإناء على يده ..."
    السؤال: ما صحة حديث " إذا سمع أحدكم النـداء ، والإناء على يده، فلا يضعه حتى يقضي حاجته مـنه "؟

    المجيب عمر بن عبد الله المقبل
    الجواب:
    رواه أبو داود ـ وغيره كما سيأتي ـ في 2/761 ، باب في الرجل يسمع النداء والإناء
    على يده ح (2350) فقال :حدثنا عبد الأعلى بن حماد ،حدثنا حماد ،عن محمد بن عمرو،عن أبي سلمة عن أبي هريرة – رضي الله عنه - 61556; قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- 61541; : "إذا سمع أحدكم النـداء،والإناء على يده،فلا يضعه حتى يقضي حاجته مـنه " .
    تخريجه :
    *أخرجه الدارقطني 2/128 ح ( 2162 ) من طريق أبي داود .
    *وأخرجه الحاكم 1/426 من طريق الحسن بن سفيان ،عن عبد الأعلى بن حماد به بلفظه.
    *وأخرجه أحمد 2/510 ،وفي 4/423 ، والحاكم 1/203،205 من طرق عن حماد بن سلمة به بلفظه .
    *وأخرجه أحمد 2/510 ، وابن جرير 2/175 عن أحمد بن إسحاق الأهوازي ، والبيهقي 4/218 من طريق أحمد بن عبيد الله النرسي ، ومحمد بن أحمد الرياحي ، ( أحمد ، والأهوازي ، والنرسي ، والرياحي ) عن روح بن عبادة، عن حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، عن أبي هريرة مرفوعاً بلفظه ، لكن زاد أحـمد ، والأهوازي، والرياحي في حديثهم:"وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر".
    *وعلقه ابن حزم في المحلى 6/233 عن حماد بن سلمة ،عن حميد ، عن أبي رافع أو غيره ، عن أبي هريرة موقوفاً بلفظ :" أنه سمع النداء ، والإناء على يده ، فقال : أحرزتها ورب الكعبة " .
    *وأخرجه أحمد 2/423 عن غسان بن الربيع البصري ،عن حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد ، عن الحسن مرسلاً بلفظه .
    الحكم عليه :
    إسناد أبي داود متصل ورجاله ثقات، سوى محمد بن عمرو، فإنه صدوق له أوهام .
    وحديث الباب صححه الحاكم ، وجوّد إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية في شرح العمدة 1/52 .
    وقال أبو حاتم الرازي – كما في العلل لابنه 1/123-124 ، 256-257 عن طريق حماد عن محمد بن عمرو : " ليس بصحيح " ، ولم يبين أبو حاتم سبب ذلك ، وهناك أسباب يمكن أن يعزى إليها عدم تصحيحه للحديث وهي:
    1 – تفرد حماد عن محمد بن عمرو بن علقمة بالحديث .
    2 – رواية الحديث عن حماد على أوجه مختلفة وهي أربعة – كما تقدم في التخريج .
    3 – خطأ حماد في الإسناد الآخر ، وهو روايته عن عمار بن أبي عمار ، قال أبو حاتم :
    " أما حديث عمار فعن أبي هريرة موقوف ، وعمار ثقة " ا هـ .
    فهذه إشارة من أبي حاتم إلى وهم حماد في رفعه – والله أعلم – ويؤيد هذا أن حماداً قد اختلف عليه – كما تقدم – فكأنه لم يضبط هذا الحديث .
    وأما قول شعبة : كان حماد يفيدني عن عمار بن أبي عمار ، وقول ابن المديني : هو أعلم الناس بثابت ، وعمار بن أبي عمار – كما في السير 7/445،446 – فلا ينافى ما ذهب إليه أبو حاتم من تعليل الوجه المرفوع ، إذ يحمل ثناء شعبة وابن المديني عليه على العموم ، وكلام أبي حاتم مستثنى من هذا العموم ليتم الجمع بين أقوال الأئمة ما دام ذلك ممكناً .
    هذا ، وقد جاء معنى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة ومنهم :
    1 – جابر بن عبد الله رضي الله عنهما :
    أخرجه أحمد 3/348 من طريق ابن لهيعة، عن أبي الزبير قال : سألت جابراً عن الرجل يريد الصيام ، والإناء على يده ليشرب منه ، فيسمع النداء ؟ قال جابر : كنا نتحدث أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : ليشرب " .
    وهذا إسناد ضعيف من أجل ابن الهيعة ، وقد تقدم الكلام عليه مراراً، ولم أقف على من تابعه .
    2 – بلال بن رباح رضي الله عنه :
    أخرجه أحمد 6/12 وغيره من طريق أبي إسحاق السبيعي ، عن عبد الله بن معقل المزني ، وفي 6/13 من طريق شداد مولى عياض بن عامر ، كلاهما ( عبد الله ، وشداد ) عن بلال ـ رضي الله عنه – " أنه جاء إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- يؤذنه بالصلاة ، فوجده يتسحر في مسجد بيته " هذا لفظ حديث شداد .
    وإسنادا الإمام أحمد فيهما ضعف ، أما الطريق الأول ، ففيه عنعنة أبي إسحاق وهو مدلس ، ولم أقف له على طريق صرّح بالسماع ، وأيضاً فلم أقف على ما يبين إداراك عبد الله بن معقل لبلال .
    وأما الطريق الثاني فهو منقطع ، لأن شداداً لم يدرك بلالاً،كما قال أبو داود وغيره ،وهو أيضاً لا يعرف ، كما نقله ابن حجر عن الذهبي في تهذيب التهذيب 4/291 .
    ولذا قال الحافظ في التقريب /264 : " مقبول ، يرسل " .
    وقصة بلال هذه جاءت من مسند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، حيث قال : كان علقمة بن علاثة عند رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فجاء بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: " رويداً يا بلال ، يتسحر علقمة ، وهو يتسحر برأس " .
    أخرجه الطيالسي ص (258) ،والطبراني في " الكبير " كما في المجمع 3/153- وفي سنده قيس بن الربيع ،قال عنه الحافظ في التقريب(457):"صدوق تغير لما كبر ، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه فحدّث به " .
    3 – أنس بن مالك -رضي الله عنه- :
    أخرجه البزار 1/467 ح ( 983 ) كشف – من طريق مطيع بن راشد،عن توبة العنبري أنه سمع أنس به مالك يقول ، قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: " انظر مَنْ في المسجد فادعه، فدخلت ـ يعني المسجد – فإذا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فدعوتهما ، فأتيته بشيء فوضعـته
    بين يديه، فأكل وأكلوا ، ثم خرجوا، فصلّى بهم رسـول الله –صلى الله عليه وسلم- صلاة الغداة " .
    قال البزار : " لا نعلم أسند توبة عن أنس إلاّ هذا وحديثاً آخر ، ولا رواهما عنه إلاّ مطيع " ا هـ . ومطيع بن راشد لا يعرف ، كما قال الذهبي في الميزان 4/130 ، وفي التقريب (535)" مقبول " ، وهو على ضعفه تفرد به عن توبة العنبري .
    4 – أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه :
    أخرجه ابن جرير 2/175 من طريق الحسين بن واقد، عن أبي غالب، عن أبي أمامة قال : أقيمت الصلاة والإناء في يد عمر ،قال : أشربها يا رسول الله ؟ قال : نعم ، فشربها ".
    وفي إسناده الحسين بن واقد ، وقد ترجمته في الحديث الأول ، وأن الإمام أحمد قد استنكر بعض حديثه ، وهو ممن يدلس كما وصفه بذلك الدارقطني والخليلي ، وقد عنعن في هذا الإسناد .
    و أبو غالب صاحب أبي أمامة، ضعّفه ابن سعد، وأبو حاتم، والنسائي، وابن حبان، ووثقه الدارقطني ، وقال ابن معين : صالح الحديث كما في تهذيب الكمال 34/170،وقد لخص ابن حجر هذه الأقوال بقوله في التقريب(664) : " صدوق يخطيء " .
    وفي الباب آثار عن جماعة من الصحابة ،ذكر جملة منها ابن أبي شيببة في المصنف 2/276 – 278،وابن حزم في المحلى : 6/232 – 233 ،وابن حجر في فتح الباري 4/161 ح ( 1917 ) ، 4/162 ح (1918) ، والله أعلم .


    صحة حديث " نعم سحور المؤمن التمر"
    السؤال: ما صحة حديث : " نعم سحور المؤمن التمر" ؟

    المجيب عمر بن عبد الله المقبل
    الجواب:
    حديث " نعم سحور المؤمن التمر"
    أخرجه أبو داود ـ كما سيأتي ـ في (2/758) ،باب من سمى السحور الغداء ، ح ( 2345 ) :
    من طريق محمد بن موسى، عن سعيد المقبري ، عن أبي هريرة عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : " نعم سحور المؤمن التمر " .
    ومدار الحديث على محمد بن موسى الفطري ،وثّقه أحمد بن صالح المصري ، والترمذي ، وذكره ابن حبان في (الثقات)، وقال البخاري : "لا بأس به مقارب الحديث" ، وقال أبو حاتم : "صدوق صالح الحديث، كان يتشيع" ، وقال الطحاوي : محمود في روايته ،وقد لخص الحافظ هذه الأقوال بقوله " صدوق ، رمي بالتشيع " .
    ينظر : (علل الترمذي الكبير 32 ) ح(17) ، (تهذيب الكمال 26/523) ، (تهذيب التهذيب 9/413) ، (التقريب / 509) .
    تخريجــه :
    *أخرجه (ابن حبان 8/253) ح ( 3475 ) ،و(البيهقي 4/236) من طرق عن محمد بن موسى به بلفظه .
    الحكم عليه :
    سنده حسن -إن شاء الله- ،لما في محمد بن موسى الفطري ،والحديث صـححه ابن حبان .والله أعلم .
    وفي الباب أحاديث عن جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- ، ومنها :
    1 – جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ :
    أخرجه (البزار 1/465) ح ( 978 ) - كشف - ، وابن عدي في ( الكامل 3/229) ، وأبو نعيم في (الحلية 3/350) ، من طريق زمعة بن صالح ،عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعاً بنحوه .
    وقال البزار : "لا نعلمه عن جابر إلا بهذا الإسناد" ، وقال أبو نعيم : "غريب من حديث عمرو ، تفرد به عنه زمعة" .ا هـ .
    وزمعة بن صالح هذا : " ضعيف ، وحديثه عند مسلم مقرون " كما في (التقريب 217).
    2 – عقبة بن عامر –رضي الله عنه- : أن النبي –صلى الله عليه وسلم- أخذ حفنة من تمر ، فقال : " نعم سحورٌ للمسلم " .
    أخرجه الطبراني في ( الكبير 17/282) ح ( 778 ) وفيه ابن لهيعة ، وهو ضعيف بسبـب سوء حفظه .
    3 – السائب بن يزيد –رضي الله عنه- : أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : " نعم السحور التمر "، وقال : "يرحم الله المتسحرين " .
    أخرجه (الطبراني 7/159) ح ( 6689 ) ، وقال الهيثمي في (المجمع 3/151): " وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي ،وهو ضعيف" . ا هـ .
    وفيه خالد بن يزيد العمري ، كذبه ابن معين،وأبو حاتم ،كما في (الجرح والتعديل 3/360)، وعليه فلا يصلح هذا شاهداً لحديث الباب. والله أعلم.


    صحة حديث "من فطّر صائماً كان له مثل أجره"
    السؤال: ما صحة حديث :" من فطر صائماً كان له مثل أجره".

    المجيب عمر بن عبد الله المقبل
    الجواب:
    هذا الحديث خرّجه الإمام أبو عيسى الترمذي وغيره -كما سيأتي- فقال في كتاب الصوم (3/171) باب ما جاء في فضل من فطَّر صائمـاً ح(807):
    حدثنا هناد، حدثنا عبدالرحيم، عن عبدالملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن زيد بن خالد الجهني، قال : قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- : " من فطَّر صائماً،كان له مثلُ أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً ".
    قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
    عطاء بن أبي رباح "ثقة فقيه فاضل، لكنه كثير الإرسال"، (التقريب391).
    تخريجه:
    *أخرجه النسائي في (الكبرى 2/256) باب ثواب من فطر صائماً ح(3331) ،و(ابن ماجة 1/555) باب في ثواب من فطر صائماً ح(1746)،وفي (2/922) باب من جهز غازياً ح(2759)، و(أحمد 4/114،116) ،وفي (5/152) ،و(الدارمي 1/432) ح(1654) ، و(ابن خزيمة 3/277) ح(2064)،و(ابن حبان 8/216) ح(3429) ،من طرق عبد الملك بن أبي سليمان به بنحوه ،وفي حديث بعضهم زيادة في آخره، وهي: " ومن جهز غازياً فله مثل أجره من غير..." واقتصر بعضهم على قوله: " ومن جهز غازياً"... الحديث .
    *وأخرجه (الترمذي 4/145) باب ما جاء في فضل من جهز غازياً ح(1629) ،والنسائي في (الكبرى 2/256) باب ثواب من فطر صائماً ح(3330) ، و(ابن ماجة 1/555) باب في ثواب من فطر صائماً ح(1746) ،و(ابن خزيمة 3/277) ح(2064) ، من طرق عن محمد بن عبدالرحمن ابن أبي ليلى، و(ابن ماجة 1/555) ح(1746)، من طريق حجاج بن أرطاة، والطبراني في ( الكبير 5/257) ح(5275) من طريق سعيد بن حفص النفيلي عن معقل ابن عبيدالله، ثلاثتهم (ابن أبي ليلى،وحجاج، ومعقل) عن عطاء بن أبي رباح به بنحوه إلاَّ أن بعضهم اقتصر على فضل التجهيز ،وفي حديث معقل زاد مع عطاء، عكرمة وهو ابن خالد المخزومي.
    الحكم عليه :
    إسناد الترمذي رجاله ثقات، وقد صححه الترمذي ،وابن خزيمة ،وابن حبان ،إلا أن في الإسناد انقطاعاً ،فإن عطاءً لم يسمع من زيد بن خالد كما نصَّ عليه ابن المديني في (العلل) له (66/ رقم 88) ،ولعلَّ هذا هو السبب في عدم إخراج الشيخين لحديث " من جهز غازياً " من طريق عطاء ابن أبي رباح ، مع إخراجهما له من حديث زيد، لكن من غير طريق عطاء .
    وأما الطريق التي فيها قرن عكرمة بن خالد المخزومي مع عطاء، فإنها من رواية سعيد بن حفص النفيلي، وهو صدوق تغير في آخر عمره، كما في (التقريب 234)، ولم أقف على من تابعه ولا من تابع شيخه على هذا،وأيضاً هو منقطع بين عكرمة بن خالد وزيد بن خالد، فلم يصرح بالتحديث، ولم يذكر زيد بن خالد الجهني في شيوخ عكرمة ،ولم يذكر عكرمة في تلاميذ زيد بن خالد كما في (تهذيب الكمال 10/64، 20/249).
    وعليه فلا يحكم لهذا السند بالاتصال والصحة، لعدم ثبوت السماع بين التلميذ وشيخه. والله أعلم.
    هذا وقد جاء معنى هذا الحديث عن جماعة من الصحابة، ومنهم:
    1- سلمان الفارسي -رضي الله عنه-، أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال:" من فطر صائماً في رمضان من كسب حلال صلت عليه الملائكة ".
    أخرجه (ابن خزيمة 3/191، 192) ح(1887)، والطبراني في (الكبير 6/261) ح(6161)، واللفظ له، وابن حبان في (المجروحين 1/247) من طرق عن علي بن زيد بن جدعان ،عن ابن المسيب ،عن سلمان -رضي الله عنه- به، ولفظ ابن خزيمة :" من فطر فيه صائماً كان مغفرةً لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء... " ، وهو عند ابن خزيمة مطول .
    وقد سئل أبو حاتم عنه –(العلل) لابنه (1/249) – فقال: "هذا حديث منكر"،وقال ابن خزيمة: "إن صح الخبر"، وقال ابن حجر في (إتحاف المهرة 5/561): "ومداره على علي بن زيد، وهو ضعيف".
    وخلاصة تضعيف هؤلاء الأئمة لهذا الخبر تعود إلى أمرين: تفرد علي بن زيد به ،ومع تفرده فهو ضعيف، كما قال الحافظ ابن حجر .
    2- حديث عائشة –رضي الله عنهما- قالت: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: " من فطر صائماً كان له مثل أجره، من غير أن ينتقص من أجره شيء ".
    أخرجه الطبراني في (الأوسط 8/255) ح(8438) من طريق الحكم بن عبدالله الأيلي ،عن الزهري ،عن سعيد بن المسيب ،عن عائشة به.
    وفيه الحكم الأيلي، قال عنه أحمد: أحاديثه كلها موضوعة، وكذَّبه أبو حاتم والجوزجاني ،نقل ذلك كله الذهبي في (الميزان 1/572) .
    وقد روي موقوفاً عليها عند النسائي في (الكبرى 2/256) باب ثواب من فطر صائماً ح(3332) من طريق عطاء عنها بلفظ :
    "من فطر صائماً كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيئاً".
    لكن قال الإمام أحمد – فيما رواه الأثرم –: "ورواية عطاء عن عائشة لا يحتج بها إلاَّ أن يقول : سمعت" وهنا لم يصرح بما يفيد السماع، وعليه ففي الإسناد علَّة، وهي: احتمال تدليس عطاء، والله أعلم .
    3- عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:" من حج عن ميت فللذي حج عنه مثل أجره، ومن فطر صائماً فله مثل أجره، ومن دلَّ على خير كان له مثل أجر فاعله ".
    أخرجه الطبراني في (الأوسط 6/127) ح(5818) من طريق علي بن بهرام، عن عبدالملك بن أبي كريمة ، عن ابن جريج ،عن عطاء ،عن أبي هريرة به.
    قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن ابن جريج إلاَّ عبدالملك بن أبي كريمة، تفرد به علي بهرام" .
    وفيه عنعنة ابن جريج فإنه كثير التدليس عن الضعفاء والمجهولين – كما ذكر ذلك الدارقطني، كما في (تهذيب التهذيب 6/355) –، وقد ذكره الحافظ ابن حجر في (التعريف) في المرتبة الثالثة (141) .
    وفي الإسناد: علي بن يزيد بن بهرام ،لم أظفر له بترجمة، وقد قال الهيثمي في (المجمع 3/282): "فيه علي بن يزيد بن بهرام، ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله ثقات".
    4- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:" من فطر صائماً فله مثل أجره ".
    أخرجه الطبراني في ( الكبير 11/187) ح(11449) من طريق الحسن بن رشيد عن ابن جريج ،عن عطاء ، عن ابن عباس به.
    وفي إسناده الحسن بن رشيد، قال الذهبي في (الميزان 1/490): "فيه لين"، وقال أبو حاتم: "مجهول"، وبه ضعفه الهيثمي في (المجمع 3/157).
    وفي الباب آثار عن بعض الصحابة، منها:
    عن أبي هريرة –رضي الله عنه- :"من فطَّر صائماً،أطعمه وسقاه،كان له مثل أجره" .
    أخرجه( عبدالرزاق 4/311) ح(7906) قال:" أخبرنا ابن جريج عن صالح مولى التوأمة قال: سمعت أبا هريرة فذكره".

  5. #35
    وفي الإسناد عنعنة ابن جريج، وقد سبق الكلام فيها قبل قليل .
    وقد روى عبدالرزاق نحواً من هذا (4/311) ح(7908) عن أبي هريرة – وفيه قصة – لكنه من رواية عمر بن راشد اليمامي ،عن يحيى بن أبي كثير، وقد قال الإمامان أحمد، والبخاري: إن أحاديثه عن يحيى منكرة مضطربة، كما في (تهذيب الكمال 21/340).
    وبعد: فهذا ما وقفت عليه من أحاديث وآثار في معنى أو لفظ حديث الباب، وكلها لا تخلو من مقال، وبعضها شديد الضعف، وأحسنها حديث الباب، على ضعفٍ فيه، والله أعلم.
    ومع هذا يقال :
    إن هذا الحديث ـ وإن كان سنده منقطعاً ـ فضعفه ليس بالشديد،وكذا كثير من الأدلة التي سبق ذكرها ،وأدلة الشريعة الأخرى تدل على صحة معناه ،ففي صحيح الإمام (مسلم 3/1506) ح(1892) من طريق أبي عمرو الشيباني ،عن أبي مسعود البدري –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : " من دل على خير فله مثل أجر فاعله " .
    ولا ريب أن تفطير الصائمين من خصال الخير ،لما يترتب عليه من المصالح العظيمة ، وعلى رأسها : زيادة التآلف بين المسلمين مع تباعد أقطارهم ، وتنائي ديارهم ،وهذا لعمر الله من مقاصد الشريعة العظيمة ،والله –تعالى- أعلم .


    صحة حديث تعجيل الفطر
    السؤال: ما صحة حديث :" لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر" ، وما الأحاديث الأخرى التي جاء فيها الحث على تعجيل الفطر ؟

    المجيب عمر بن عبد الله المقبل
    الجواب:
    حديث : "لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر " .
    هذا الحديث بهذا اللفظ متفق على صحته ،فقد أخرجه (البخاري 2/47) ،باب تعجيل الإفطار ح ( 1957 ) ،و(مسلم 2/771) ح (1098) ،و(الترمذي 3/82 )،باب ماجاء في تعجيل الإفطارح (699)، و(ابن ماجة 1/541) ، باب ما جاء في تعجيل الإفطار ح (1697) ،من طريق أبي حازم ،عن سهل بن سعد -رضي الله عنهما- : أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر " .
    وقد جاء الحث على تعجيل الفطر في أحاديث أخرى ، منها:
    1– عائشة -رضي الله عنها- : فعن مالك بن عامر أبي عطية قال : دخلت أنا ومسروق على عائشة فقلنا : يا أم المؤمنين : رجلان من أصحاب محمد –صلى الله عليه وسلم- ، أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة ، والآخر يؤخر الإفطار، ويؤخر الصلاة ، قالت : أيهما الذي يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟ قال لنا:عبد الله ( يعني ابن مسعود )،قالت : كذلك كان يصنع رسول-صلى الله عليه وسلم- .زاد أبو كريب : والآخر أبو موسى .
    أخرجه (مسلم 2/771) ح ( 1099 ) واللفظ له ،و(أبو داود 2/763) ، باب ما يستحب من تعجيل الفطر ح ( 2354 ) ، و(الترمذي 2/83) ، باب ما جاء في تعجيل الإفطار ح ( 702)،و(النسائي 4/143، 144) ح (2158ـ2159 ـ2160ـ2161 ) باب ذكر الاختلاف على سليمان بن مهران في حديث عائشة .
    2- أبو هريرة –رضي الله عنه- : فعن قرة بن عبدالرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: " قال الله -عز وجل-: أحب عبادي إليَّ أعجلهم فطراً ".
    أخرجه (الترمذي 3/83) باب ما جاء في تعجيل الإفطار ح(700) ، و(أحمد 2/237،329) ، و(ابن خزيمة 3/276) ح(2062)، و(ابن حبان 8/276) من طرق عن قرة بن عبدالرحمن به .
    والحديث مداره على قرة بن عبدالرحمن: ابن حيويل، -على وزن جبريل- .
    كان الأوزاعي يقول: ما أحد أعلم بالزهري من قرة بن عبدالرحمن بن حيويل ،لكن تعقب ابن حبان كلمة الأوزاعي، فقال في (الثقات) : " وكيف يكون قرة بن عبدالرحمن أعلم الناس بالزهري وكل شيء روى عنه، لا يكون ستين حديثاً، بل أتقن الناس في الزهري مالك ومعمر.. الخ" ا هـ.
    وثقه يعقوب بن سفيان، وذكره ابن حبان في الثقات ،وصرح بتوثيقه في صحيحه .
    قال ابن معين ، وأحمد ـ في رواية ـ : ضعيف الحديث ،وقال أحمد ـ في رواية ـ : منكر الحديث جداً ،وقال أبو زرعة: الأحاديث التي يرويها مناكير ،وقال أبو حاتم والنسائي:ليس بقوي ،وقال أبو داود : في حديثه نكارة،وقال العجلي : يكتب حديثه ،وقال ابن عدي:لم أر له حديثاً منكراً جداً،وأرجو أنه لا بأس به ،وقال الدارقطني : ليس بقوي في الحديث .
    وقد لخص حاله الحافظ بقوله: " صدوق له مناكير "،ولعله دون ذلك. والله أعلم .
    ينظر : (مسائل ابن هانئ) للإمام أحمد (2/190)، (صحيح ابن حبان 8/276)، (ثقات ابن حبان 7/343)، سنن (الدار قطني 1/181)، (تهذيب التهذيب 8/323)، (التقريب/455).
    وإسناد هذا الحديث ضعيف لعلتين :
    1- أن قرة بن عبدالرحمن إلى الضعف أقرب ،كما هو قول أكابر الحفاظ .
    2- تفرد قرة بهذا الحديث عن الزهري،إذْ لم أقف – بعد البحث – على متابعٍ له، وهذا النوع من التفرد بهذه الصورة، هو الذي عناه الإمام مسلم في مقدمة صحيحه (1/7)، وسماه منكراً، وقال عن مثل هذا: "فغير جائزٍ قبول حديث هذا الضرب من الناس" ا هـ.
    ولأجل هذا فقد أشار الترمذي إلى ضعفه بقوله: "هذا حديث حسن غريب"، بينما صححه ابن خزيمة ، وابن حبان، وتصحيحهما لهذا الخبر مع ما تقدم من العلل، فيه نظر، والله أعلم .


    صحة حديث من صام رمضان
    السؤال: زيادة (وماتأخر) في حديث :" من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه " هل هذه الزيادة ثابتة ؟

    المجيب عمر بن عبد الله المقبل
    الجواب:
    " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"
    أخرجه (البخاري 2/31) ح(1901) ،و(مسلم 1/523) ح (760) عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال : قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ،ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " .
    ولكن روى النسائي في (الكبرى 2/88) ح(2512) وغيره زيادة : "وما تأخر "، فهل هي ثابتة أم لا ؟ .
    والجواب ـ على وجه الإجمال ـ :
    أن هذه اللفظة شاذة ،غير محفوظة ،فإن الحديث رواه عن أبي هريرة –رضي الله عنه- اثنان من أصحابه :
    1- أبو سلمة بن عبدالرحمن ،وقد رواه عن أبي سلمة جماعة ،وهم : يحيى بن أبي كثير ،ومحمد ابن عمرو ،والزهري ،ويحيى بن سعيد الأنصاري ،وكلهم ـ سوى الزهري ـ لم يذكر في حديثهم هذه اللفظة .
    أما الزهري، فقد رواه عنه أكثر أصحابه الكبار : مالك ،ومعمر ،ويونس ، وغيرهم ،فلم يذكروا هذه اللفظة ،ورواه عنه ابن عيينة ،واختلف عليه في إثباتها وعدمه ،فأكثر أصحابه لم يذكروها عنه ،وعلى رأسهم الحميدي ،والشافعي ،وابن راهويه ،وعمرو بن علي الفلاس ،وغيرهم ،بينما ذكرها قتيبة ابن سعيد، وأربعة آخرون من أصحابه .
    2- الأعرج : وعنه أبو الزناد ،ولم يذكرها أيضاً .
    وبهذا يتبين أن ذكر هذه اللفظة وهم من بعض الرواة ،وأن الراجح عدم ذكرها ،ولهذا أعرض الشيخان ـ البخاري ومسلم ـ عنها ،ولم يخرجاها في صحيحيهما مع أهميتها ،وكون بعض رواتها من الحفاظ ،إلا أنهما أعرضا عنها لما سبق ،وهو أن أكثر رواة الحديث ـ وفيهم أئمة كبار ـ لم يذكروها ،والله أعلم ، ويمكن أن ينظر كلام الحافظ ابن حجر عليها في (الخصال المكفرة 56-63) مع تعليق المحقق.


    صحة حديث "أفطر الحاجم والمحجوم "
    السؤال: نرجو بيان درجة حديث : " أفطر الحاجم والمحجوم "


    المجيب عمر بن عبد الله المقبل
    الجواب:
    هذا الحديث روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم- من طرق كثيرة ، لكن أصح ما ورد فيها بنص جمع من الأئمة حديثان ، وهما :
    الحديث الأول : حديث ثوبان – رضي الله عنه –
    وقد أخرجه أبو داود : وغيره من الأئمة كما سيأتي : قال أبو داود : 2/770 باب في الصائم يحتجم ح (2367) حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى عن هشام /ح/ حدثنا أحمد بن حنبل ، حدثنا حسن بن موسى ، حدثنا شيبان جميعاً ، عن يحيى ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ،يعني الرحبي ، عن ثوبان عن النبي – صلى الله عليه وسلم - : " أفطر الحاجم والمحجوم ".
    قال شيبان : أخبرني أبو قلابة ، أن أبا أسماء الرحبي حدثه أن ثوبان مولى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أخبره أنه سمع النبي – صلى الله عليه وسلم -، وقبل أن أذكر تخريجه والكلام عليه مفصلاً ، أذكر خلاصة ما ظهر لي في هذا البحث وهي كما يلي :
    01 أن الحديث روي عن ثوبان من أربعة طرق ، وأن هذه الطرق أكثرها معل ، وأقواها الطريق التي رواها مسدد ، عن يحيى القطان ، عن هشام الدستوائي ، عن يحيى ابن أبي كثير ، عن أبي قلابة عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان – رضي الله عنه _.
    02 أن أكثر أئمة الحديث كأحمد والبخاري والدارمي وغيرهم على تصحيح الحديث وخالف في ذلك إمامان ، وهما : يحيى بن معين وأبو حاتم الرازي ، ولعل سبب إعلالهما له هو ما وقع فيه من اضطراب سيأتي الجواب عنه -إن شاء الله- .
    03 أن تصحيح الحديث لا يكفي في الحكم به وحده على مسألة الحجامة للصائم ، لأن؛ في المسألة أحاديث كثيرة تدل على أن هذا الحديث منسوخ وبإمكان القارئ الفاضل أن يراجع مظان هذه المسألة من كتب الشروح ، والفقه مع الإشارة إلى أن مذهب جماهير أهل العلم على عدم الفطر بالحجامة .
    تخريج الحديـث :
    الحديث في مسند أحمد 5/283
    وأخرجه النسائي في ( الكبرى 2/217) ، باب ذكر الاختلاف على أبي قلابة ح (3137) وأحمد (5/282) وفي (5/277) و(الدارمي 1/440) ح (1682) والحاكم (1/427) من طرق عن هشام الدستوائي به بنحوه إلا أن في حديث أصحاب هشام جميعاً – سوى ابن علية- قصة في أوله .
    وأخرجه (ابن ماجه 1/537) باب ما جاء في الحجامة للصائم ح (1680) و(عبد الرزاق 4/209) ح (7522) و(أحمد 5/280) و(ابن خزيمة 3/226) ح(1962) وا(بن حبان 8/301) ح(3532) و(الحاكم 1/427) من طرق عن يحيى بن أبي كثير به بنحوه وفي حديث بعضهم قصة. وأخرجه النسائي في (الكبرى 2/217) ح(3139) من طريق عاصم بن هلال ،وفي ح(3140،3141) من طريق عباد بن منصور . وفي ح (3142) من طريق جرير بن حازم . وفي ح (3143) من طريق حماد بن زيد ، وفي ح ( 3144) من طريق ابن عيينة وعبد الرزاق 4/209 ح (7519) عن معمر ، ستتهم ( عاصم ، وعباد ، وجرير، وحماد ، وابن عيينه ، ومعمر ) عن أيوب ، عن أبي قلابة به بنحوه إلا أن عباد بن منصور اضطرب فجعله مرة كحديث الباب ، ومرة جعله عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن شداد ، وفي حديث جرير: عن أبي قلابة عن شداد وثوبان ، لم يذكر أبا أسماء ، وقال جرير : عرضت على أيوب كتاباً لأبي قلابة ،فإذا فيه : عن شداد وثوبان هذا الحديث ،قال : عرضته عليه فعرفه ، وفي حديث حماد وابن عيننه : عن أبي قلابة عن شداد فحسب ، ليس فيه أبو أسماء ولا ثوبان ، وفي حديث معمر : عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن أبي أسماء عن شداد وفي حديث عاصم : عن أبي قلابة عن أبي أسماء ، عن شداد وأخرجه النسائي في (الكبرى 2/216) باب من الشيخ ؟ ح(3136) من طريق راشد بن داود ، و(أحمد 5/282) ومن طريقه (أبو داود 2/772) ح (2370) و(النسائي 2/216) ح(3135،3134) من طريق عن ابن جريج . و(أبو داود 2/273) ح (2371) و(النسائي 2/216) ح (3135) من طرق العلاء بن الحارث و(النسائي 2/217) ح (3137) من طريق سعيد بن عبد العزيز ثلاثتهم ( ابن جريج ، والعلاء ، وسعيد ) عن مكحول . كلاهما ( راشد ، و مكحول ) عن أبي أسماء الرحبي به بنحوه ، وفي حديث ابن جريج ، وسعيد بن عبد العزيز عن شيخ من الحي ، وقد سماه العلاء بن الحارث في حديثه وأنه مكحول , وأخرجه (النسائي 2/221) ح(3157) من طريق همام بن يحيى وفي 2/222 ح (3158) وأحمد 5/282 ، من طريق ابن أبي عروبة و(أحمد 5/286) من طريق شعبة ، ثلاثتهم ( همام، وابن أبي عروبة ، وشعبة ) عن قتادة ، عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم و(النسائي في 2/222) ، باب الاختلاف على خالد الحذاء ح(3159) ، والطبراني في " الكبير " 2/91 ح(1406) من طريق بكير بن أبي السميط ، عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة ، والنسائي في 2/222 ح (3160) و(ابن خزيمة 3/236) ح(1984) ، والطبراني في ( الأوسط 57/153) ح(4720) من طريق الليث ، عن قتادةن عن الحسن . ثلاثتهم ( ابن غنم ، ومعدان ، والحسن ) عن ثوبان به بنحوه ، إلا أن هماماً لم يذكر عبد الرحمن بن غنم ، بل جعله عن شهر عن ثوبان .
    دراسته والحكم عليه :
    إسناد أبي داود صحيح ، وما يخشى من إرسال أبي قلابة زال بتصريحه بالسماع كما نقل ذلك أبو داود عن شيبان عن أبي قلابة نفسه ، وأما ما وقع في حديث ابن جريج وسعيد بن عبد العزيز من قولهما : عن شيخ من الحي ،فقد صرّح العلاء بن الحارث في روايته عن مكحول بأنه أبو أسماء الرحبي ، وقد نص على اسمه أيضاً أبو حاتم – كما في ( العلل) لابنه 1/238 ولذلك جعل المزي في (التحفة 2/143) حديث ثوبان هذا فيما رواه عنه أبو أسماء حيث أحال عليه عند قوله : "حديث شيخ من الحي" . وقد تبين من التخريج السابق أن الحديث رواه عن ثوبان أربعة :
    01 أبو أسماء الرحبي ، وعنه ثلاثة : مكحول ، وراشد بن داود ، وأبو قلابة ، وقد اختلف على أبي قلابة :
    أ.فرواه يحيى بن أبي كثير ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء عن ثوبان.
    ب.ورواه أيوب ، عن قلابة ، واختلف عليه :
    - فرواه عباد بن منصور، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان.
    - ورواه عباد نفسه، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن شداد، عن أوس.
    –ورواه جرير بن حازم ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن شداد وثوبان ، مرسلاً، فلم يذكر أبو قلابة أحداً بينه وبين ثوبان ولا شداد .
    –ورواه حماد بن زيد ، وابن عيينة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن شداد فأرسلاه عن أبي قلابة .
    –ورواه معمر ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث ، عن أبي أسماء ،عن شداد
    –ورواه عاصم بن هلال ، عن أبي أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن شداد.
    أما رواية عباد بن منصور، فقد قال عنها النسائي (2/217) : " عباد بن منصور جمع بين الحديثين ، فقال : عن أبي أسماء ، عن ثوبان ، عن أبي الأشعث عن شداد : " ثم قال عقب ذلك (2/218) : " وعباد بن منصور ليس بحجة في الحديث ، وقيل إن ريحان بن سعيد – الراوي عنه – ليس بقديم السماع منه " . وقول النسائي هنا : ( ليس بحجة) مفسرٌ بقوله في ( الضعفاء ) ص (214) رقم (414) : " ضعيف ، وكان أيضاً قد تغير " ا.هـ . أما رواية معمر ، فهي من روايته عن البصريين ، وهي متكلم فيها عند الأئمة – كما في ترجمته من (تهذيب الكمال 28/303) . وأما رواية جرير ، فجرير وإن كان ثقة ، إلا أن الإمام أحمد قال – كما في شرح علل الترمذي 2/699 – " يروي عن أيوب عجائب " ا.هـ ، ومع ذلك فقد خولف من قبل حماد بن زيد ، وسفيان ، وحماد خاصة ـ من أثبت الناس في أيوب ، كما نص على ذلك جمع من الأئمة – كما في شرح العلل 2/699- ولذلك أشار النسائي إلى ترجيح رواية حماد بن زيد على غيره بقوله – في (السنن الكبرى 2/218) : " تابعه حماد بن زيد على إرساله عن شداد وهو أعلم الناس بأيوب"ا.هـ وأما رواية عاصم ، فعاصم قال عنه أبو زرعه – كما في أسئلة البرذعي له (2/536) - : " حدث عن أيوب بأحاديث مناكير" ا.هـ فلعل هذا منها ، والله أعلم .
    وهناك اختلاف أوسع من هذا على أيوب ، سيأتي ذكره في حديث شداد التالي – إن شاء الله تعالى – فتبين إذاً أن الراجح عن أيوب ، هو ما رواه حماد بن زيد ،وابن زيد ، وابن عيينه ، وتابعهما جرير بن حازم على بعض ذلك ، عن أيوب عن أبي قلابة عن أيوب ، فرجع حديث أيوب إلى حديث شداد ، وسيأتي الكلام على حديث شداد في الحديث التالي – إن شاء الله تعالى - . أما بقية الراوة عن ثوبان فهم ثلاثة ، وهم :
    01 معدان بن أبي طلحة : وقد رواه عنه سالم بن أبي الجعد ، وعن سالم، بكير بن أبي السميط .
    02 الحسن البصري : وقد رواه عنه قتادة ، وعن قتادة ، الليث بن سعد وقد سئل أبو حاتم الرازي – كما في (العلل) لابنه (1/226) عن طريق الليث فقال :" هذا خطأ ، رواه قتادة ، عن الحسن ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم- وهو مرسل ورواه أشعب بن عبد الملك عن الحسن ، عن أسامة بن زيد " ا.هـ . وقال النسائي عن هذين الطريقين : " ما علمت أحداً تابع الليث ، ولا بكير بن أبي السميط على روايتهما ، والله أعلم " ا.هـ وقال ابن خزيمة : " الحسن لم يسمع من ثوبان " ا.هـ وقال الطبراني في ( الأوسط ) : " لم يرو هذا الحديث عن قتادة عن الحسن عن ثوبان إلا الليث بن سعد " ا.هـ .
    03 عبد الرحمن بن غنم : قد رواه عنه شهر بن حوشب وعن شهر ،قتادة واختلف عليه:
    أ.فرواه ابن أبي عروبة ، وشعبة ، عن قتادة ،عن شهر ، عن عبد الرحمن بن غنم ،عن ثوبان .
    ب. ورواه همام بن يحيى ، عن قتادة ، عن شهر ، عن ثوبان ، ليس فيه ذكر عبد الرحمن بن غنم.
    وقد قال أبو حاتم – كما في (العلل) لابنه (1/226) – " وأما حديث ثوبان ،فإن سعيد بن أبي عروبة يرويه عن قتادة ، عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن ثوبان عن النبي- صلى الله عليه وسلم – ورواه بكير بن أبي السميط ، عن قتادة ، عن سالم بن أبي الجعد ، عن معدان بن أبي طلحة ، عن ثوبان ، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ورواه يزيد بن هارون ، عن أيوب أبي العلاء ، عن قتادة ، عن شهر بن حوشب عن بلال عن النبي – صلى الله عليه وسلم – ورواه قتادة عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان عن النبي – صلى الله عليه وسلم – " ا.هـ . وكلام الإمام أبي حاتم ، يشير إلى أن في الحديث اضطراباً ، وأن قتادة اختلف عليه في ذلك كثيراً ، ويمكن أن يقال: إن هذا الاضطراب الذي وقع في الطرق إلى شهر ، إنما هي من شهر نفسه ، لأنه متكلم في حفظه وضبطه ، كما في ترجمته من (تهذيب الكمال 12/587) . والله أعلم . وبناء على ما تقدم من نقد الطرق إلى ثوبان فإنها كلها معلولة سوى الطريق الأولى التي أخرجها أبو داود . وقد صحح حديث الباب جمع من الأئمة ، منهم :
    01 ابن المديني ، كما نقله عنه الترمذي في ( العلل الكبير ) ص ( 123).
    02 أحمد : ففي مسائل أبي داود ص (311) قال أحمد : " كل شيء يروى عن ثوبان فهو صحيح ، يعني حديث مكحول هذا " ا.هـ .
    وفي مسائل ابنه عبد الله (2/626) قال : شيبان جمع الحديثين جميعاً ، يعني: حديث ثوبان ، وحديث شداد بن أوس " ا.هـ وقد نص أحمد على الحديثين – أي ثوبان وشداد – كما في (طبقات الحنابلة 1/206) وفي مسائل (ابن هانئ 1/131) نص على أن أقوى حديث عنده هو حديث ثوبان . ونقل ابن حجر في ( الفتح 4/209) عن عثمان الدرامي أنه قال : " صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم ، من طريق ثوبان ، وشداد ، قال : وسمعت أحمد يذكر ذلك ، ولما قيل لأحمد : إن يحيى بن معين قال : ليس فيه شيء يثبت ، قال : هذه مجازفة " انتهى بتصرف "
    03 عثمان الدرامي ، وقد تقدم آنفاً .
    04 البخاري : نقله الترمذي في ( العلل الكبير ) ص (122) ،فأورد الترمذي عليه ما فيه من الاضطراب ؟ فقال : كلاهما عندي صحيح ؛ لأن يحيى بن أبي كثير ، روى عن أبي قلابة عن أبي أسماء ، عن ثوبان ، وعن أبي الأشعث ، عن شداد بن أوس ، روى الحديثين جميعاً ا.هـ . قال ابن حجر معلقاً على ذلك في ( الفتح 4/209) يعني فانتفى الاضطراب ، وتعين الجمع بذلك " ا.هـ .
    05 (ابن خزيمة 3/226) .
    06 (ابن حبان 8/301 ) .
    07 (الحاكم 1/427) .
    08 ابن حزم في ( المحلى 6/203) .
    09 النووي في ( المجموع 6/349-350) .
    010 شيخ الإسلام بن تيمية في ( مجموع الفتاوى 25/255) .
    011ابن القيم : كما يدل عليه كلامه في (تهذيب السنن 3/243) وما بعدها وغيرهم من أهل العلم – رحمهم الله جميعاً –
    وكلام الإمام أبي حاتم الرازي في ( العلل ) لابنه ( 1/249) ،يدل على أن الحديث عنده غلط ، حيث قال – لما سئل عن حديث رافع بن خديج " أفطر الحاجم والمحجوم" الذي روى من طريق معمر ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع – قال رحمه الله : " إنما يروي هذا الحديث عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء عن ثوبان ، واغتر أحمد بن حنبل بأن قال: الحديثان عنده ، وإنما يروى بذلك الإسناد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه نهى عن كسب الحجام ومهر البغي ، وهذا الحديث في يفطر الحاجم والمحجوم عندي باطل " ا.هـ.
    ومراد أبي حاتم – رحمه الله – أن الراجح في حديث رافع هو قوله -صلى الله عليه وسلم – "كسب الحجام خبيث " الذي أخرجه مسلم وغيره أنه "




    أفطر الحاجم والمحجوم " . وأما رد أبي حاتم لهذا الحديث كله – كما يفهم من كلامه – فلعل سبب رده هو أنه يرى أن الحديث مضطرب الإسناد ،إلا أن أبا حاتم خولف من بعض الأئمة الذي نصّ بعضهم على أن الحديث عن ثوبان و شداد – محفوظ لا اضطراب فيه كما تقدم آنفاً- . والله أعلم .
    الحديث الثاني : حديث شداد بن أوس :
    والبحث فيه كالبحث في سابقه من حيث كثرة الاختلاف فيه ، وطول الكلام عليه ، ولذا سأكتفي عن إيراده بحديث ثوبان – رضي الله عنه – وما حصل فيه من تفصيل ، إلا أنه يحسن هنا أن أجيب على إيراد قد يورده بعض الفضلاء ،ألا وهو : ألا يحتمل أن حديث ثوبان ، وشداد كلاهما مضطرب ؛ لأن مدار الحديثين على رجل واحد ، وهو أبو قلابة ؟
    والجواب : أنه تقدم من كلام الإمام أحمد ، والبخاري – في حديث ثوبان السابق – ما يبين أن كلا الحديثين محفوظ ، وقد تبعهما على هذا الجواب ؛ (ابن حبان 8/303) ، و(الحاكم 1/427) ،وابن حجر في ( الفتح 4/209) ، بل يقال : إن جميع الأئمة الذين ثبت عنهم تصحيح الحديثين يقولون بذلك ، إذ لو ثبت الاضطراب في الحديث عند أحدهم ،لم يقل بتصحيح الحديثين .
    هذا وقد صحح حديث شداد هذا جمع من الأئمة ، ومنهم من تقدم ذكرهم في حديث ثوبان وهم : ابن المديني ، وأحمد، وعثمان الدارمي، والبخاري، وابن خزيمة ، وابن حبان ، والحاكم ، وغيرهم ، ويضاف إليهم هنا: الإمام إسحاق بن راهوية ، كما نقله الحاكم (1/428) ، حيث قال : " هذا إسناد صحيح ، تقوم به الحجة ، وهذا الحديث قد صح بأسانيد ، وبه نقول ا.هـ ، وكذا صححه أبو جعفر العقيلي في ( الضعفاء 4/456) والله تعالى أعلم.
    بقي أن يقال : إن تصحيح الحديث ، لا يكفي في الحكم به وحده على مسألة الحجامة للصائم؛ لأن في المسألة أحاديث كثيرة جعلت أهل العلم يختلفون في حكم الفطر بالحجامة؟ فمنهم من يرى أن هذا الحديث منسوخ، وأن الحجامة لا تفطر كما هو مذهب جماهير أهل العلم ، ومنهم من أخذ بحديث الباب فقال : إن الحجامة تفطر ، وهو المشهور من مذهب الحنابلة ، ونصره من فقهاء الحديث ابن خزيمة ، وابن المنذر ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه – رحم الله الجميع – .
    وفي المسألة تفاصيل عند بعضهم من حيث تعليق الحكم بتأثير الحجامة على إضعاف الصائم وعدمه ، وبإمكان القارئ الفاضل أن يراجع مظان هذه المسألة من كتب الشروح ، والفقه ، ومنها :
    (المغني لابن قدامه 4/350 )، (البحر الرائق 2/294) ، و(شرح الزرقاني على مختصر خليل 1/92) ، و(فتح الباري 4/205) عند شرح الباب رقم (32) من كتاب الصيام ، وهو : باب الحجامة والقئ للصائم .والله أعلم .


    صحة حديث دعوة الصائم عند فطره
    السؤال: ما صحة حديث : (ثلاثة لا تردّ دعوتهم ...) وذكر منهم والصائم حتى يفطر) ؟

    المجيب عمر بن عبد الله المقبل
    الجواب:
    حديث : " ثلاثة لا ترد دعوتهم ..." :
    هذا الحديث رواه الإمام (الترمذي 4/580) كتاب صفة الجنة، باب ما جاء في صفة الجنة ونعيمها ح(2526) فقال:
    حدثنا أبو كريب، حدثنا محمد بن فضيل ، عن حمزة الزيات ، عن زياد الطائي، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال : قلنا يا رسول الله، مالنا إذا كنا عندك رقت قلوبنا، وزهدنا في الدنيا ، وكُنَّا من أهل الآخرة، فإذا خرجنا من عندك فآنسنا أهالينا، وشممنا أولادنا أنكرنا أنفسنا، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم: "لو أنكم تكونون إذا خرجتم من عندي كنتم على حالكم ذلك، لزارتكم الملائكة في بيوتكم، ولو لم تذنبوا لجاء الله بخلقٍ جديد كي يذنبوا فيغفر لهم " ، قال: قلت يا رسول الله ممّ خُلِق الخلق ؟ قال: "من الماء " ، قلنا: الجنة ما بناؤها ؟ قال: " لبنة من فضة ولبنة من ذهب، ومِلاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها الزعفران، من دخلها ينعم ولا ييأس، ويُخلَّد ولا يموت، لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم"، ثم قال:" ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حين يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها فوق الغمام ، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب -عز وجل-: وعزتي لأنصرنَّكِ ولو بعد حين ".
    قال أبو عيسى: هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي، وليس هو عندي بمتصل، وقد روي هذا الحديث بإسنادٍ آخر عن أبي مُدلَّة، عن أبي هريرة ، عن النبي –صلى الله عليه وسلم-.
    وقبل أن ذكر الكلام عليه مفصلاً ، أذكر خلاصة الحكم ، فأقول :
    1- الحديث مداره ـ على الراجح ـ على أبي مدلة ،عن أبي هريرة –رضي الله عنه-.
    2- إن أبا مدلة في عداد المجاهيل ،ولم يتابعه أحد فيما وقفت عليه .
    3- أنه قد ورد معنى هذا الحديث عن أنس –رضي الله عنه- وفيه ضعف ـ كما سأبينه ـ .
    4- أن الأحاديث الواردة في إجابة دعوة المسافر ـ وإن كانت ضعيفة ـ إلا أن ذلك لا يعني ترك الصائم للدعاء ، فإن الدعاء مشروع في كل وقت ، بل دعاء الإنسان عند تلبسه بالعبادة أرجى في الإجابة ، والله أعلم .
    تخريجه:
    *أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (380) ح(1075) عن حمزة الزيات، عن سعد الطائي ، عن رجلٍ ، عن أبي هريرة به بنحوه، فسمَّى شيخ حمزة :سعداً .
    *وأخرجه (الترمذي 5/539) في الدعوات، باب في العفو والعافية ح(3598) من طريق عبدالله بن نمير، و(ابن ماجة 1/557) باب الصائم لا ترد دعوته ح(1752)، و(أحمد 2/443،477) من طريق وكيع، و(الدارمي في 2/789) ح(2717) عن أبي عاصم النبيل ، ثلاثتهم (ابن نمير، ووكيع، وأبو عاصم) عن سعدان بن بشر، والطيالسي ص (337) ، وأحمد 2/304 عن أبي كامل، وأبي النضر، وأحمد 2/305 عن حسن بن موسى، والطبراني في "الدعاء" (3/1414) ح(315) من طريق أحمد بن يونس، و(ابن حبان 8/214) ح (3428)، وفي 16/396 ح (7387) من طريق فرح – بالحاء المهملة – ابن رواحة، ستتهم (الطيالسي، وأبو كامل، وأبو النضر، وحسن، وأحمد بن يونس، وفرح) عن زهير بن معاوية، و(ابن خزيمة 3/199) ح(1901) من طريق محمد بن عبد الرحمن المحاربي، عن عمرو بن قيس الملائي، ثلاثتهم (سعدان، وزهير، وعمرو) عن أبي مجاهد سعد بن عبيد الطائي ، عن أبي مدلّة ، عن أبي هريرة به بنحوه، إلاَّ أن وكيعاً ، والطيالسي ، وعمرو بن قيس اقتصر حديثهما على قوله: (ثلاثة لا ترد دعوتهم... الخ)، وفي الموضع الثاني – عند (أحمد 2/477) – قال وكيع في حديثه: (الصائم لا ترد دعوته) فحسب، وفي الموضع الأول عند أحمد عن وكيع (1/443) اقتصر حديثه على قوله: (الإمام العادل لا ترد دعوته ) فحسب، ولفظ حديث فرح في الموضع الأول نحو حديث الطيالسي وعمرو الملائي، واقتصر حديث أبي عاصم على صفة بناء الجنة .
    *وأخرجه (البزار 4/38) ح(3139) – كشف – من طريق إبراهيم بن خيثم بن عراك بن مالك ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي هريرة بنحوه، إلاَّ أنه قال: "والمسافر حتى يرجع" بدلاً من "الإمام العادل".
    الحكم عليه :
    وقد تبين من التخريج أن الحديث رواه عن أبي هريرة اثنان، وهما: زياد (أو سعد) الطائي – كما سيأتي تحريره – وأبو مدلة، ولكن عند التأمل والنظر يتبين أنهما واحد ،وبيان ذلك أن يقال :
    إن محمد بن فضيل ، رواه عن حمزة الزيات ، عن زياد الطائي، عن أبي هريرة، وخالفه ابن المبارك، فرواه عن حمزة عن سعد الطائي – الذي هو أبو مجاهد – حدثه ، عن رجل ، عن أبي هريرة فذكره بنحوه، ورواية ابن المبارك أرجح من وجهين :
    الأول: أن ابن المبارك ثقة ثبت فقيه عالم – كما في التقريب (320)، وابن فضيل ليس في منزلته ، على أن في روايته مخالفةً أخرى ـ كما سيأتي ـ .
    الثاني: أن الرواة الآخرين عن أبي مجاهد رووه كذلك عنه عن أبي مدلة ، فعاد حديث حمزة إلى رواية الجماعة .
    و ثمة مخالفة أخرى من ابن فضيل لابن المبارك في إسناده، وهو أن ابن فضيل قد أسقط الواسطة بين أبي هريرة وزياد الطائي، بينما رواه ابن المبارك بذكر الواسطة.
    وقد سئل الدارقطني ـ كما في (العلل 11/235) ـ عن هذا الحديث فقال – بعد إشارته إلى الرواة عن أبي مجاهد الذين سبق ذكرهم – : "ورواه حمزة الزيات ، عن سعد الطائي أبي مجاهد، وقال: عن رجل ، عن أبي هريرة، وأحسبه لم يحفظ كنيته، فقال: عن رجل، وأراد أبا مدلَّة، والله أعلم، والحديث محفوظ" ا هـ.
    فالإمام الدارقطني،لم يشر إلى مخالفة ابن فضيل في إسناده، فكأنه لم يلتفت إليها، وإنما أشار إلى رواية ابن المبارك فحسب،وإلى هذا أشار الترمذي بقوله عن الطريق التي رواها ابن فضيل:" هذا حديث ليس إسناده بذاك القوي، وليس هو عندي بمتصل، وقد روي هذا الحديث بإسناد آخر عن أبي مدلَّة ، عن أبي هريرة عن النبي –صلى الله عليه وسلم- .

  6. #36
    إفطار المسافر إذا قدم صائماً
    السؤال: شخص كان مسافرا لمدة ثلاثة أيام وأثناء عودته تناول السحور قبل ما يقارب 400 كيلو من مدينته التي يقيم فيها وكان ينوي الصيام في اليوم التالي، ولكنه تأخر في الطريق ولم يصل إلى منزله إلا قرابة الساعة التاسعة صباحا وكان الطريق متعبا له جدا ومرهقاً حيث لم ينم وعند وصوله إلى بيته استقبلته زوجته وبعد الحديث والاطمئنان على الأولاد قام بجماع المرأة بحجة أنه مفطر؛ لأنه كان مسافراً وأكمل ذلك اليوم بعد الجماع. افيدونا جزاكم الله خيراً.

    المجيب د.محمد العروسي عبدالقادر
    الجواب:
    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
    فإن من كان به عذر يبيح له الفطر في رمضان كمسافر أو مريض ثم زال العذر أثناء النهار، كأن يصح المريض ويقدم المسافر ففيهما لأهل العلم قولان:
    فالشافعي ومالك يقولان: لا يلزمه الإمساك.
    وقالت الحنفية ورواية عند الحنابلة: يلزمه الإمساك.
    فإن كان أحد الزوجين من أحد هؤلاء والآخر لا عذر له ثم حصل جماع فلكل واحد حكم نفسه، فإن قلنا يلزمه الإمساك، فعليه وعلى الزوجة الكفارة صيام شهرين أو إطعام ستين مسكيناً، وإن كان أحدهما من أحد هؤلاء والآخر لا عذر له فلكل واحد حكم نفسه، والسائل لا يدخل في هذا الحكم، فإنه لم يكن مفطراً ثم زال عذره بل أصبح صائماً ووصل مقر إقامته وهو صائم فلا يجوز له الفطر، وإن شعر بتعب فإن الذي يبيح له الفطر هو الخوف من المرض أو زيادته، وأما مجامعته لزوجه في رمضان فتجب فيها الكفارة: صيام شهرين أو إطعام ستين مسكيناً.
    وقد أخطأ في إفساد صيام زوجه فيتوب إلى الله ويستغفر الله، وعليها الكفارة لأنها مطاوعة له –ولو كان مكرهاً لها- كانت كفارتها عليه، والله أعلم.


    قيام الليل
    السؤال (14775): السلام عليكم
    صديق لي يسأل عن الدليل على قيام الأئمة بالدعاء في الركوع والسجود في ليالي العشر الأواخر من رمضان بصورة مطوّلة.
    وقد قدّمت لصديقي حديثاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه أذكار مختلفة في الركوع والسجود، وأن الإنسان يكون أقرب إلى ربه في السجود فلذلك ينبغي عليه أن يدعو.
    لكن صديقي يرغب في الحصول على حديث محدَّد يوضح ويثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يطيل صلاة التراويح في الليالي العشر الأخيرة من رمضان. فهل هناك حديث بهذا الخصوص؟ وجزاكم الله خيراً.

    أجاب عن السؤال: الشيخ/ د. محمد بن عبد الله القناص ( عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)
    الجواب:
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
    كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- إطالة الصلاة بالليل، وتطويل القراءة، وكان يداوم على قيام الليل في رمضان وغيره، وقد جاء في أحاديث كثيرة وصف صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- في قيام الليل، منها ما يأتي:
    - عن أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - كَيْفَ كَانَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَمَضَانَ ؟، قَالَتْ: مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ، وَلَا فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً، يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا فَلَا تَسْأَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلَاثًا .... " أخرجه البخاري (1147) ومسلم (738).
    - وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَن تَطَوُّعِهِ ؟ ، فَقَالَتْ:" كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ تِسْعَ رَكَعَاتٍ فِيهِنَّ الْوِتْرُ، وَكَانَ يُصَلِّي لَيْلًا طَوِيلًا قَائِمًا، وَلَيْلًا طَوِيلًا قَاعِدًا، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَائِمٌ، وَإِذَا قَرَأَ قَاعِدًا رَكَعَ وَسَجَدَ وَهُوَ قَاعِدٌ وَكَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْن" أخرجه مسلم (730)
    - وعنها –رضي الله عنها- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي جَالِسًا، فَيَقْرَأُ وَهُوَ جَالِسٌ، فَإِذَا بَقِيَ مِنْ قِرَاءَتِهِ قَدْرُ مَا يَكُونُ ثَلَاثِينَ أَوْ أَرْبَعِينَ آيَةً، قَامَ فَقَرَأَ وَهُوَ قَائِمٌ، ثُمَّ رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ يَفْعَلُ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ ذَلِكَ. أخرجه البخاري (1119) ، ومسلم (731).
    - وعن حذيفة –رضي الله عنه- قال : صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِائَةِ، ثُمَّ مَضَى، فَقُلْتُ: يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ، فَمَضَى، فَقُلْتُ: يَرْكَعُ بِهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلًا، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تَعَوَّذَ، ثُمَّ رَكَعَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: " سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ "، فَكَانَ رُكُوعُهُ نَحْوًا مِنْ قِيَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: " سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ "، ثُمَّ قَامَ طَوِيلًا قَرِيبًا مِمَّا رَكَعَ، ثُمَّ سَجَدَ فَقَالَ: " سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى "، فَكَانَ سُجُودُهُ قَرِيبًا مِنْ قِيَامِهِ .أخرجه مسلم (772).
    - وعن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- قال : " صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَطَالَ حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ، قَالَ: قِيلَ وَمَا هَمَمْتَ بِهِ ؟ قَالَ: هَمَمْتُ أَنْ أَجْلِسَ وَأَدَعَهُ " أخرجه مسلم (773).
    - وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ –رضي الله عنهما- قَالَ: بِتُّ فِي بَيْتِ خَالَتِي مَيْمُونَةَ فَبَقَيْتُ كَيْفَ يُصَلِّي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَقَامَ فَبَالَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ ثُمَّ نَامَ ثُمَّ قَامَ إِلَى الْقِرْبَةِ فَأَطْلَقَ شِنَاقَهَا ثُمَّ صَبَّ فِي الْجَفْنَةِ أَوْ الْقَصْعَةِ فَأَكَبَّهُ بِيَدِهِ عَلَيْهَا ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءًا حَسَنًا بَيْنَ الْوُضُوءَيْنِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي فَجِئْتُ فَقُمْتُ إِلَى جَنْبِهِ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ، قَالَ: فَأَخَذَنِي فَأَقَامَنِي عَنْ يَمِينِهِ فَتَكَامَلَتْ صَلَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً ثُمَّ نَامَ حَتَّى نَفَخَ وَكُنَّا نَعْرِفُهُ إِذَا نَامَ بِنَفْخِهِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى فَجَعَلَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ أَوْ فِي سُجُودِهِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ شِمَالِي نُورًا وَأَمَامِي نُورًا وَخَلْفِي نُورًا وَفَوْقِي نُورًا وَتَحْتِي نُورًا وَاجْعَلْ لِي نُورًا أَوْ قَالَ وَاجْعَلْنِي نُورًا. أخرجه البخاري ( 117 ) ، ومسلم ( 763 ).
    - وعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَهَجَّدَ مِنْ اللَّيْلِ قَالَ: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ الْحَقُّ وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ خَاصَمْتُ وَبِكَ حَاكَمْتُ فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. أخرجه البخاري (7442) ، ومسلم ( 769 ).
    - عَنْ عَائِشَةَ –رضي الله عنها- قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنْ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ:"اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ". أخرجه مسلم ( 486 ).
    - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ –رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنْ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِي وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ وَإِذَا رَكَعَ قَالَ: اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي وَإِذَا رَفَعَ قَالَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ وَإِذَا سَجَدَ قَالَ اللَّهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ثُمَّ يَكُونُ مِنْ آخِرِ مَا يَقُولُ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَالتَّسْلِيمِ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ وَمَا أَسْرَفْتُ وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ الْمُقَدِّمُ وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ. أخرجه مسلم ( 771 )، هذه بعض الأحاديث التي وصفت قيام النبي صلى الله عليه وسلم بالليل ، وما كان يقوله في ركوعه وسجوده ، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان وصلى بصلاته أناسٌ من أصحابه ثم ترك الصلاة بهم خشية أن تفرض عليهم ، فعن أَبِي ذَرٍّ –رضي الله عنه- قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنْ الشَّهْرِ فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ وَقَامَ بِنَا فِي الْخَامِسَةِ حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ فَقُلْنَا لَهُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ فَقَالَ إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الْإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ بِنَا حَتَّى بَقِيَ ثَلَاثٌ مِنْ الشَّهْرِ وَصَلَّى بِنَا فِي الثَّالِثَةِ وَدَعَا أَهْلَهُ وَنِسَاءَهُ فَقَامَ بِنَا حَتَّى تَخَوَّفْنَا الْفَلَاحَ قُلْتُ لَهُ: وَمَا الْفَلَاحُ؟ قَالَ السُّحُورُ. أخرجه الترمذي (806)، وقال: حديث حسن صحيح.
    - وعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ ثُمَّ صَلَّى مِنْ الْقَابِلَةِ فَكَثُرَ النَّاسُ ثُمَّ اجْتَمَعُوا مِنْ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ أَوْ الرَّابِعَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا أَصْبَحَ قَالَ: قَدْ رَأَيْتُ الَّذِي صَنَعْتُمْ وَلَمْ يَمْنَعْنِي مِنْ الْخُرُوجِ إِلَيْكُمْ إِلَّا أَنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ. أحرجه البخاري ( 1129 ) ، ومسلم ( 761 ). هذا والله أعلم.


    تناولت السحور بعد دخول وقت الفجر
    السؤال (18696): السلام عليكم
    تناولتُ السحور وكان فراغي من الأكل بعد دخول وقت الفجر بستّ دقائق. فهل صومي صحيح؟

    أجاب على السؤال: الشيخ/ عبد العزيز بن أحمد الدريهم ( رئيس كتابة عدل المزاحمية)
    الجواب:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أما بعد:
    فإن كنت أكلت بعد طلوع الفجر عالماً بذلك فصيامك غير صحيح؛ لأن الصيام الشرعي هو الإمساك عن المفطرات -من أكل وشرب وجماع- من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس، فإذا أكل الصائم بعد خروج الفجر ولو بدقيقة واحدة، أو أكل قبل غروب الشمس بدقيقة واحدة، وكان ذلك مع العلم والذكر والاختيار لم يصح صومه ذلك اليوم مع وجوب التوبة من هذه المعصية العظيمة. وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

  7. #37
    التأخر عن الاغتسال من الجنابة
    السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    في شهر رمضان الماضي، تأ
    خرت أنا وزوجي عن الاغتسال من الجنابة، حتى دخل وقت الظهر؛ وذلك لعدة أسباب، منها أننا كنا نقيم في بلد شديد البرودة، ولم تكن لدينا وسيلة لتدفئة الماء البارد، ولكن كان بإمكاننا الاغتسال في بيت والد زوجي، ولكننا تأخرنا عن الذهاب إلى هناك إلى أن دخل علينا وقت الظهر، ثم بعد ذلك اغتسلنا، سؤالي هو: هل صيامنا مقبول، أم غير مقبول في ذلك اليوم؟ وإذا كان غير مقبول فهل علينا كفارة، وما هي؟ أفيدوني بذلك. وفقكم الله جل وعلا.

    أجاب عن السؤال الشيخ/ سامي بن عبد العزيز الماجد (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية).
    الجواب:
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    صيامكما صحيح – إن شاء الله-، فليس من شروط صحة الصيام الطهارة من الجنابة ولا من الحدث الأصغر، لكن أراكما وقعتما في كبيرة لم تشعرا بها وهي تأخير صلاة الفجر عن وقتها عمداً؛ لأن الجماع وقع منكما قبل دخول وقت الفجر، ثم دخل عليكما وأنتما على جنابة، فكان الواجب عليكما الاغتسال حتى تؤديا الصلاة في وقتها، فإذا لم تستطيعا الاغتسال؛ لشدة البرد وعدم وجود ما تسخنان به الماء، فالواجب حينئذ التيمم، ثم أداء صلاة الفجر في وقتها، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وعدم الطهارة ليست عذراً في تأخير الصلاة عن وقتها مطلقاً، والواجب أداء الصلاة في وقتها ولو من غير تطهر بالماء، فما أوجب الله التيمم عند فقد الماء إلا مراعاة لوقت الصلاة. والله أعلم.

  8. #38
    الأكل في نهار رمضان نسياناً
    السـؤال (61363): السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    سؤالي في يوم من أيام رمضان المبارك وقبل الإفطار بـ (4 أو 5 دقائق) قمت بأكل تمرة، وذلك ونحن مجتمعون على السفرة، بوجود الأهل، وقد كنت في شده الغضب لتصرف أحد الإخوة -هداه الله- بتصرف غير مقبول إطلاقاً مع الوالد العزيز -حفظه الله-، فأخبروني أنه لم يؤذن المؤذن بعد، وأنا لم أشعر بذلك التصرف لأنني غضبان جدا، وقد أعانني الله -عز وجل- وقمت بقضاء ذلك اليوم، فهل علي شيء من الإثم جزاكم الله خير الجزاء، وتقبل منا ومنكم سائر الأعمال آميــن، والسلام عليكم.

    أجاب عن السؤال الشيخ/ عبد العزيز بن أحمد الدريهم(رئيس كتابة عدل المزاحمية)
    الجـواب:
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    فإن جميع المفطرات من أكل وشرب، ونحوها، لا تكون مفطرات إلا بشروط، هي:
    1) العلم، فالجاهل لا حرج عليه لاسيما ما يمكن الجهل به.
    2) الذكر؛ فالناسي إذا فعل شيء من المفطرات لا شيء عليه؛ لحديث: "عفا الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".
    3) الاختيار؛ فالمكره لا شيء عليه؛ للحديث السابق، وهذه الثلاثة الأمور داخلة في مثل قوله تعالى: "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها" الآية... وقوله تعالى: "ما جعل عليكم في الدين من حرج" الآية... وعليه فإن كان أكلك قبل الأذان نسياناً فليس عليك شيء والحمد لله.
    والله الهادي إلى سواء السبيل.


    صيام ستة من شوال
    السـؤال (62440): هل يوجد حديث أو فتوى تجيز البدء بصيام ستة من شوال في اليوم الثاني من عيد الفطر؟ جزاكم الله عني خيراً، والسلام عليكم.

    أجاب عن السـؤال الشيخ/ عمر بن عبد الله المقبل (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية).
    الجـواب:
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    فالجواب أن جميع أيام السَنة محل للصيام النافلة إلا الأيام التالية:
    1- يومي العيد، وهذا بالإجماع؛ لحديث عمر –رضي الله عنه- وغيره.
    2- أيام التشريق، وهي اليوم 11، 12، 13 من شهر ذي الحجة، وهو قول جماهير العلماء – وهو الراجح-؛ لحديث ابن عمر وعائشة – رضي الله عنهم-، ويستثنى من ذلك من لم يجد الهدي من الحجاج، فيجوز أن يصومها.
    3- تخصيص يوم الجمعة بالصيام، على القول الراجح؛ لحديث أبي هريرة –رضي الله عنه- في صحيح مسلم عن النبي – صلى الله عليه وسلم ج قال: "لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم".
    4- يوم الشك من شعبان، الذي يسبق رمضان؛ لحديث عمار في السنن، ويلحق به تقدم رمضان بيوم أو يومين بقصد الاحتياط، فإن وافق صياماً يصومه الشخص فلا بأس.
    وأما بقية الأيام فيجوز صومها، ومنها اليوم الثاني من شوال.


    الإفطار في الطائرة والشمس لا زالت في الأفق
    السـؤال (58725): السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
    أخي: لدى سؤال وهو: كنت مسافرا على متن الطائرة، وقد حان موعد الإفطار يعنى أذان المغرب، وهو الساعة 5.17، وصعدنا على متن الطائرة حوالي الساعة 5.47، وأقلعت الطائرة حوالي الساعة 5.50، الطائرة الآن في السماء، وبعد مسيرة حوالي 8دقائق في السماء يعني حوالي الساعة 5.58 أفطرت، لكن الشمس مازالت في الأفق، وهذا بحكم ارتفاعها مع العلم سيدي فإن وقت الإفطار تحت المدينة التي نحن فوقها قد حان أو بالأحرى قد أظلمت. أخي الكريم هل صيامي صحيح أم لا؟ أريد إجابة من فضلكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أجاب عن السؤال/ عبد الرحمن بن إبراهيم العثمان (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية).
    الجـواب:
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه، وبعد:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    فالجواب عن هذا السؤال هو أنه:
    أجمع أهل العلم على أن الصوم من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لقوله تعالى: "وكلوا واشربوا حتى يتبيّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل"، ولما ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا أقبل الليل من ها هنا وأدبر النهار من هاهنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم"، ولكل صائم حكم المكان الذي هو فيه سواء كان على سطح الأرض أم كان على طائرة في الجو، فإذا أقلعت الطائرة قبل غروب الشمس بدقائق واستمر معه النهار، فلا يجوز له أن يفطر ولا أن يصلي المغرب حتى تغرب شمس الجو الذي يسير فيه، حتى ولو مرّ بسماء بلد أهلها قد أفطروا وهو في سمائها يرى الشمس. وعليه فمن أفطر في الطائرة بتوقيت بلد وهو يعلم أن الشمس لم تغرب فصيامه فاسد، وعليه قضاء ذلك اليوم. والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
    [تراجع فتاوى اللجنة الدائمة (10/295-296)].


    ما علة إفطار الحاجم خاصة مع استخدامه للآلات الحديثة؟
    السـؤال (65621): فضيلة الشيخ: قد تكون علة إفطار المحجوم واضحة أما الحاجم فهل يفسد صومه مع استخدام الآلات الحديثة بدلا مما هو معمول به سابقا وهو مص الدم مضنة دخول شيء من الدم في جوفه أم أن الأمر تعبدي صرف؟. والله يحفظكم ويرعاكم.

    أجاب عن السـؤال الشيخ/ أ.د. سليمان بن فهد العيسى (أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية).
    الجـواب:
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
    فالجواب: أن مسالة إفطار الصائم بالحجامة قد تنازع فيها العلماء، وقد بسط فيها القول غير واحد من العلماء منهم شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله- في الفتاوى (جمع ابن قاسم) (ج 25 من ص252 إلى ص 258)، وقال: إن الفطر بالحجامة على وفق الأصول والقياس، وهو قول أكثر فقهاء الحديث.
    أما ما سأل عنه السائل بقوله: قد تكون علة إفطار المحجوم واضحة، أما الحاجم فهل يفسد صومه مع استخدام الآلات الحديثة... إلخ.
    فالجواب: أنه يظهر لي والعلم عند الله تعالى عدم فطر الحاجم إذا استخدم الآلات الحديثة لا سيما وأن هناك جمع من أهل العلم يرون عدم الفطر بالحجامة مطلقا، بل هو قول الأئمة الثلاثة: الحنفية والمالكية والشافعية.
    هذا وما ذكرته هو ما يدل عليه كلام شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- فقد قال رحمه الله في المرجع السابق: (الفتاوى ج25 ص258) ما نصه: (وأما الشارط فليس بحاجم)، وهذا المعنى منتفى فيه، فلا يفطر الشارط.
    وكذلك لو قدر حاجم لا يمص القارورة بل يمتص غيرها أو يأخذ الدم بطريق أخرى لم يفطر. انتهى كلامه، هذا وإني أوصي القارئ الكريم بالرجوع إلى مجموع الفتاوى لابن تيمية رحمه الله- (ج25 من ص252 إلى ص 258)، وأيضاً رسالته المسماة (حقيقة الصيام). والله أعلم.


    هل عليها إثم أذى النفس؟
    السـؤال (55699): السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    أرجو من سماحتكم مساعدة صديقتي: أنا أعاني من هبوط دائم بضغط الدم وعلي أن أشرب سوائل كثيرة، حذرني الأطباء منذ أن كنت بالعراق من الصوم لكني، أصوم ثلاثة أيام، وعندما أتعب كثيراً بحيث لا أستطيع أن أكمل واجباتي حتى الفطور يساعدني زوجي في إعداده أفطر يومين أستعيد عافيتي وأرجع، وهكذا.. سؤالي: هل علي إثم أذى النفس في هذه الحالة؟ علماً أننا نرسل كفارة الصيام بالأيام التي أفطرها للعراق مع زكاة الفطر. وجزاكم الله خيراً.

    أجاب عن السؤال الشيخ/ د.زيد بن سعد الغنام (عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية).
    الجـواب:
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    إذا كان مرض هذه المرأة يرجى زواله بعد فترة، فعليها أن تفطر وتقضي بعد ذلك بدون إطعام كفارة، أما إن قال الأطباء إنه لا يمكن أن يزول، بل سيستمر معها، فليس عليها صيام رمضان، ولا يجب عليها القضاء، وعليها الكفارة عن كل يوم إطعام مسكين بمقدار كيلو ونصف، وتدفعه في أي بلد شاءت بعد رمضان أو أثناءه، ونسأل الله لها الشفاء والعافية. والله أعلم.

  9. #39
    قرَّر الأطباء منعي من الصوم ما العمل؟
    السـؤال (61273): السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. أما بعد:
    سؤالي هو لقد أجريت لي عملية قبل 3 أشهر بسبب جلطة في الأمعاء الدقيقة، وسببت لي انفجار ونزيف داخلي، وقد قرر الأطباء منعي من الصوم لمدة سنتان متتاليتان. فما حكم ذلك؟ وكيف هي الكفارة إذا لم أصم؟ وجزاكم الله خيراً.
    أجاب عن السؤال الشيخ/ عبد العزيز بن أحمد الدريهم(رئيس كتابة عدل المزاحمية).
    الجـواب:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أما بعد:
    فإذا كان الصيام يضر المريض كان الصوم حراماً عليه، ويعلم الضرر بالحس بأن يشعر المريض بظهور المرض وزيادته، أو بالخبر بأن يخبره طبيب ثقة عالم بأن المرض يضره، فإن كان المرض عارضاً ويمكن الشفاء منه –بإذن الله تعالى- فإن المريض ينتظر حتى يشفى ثم يقضي ما عليه من الصيام، وإن كان المرض مما لا يرجى الشفاء منه، فإن المريض يطعم عن كل يوم مسكيناً، وعليه فإن هذه المرأة تنتظر سنتين ثم تبدأ في الصيام والقضاء، وليس عليها مع القضاء شيء؛ لأنها تأخرت لعذر. وبالله التوفيق، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.


    هل عليه قضاء هذا اليوم؟
    السـؤال (61460): في رمضان قبل الماضي كنت مسافراً إلى جدة, وبعد صلاة الفجر نويت الإفطار لكي أجامع زوجتي، ولكن زوجتي رفضت أن أجامعها فكملت صومي ولم أفطر, فهل علي قضاء هذا اليوم؟. وجزاكم الله خيراً.

    أجاب عن السؤال الشيخ/ عبد العزيز بن أحمد الدريهم (رئيس كتابة عدل المزاحمية).
    الجـواب:
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد:
    فإن العمل إنما يكون عبادة لله –تعالى- بنية العامل، وإلا كان عادة من العادات، ومن ذلك الصيام، فإنه لا بد له من نية قبل الشروع فيه ثم يستصحبها العمل، بمعنى لا يقطعها، فإن نوى القطع فسدت العبادة، وهذا في صيام الفرض آكد فلا يجوز أن يبقى الصائم جزءاً ولو يسيراً من نهاره بغير نية الصيام، أما صيام النفل فالأمر فيه أوسع، حيث يكتب له من الأجر بقدر صيامه، وعلى هذا فيجب على السائل ومن كانت هذه حاله قضاء هذا اليوم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


    استمني.. ولم يصم اليوم الأول من عودته
    السـؤال (57927): السلام عليكم.
    لدي سؤالين:
    الأول: قبل خمسة عشر سنة وبعد صلاة الفجر في أحد أيام رمضان كنت أقوم بتلميس ذكري، مما أدى إلى حدوث استمناء.
    الثاني: كنت مسافراً ووصلت إلى البلد التي سافرت إليها ليلة رمضان، ولكن لم أصم اليوم الأول.

    أجاب عن السؤال الشيخ/ سعد بن عبد العزيز الشويرخ(عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)
    الجـواب:
    بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى أهله وصحبه أجمعين. أما بعد:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    هناك جانبان يتعلقان بالسؤال: الجانب الأول: أن السائل قد فرَّط تفريطاً عظيماً في تأخير السؤال لهذه الفترة الطويلة، وكان الواجب عليه أن يسأل عما وقع له في شهر رمضان في حينه، وألا يؤخر هذا التأخير الفاحش، فالواجب عليه التوبة من هذا الفعل، وعدم التأخير.
    الجانب الثاني: أن هذا السائل قد هتك حرمة هذا اليوم وأفسده بالاستمناء لأنه جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة-رضي الله عنه- أن الله -عز وجل- قال:"يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي"، فمن معاني الصيام امتناع الصائم عن الشهوة وعن إنزال المني، وعلى هذا يكون هذا السائل قد أفسد هذا اليوم والواجب عليه هو القضاء والتوبة إلى الله -عز وجل- وقد أخّر قضاء هذا اليوم من غير عذر فالواجب عليه مع القضاء هو إطعام يوم لمسكين يطعمه من غالب قوت البلد.
    كنت مسافراً ووصلت إلى البلد التي كنت مسافراً إليها في أول يوم من رمضان ولكن لم أصم اليوم الأول؟
    هو سافر من بلده إلى بلد آخر، ووصل إلى هذا البلد الآخر وفي الصباح لم يصم. الصائم يرخص له بالإفطار في شهر رمضان فإذا سافر جاز له الإفطار؛ لأنه ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فطر في بعض أسفاره، وكذلك قوله تعالى: "فمن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام آخر" على هذا لا حرج عليه في إفطار هذا اليوم. والله أعلم.


    تفضيل قضاء رمضان في عشر ذي الحجة
    السـؤال (14676): السلام عليكم.
    أرجو التأكد من صحة هذه الرواية المنسوبة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي: (ليس هناك أحب إلي من أيام اقضي فيها ما فاتني من صيام في رمضان من صومها في أيام عشر ذي الحجة)، والرواية في مصنف عبدالرزاق وابن أبي شيبة، والسنن الكبرى للبيهقي في فصل سماه (جواز قضاء ما فات من صيام رمضان في التسع أيام الفضيلة من أول شهر ذي الحجة.

    أجاب عن السؤال الشيخ/ د. محمد بن عبد الله القناص(عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية).
    الجـواب:
    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
    الأثر المشار إليه في السؤال أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه ( 3/74 )، عن شريك عن الأسود عن قيس عن أبيه عن عمر قال: لا بأس بقضاء رمضان في العشر، والبيهقي في سننه (4/285) من طريق سفيان عن الأسود بن قيس به ولفظه: أن عمر رضي الله عنه قال: ما من أيام أحب إلي أن أقضي فيها شهر رمضان من أيام العشر . وأخرجه مسدد كما في المطالب العالية (6/4) من طريق سلام بن أبي مطيع عن الأسود بن قيس به، وإسناد هذا الأثر حسن، رجاله ثقات، وقد روى هذا الأثر إبراهيم بن إسحاق الصيني عن قيس بن الربيع فرفعه ولا يصح، أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط ( 5/374 ) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال حدثنا إبراهيم بن إسحاق الصيني قال حدثنا قيس بن الربيع عن الأسود بن قيس عن أبيه عن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يرى بأسا بقضاء رمضان في عشر ذي الحجة)، قال الطبراني عقبه: (لا يروى هذا الحديث عن عمر إلا بهذا الإسناد تفرد به إبراهيم بن إسحاق الصيني . وفي الصغير ( 2/63 ) قال: (حدثنا محمد بن أحمد بن نصر أبو جعفر الترمذي الفقيه حدثنا إبراهيم بن إسحاق الصيني حدثنا قيس بن الربيع عن الأسود بن قيس عن أبيه عن عمر رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاته شيء من رمضان قضاه في عشر ذي الحجة) لم يروه عن الأسود إلا قيس ولا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد . قال الهيثمي في المجمع ( 3/179 ) : (رواه الطبراني في الأوسط والصغير، وفي إسناده إبراهيم بن إسحاق الصيني وهو ضعيف)، وقال الذهبي في الميزان ( 1/18 ): (قال الدارقطني: متروك الحديث، قلت: تفرد عن قيس بن الربيع، عن الأسود بن قيس، عن أبيه عن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فاته شيء من رمضان قضاه في عشر ذي الحجة، لا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد)، وهذا الأثر عن عمر يدل على جواز قضاء رمضان في أيام العشر من ذي الحجة، وهذا قول سعيد بن المسيب، والشافعي، وإسحاق، ورواية في مذهب الإمام أحمد، وذهب بعض العلماء إلى كراهة قضاء رمضان في أيام العشر، وهو قول الحسن والزهري، ويروى عن علي، ورواية في مذهب الإمام أحمد . والقول الأول أرجح لأن الأصل عدم الكراهة، والله أعلم . [ينظر: الشرح الكبير مع الإنصاف ( 7/ 505 )].

  10. #40
    "واجعله الوارث منا"
    السـؤال (58032): ما معنى القول في دعاء القنوت: "واجعله الوارث منا"؟ ما المقصود بالوارث، وضمير الهاء هل عائد إلى قوى الإنسان؟

    أجاب عن السؤال الشيخ/ أ. د. ياسين بن ناصر الخطيب(الأستاذ بقسم القضاء بجامعة أم القرى).
    الجواب:
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد:
    جاء في سنن الترمذي (3502) عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: (قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ: "اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا يَحُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنْ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مُصِيبَاتِ الدُّنْيَا، وَمَتِّعْنَا بِأَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا، وَاجْعَلْهُ الْوَارِثَ مِنَّا، وَاجْعَلْ ثَأْرَنَا عَلَى مَنْ ظَلَمَنَا، وَانْصُرْنَا عَلَى مَنْ عَادَانَا، وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا، وَلَا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا، وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا". قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
    أما شرح ما سألت عنه ففي تحفة الأحوذي (ج9، ص334): ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا: أي اجعلنا متمتعين ومنتفعين بأسماعنا وأبصارنا. وقوتنا: أي بأن نستعملها في طاعتك. قال ابن الملك: التمتع بالسمع والبصر إبقاؤهما صحيحين إلى الموت. ما أحييتنا: أي مدة حياتنا. واجعله: أي المذكور من الأسماع والأبصار والقوة، الوارث: أي الباقي منا – أي بأن يبقى إلى الموت. والله أعلم.


    أجر القائم على خدمة المعتكفين
    السـؤال (59974): السلام عليكم ورحمة الله و بركاته.
    ما ثواب من يعد طعام السحور للمصلين أو القائمين في المسجد، أي الذين يتهجدون, علماً أن الذين يقومون بإعداد السحور يقومون بإعداده أثناء صلاة التهجد، أي أنهم لا يستطيعون أن يتهجدون مع المتهجدين لانشغالهم بالسحور وإعداده, وهل صحيح أن ثوابهم مثل ثواب من يصلي التهجد, علما أن من يعد السحور لا يتيسر له إعداده إلا في الوقت المذكور أعلاه؟ أفيدونا جزاكم الله عنا الخير كله.

    أجاب عن السؤال الشيخ/ أ.د. سليمان بن فهد العيسى (أستاذ الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية).
    الجـواب:
    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أجمعين. وبعد:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    فالجواب: أن من ينشغل عن التهجد لإعداد طعام السحور للصائمين المتهجدين له مثل أجر المتهجد، بل قد يكون أعظم أجراً، ويدل على ذلك ما جاء في الصحيحين عن أنس – رضي الله عنه- قال: كنا مع النبي –صلى الله عليه وسلم- في السفر، فمنَّا الصائم ومنّا المفطر، قال: فنزلنا منزلاً في يوم حار أكثرنا ظلا صاحب الكساء ومنا من يتقي الشمس بيده قال فسقط الصوام، وقام المفطرون فضربوا الأبنية وسقوا الركاب، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: "ذهب المفطرون اليوم بالأجر"، وفي الحديث الآخر: "من جهز غازياً فقد غزا"، هذا وينبغي لمن يُعدّ السحور ألا يترك نصيبه من التهجد وإن كان يسيراً، كما ينبغي أن تصلوا الوتر مع الإمام إن كانوا يصلون جماعة كما في رمضان ليحصل لهم أجر قيام ليلة، وذلك بعملهم مع انصرافهم مع الإمام.

    الإطالة في صلاة التراويح
    السـؤال (59326): السلام عليكم ورحمة الله.
    لدينا إمام يصلي التراويح ويطوِّل جدا حتى يتجاوز منتصف الليل، وقد يبلغ بها الثلث الأخير، ويختم في كل أسبوع تقريبا، معتقدا أن هذه هي السنة، ومستدلا بـ (قم الليل إلا قليلا، نصفه أو انقص منه قليلا) وحديث: (من قام رمضان) قال: ولم يقل من قام جزءاًً من الليل؟ والسؤال: ما صحة قول الإمام وفعله؟ علماً بأن من يصلي خلفه يعلم هذا التطويل مسبقاً ولا مشقة عليه منه غالباً. هل صح عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أو عن الخلفاء الراشدين-رضي الله عنهم- أنهم صلوا التراويح بهذا الطول، فقد بحثت فلم أجد سوى حديث أبي ذر-رضي الله عنه- (حتى خشينا الفلاح) ومع أنه في العشر الأواخر خارج محل المسألة إلا أن متن الحديث وسنده لم يخل من مقال أيضاً. هل يصح الاستدلال بأحاديث قيام النبي-صلى الله عليه وسلم- الليل (بغير رمضان) على قيام رمضان، أم أنها صلاة مستقلة مخصوصة بأحكام تجعلها مختلفة عن قيام الليل المعروف؟ ولذا تحتاج لأدلة خاصة، كما أنه لا يمكن أن نلحق سنة العشاء الراتبة بقيام الليل لتفردها بأحكام خاصة بها. شكر الله لكم وسددكم والسلام.

    أجاب عن السؤال الشيخ/ د. سليمان بن وائل التويجري (عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى)
    الجـواب:
    بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد:
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
    صلاة الليل إذا كان الإنسان منفرداً فإنه يطول ما شاء وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم الليل فيصلي في الركعة الواحدة أحياناً بالبقرة وآل عمران والنساء، وكان يقف حتى تتفطر قدماه وتقول له عائشة رضي الله-تعالى- عنها أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فيقول لها عليه الصلاة والسلام أفلا أكون عبداً شكورا وأما الإنسان الذي يصلي بالناس إماماً بمعنى أن وراءه أناس تختلف أحوالهم وظروفهم وقدراتهم فإنه يجب عليه أن يراعي أحوالهم، وألا يطيل عليهم، وإنما يصلي بهم صلاة تتناسب مع جميعهم ومع حاجاتهم فيصلي بهم الصلاة المعتادة عند الناس التي يطيقونها جميعاً فيهم الضعيف وفيهم ذو الحاجة وفيهم المريض، حتى لا يحرمهم من الصلاة يصلي بهم صلاة معتدلة ولا يحملهم ما لا يُطيقون ولو أن بعضهم يقول أنه يطيق ذلك ولا مشقة عليه إلا أنه قد يوجد أناس آخرون عليهم مشقة وقد يعرض لبعضهم حاجة من حاجة للذهاب لدورة المياه أو غرض يعرض له فيحتاج إلى أن ينصرف من صلاته فلا يفوت على الناس الخير، والإنسان إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ولو كان قيامه يسيراً لم يستغرق ساعة أو نصفها.
    هذا وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد.

صفحة 4 من 5 الأولىالأولى ... 2345 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. فتاوى لغوية
    بواسطة أ . د . محمد جمال صقر في المنتدى فرسان اللغة العربية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-18-2015, 12:44 PM
  2. فتاوى الصيام
    بواسطة لميس في المنتدى فرسان الافتاءات
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 07-08-2014, 07:35 AM
  3. فتاوى الحاخامات ...
    بواسطة جريح فلسطين في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 08-02-2013, 06:37 PM
  4. فتاوي شرعية
    بواسطة فاطمه الصباغ في المنتدى فرسان الافتاءات
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 08-03-2006, 07:47 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •