منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123
النتائج 21 إلى 23 من 23

الموضوع: شقاء السعادة

  1. #21

    رد: شقاء السعادة

    (47)

    تساءل صابر: هل النظر من الأعلى يعطي تفصيلاً أحسن للصورة، أم النظر من الأسفل يكون أكثر قرباً من المناظر وتدرجها، وهل لو جلسنا في قعر الوادي نستطيع بنظرنا أن نخترق سفوحه المحيطة به، أم أن نجلس فوق التل؟ وهل الصور التي تلتقطها صور من في الفضاء أفضل أم أن نلتقطها ونحن نمشي دون اعتلاء قمة تكون أقرب للواقع؟


    تساؤلات كثيرة، كانت تراوده وهو راجع من صلاة الفجر في مسجد البلدة. لم يشأ أن يذهب لإكمال نومه، فقد نام بما يكفي لمثل سنه، ولمثل ما يقوم به من جهد عضلي بسيط.

    كان النسيم الآتي من أنفاس الصباح يخلط عبق القش الجاف مع ما تبقى من خضرة ربيعٍ تَعَوّد أن يرحل مبكراً في أواخر نيسان/أبريل، ألم يقل أجداده عن هذا الشهر الذي أسموه (الخميس) بأنه (في الخميس كل أخضر يَبِّيس)؟. كان الندى يمزج نسب العطر الطبيعي بطريقة لا يتقنها أفضل منتجي العطور في العالم.

    قرر أن يصعد التل، ويراقب الشروق من هناك. يُخرج يديه من جيبيه، فقد كان منشغلاً بالتركيز في استقبال أول شعاعٍ من الشرق. فكل الأشعة تبدأ من الشرق، تساءل عندما لمح أول شعاعٍ في ذلك النهار: كيف يقيسون بُعد الأرض عن الشمس بواسطة حساب سرعة الضوء؟ وكيف حسبوا أنها ثمان دقائق؟ ومن يقول أن ذلك الشعاع الذي استقبله احتاج الى ثمان دقائق منذ أن غادر الشمس حتى وصله؟ ألم يكن نفس الشعاع مختبئاً شرق الأفق المرئي قبل أن تميل الكرة الأرضية بدورانها؟ وإن كان كذلك فالثمان دقائق لم تكن هي الزمن الذي استغرقه الشعاع من الشمس الى الأرض، بل هو الزمن الذي احتاجه من وراء مدى الروية فقط، فقد تكون نقطة بداية هذا الشعاع من العراق.

    هاله ما لاحظ من اصفرار حقول العدس والشعير، المزروعة في أراضٍ خفيفة وليست عميقة، فالعمق يؤخر وقت الاصفرار، والغنى يطيل العمر، والفقر والمرض يقصران العمر.

    كانت ذوائب بعض الحقول قد اصفرت بالكامل، هي لم تمت، بل دخلت في طور جديد، طور تكوين البذور، ليعاد زراعتها من جديد، وقد لا تزرع، بل سيأكل معظمها الناس والحيوانات، فتتدخل في تكوين دورة حياة لكائنات حية أخرى غيرها.

    (48)

    أكمل المزارعون الذين يملكون حقولاً واسعة من العدس والشعير والقمح، والتي لا يستطيعون حصادها بأنفسهم، أكملوا إحضار الحصادين من مخيمات في فلسطين رحلوا من يافا وحيفا وحطوا قرب نابلس وجنين، وطوباس، كانت العلاقة بين هؤلاء الحصادين والمزارعين علاقات ود ومحبة وتعاون وألفة، فقد يكون من يخدم يتفوق على من يخدمه بالحضارة والمعرفة والزراعة، ولكن الظروف هي التي كونت تلك العلاقة فيما بينهم.

    كان هؤلاء الناس، يأتون بأطفالهم، وشيوخهم، ودجاجهم، وخيامهم؛ وكانوا ينصبون خيامهم أولاً في حقول العدس، كونه لا مجال للمناورة في تأخير حصاده، فما أن تصفر بقعة من الحقل، حتى يقوم هؤلاء بتقديمها على غيرها مما لم يصفر بعد.

    لم يستطع (أبو مناور) من الاحتفاظ بعلاقة طيبة بمن سبق وحصد في حقوله سابقاً، فكان غالباً ما يختلف معهم على قياس المساحة أو الأجور أو أنه كان لا يزودهم بالطعام وماء الشرب، فكانوا يوصون بعضهم أن يتجنبوا التعاقد معه.

    لا أحد يعلم، كيف أقنع أبو مناور، ثلاث عائلات من (النَوَر: الغجر: الزط) في القيام بالعمل لديه، فقد شاهدهم أحد الطلبة الذين كانوا يدرسون وهم يمشون بين الحقول، عندما أنزلهم في حقل عدس يزيد عن أربعة هكتارات. فأغلق كتابه وغامر بالتمتع بهذا المنظر الغريب فرواه:

    تركهم أبو مناور بعد أن بين لهم حدود قطعة أرضه المراد حصادها، فتجمعوا بعد أن نصبوا خيامهم الثلاثة، في وسط القطعة، ثم أخذ كل منهم اتجاها يختلف عمن يجاوره وأخذ يحصد ما يعادل عرض جسمه (حوالي ذراع) وانطلق في اتجاه غير سوي، فمنهم من أخذ اتجاه الغرب الشمالي ومنهم من اتخذ الاتجاه الجنوب الشرقي، وكانت نقطة انطلاقهم من مكان تجمعهم ولكن نهايات مشوار كل منهم كانت في نهاية حدود الحقل، ومن يلتقط لعملهم صورة، سيجدها أشبه بصورة بيت عنكبوت رسمه تلميذ في الابتدائية!

    كان الطالب وهو يروي طريقة حصاد النور، والمستمعون له، لا يتوقفون عن الضحك، فهم يعلمون تقنيات الحصاد المتعارف عليها، والتي يصطف فيها الحصادون صفاً محاذين بعضهم، ليستمدوا الشجاعة ويتواصلوا في العمل دون كسل، أما تلك الطريقة فجديدة عليهم!

    (49)

    انشغل المزارعون في تحضير مستلزمات (البيادر) من أدوات لا أظن الكثير في هذه الأيام من يعرفون أسمائها، فهذه (رِكنة: أو شبكة) وهي عبارة عن عصا ربط بها بعض الحبال لتلتقي مع عصا أخرى تفرش في الأرض ليكوم فوقها القش ويجمع طرفاها لتضم القش في داخلها، وكانت قبل اختراع السيارة توضع على جانبي البعير من كل طرف، وأحياناً توضع ثالثة فوقهما، إذا كان البعير قوياً ليحمل ما وزنه ربع طن متري أو يزيد. وقد بقي استعمالها بعد السيارة لتوضع اثنتان في الباب الخلفي لسيارة الشحن وتوضع بين ستة وعشرة منها فوق السيارة حتى لا يقع القش أثناء النقل.

    وذلك (شاعوب) وهو أداة لها أربع أصابع من حديد مصقول معامل ليكون غير قابلٍ للثني، ويثبت به ذراع خشبي لقلب القش أثناء (درسه: سحقه).

    وتلك (مذراة) وهي أداة مكونة من سبعة أصابع من خشب مصقول ومدبب تجمع بواسطة غشاء جلدي يثبت بذراع خشبي، تستخدم للتذرية، أي رفع القش المسحوق (المدروس) والمخلوط بالحبوب، ليطير التبن بعيداً وينزل الحب ليدخل مرحلة تنقية جديدة.

    وذلك (رَحِتْ) وهو قطعة منبسطة من الخشب، يثبت بها ذراع، تستخدم لتجميع القش المدروس، أو التبن أو غيره.

    وتلك (حواة) وهي قطعة محشوة بالقش تحيط برقبة البغل أو الحصان، ويثبت بها قطعة خشب بها بعض الحلقات لتسهيل ربط أدوات العمل بحيوان العمل دون إلحاق الأذى برقبته.

    والأدوات كثيرة، منها: المقطف والكربال والغربال والصاع والثمنية والخيشة والمخرز والمخلة والمنساس والرياح والمدار ولوح الدراس ومنها من الحبال ومنها ما تصنع من الجلد أو الخشب أو الحديد.

  2. #22

    رد: شقاء السعادة

    (50)

    حضر سالم سائق سيارة (الكمر) بسيارته، وأوقفها أمام دار أبي صابر، ودخل ليتباحث مع أبي صابر عن بدء عمله، وكان لأبي صابر أربعة حقول اثنان منها مزروعان بالقمح وواحد بالعدس، في حين كان الرابع مرتاحاً (بلا زراعة)، حسب الدورة الزراعية المتبعة في المنطقة.


    استغل عكرمة غياب سالم في داخل الدار، فصعد مع صديقه إعْوَيِد، وجلس في مكان السائق، في حين جلس صاحبه في الطرف الثاني للمقعد، أمسك عكرمة مِقود السيارة، وأخذ يضغط على شفتيه ليخرج زفير الهواء ليقلد بذلك صوت محرك السيارة، ويتمايل يمينا وشمالاً وينهض قليلاً ثم يعود ليسند ظهره الى ظهر المقعد.

    لفت انتباه إعْوَيِد ، تلك النتوءات البارزة بكثرة (مفاتيح التشغيل)، فأخذ يسأل عكرمة عنها، وعكرمة لا يتوانى في الإجابة ـ الخاطئة طبعاً ـ عن كل سؤال..
    لماذا هذا المفتاح ؟
    هذا للتشغيل
    ـ وهذا؟
    ـ هذا لتنبيه من في الطريق..
    ـ وهذا؟
    ـ لزيادة السرعة..
    ـ وهذا؟
    ـ هذا لمسح الزجاج الأمامي.
    بقي العديد من المفاتيح، في حين لم يبق لدى عكرمة ما يمكن الإجابة به..
    ـ وهذا؟
    ـ هذا لقلب السيارة، أي لجعلها تتدهور!

    خرج سالم من الدار وأمر الأطفال بالنزول من قمرة القيادة. وفي هذه الأثناء، وصل ثلاثة من الفتيان الناضجين الذين بعمر أقل من مرحلة القدرة على الحصاد بقليل، ليقوموا بعملية نقل القش المحصود من الحقل الى (البيدر).

    صعد العمال الفتيان الى صندوق السيارة الخلفي، والمشغول من الخشب المحلي، والمصمم تصميماً عربياً، بنقشاته وألوانه وهيئته، في حين صعد عكرمة وصاحبه إعويد على البروز الملحق بصندوق السيارة والذي يعتلي قمرة القيادة. أخرج سالم أداة تشبه حرف z وأدخل طرفها في مقدمة محرك السيارة ولفها بسرعة فائقة، ثم أخرجها من مكانها في نفس الوقت، فانطلق صوت محرك السيارة، وانبعثت رائحة البنزين النفاثة، لتضفي طقساً مستحدثاً على المشهد.

    ما أن أخذ السائق مكانه، حتى صعد أبو صابر الى جانبه، منطلقين نحو الحقل، وعكرمة وصاحبه يصيحان بصوتيهما على أترابهما الذين يمرون عليهم في الطرقات متباهين في حظوتهما.

    (51)

    وصلت السيارة الى الحقل، وأبقى سالم محرك السيارة في حالة شغل، في حين استدار خلف السيارة ليسحب قطعة خشب (لاط) بطول أربعة أذرع وبعرض قدم، وبسماكة تزيد عن سماكة اليد مرتين، ثبت بها قطع خشب عرضية بواسطة المسامير، وتبعد كل قطعة عن الأخرى بقدر نصف ذراع، حتى يستخدمها العمال كسلم كان الناس ولا زالوا يسمونها (سقالة).

    فتح سالم الباب الخلفي للسيارة، وثبته بشكل أفقي بواسطة جنزير وشنكل، ووضع السقالة على طرفه، في حين ثبت طرفها الآخر قليلاً بتراب الحقل، وأشار الى العمال أن يبدءوا بتحميل السيارة بالقش.

    في هذه الأثناء، تمشى أبو صابر نحو الحصادين في طرف الحقل الذي لم يُنجز حصيده بعد، حاملاً بيده (صرة) بها بعض الحلوى إكراما لجهد الحصادين، وحياهم تحية الفلاحين: صح ابدانهم .. الله يعطيهم العافية.. ردوا التحية.

    كان الحصادون يتحايلون على حرارة الطقس وخشونة العمل بأصوات أهازيج (عبثية) لا معنى لها سوى تشجيع أنفسهم، حتى لا يدب فيهم التعب والملل.. وكانت صوت قطع سيقان القمح بحد المناجل يشكل إيقاعاً لأهازيجهم.

    (شيخنا .. جاها) ويعيدون هذا المقطع وكل مقطع عشرات المرات، فالنهار طويل.
    (بالبير دلاها) (حية حمرا) (مثل الجمرة)
    (شيخنا .. صالح) (جاي امبارح) (يزحف زحفة) (باربع رغفة).

    كان سالم يحرك سيارته بين (الحلل) و(الحلة) عبارة عن قش محصود، تتواجه سنابله الى الداخل وجذوره الى الخارج، كانت كل حلة بطول ثلاثة أذرع، وارتفاع حوالي ذراع، وعرضها هو مجموع طول الساقين المتقابلين للقمح المحصود. كان على العامل أن يحمل كل حلة على سبع الى عشر دفعات.

    وبعد أن امتلأت السيارة بقش الحصيد، صنع العمال حوالي عشر شباك، كل شبكة تأخذ حلة كاملة، ليضعوا تلك الشباك، فوق ظهر السيارة واثنتان منها تقفان على الباب الخلفي المثبت بجنزير، ثم يربط العمال الحبال ليمنعوا القش من السقوط أثناء العودة.

    (52)

    لم تستأذن (ذيبة: أرملة ياسين) من أبي صابر في حركتها، فبعد أن أكمل صابر والفتيان الذين معه تنزيل السيارة، أخذت مكانها بجانب كوم القش، لتأخذ حزماً من القش وتفرك سنابله لتستخرج بعض القمح لتسلقه لأولادها.

    بادر أبو صابر، بدفع قش القمح نحوها بواسطة أداة التقليب (الشاعوب) وأمر عكرمة أن يساعدها في فرط سنابل القمح.
    ـ (الله يخلف عليك ولا يخلف على أبي مناور، اللي نهرني ومنعني من الاقتراب من بيدره).
    ـ توكلي على الله، خذي ما تحتاجين، فالله أمرنا أن نطعم منه وقت حصاده.

    استمر سالم بنقل القش، حتى أصبحت أكوام القش، كأنها تلال قرية صغيرة، يراقبها رسام من بعد. لم يكن الرسام إلا عكرمة، الذي كان يصر عينه ويفتحها، ويتخيل كيف عليه أن يمر على كل سنبلة من هذه السنابل الكثيرة عدة مرات حتى يستخرج القمح منها!

  3. #23

    رد: شقاء السعادة

    (53)

    انتشرت النسوة بمجموعات حول أكوام القش، لتخزن احتياجاتها من عيدان القمح، حيث تقطع السيقان من جهة السنبلة الى أول عقدة تليها على الساق، لتحصل على عيدان بطول أكثر من نصف ذراع. كانت النسوة تبلل تلك الأعواد ثم تصبغها بألوان مختلفة، لتقوم فيما بعد بربطها مع بعض بتقنية قديمة، لتصنع منها الأواني لحفظ الخبز والبيض وليكون قسماً منها كأعمال زينة تُعلق في صدر الغرف بنقشاتها الجميلة، كما كان بعضها يفرش تحت الموائد ليقدم الطعام من عليها.


    كانت النسوة لا يشعرن بالملل، وهن يقمن بعملهن، وربما يكون لتبادلهن الحديث فيما بينهن الأثر الأكبر في عدم الإحساس بمرور الوقت. فكانت أحاديثهن تتناول طرق صنع الطعام وطباع الأزواج والكنات والأولاد والبنات، وطرق صناعة الأنسجة وغيرها من المهارات.

    لقد تحدث صابر مع معلم التاريخ حول تلك الظاهرة، فقال إن هناك ما يشبهها في العلوم الطبيعية، ففي صناعة الألبان في الدول المتقدمة، تجري عملية يقال لها (التجنيس) حيث يتم فيها تفتيت حُبيبات الدهن العالقة في الحليب، ليجري بعدها (بَسْتَرَتِه) بتعريضه لدرجة حرارة عالية ثم تعريضه لدرجة حرارة منخفضة فيبقى الحليب محافظاً على قوامه وجودته لمدة طويلة.

    ضحك أستاذ التاريخ، وقال: صدقت، فمجتمع بلدتنا هذه مُجَنَس ومُبَسْتَر، فلا خثرات فيه ولا طبقية ولا عُقد.

    (54)

    تعالت أصوات الفتية الذين يعتلون ألواح (الدِراس) التي تجرها البغال والخيل، لسحق القش تمهيداً لتذريته واستخراج القمح منه، كانوا في غنائهم الذي يشبه العويل المقدم بشكل فرِح، فلا هو حزين ولا هو سعيد، إنما كان الغرض منه التغلب على حرارة الشمس التي تضرب في بشرات ما انكشف من أجسامهم، ورؤوسهم، وليواسوا أنفسهم حتى يجتازوا هذا الصيف القاسي.

    كما أن العبثية كانت تتمثل في حدي وأهازيج الحصادين فإنها كذلك عند الفتية الذين يقومون بقيادة حيوانات الدرس

    يأتي صوت من بعيد:
    يا ياسين يا عذاب الدراسين
    وأنا عذابي معهم
    قام القوم يطالعهم
    يطالعهم ويباريهم
    ويكسر قراميهم
    وأنا أكسر لي قرمية
    من قرامي السردية
    سردية بنت السلطان
    حاجبها يفرط رمان
    يفرط مُد وربعية
    من صاع الخليلية
    من صاعك يا ابو موسى
    يا طباخ الجاموسة

    يا عزام العرايس
    على لحم الفطايس

    وصوت آخر يأتي من مكان آخر

    بالعَلا .. يا طير ياللي بالعلا
    يا ساكن الجوبة
    يا محملات الحطب
    حطبكن كله رِطب
    رطب .. رطب تينِ
    واشبع وأملي بطيني
    وأملي معي محرمة
    وأطعم حسن وحسينِ
    وأطعم معهم كلبينِ

    وآخر يعلو صوته
    هيه .. طابت الطرحة هيه
    هيه .. قوموا يا شواعبيه
    والشواعبيه ثلاث
    واحد روح على الدار
    وواحد قَيَل بالفيه
    وواحد قرصته حية
    قرصته حية ومات
    ابكن عليه يا بنات
    يا بنات النشميات
    ابحشن له وغمقن له
    بعد عيونه مبحلقات

    لم يسأل أحدٌ من أين جاءت تلك الأغاني وما معناها، فقد تناقلها الناس من جيل لجيل، حتى يُعتقد أنها كانت تقال بنفس الكلمات منذ أيام عُبادة الثالث حاكم الأنباط الذي كان يتوجه لحوران صيفاً لجني الحقول وصناعة النبيذ في مدينة (درعا).

    ( 55)

    لم تفارق صورة جثمان (عكرمة) مخيلة صديقه (إعويد)، الذي بقي عند قبره حتى بعد انتهى أهل البلدة من دفنه.. فقد كان يستعيد المشهد: كيف أن عكرمة لدغته تلك العقرب المنحوسة، وكيف أنهم وجدوه فوق القش يخرج من فمه زبدٌ أبيض، وكيف وهم يحملوه على أكتافهم كان نعشه يجبرهم على الركض ماراً من بين أكوام القش حتى وصلوا به مسرعين الى المقبرة.

    كان إعويد يبكي بحرقة شديدة، في حين لم تسكت أصوات الفتية المنبعثة من بيادر القمح والعدس، أي مصير وأي سعادة وأي شقاء، وأي حياة ستحلو بعد أن فقد صديقه الوحيد!

    انتهى

صفحة 3 من 3 الأولىالأولى 123

المواضيع المتشابهه

  1. السعادة
    بواسطة الدكتور ضياء الدين الجماس في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 08-01-2015, 06:27 PM
  2. سر السعادة
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان الأم والطفل.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-26-2013, 01:26 AM
  3. من طرق السعادة
    بواسطة مازن الحكيم في المنتدى فرسان العام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-04-2013, 07:38 AM
  4. السعادة
    بواسطة ميسم الحكيم في المنتدى فرسان البرمجة اللغوية العصبية.
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-07-2012, 03:07 PM
  5. نتمنى وفي التمني شقاء
    بواسطة مصطفى الطنطاوى في المنتدى من روائع الشعر
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 09-05-2009, 11:36 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •